Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > خواطر و مشاعر

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-03-2007, 10:16 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,152
افتراضي سطور مستقيمة بأحرف متعرّجة لطارق متري كتاب "الحضور الحاضر" للمسيحية الشرقية

سطور مستقيمة بأحرف متعرّجة لطارق متري

كتاب "الحضور الحاضر" للمسيحية الشرقية


رضوان السيد

عن منشورات جامعة البلمند ودار "النهار" كتاب جديد للوزير الدكتور طارق متري، بعنوان "سطور مستقيمة بأحرف متعرجة – عن المسيحيين الشرقيين والعلاقات بين المسلمين والمسيحيين". هو عبارة عن دراسات سابقة منشورة للمؤلف في كتب عديدة، وينتظمها خط واحد، فضلاً عن عدد من المساهمات غير المنشورة.
قدّم الكتاب الدكتور في الاسلاميات رضوان السيد، وهو من يتعاطى شؤون الحوار الاسلامي – المسيحي، منذ سنوات، ننشره هنا بنصه، على ان تكون لصفحة "اديان ومذاهب" عودة تحليلية للكتاب ذي القيمة التاريخية والتحليلية الكبيرة.
افتتح الوزير الدكتور طارق متري دراسته "بين استذكار الماضي واستشراف المستقبل: نظرات الى المسحيين العرب" المنشورة في هذا الكتاب بعبارة للمستشرق الفرنسي جاك بيرك جان فيها ان مسألة معينة هي من التاريخية بحيث "تسحب المستقبل من الذكرى". واحسب ان الوضع الدقيق للمسيحيين العرب والمسيحية الشرقية، هو من التعقيد بحيث تهرب الذكرى من الذاكرة. فخلال فترة لا تتجاوز عمر الانسان الواحد (634 – 700م)، حدث انقلاب هائل في حياة المسيحيين ومصيرهم في المشرق بحيث ما عاد من الممكن التعزي بالقياس او بالاستراحة الى النبوءة والرؤى. كانت الحواضر بالشام والعراق قد تعرضت لتخريب كبير في الصراع بين امبراطوريتي فارس وبيزنطية (604 – 628م)، والذي خرجت منه المسيحية الارثوذكسية منتصرة ظاهراً، بيد ان احداً ما حسب حساباً للحدث الهائل – بحسب تعبير كاتب سرياني من القرن الثامن الميلادي – وهو خروج بني اسماعيل، او الهاجريين او السرازانيّين من صحرائهم، وانسياحهم في عوالم الشرق والغرب بطرائق ما عرفتها غير نشوريّات العهد القديم ورؤاه للممالك الاربع. ومنذ ذلك الحين، والى احقاب وآماد ينقضي الزمان ولا تنقضي، ارتبطت مصائر المسيحية بالمشرق، بل مسيحية العالم القديم كلها، بالدين الجديد، والامبراطورية الجديدة، التي صنعت عالماً آخر تحتشد فيه وتمتزج الألفة بالغرابة، والتسليم بالتحدي، والتواصل بالقطيعة.
ومع هذه التأملية التاريخية، فان نظرات الدكتور متري ليست في الماضي وعنه، بل في "الحضور الحاضر" اذا صح التعبير. فالمسيحية الشرقية (او العربية) ما اعتبرت الاسلام يوماً نداً لها من الناحية اللاهوتية رغم كثرة "الردود على النصارى" لدى المسلمين. بل ارعبتها (وربما لدى السريان اكثر من الارثوذكس) الدنيوية الزاحفة، التي اغرت بتشبيهات بالممالك المنقضية. لكن ممالك بابل ومصر، التي عرفتها ذاكرتها النصّية او صنعتها، ضاهى صعودها تحطمها، بينما توالت وقائع واحداث النهوض واحيائياته بصور تتقطع لها الانفاس لدى اتباع الهرطقة او العقيدة الجديدة. والمشكلة كانت وما تزال ان "الوعي" بالجماعة الواحدة، لدى المسلمين اقوى بكثير منه لدى المسيحيين في المشرق، وربما في الغرب ايضاً. وقد اعتادت مسيحية القرون الاربعة الاولى على الانسحاب الى الكنيسة اذا ضاقت عليها الدنيا في حقبة ما، بيد ان البشر – بحسب مسيحية الشرق بالذات – لا يحضرون إلا بالشهادة، اي بالدنيا، ولذلك جاءت دراسات الدكتور متري بالذات عن هذا الشهود او الشهادة، وهذه هي المساحة الوحيدة اليوم التي يبدو فيها مسيحيو العرب والشرق في صورة الجماعة الواحدة في الوعي على الاقل، ان لم يكن في الواقع.
