![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]()
كان لقاءً قصيراً لم يتجاوز حدود زمن أمسية شعرية أحياها في ديريك (المالكيّة) الشاعر الأستاذ سعيد قندقجي القادم من حماه وهو رئيس فرع اتحاد الكتّاب العرب فيها ولدى التقائنا واستماعه لبعض أشعاري عرض عليّ فكرة أن أنتسب إلى عضوية إتحاد الكتّاب العرب السوريين لأتمكن من نشر أعمالي الأدبية وغيرها من التسهيلات التي رأها إيجابية غير أني وحيث لم تكن لي قناعة في الفكرة من حيث المبدأ لأن واقع تسييس الاتحادات على اختلاف أنواعها وفي معظم الأقطار العربيّة لا يبشّر بخير لذا رأيتني حرّاً وغير راغب في هذا القيد الذي أحسه (على ما أراه وربما أكون مخطئاً في ذلك أو كنتُ يومذاك) ولكي يكون الأدب حرّاً وقادراً على الإبداع عليه أن يلتزم الأمانة والحيادية وأن يلبي طموحات الناس التي تأمل في أن يكون لسان حالها الناطق.
إن تعثّر الأوضاع السياسية في عالمنا العربي عموماً وعدم وجود من يتصدى لهذا الواقع شعراً وأدباً ليقول رأيه حرّاً صريحاً دون إلزام أو حرفه عن مساره الواجب له أن يكون وقد أوضحتُ فكرتي للأستاذ سعيد فقال لي في النهاية "أنت حر وهذا قرارك" وشئت للامانة أن أدون هنا الأبيات القليلة التي نظمتها في ردّي على مقترحه وأعجب لكوني أتيت بها على الفور وكأنها كانت مطبوخة في ذهني وذاكرة شعري. ومن عادتي أن أصطحب معي في جيبي قلماً وقصاصات ورق أتحسّب لشيطان الشعر وجنونه متى هبّ وكم من أساس لقصائد فاضتْ وحيث لم أكن أملك قلماً وورقة سالت دماؤها جريحة تشكوني إلى ربها لأني لم أكن على أهبة الاستعداد للتلقّي والمواجهة واعتبرتني فارساً فاشلا غير قادر على المقاومة بل أكثر من ذلك فهي إنما أعلنت هزيمتي! إن الشعر لحظة سريعة كالبرق والفكرة عندما تدخل حيّز تفكيرك وتمرّ عبر سحابة اللفظة والمعنى لتكتمل صورتها قبل أن ترى النور فإن لم يكن لها استقبالٌ طيّب واستعدادٌ مهيأ من قبل المتلقي لأوامر هذا الشيطان فإنها سرعان ما تذوب كذوبان الثلج لدى شروق شمس ساطعة بشكل مفاجيء. إنها العبقرية وهو الإبداع أما متى كان المرء في غيبوبة عما يحصل وألا يتحسّب لهذا الطاريء الذي يأتي كالسارق دون أن يعرف المرء متى؟ وأين؟ وكيف يأتي؟ هنا تكمن المشكلة وهنا تتعقّد الأمور ولم يعد للمرء في هذا العصر الصاخب والمليء بالهموم والمتاعب والمشاكل قوة الحفظ فالذاكرة تطحنها متاعب الحياة هذه ولكون الإنسان لم يعد يعتمد عليها كثيراً كما كان الناس في الجاهليّة أو قديماً يفعلون وخصوصاً الشعراء وحفظة الألقاب والأنساب والسبب يعود بالطبع إلى انتشار الكتابة لأن الفرد يستطيع تدوين مذكراته أو خواطره أو أمور حياته الأخرى على الورق أو في الحاسوب. أقول بصراحة لقد ضاعت مني قصائد كثيرة وهي في طور الولادة والنموّ لأني لم أكن على جاهزيّة تامة. وليسمح لي الأخوة زوار الموقع أن أقدّم لهم تلك الأبيات التي كنت نظمتها في تلك الأمسية وكردّ على طلب الأستاذ سعيد قندقجي كما مرّ قبل قليل، وإني لا اهدف من وراء هذا النيل من أحد أو التهكم على أحد فهو كان رأياً شخصياً لم يتعدّ حدود كونه إجابة فورية للحظة عابرة وسؤال كان قد ساورني قبل ذلك ومنذ زمن فكأن الإجابة كانت اختمرت على نار هادئة فظهرت ناضجة وفي تلك السرعة التي لفتت انتباه الأستاذ سعيد: دعني طليقاً هائجاً غرّيدا * لستُ أحبّ القيدَ والتقييدَ أحيا لعشق اللفظ دون تحفّظ * ولحسن معنى يستفزّ الغيدا دعني أعيشُ اللهو وفق مزاجيَ * دعني. أفضّلُ أن أظلّ سعيدا! أتلو مزاميرَ الهوى لا مانعٌ * يستعملُ الترهيبَ والتهديدا دعني أعيشُ الأمنَ ليس معكّراً* لا ألتقي مستحزباً صنديدا دعني لشعري لا أريد أصوغه * فيمنْ يجيء لواعجي تبريدا! دعني أحلّقُ يا (سعيدي) هائماً * لستُ أحسّك يا (سعيدُ) سعيدا! إنّ انطلاقَ الوجد من أوكاره * بصبابتي ألقاه عندي عيدا لا أمنعُ هذا ولا ذاك أنا * لستُ أريد أن أكون طريدا ربّي أجازَ تصوّفي وكرامتي * فلمَ سآتي نعمتيه بليدا؟ حرٌ كريمٌ عاشقٌ ومنوّعٌ * فكري يعانق في الحياة مفيدا إني أعافُ الكرهَ ليس بصاحبي * ومتى أُساسُ أصبحُ عربيدا! إنّ السياسة مكرها لا ينتهي * فلأنتقي ممّا أراه رشيدا! فؤاد في 15/10/2005 م |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|