
28-05-2006, 01:18 PM
|
Super Moderator
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 14,102
|
|
تراث السريان الفكري
السريان: الإطار التاريخي والجغرافّي
المطران د.لويس ساكو
المطران لويس ساكو ولد في الموصل، في شمال العراق. سيم كاهنا سنة 1983. حائز على دكتوراة في مبحث آباء الكنيسة، وعلى أخرى في التاريخ المسيحي القديم، وعلى إجازة في العلوم الإسلامية. أستاذ اللاهوت في جامعة بغداد. رُقّي إلى درجة الأسقفية في كركوك سنة 2002. له مؤلفات عدة، وهو عضو في عدد من الجمعيات المسكونية و الحوارية بين الأديان.
تراثهم الفكريّ
للسريان إسهام واسع في الرصيد الحضاريّ الإقليميّ مع العرب، "أبناء عمومتهم، و في الرصيد العالميّ، مع الفرس و اليونان و الرومان (6). فهم يشكّلون حالة متميّزة في تاريخ التفاعل الثقافّي في العالم. تعترف جميع المصادر التاريخيّة القديمة بدورهم المرموق في عمليّة الترجمة و النهضة الكبرى التي قادها الخلفاء العباسيّون. فقد قاموا بنقل ما لا يُحصى من الكُتب، من اليونانيّة إلى السريانية ثّم إلى العربيّة. و يكفي أن نسجّل هنا مثلاً من مساهمة السريان في إثراء الثقافة العربية في بغداد العباسيين. فالمفكّر الشهير حنين بن اسحق العباديّ من الحيرة (قرب النجف والكوفة)، والسريانية هي لغته الأمّ، قام بنقل 39 كتاباً من اليونانيّة إلى العربيّة، و ترجم 95 كتاباً إلى السريانيّة وحدها (7)
لم يكن السريان مجرّد نَقَلة، بل كانوا عنصر إبداع حقيقيّ. فقد أضافوا إلى ما نقلوه خبرتَهم ومعارفتهم، و طوّروا ورفدوا العرب و المسلمين، و من خلالهم العالَم، بكل نافع من العلوم. لقد كتب السريانُ في الإلهيّات و الفقه والفلسفة و المنطق و الطبيعة و ما وراء الطبيعة و الرياضيّات و الفلكّيات و الطبّ و الفيزياء و الهندسة و البناء والموسيقى و الأدب و الهندسة الزراعية و التجارة. و كان لنشاطهم الاقتصاديّ و الثقافيّ و التجاريّ و الاجتماعيّ الأثر البليغ في الدولة الفارسيّة ثّم العربيّة بعدئذ، خصوصاً في عصر العباسييّن، فإذا بخلفائهم يهتمّون بالعلم والثقافة و العلماء و المفكّرين، فُيرسلون الفرق لجمع الكتب و ترجمتها، و يغدقون المال و الهدايا كحافز تنافس بين الفرق من أجل إنتاج أوسع. لكنّ هذا التراث و هذه الحضارة لا تنفصلان البتّه عمّا قام به الآخرون من سومرييّن وأكاديّين و آشوريّين و إغريق و فينيقّيين. فهناك تداخل وتواصل جغرافّي وبشريّ و لغويّ بين كلّ هذه الشعوب، كما لا يمكن فصل عطاء السريان عن التاريخ الحضاريّ العربيّ و الإسلاميّ و العالميّ اليوم.
|