دراسات الدكتور متري في هذه المجموعة اذاً تتعاطى مع الحضور المسيحي العربي واشكالياته ومشكلاته في القرن العشرين بالذات، مع اطلالات تاريخية على تطورات الماضي، بما يعين على فهم ما يحدث في الحاضر. ويبدأ الامر حوالى اواسط القرن التاسع عشر، عندما تبدو المسيحية الشرقية او العربية (وهذه التسميات ليست حاسمة ولا واضحة)، في اوج حضورها من جديد عدداً ودوراً، وفي السلطنة العثمانية، كما في قدرتها على التواصل مع الغرب المسيحي والدنيوي او الامبريالي. وتتخذ تلك الفعالية المستجدة مظاهر متعددة من الطموح الى انشاء الدول، والى الحداثة الاجتماعية، والازدهار الاقتصادي، فإلى الهجرة التي قد تعني الحاجة، لكنها تعني دائماً القدرة على الحراك وكشف الآفاق. بيد ان ذاك الغرب الذي احدث الهزّة الواعدة الجديدة، ارسل ايضاً مع تجارته ومنتجاته مبشريه وارسالياته، التي انقسمت الى كاثوليك وبروتستانت، فاستتبعت الكنائس السريانية، وشقّت الارثوذكس والاقباط الى عدة اجزاء. وهكذا اختلط يوماً النعيم والبؤس في علائق المسيحيين بالغرب، كما في علائق المسلمين بتلك المغارب. ويلاحظ الدارس ان الحضور المسيحي البارز بدأت كفّته تميل الى الخفة والتضاؤل منذ اواسط القرن العشرين، وما يزال الامر على هذا النحو الى الزمن المعاصر.
كيف يبدو التضاؤل او متغيرات الحضور؟ في الاعداد اولاً. ففي مطلع القرن العشرين كان المسيحيون في المشرق العربي يشكلون نسبة بين السكان تبلغ الربع، وهم في العام 1990 لا يزيدون على العشرة في المائة. لكن هذا مظهر واحد من عدة مظاهر لتراجع الحضور او الدور. فهناك تراجع في المواقع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية مقارنة بما عُرف بعصر النهضة. والمؤلف لا يعني بمتغيرات الحضور اعداد المسيحيين بالتحديد، بل حدود المشاركة وآفاقها في سائر جوانب الحياة. والهجرة الكثيفة في حقبتها الثانية (1960 – 2000) تأتي بين اسباب تضاؤل الاعداد، لكنها بدورها لا تكفي في تعليل التضاؤل المتمادي.
اما الموضوع الثاني الكبير للكتاب فهو الحوار الاسلامي المسيحي، والذي يؤدي فيه الدكتور متري بنفسه دوراً بارزاً منذ ثلاثة عقود. وهذا الموضوع بدوره من مناعم التواصل المسيحي والاسلامي مع الغرب. وما استطاع المسلمون والمسيحيون العرب استلام زمام المبادرة فيه، بل وقليلاً ما حاولوا ذلك. والدكتور متري يتعرّض في هذا القسم من مقالات الكتاب لتطوّرات "الاعتراف" بالاسلام ديناً من جانب المسيحية الغربية بشقيها؛ وهذا امر حساس، لانه الاساس لكل حوار. بيد ان لاهوتيي المسيحية الشرقية او العربية ما كان لهم اندفاع في هذا السبيل، وهذا شأن مفهوم، بسبب المزاحمة القاسية على وجودهم المتضائل، ومشكلات الاعتراف وشكلياته.
والجانب الآخر من الصورة، والذي يُفسّر الكثير، وهو مما لم يعرض له المؤلف: المتغيرات الدينية والاجتماعية والسياسية لدى المسلمين، والتي كانت لها تأثيراتها الكبيرة في مجريات الامور، ومصائر مسيحية الشرق. فقد اضيف الى وجوه التهميش الاجتماعي والسياسي والثقافي، تعمْلق الاصولية التي تتنكر لاكثر الاسلام المعروف، فكيف بالمسيحية، ومظاهر الدنيوية والتغريب الاخرى المرتبطة بها!؟
دراسات الدكتور طارق متري المجموعة في هذا الكتاب، تفتح على نوافذ بالغة الحساسية في علائق المسيحيين العرب بالمسلمين العرب، وبالعالم، خلال عقود القرن العشرين المنقضي. ولا تأتي حساسيتها ومسؤوليتها العالية من قراءاتها الاستطلاعية لمصائر المسيحيين والمسيحية في المشرق وحسب؛ بل ومن فهمها العميق وغير المتفجر للمتغيرات الصاعقة التي نالت من المسيحيين ومن المسلمين في هذه المنطقة من العالم، منطقة الوجود التاريخي الاول لاكثر المسيحيات المعاصرة.
ودراسات هذا الكتاب بسبب ذلك بالغة الدقة والاهمية، وبخاصة عندما تأتي من جانب متخصص مارس اهتمامات ومسؤوليات في العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في الوطن العربي ومع العالم، طوال ثلاثة عقود واكثر. وهي تقصد الى الفهم من خلال التحليل، وتقصد الى المعالجة من خلال الاقتناع العميق بالشراكة مع المسلمين، وبالانفتاح معهم من خلال العروبة على العالم. وارى انها ما كانت بحاجة للتقديم، بعد دراسات المؤلّف السابقة والمعروفة. لكن الصديق الدكتور طارق متري ألوف ودود تجاه المختلفين معه، فكيف بخلاّنه؟





Published: 2007-03-21
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:38 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke