Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الأزخيني > ازخ العراق

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-08-2010, 08:26 PM
وحيد كوريال ياقو وحيد كوريال ياقو غير متواجد حالياً
Member
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 64
افتراضي لماذا كان بتو يرتبك عندما كان يكذب ؟!!!

لماذا كان بتو يرتبك عندما كان يكذب ؟!!!

منذ اكثر من اربعين عاما وهذا السؤال البسيط عالق في ذهني ( لماذا كان بتو يرتبك عندما كان يكذب؟ ) وما دعاني لذكره الان هو بالحقيقة ما نراه وما نشاهده وما نسمعه هذه الايام من كثرة الذين يكذبون على الناس من دون ان يرتبكوا او ينحرجوا او على الاقل ان تظهر عليهم علامات ذلك بعكس ما كان يحصل لبتو تماما .. هؤلاء الذين نشاهدهم كل يوم في الفضائيات وامام انظار العالم كله ونسمعهم في الاذاعات ونقرأ لهم في مختلف وسائل الاعلام الاخرى .. هؤلاء الذين يدعون ما يدعونه ليل نهار من انهم في خدمة الناس والوطن والشعب والامة .. هؤلاء الذين يتلونون كل يوم بلون او بأكثر من لون وبحسب الوان بدلاتهم الداكنة واكثر من الوان اربطة اعناقهم الزاهية , هذا طبعا ان كانوا يستطيعون لبسها وان لم تكن حرام او محرمة عليهم .. هؤلاء الذين يخرجون علينا كل يوم بوجه جديد وتصريح جديد ويدعون انه الحل الوحيد لمعانات الناس والامل المتبقي لمستقبل الشعب بعد ان كانوا قد صرحوا بغير ذلك قبل يوم او اكثر .. هؤلاء الذين يختلفون كثيرا عن بتو الذي سأعرفه للقراء بعد قليل , حيث انهم يعيشون في الجهة الثانية من الحياة التي كان يعيش فيها بتو , ويمتلكون كل ما لم يكن يمتلك شيئا منه بتو .. هؤلاء الذين يخدعون الناس باكاذيبهم المستمرة ليل نهار وادعاءاتهم المتناقضة .. هؤلاء الذين يتحكمون بمصير الناس الذين بينهم وبين بتو .. هؤلاء الذين يكذبون ولا يرتبكون ابدا ولا ينحرجون اطلاقا ولا حتى يخجلون على الاقل .. لهؤلاء جميعا نقول لماذا لا ترتبكون عندما تكذبون مثلما كان بتو يرتبك عندما كان يكذب ؟ ولماذا لا تعملوا ما كان يعمله بتو عندما كان يكذب ؟ .
ولكن قبل ان نعرف قصة بتو يجب ان نذكر ان موضوعنا هذا ليس عن الكذب الذي هو صفة عامة لجميع الناس او انه قد اصبح في الوقت الحاضر حالة طبيعية لدى بعض الناس او لنقل الكثير من الناس العاديين حتى اصبحوا يصنفونه الى اصناف واشكال والوان ابيض وغير ابيض ويعطون له اسباب ومبررات يقنعون بها انفسهم على الاقل .. في الوقت الذي نحن نعرف ان الكذب هو صفة من صفات الانسان تلازمه دائما وابدا وفي نفس الوقت نستطيع ان نقول انه لا يوجد انسان مهما كان لا يكذب ابدا , فقد يكذب الانسان لأسباب عديدة وقد يكون احيانا مجبرا او مضطرا على ذلك او رغبة منه في تحقيق امر ما او للحصول على شيء معين او غير ذلك من الاسباب والمبررات التي لسنا بصددها الان , ولكن ما نريد ان نتكلم عنه في هذا الموضوع هو رد فعل الانسان عندما يكذب او عندما يقول شيئا لا يكون واثقا منه او عندما يدعي فعلا لم يقم به او عملا سوف لا يعمله او لا يستطيع ان يعمله , وبعبارة اخرى تأثير الكذب على الانسان او شعوره واحساسه تجاه كذبه ومن ثم ما يجب ان يفعله الانسان عندما يكذب او على الاقل عندما يعرف ان الناس قد عرفت انه يكذب اي رد فعله تجاه الكذب .
وفي هذا السياق نستطيع ان نقول ان الناس تتباين كثيرا في هذا الامر , فهناك من الناس من يجيد الكذب بطلاقة وجدارة ويتقن صناعته ويتفنن في ادائه , فمهما كذب او قال من مغالطات او مفارقات كبيرة او ادعاءات كثيرة فلا تظهر عليه علامات الكذب ولا يستطيع الانسان ان يميز بين صدقه وكذبه او ان يكتشف كذبه او ادعائه , وفي المقابل فهناك من الناس من يرتبك وينفعل لمجرد ان يقول شيئا لا يكون واثقا منه او لمجرد ان يفكر في ان يقول شيئا لا يكون واثقا منه او متأكدا منه حتى لو كان مجبرا على ذلك , وبين هؤلاء وهؤلاء الكثير الكثير .
ولكن ما يجذب الانتباه والاستغراب هذه الايام ما وصل اليه الكذب والادعاء لدى بعض الناس الغير العاديين ( لنسميهم هكذا تمييزا ) اي الناس الذين يتحكمون بمصير الناس العاديين .. هؤلاء الناس الذين اصبح شغلهم اليومي الكذب على الناس , واصبحوا يرتزقون او بالاحرى يغتنون من الكذب على الناس فاصبحوا يتباهون بالكذب ويتسابقون بالكذب ويجيدون صناعة الكذب بصورة فائقة ويتقنون ادائه بدرجة عالية , ولم يعد كذبهم يقتصر على شخص معين او مجموعة معينة من الناس او فئة محددة من الناس , بل اصبحوا يكذبون على جميع الناس وامام انظار جميع الناس وفي كل اوقات الناس ومن دون اي احساس او ارتباك ولا انفعال ولا احراج ولا هم يحزنون ...
وهذا هو ما دعاني الى ان اتذكر قصة بتو المسكين وارتباكه وانفعاله عندما كان يكذب او عندما كان يحس ان الناس قد عرفت انه يكذب , وكنت في حينها اتساءل مع نفسي لماذا كل هذا الانفعال ؟ ولماذا كل هذا الارتباك ؟ وهو مجرد انسان بسيط او اقل بكثير من اي انسان بسيط وهو مجرد او محروم من كل النعم التي يتمتع بها الانسان البسيط ! .
وهنا لا بد لي ان اسرد للقاريء الكريم قصة بتو المسكين هذا , وساحاول ان أختصرها قدر الامكان فأرجو ان لا تكون مملة لأنها طبعا ليست من قصص الخيال او من صنع الخيال لكي تكون مدهشة , ولا هي اسطورة من اساطير التاريخ الكثيرة لكي تكون ممتعة , وانما هي قصة حقيقية واحداثها واقعية ولهذا ارجو ان لا تكون مملة وان كانت كذلك فارجو المعذرة مقدما من القاريء الكريم ...
قصة بتو المسكين :-
كان بتو ينتمي الى عائلة فقيرة جدا وقد وصل بها الفقر الى اقل من حالة العدم .. والدا بتو من احدى قرى الشمال .. وبسبب الظروف الامنية والحياتية التي سادت المنطقة , ضاقت بهم الحياة كثيرا وانسدت امامهم كل السبل فنزحا جنوبا حالهم بذلك حال معظم ابناء المنطقة , الى ان استقرا في بلدة طيبة , وهناك في تلك البلدة الطيبة رأى والدا بتو مأوا دافئا وطعاما ساخنا وشعرا بأمن واطمئنان وسكنا في بيت ثلثيه كهف وثلثه الامامي فقط بناء ولا شيء اخر ..
وبما ان الناس في تلك البلدة الطيبة كانوا طيبين , فقد تعاملوا مع عائلة بتو بطيبة وعطف وقدموا لهم ما استطاعوا من طعام ومنام وملابس وحاجيات اخرى , وعندها كان بتو شابا في مقتبل العمر بقامة منتصبة وهندام جيد وشكل معتدل ومقبول واوصاف حسنة , رشيقا لونه يميل الى الاشقرار .. ولكن المسكين كان اخرسا لا يستطيع الكلام واطرشا لا يسمع بسهولة وبالاضافة الى هذا وذاك فقد كان المسكين متخلفا عقليا لا يفهم شيئا ولا يجيد عملا .. وهذا ما زاد من عطف الناس عليه وعلى عائلته وخاصة ان والداه كانا عجوزين وغير قادرين على العمل ..
ولهذا فقد بدأ بتو حياته في هذه المدينة الطيبة معتمدا على مساعدات اهلها الطيبين وعطاياهم , فكان كل يوم يخرج الى الطرقات ويمر من امام البيوت ليراه الناس فيعطفون عليه ويساعدونه ويقدمون له بعضا مما لديهم , وكان الناس لمجرد ان يرونه يدعونه للطعام وللمساعدة , وهكذا اصبح بتو يحصل على كل ما يحتاج اليه من طعام وملابس وحاجيات اخرى له ولعائلته ايضا بسهولة وحتى من دون ان يطلبها .. وبمرور الايام تعلم بتو فنون عمله هذا اكثر او لنقل ان الايام قد علمته اكثر , فتعرف على الناس اكثر وعرف من منهم يساعده اكثر فيتواجد عنده اكثر وكذلك عرف اين يمشي اكثر اومتى يمشي اكثر واي البيوت يحصل منها اكثر .
ثم بعد ذلك عرف بتو انه عندما يكون في سوق البلدة فأن بعض الناس يكلفونه بحمل بعض ما يتبضعون لأيصالها الى بيوتهم , فيحصل على حصته منها بالاضافة الى وجبة الطعام اذا صادف ذلك في اوقات الطعام , وهكذا تعلم بتو ان يتواجد في سوق المدينة الوحيد الذي فتح له بابا اخرا ليحصل على بعض مما كان يريده ويحتاجه .
ثم رأى بتو ان الناس في هذه البلدة الطيبة يذهبون الى الكنيسة , فذهب معهم او وراءهم , وعندها عرف انه عندما يذهب الى الكنيسة فأن الناس ترضى عليه اكثر وتساعده اكثر فيحصل على اكثر .. وهكذا بدأ بتو يذهب الى الكنيسة كل يوم , صباحا ومساءا , فكان اول من يدخل باب الكنيسة ويقف في باحتها قبل بدء الصلاة ليراه كل الناس ثم يدخل معهم عندما يدخلون للصلاة فيقف عندما يقفون ويجلس عندما يجلسون ولم يكن يعرف لماذا او لم يكن ليعرف شيئا اكثر من ذلك .. وكان اخر من يخرج من الكنيسة لعله يحصل على شيء من اخر عجوز تخرج من تلك الكنيسة التي جلبت له رضى الناس ومحبتهم ومساعدتهم وعطاياهم ايضا .
وهكذا كان بتو يقضي يومه او ايامه بين هذه الاماكن الثلاث , في الطرقات والازقة وامام البيوت في اوقات الطعام وفي السوق ما قبل وما بعد ذلك وفي الكنيسة اثناء الصلاة في الصباح والمساء , في تلك الايام التي لم يكن هناك منافسا لبتو في تلك البلدة الطيبة او لنقل لم يكن هناك من هو اشد حاجة منه فيها , فكان احيانا يحصل على اكثر من ثلاث وجبات من الطعام في اليوم الواحد في الوقت الذي كان معظم الناس يلاقون صعوبة في توفير هذا لأبنائهم في تلك الظروف الصعبة ..
ولكن حياة بتو هذه رغم بساطتها لم تكن تخلو من مشاكل وصعوبات ومشقات , وايامه تلك لم تكن كلها تمر من دون مضايقات او احراجات ومشاكسات بعضهم وخاصة الاطفال المشاكسين الذين كانت امهاتهم توبخهم دائما لأنهم لا يأكلون كثيرا مثلما كان يأكل بتو الذي كان يلتهم الاكل امامهم , فيريدون او يتعمدون الانتقام منه وخاصة عندما كانوا يرونه يأكل اكثر من وجبة وفي اكثر من بيت , وهنا كانت تكمن مصيبة بتو المسكين وطامته الكبرى عندما كان يأكل اكثر من وجبة في ان واحد ويدعى انه جائع اولم ياكل , فيكشف هؤلاء الاطفال المشاكسين امره امام الجميع من انه قد اكل في بيت اخر قبل ان ياكل عندهم , وبذلك يكون يكذب حيث ياكل اكثر من وجبة طعام , فيقولون له الم تاكل قبل قليل في البيت الفلاني ؟ وهذا كان يكفي لايقاع المسكين في حرج كبير ويصبح في حيرة من امره ولا يعرف كيف يتصرف وهو لا يستطيع ان يتكلم طبعا لينفي ذلك او يبرره او يتحجج في شيء , فيتغير لونه ويرتبك ويرتجف جسمه كله ويتوقف عن اكله ولا يعرف ماذا يفعل فيلطم راسه بقوة بكلتا يديه ويخفي عينيه خلف ذراعيه وينهض لينهزم بسرعة منحني القامة فتلتف رجليه حول بعضها البعض واحيانا كثيرة يتعثر مرة او مرتين قبل ان يختفي عن انظار الجالسين الذين يهمون بالضحك عليه ويستغربون كثيرا من تصرفه هذا .. ولم يكن يرجع الى ذلك البيت الا بعد مرور عدة ايام حيث ينسى ذلك او لربما كان يعتقد ان الناس قد نسيت ذلك .. وغالبا ما كان بعض الاطفال يتعمدون في احراجه واتهامه في هذا حتى لو لم يكن المسكين قد اكل في بيت اخر , وذلك ليضحكوا على منظره وهو في غاية الاحراج والانفعال والارتباك .
وكنت في حينها استغرب كثيرا على تصرفه هذا وارتباكه وانفعاله اللامحدود لمجرد ان يقول له احدا حتى لو كان طفلا انه قد اكل مرتين او وجبتين اي انه كان يشعره انه قد اكل اكثر من حاجته , وهذا كان كافيا ليسبب له كل ذلك الارتباك وكل ذلك الانفعال وهو ذلك الانسان البسيط والمغلوب على امره ولا يفهم شيئا ولا يملك مالا وكل ما فعله هو انه كذب من اجل وجبة طعام او لقمة زائدة ولا غير ..
فاين هذا من كل ما نسمعه الان وما نشاهده هذه الايام من بعض ممن يتمتعون بكل نعم الحياة من العقل والنطق والكلام والى المال والجاه والبنين والبنات ولكنهم يكذبون ويكذبون وما زالوا يكذبون ليل نهار ويدعون ما يدعونه من تناقضات ويقولون ما يقولونه من مفارقات ويأكلون ما يسرقون من مال حرام من دون ان يخجلوا او ينفعلوا او يرتبكوا على الاقل ؟!
فلنقارن بينهم وبين بتو المسكين الذي لم يكن يملك اي شيء مما يملكون , هذا المسكين الذي نستطيع ان نقول انه كان يعيش في الجهة الثانية من الحياة التي يعيشونها هم , او لنقل انه كان يعيش في اسفل وادي الحياة بينما هم يعيشون فوق قممها واعاليها .. ولنقارن بين حجم كذب بتو وحجم اكاذيبهم المستمرة .. وبين ما كان بتو يكذب من اجله وما هم يكذبون من اجله , او بين ما كان يسرقه بتو وبين ما يسرقونه هم .. وبين ما كان يترتب على كذب بتو وبين ما يترتب على اكاذيبهم .. والاهم من كل هذا وذاك فلنقارن بين احساس بتو بكذبه مع عدم احساس هؤلاء تجاه اكاذيبهم المستمرة ..
لهؤلاء نقول صحيح ان بتو لم يكن يملك شيئا ولم يكن يفهم شيئا مقارنة بكم , ولكنه كان يعرف انه انسان ولهذا فقد كان له احساس انسان ومشاعر انسان .. فأين انتم من احساس بتو ومشاعر بتو ؟
نتمنى لو كان بتو ما زال حيا لكي يتعلم منه هؤلاء الصدق مع النفس على الاقل .

وحيد كوريال ياقو
اب 2010 - مشيكن
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-08-2010, 07:10 PM
ardekhlo:S.Roham ardekhlo:S.Roham غير متواجد حالياً
Bronze Member
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: Deutschland
المشاركات: 480
افتراضي

رائع ما سطره قلمك من بوح الحقيقة
أجل أين الصدق مع الذات هذه الأيام
كما قلت برغم ما عاناه بتو كان إنسان
سلمت يمناك وننتظر المزيد والرب يرعاك
__________________
بركة الرب معكم

أخوكم: أبن السريان



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-08-2010, 02:33 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,052
افتراضي

شكرا أستاذ وحيد فقد اشرت بإصبع الصواب إلى موضع العلة و الخلل. دام تألقك و إبداعك دائما يا استاذنا الكبير.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:06 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke