Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-02-2025, 11:41 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,821
افتراضي التمسّك بالرأي بقلم فؤاد زاديكي

التمسّك بالرأي


بقلم فؤاد زاديكي

إنَّ التَّمسُّكَ بالرَّأيِ هو موقِفٌ نَفْسِيٌّ و عَقْلِيٌّ يَتَرَسَّخُ فِيهِ الفَرْدُ فِي قَنَاعَاتِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ الاستِعْدَادُ لِتَغْيِيرِهَا أَوْ تَعدِيلِهَا، مَهْمَا كَانَتِ المَوْقِفُ أَوْ الأَدِلَّةُ الَّتِي يُقَدِّمُهَا الآخَرُونَ. قَدْ يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّمسُّكُ عَلَى شَكْلِ تَعَصُّبٍ لِفِكْرَةٍ أَوْ وَجْهَةِ نَظَرٍ مُعَيَّنَةٍ، حَتَّى لَوْ كَانَتِ تِلْكَ الفِكْرَةُ خَاطِئَةً أَوْ غَيْرَ دَقِيقَةٍ. يُعْتَبَرُ التَّمسُّكُ بِالرَّأيِ سُلُوكًا قَدْ يَكُونُ ضَارًّا جِدًّا فِي كَثِيرٍ مِنَ المَوَاقِفِ، خُصُوصًا فِي الحِوَارَاتِ وَالنِّقَاشَاتِ، الَّتِي تَتَطَلَّبُ مِنَ الأطْرَافِ المَعْنِيَّةِ التَّعَاوُنَ وَ المَرُونَةَ.

التَّمسُّكُ بِالرَّأيِ لَيْسَ مَجَرَّدَ إِصْرَارٍ عَلَى مَوْقِفٍ، بَلْ هُوَ إِنْسِدَادٌ فِكْرِيٌّ يَمْنَعُ الفَرْدَ مِنَ التَّفَاعُلِ مَعَ الآخَرِينَ بِطَرِيقَةٍ بَنَّاءَةٍ. وَ هَذَا يَتَجَلَّى بِشَكْلٍ وَاضِحٍ فِي المَوَاقِفِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا الشَّخْصُ إِصْرَارًا عَلَى صِحَّةِ رَأْيِهِ، حَتَّى لَوْ تَمَّ تَقْدِيمُ دَلَائِلٍ قَوِيَّةٍ تُثْبِتُ خَطَأَهُ. هَذَا المَوْقِفُ يَعْكِسُ عَدَمَ قُدْرَةِ الشَّخْصِ عَلَى الاعتِرَافِ بِالخَطَأِ أَوْ حَتَّى التَّفَاعُلِ مَعَ المَعْلُومَاتِ الجَدِيدَةِ الَّتِي قَدْ تُسَاعِدُهُ عَلَى تَطْوِيرِ فِكْرِهِ.

عِندَ الحَدِيثِ عَنْ خَطَرَةِ التَّمسُّكِ بِالرَّأيِ فِي الحِوَارَاتِ بَيْنَ الأشخاصِ، يَجِبُ أَنْ نَأْخُذَ بَعَيْنِ الاِعْتِبَارِ أَنْ هَذَا المَوْقِفَ يَخْلُقُ حَاجِزًا بَيْنَ الأفرادِ. فَبَدَلًا مِنْ أَنْ يَكُونَ النِّقَاشُ فُرْصَةً لِلتَّبَادُلِ الفِكْرِيِّ وَ التَّعَلُّمِ المُتَبَادَلِ، يَتَحَوَّلُ إِلَى صِرَاعٍ عَلَى إثْبَاتِ مَنْ هُوَ عَلَى صَوَابٍ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى تَعْمِيقِ الخِلَافَاتِ وَ تَقْوِيضِ الحِوَارِ بِشَكْلٍ عَامٍّ. غَالِبًا مَا يَنْتَهِي مِثْلُ هَذَا النِّقَاشِ بِتَعَصُّبِ الطَّرَفَيْنِ لِرَأْيِهِمَا دُونَ أَنْ يَنْجَحَ أَيٌّ مِنْهُمَا فِي إِقْنَاعِ الآخَرِ أَوْ تَغْيِيرِ وَجْهَةِ نَظَرِهِ.

مِنَ النَّاحِيَةِ النَّفْسِيَّةِ، يُعْتَبَرُ التَّمسُّكُ بِالرَّأيِ نَوْعًا مِنْ الدِّفَاعِ النَّفْسِيِّ، الَّذِي يَقُومُ بِهِ الفَرْدُ لِحِمَايَةِ نَفْسِهِ مِنْ الشُّعُورِ بِالفَشَلِ أَوْ الخَوْفِ مِنْ فُقْدَانِ الاِحْتِرَامِ الاجْتِمَاعِيِّ. فَالشَّخْصُ الَّذِي يَتَمَسَّكُ بِرَأْيِهِ قَدْ يَشْعُرُ بِأَنَّ تَغْيِيرَ مَوْقِفِهِ سَيُؤَدِّي إِلَى ضُعْفٍ فِي شَخْصِيَّتِهِ أَوْ يُقَلِّلُ مِنْ مَكَانَتِهِ فِي عُيُونِ الآخَرِينَ. هَذَا التَّصَوُّرُ خَاطِئٌ، حَيْثُ إِنَّ القُدْرَةَ عَلَى الاعتِرَافِ بِالخَطَأِ أَوْ تَعْدِيلِ الرَّأيِ تُعْتَبَرُ سِمَةً مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِ الذَّكِيِّ وَ الْوَاعِي.

وَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَانِبِ الاجْتِمَاعِيِّ، فَإِنَّ التَّمسُّكُ بِالرَّأيِ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَباعدِ العَلاَقَاتِ بَيْنَ الأفرادِ. فِي النِّقَاشَاتِ الجَمَاعِيَّةِ أَوِ الأُسَرِيَّةِ، إِذَا تَمَسَّكَ أَحَدٌ بِرَأْيِهِ دُونَ تَقَبُّلِ آراءِ زُمَلَائِهِ أَوْ مُحَاوَلَتِهِمْ تَصْحِيحَ مَفَاهِيمِهِ، فَإِنَّ هَذَا سَيَتَسَبَّبُ فِي شُعُورِ الآخَرِينَ بِالإحْبَاطِ أَوْ العَجْزِ عَنْ المُشَارَكَةِ بِحُرِّيَّةٍ. كَمَا أَنَّ التَّمسُّكَ بِالرَّأيِ قَدْ يُفْقِدُ الشَّخْصَ القُدْرَةَ عَلَى التَّأْثِيرِ فِي الآخَرِينَ، لِأَنَّهُ يَتَحَوَّلُ إِلَى شَخْصٍ مُغْلَقٍ عَلَى نَفْسِهِ وَلا يُمْكِنُ التَّفَاعُلُ مَعَهُ بِشَكْلٍ إِيحَابِيٍّ.

إِنَّ هَذَا السُّلُوكِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الحَيَاةِ الشَّخْصِيَّةِ فَقَطْ، بَلْ يَمْتَدُّ إِلَى الحَيَاةِ المِهْنِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ أَيْضًا. عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ، فِي بِيئاتِ العَمَلِ، عِندَما يَتَمَسَّكُ أَحَدٌ بِرَأْيٍ مُحَدَّدٍ دُونَ الاستِمَاعِ إِلَى آراءِ زُمَلَائِهِ أَوْ تَقَبُّلِ أَفْكَارِهِمْ الجَدِيدَةِ، قَدْ يَتَسَبَّبُ ذَلِكَ فِي تَقْلِيلِ الإنتَاجِيَّةِ وَ تَرَاجُعِ مَسْتَوَى التَّعَاوُنِ بَيْنَ الفَرِيقِ. أَمَّا فِي المَجَالِ السِّيَاسِيِّ، فَإِنَّ التَّمسُّكَ بِالرَّأيِ فِي قَضَايَا وَطَنِيَّةٍ أَوْ اجْتِمَاعِيَّةٍ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى زِيَادَةِ التَّوَتُّرَاتِ بَيْنَ الأطْرَافِ المُخْتَلِفَةِ وَ تَفَاقُمِ الأَزْمَاتِ بَدَلًا مِنْ إِيجَادِ حُلُولٍ وَاقِعِيَّةٍ.

مِنْ أَجْلِ تَجَنُّبِ هَذِهِ العَوَاقِبِ السَّلْبِيَّةِ، يَجِبُ عَلَى الأفرادِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا كَيْفِيَّةَ التَّوَازُنِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِقَنَاعَاتِهِمْ وَ بَيْنَ التَّفَاعُلِ الإِيحَابِيِّ مَعَ الآخَرِينَ. فَعِندَما يَتِمُّ تَبَنِّي مَبْدَأِ الاستِمَاعِ الجَيِّدِ وَ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ، يُمْكِنُ لِشَخْصٍ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مَرُونَةً فِي آرَائِهِ وَأَكْثَرَ قُدْرَةً عَلَى تَغْيِيرِ وَجْهَةِ نَظَرِهِ بِنَاءً عَلَى الأَدِلَّةِ وَ المُناقَشَاتِ. التَّمسُّكُ بِالرَّأيِ يُصْبِحُ سُلُوكًا إِيحَابِيًّا فَقَطْ عِندَمَا يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى قَنَاعَاتٍ حَقِيقِيَّةٍ وَلَيْسَ عَلَى تَعَصُّبٍ أَوْ تَجَنُّبِ مُوَاجَهَةِ الوَاقِعِ.

خِتَامًا، إِنَّ التَّمسُّكَ المُفْرِطَ بِالرَّأيِ لَا يُفِيدُ فِي أَيِّ حِوَارٍ أَوْ نِقَاشٍ. بَلْ يُفْقِدُ الشَّخْصَ قُدْرَتَهُ عَلَى التَّطَوُّرِ الشَّخْصِيِّ وَ يُسَاهِمُ فِي تَصَاعُدِ النِّزَاعَاتِ. لِذَٰلِكَ، يَجِبُ أَنْ نَتَبَنَّى مَوَاقِفَ مُنْفَتِحَةٍ، حَيْثُ نَكُونُ مُسْتَعِدِّينِ لِلِاسْتِمَاعِ وَالتَّفَاعُلِ مَعَ الآراءِ المُخْتَلِفَةِ، مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى بِنَاءِ عَلاَقَاتٍ مُتَوَازِنَةٍ، وَ يُسَاهِمُ فِي تَقَدُّمِ المُجْتَمَعِ بِشَكْلٍ عَامٍّ.

فؤاد زاديكي
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 21-02-2025 الساعة 06:13 AM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:56 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke