Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الديني > منتدى الأقباط

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-02-2007, 07:48 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,043
افتراضي الأقباط أو "روحانيات الـصـحراء" لمحمود الزيباوي بقلم محمد شرف

الأقباط أو "روحانيات الـصـحراء" لمحمود الزيباوي

المتأمل فـي الأيقونة يؤدي دور الكشّـاف

في المقدمة التي صاغها جان فرنسوا كولوزيمو لكتاب محمود الزيباوي "الأقباط" أو "روحانيات الصحراء"، الصادر عن "دار الطاولة المستديرة" في فرنسا، يقول: "تاريخ، فن، طقوس، معتقد وروحانية، من دون نسيان الكيتش المميز للفوضى المصرية، هذا ما يقدمه لنا هذا الكتاب الطامح قبل كل شيء الى أن يكون كتاب صور وخيال، عمل عليه محمود الزيباوي ، المتأمل في الايقونة بلا كلل، والذي يلعب، مرة اخرى هنا، دور الكشاف".
هذا الدور الذي يؤديه الزيباوي بأمانة وجدية، يستوجب، ككل بحث علمي، العودة الى التاريخ البعيد. وعليه، يقودنا المؤلف الى البدايات: دخول المسيح للمرة الأولى ارض مصر، حين عمل اهله، وهو كان لا يزال طفلا، على تهريبه من "مجزرة القديسين الابرياء" المشرّعة على يدي الملك هيرودوس. هذا الدخول شكّل نقطة تحول تاريخية ودينية، عمل الاقباط، مع مرور الزمن، على رصد الاماكن المفترضة الصالحة كملجأ للطفل المنفي، وللمعجزات والعجائب الملتصقة بها. "ارض مقدسة اخرى"، بهذه الجملة يعنون الكاتب تلك الفقرة المستندة الى آثار مكتوبة تركها قديسون ومؤرخون، تشير جميعها الى مكانة مدينة الاسكندرية كنقطة جغرافية شهدت بزوغ الارهاصات الاولى للديانة المسيحية على التراب المصري. بذور اولى لدين جديد زُرعت في تلك الارض، وأتباع اوائل لم يوفرهم القمع المتمثل في حملات اضطهاد طالت آباء الكنيسة ورسلها، لا يزال الاقباط، حتى يومنا هذا، يحتفلون بذكراهم.
مجموعات تتوجه الى الصحراء بغية التأمل، واخرى تستقر، موقتا في زوايا مختلفة، لا يهمل الكتاب هذه الوقائع الممتدة على طول القرن الرابع الميلادي الذي انتهى بسيطرة شبه كاملة للمسيحية، ولم يعد لها من منافس، حينذاك، سوى الديانة اليهودية. لكن هذه السيطرة لم تُخمد الصراعات داخل الكنيسة نفسها والجدال حول شخص المسيح وانسانيته وألوهيته، وصولا الى حد المواجهة الدموية، مما مزّق صفوف المسيحيين في النصف الاول من القرن السابع الميلادي، الذي شهد، ايضا، دخول الاسلام مصر، وشكل نقطة تحول كبيرة في الوضع الاثني لتلك البلاد.
يتحدث المؤلف عن التاريخ بوصفه عاملا مؤثرا وفاعلا في حياة مجموعة اثنية تمسكت بخصوصياتها في عالم متغير. لكنه يولي الناحية الفنية في حياة تلك المجموعة اهتماما ايضا، وبشكل واضح، ارتكازا على مهمته الاساسية كباحث في تاريخ الفن. لهذا فهو يبيّن، بداية، خصوصية اللغة القبطية التي تعتبر الوارث الوحيد للمصرية القديمة، لغة كتبت باليونانية مع اضافات واردة من العربية. كما يشير، منطقيا، الى ان الـcoptologie ولدت من خلال الـegyptologie ، مما جعل المسافرين القادمين من اوروبا بغية اكتشاف مصر القديمة، "يصطدمون" عمليا وفي الواقع، بمصير المسيحية.
كان على هؤلاء، وعلى الباحثين في التاريخ خصوصاً، التعامل مع اشكالية تحديد مكانة الفن القبطي، من دون نسبه، او الحاقه جزئيا على الاقل بمفصلين اساسيين: الفن الفرعوني والفن الاسلامي. وعلى عكس اللغة الحاملة لآثار المصريين القدماء، يشير المؤلف الى ان الفن ينتسب الى مزيج غير مستقر من الاغريقية والرومانية القديمة، في حين تصبح ذكرى الماضي الفرعوني شبه نادرة وضئيلة قياسا الى الارث الهلنستي المتمظهر في شكل واضح. واذ جرى اهمال النسب المتفق عليها كلاسيكيا، فقد نحت الأشكال نحو الهندسة، وفقدت الالوان تدرجاتها، وتغيرت نسب القامة البشرية، فاذ بالرأس يكبر على حساب الجسد، ويتفلطح، وتكبر معه فتحات العينين. هذه الخصائص والمتغيرات جميعها تشير، باختصار، الى ولادة الاسلوب "القبطي".
كانت احوال الاقباط وسيرتهم واساليبهم الفنية محكومة بالتعايش والتداخل مع عالم عربي اسلامي يحيط بهم، ويملك مفاتيح السلطة السياسية التي اطبقت سيطرتها على مصر بين القرنين التاسع والرابع عشر. "مندمجين حينا في ذاك الوسط، ومهمشين احيانا اخرى، يتمتعون بالحرية طورا ويتلقون ضروب القمع طورا آخر، لقد تعرض الاقباط دوما لتأثيرات تاريخ بلادهم المتبدل"، بحسب المؤلف. واذا كانت الابواب مفتوحة امامهم لبلوغ مراكز مهمة في الدولة خلال فترات حكم بعض الخلفاء، ممن ساعدوا في اعادة بناء الكنائس، فإن حكاما آخرين كالمدعو "الحكيم"، الذي عُرف بنزواته و"بخربطة في دماغه"، بحسب المقريزي، قاموا بهدم دور العبادة المسيحية. استمر هذا التأرجح في العلاقة مع الاقباط، خلال حكم صلاح الدين الايوبي، ليستتب ايجابا اثر انحياز مسيحيي مصر الى جانب مواطنيهم في مواجهة الحملات الصليبية، لتعود الاوضاع الى دائرة الصراع خلال حكم المماليك، وستُزهق حينها ارواح وستُدمَّر كنائس، وستُجبر اعداد كبيرة من الاقباط على اعتناق الاسلام.
على هذا النحو من السرد التاريخي، يسير محمود الزيباوي في تتبعه للسيرة القبطية الشبيهة بقصة ترتفع وتائرها او تنخفض، بعيدا من الاستقرار والهدوء. لكن القصة التي يرويها المؤلف تتوقف في لحظة ما ليجري الانتقال الى الارث الثقافي والفني، كأن التاريخ الهائج لم يشكل يوما عائقا امام أدب وثقافة مسيحيين، وأمام جماعة اعتمدت العربية، تدريجا، للتعبير والغوص في مجالات اللاهوت والعقيدة وعلم الدراسات المقدسة، والشرح والتفسير. من حيث الاخراج "الشكلي" للكتاب، سنرى النص التاريخي متجاورا مع صور تعكس تراثا يراوح ما بين الرسم والهندسة والجداريات والموزاييك والسيراميك. وفي ملامسته للناحية المعمارية، يطلعنا الكاتب على مجموعة الكنائس التي تحويها احياء القاهرة القديمة، وتعود الى مرحلة القرون الوسطى وما قبلها، بعضها جرى الحفاظ عليه او على بعض عناصره، وبعضها الآخر جرت اعادة احيائه بعدما تعرّض لتقلبات الدهر، التي ساهم الانسان نفسه في صناعتها، خلال فترات غلبت فيها العصبية الدينية على مبدأ التعايش.
"روحانيات الصحراء"، "الرهبنة القروسطية"، "الصحراء الشرقية"، عناوين نجدها في الكتاب وتشير جميعها الى التصوف والتأمل، والى الموقع الزمني او الجغرافي الذي مثّل مسرحاً لتقاليد روحية مارسها الرهبان الأقباط على ارض مصر، التي تعتبر مهد الرهبنة قبل انتشارها شرقا او غربا. "الراهب هو ذاك الانسان المنفصل عن كل شيء والمتحد مع كل شيء"، يقول ايفاغر لو بونتيك احد اساتذة الحياة التأملية. وليس من قبيل الصدفة ان يفرد الزيباوي مقاطع عدة من كتابه للحديث عن هذه الظاهرة التي ميزت ديانة الاقباط، ودفعت بأعداد منهم الى حياة الانعزال والتأمل في الصحراء، بين الرمال والسماء. ألا تكون تلك الروحانية العميقة سببا من اسباب بقاء تلك المجموعة والكنيسة "المتجذرة في مصر... والتي تشهد، ابعد من حدودها الطبيعية، لاستمرار الهوية وبقائها، كما ليقين هادىء باللامرئي"، على قول المؤلف؟
مازجاً ما بين الايمان والثقافة، وشاهدا لقدرة محمود الزيباوي على سبر اغوار التاريخ وربطها بالحاضر، يعكس هذا الكتاب، ذو الطباعة الانيقة، جهدا شخصيا قام به الكاتب، في شكل مختصر ومكثف احيانا، لوضع تاريخ شعب هو سليل الفراعنة تحت الضوء.


بقلم محمد شرف
Published: 2007-02-07
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-06-2007, 03:18 PM
الصورة الرمزية georgette
georgette georgette غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: swizerland
المشاركات: 12,479
افتراضي

تشكر يا ابو نبيل للمعلومات المفيدة وللموضوع الجميل
__________________
بشيم آبو و آبرو روحو حايو قاديشو حا دالوهو شاريرو آمين
im Namen des Vaters
und des Sohnes
und des Heiligengeistes amen
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:34 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke