Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-05-2025, 10:11 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,931
افتراضي خِداعُ الذَّاتِ قَبلَ خِداعِ الآخَرينِ بقلم: فُؤاد زاديكِي يَزْعُمُ المَهْزُومُ أَن

خِداعُ الذَّاتِ قَبلَ خِداعِ الآخَرينِ

بقلم: فُؤاد زاديكِي

يَزْعُمُ المَهْزُومُ أَنَّهُ مُنْتَصِرٌ، وَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَاهِرٌ لا يُقْهَرُ، فَيُخادِعُ ذَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُحاوِلَ خِداعَ الآخَرِينَ، وَ هُوَ يَعْلَمُ فِي قَرارَةِ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُهْزُومٌ. لَكِنَّهُ يَرْفُضُ الإقْرارَ بِالْحَقِيقَةِ، وَ يَأْبَى أَنْ يُواجِهَ مَرَارَةَ الوَاقِعِ. هذِهِ الحَالَةُ لا تَقْتَصِرُ عَلَى الأَفْرَادِ فَقَطْ، بَلْ تَمْتَدُّ لِتَشْمَلَ شُعُوبًا بِأَسْرِهَا.

هُنَاكَ أُمَمٌ تَخُوضُ هَزَائِمَ مُتَكَرِّرَةً، فِي كُلِّ مَجَالٍ: فِي العِلْمِ وَ الحَضَارَةِ، وَ الثَّقَافَةِ وَ السِّيَاسَةِ، وَ فِي أُسُسِ المَدَنِيَّةِ وَ الحُرِّيَّاتِ، وَ رَغْمَ ذَلِكَ، تُصِرُّ عَلَى أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ التَّفَوُّقِ. تُغَلِّفُ الفَشَلَ بِغِشَاءِ الوَهْمِ، وَ تَصُوغُ مَشَاعِرَ مَوْهُومَةً بِالقُوَّةِ وَ الِانْتِصَارِ.

إِنَّ هَذِهِ الشُّعُوبَ لا تَسْتَطِيعُ النُّهُوضَ، لِأَنَّهَا لا تُرِيدُ أَنْ تَعْتَرِفَ بِالسُّقُوطِ، وَ مَا لَمْ تَعْتَرِفْ، لَنْ تُفَكِّرَ فِي السَّبَبِ، وَ بِدُونِ تَحْلِيلٍ صَادِقٍ لِلهَزِيمَةِ، لَنْ يَتِمَّ تَفَادِيهَا. فَالمُشْكِلَةُ الأَعْمَقُ لَيْسَتْ فِي الهَزِيمَةِ نَفْسِهَا، بَلْ فِي العَجْزِ عَنِ الاِعْتِرَافِ بِهَا، وَ فِي الإِقَامَةِ الطَّوِيلَةِ فِي عَالَمِ الإِنْكَارِ وَ التَّجَاهُلِ.

نَعَمْ، يُمْكِنُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى الآخَرِينَ، وَ لَكِنَّهُ إِذَا بَدَأَ يَكْذِبُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَدْ وَصَلَ إِلَى أَسْوَإِ دَرَجَاتِ الضَّعْفِ. فَكَمْ مِنْ حَاكِمٍ دَعَا إِلَى الوَحْدَةِ وَ هُوَ يَفْرِضُ الفُرْقَةَ، وَ كَمْ مِنْ نِظَامٍ زَعَمَ أَنَّهُ مِحْوَرُ المُقَاوَمَةِ وَ هُوَ يَسْتَجْدِي البَقَاءَ عَلَى فُتَاتِ القُوَى الكُبْرَى.

الحَقِيقَةُ لا تُخْفِيهَا الأَهَازِيجُ، وَ لا يُغَطِّيهَا زَخْمُ الشِّعَارَاتِ، وَ لا تَحْجُبُهَا أَغْلِفَةُ الإِعْلَامِ. الوَاقِعُ أَقْوَى، وَ الهَزِيمَةُ، مَهْمَا أُنْكِرَتْ، تَظَلُّ مَرْسُومَةً فِي مَظَاهِرِ الحَيَاةِ: فِي مَنَاهِجِ التَّعْلِيمِ المُتَخَلِّفَةِ، وَ فِي الجَامِعَاتِ، الَّتِي لا تُنْتِجُ عِلْمًا، وَ فِي مَصَانِعِ لا تُنَافِسُ، وَ فِي مُجْتَمَعٍ لا يَقْبَلُ النَّقْدَ وَ لا يَسْمَحُ بِالْاخْتِلَافِ.

تُرِيدُ بَعْضُ الأُمَمِ أَنْ تَعِيشَ وَهْمَ العَظَمَةِ، وَ تُفَضِّلُ النَّوْمَ فِي حِضْنِ الأَسَاطِيرِ عَلَى الصَّحْوِ عَلَى لَدْغَةِ الحَقِيقَةِ. لَكِنَّ الأُمَمَ، الَّتِي تَرْفُضُ النَّظَرَ فِي المِرْآةِ لا يُمْكِنُهَا أَنْ تُصْلِحَ وُجُوهَهَا. الوَعْيُ بِالنَّقْصِ هُوَ أَوَّلُ خُطُوَاتِ التَّقَدُّمِ، وَ الاعْتِرَافُ بِالخَطَأِ لَيْسَ ضَعْفًا، بَلْ شَجَاعَةٌ وَ بِدَايَةُ التَّغْيِيرِ.

فَلْتَصْحُ هَذِهِ الشُّعُوبُ مِنْ سُكْرَةِ الزَّيْفِ، وَ تَتَخَلَّ عَنِ المَرَضِ المُزْمِنِ: مَرَضِ الإِنْكَارِ. فَالْمُواجَهَةُ الحَقِيقِيَّةُ مَعَ الذَّاتِ، وَ التَّصَالُحُ مَعَ الفَشَلِ هُوَ السَّبِيلُ الْوَحِيدُ إِلَى المُسْتَقْبَلِ. وَ إِلَّا، فَالهَزِيمَةُ، كَمَا يُقَالُ، لَيْسَتْ فِي الخَسَارَةِ، بَلْ فِي الإِصْرَارِ عَلَى عَدَمِ التَّعَلُّمِ مِنْهَا.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:45 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke