![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
العِناقُ النَّازِفُ مِنْ جُرُوحِ الشَّهْوَةِ
بقلم: فؤاد زاديكى عِنْدَما تَهْدَأُ العَاصِفَةُ الدَّاخِلِيَّةُ، وَ تَخْفُتُ أَنْفَاسُ الشَّوْقِ، تَنْبَجِسُ مَشَاعِرُ الرَّاحَةِ كَنَهْرٍ دَافِقٍ فِي صَحْرَاءِ الجَفَافِ، فَتَتَزَاحَمُ رَغَبَاتُ الاِلْتِحَامِ عَلَى بَوَّابَاتِ الأَجْسَادِ. كَانَتْ هِيَ تُحَاوِلُ أَنْ تَخْفِيَ ذُبُولَ نَظَرَاتِهَا، وَ كَانَ هُوَ يُجَاهِدُ فِي أَسْرِ نَبْضِهِ، الَّذِي تَفَجَّرَ فِي عُرُوقِهِ كَبَرْقٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ كُلَّ مَا حَوْلَهُ. قَالَتْ بِهَمْسٍ مُنْكَبٍّ عَلَى الأَمَلِ: ـ "لَمْ أَعُدْ أَخْشَى أَنْ أَنْصَهِرَ فِيكَ، إِنْ كَانَ الاِلْتِصَاقُ بِكَ خَلَاصِي". فَأَجَابَ وَ صَوْتُهُ مَخْمُورٌ بِالْحُمَّى: ـ "لَنْ أَكُونَ إِلَّا مَنْفَذَ نَجَاتِكِ، وَ مَهْدَ وُجُودِنَا الْجَدِيدِ". وَ هُنَا، تَعَانَقَتِ الرُّوحَانِ قَبْلَ أَنْ تَتَلَاحَمَ الأَجْسَادُ، فَذَابَتْ كُلُّ حُدُودٍ بَيْنَهُمَا، وَ تَفَجَّرَتْ يَنَابِيعُ الشَّهْوَةِ مِمَّا كَانَ مَخْفِيًّا فِي أَعْمَاقِهِمَا. صَارَ لِلْمَسِّ نَغْمَةٌ، وَ لِلتَّنَفُّسِ وَقْعٌ، وَ لِلتَّنَاغُمِ صَوْتُ قِيثَارَةٍ تَغْرَقُ فِي خَمْرِ الرَّغْبَةِ. وَ كَانَتِ الأَصَابِعُ تَكْتُبُ قَصِيدَةَ الشَّهْوَةِ عَلَى جُلُودٍ مُشْتَعِلَةٍ، وَوتَفُكُّ أَزْرَارَ الأَيَّامِ، الَّتِي حُبِسَتْ فِيهَا الأَحْلَامُ. تَشَابَكَتِ الأَفْكَارُ، وَ تَنَاثَرَتِ اللَّحَظَاتُ كَأَنَّهَا نُجُومٌ سَقَطَتْ فِي لَيْلَةِ نُضْجٍ وَ احْتِرَاقٍ. وَ قَالَتِ الرَّغْبَةُ لِلْحَيَاءِ: "ارْتَحْ، فَالاتِّصَالُ هُنَا قُدّاسٌ"، وَ قَالَ الشَّوْقُ لِلزَّمَنِ: "تَوَقَّفْ، فَهَذِهِ السَّاعَةُ لَا تُقَاسُ". وَ فِي لَحْظَةٍ، سَقَطَتْ كُلُّ أَقْنِعَةِ الْخَوْفِ، وَ انْكَشَفَ الجَسَدُ كَمَطَرٍ يُقَبِّلُ أَرْضًا قَاحِلَةً، وَ يَزْرَعُ فِيهَا زُهُورَ النَّشْوَةِ. وَ صَارَ الحُبُّ طَفْلًا يَضْحَكُ فِي أَحْضَانِ الشَّهْوَةِ، يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "إِنِّي وُلِدْتُ هُنَا، بَيْنَ عَيْنَيْهَا وَ رَعْشَةِ أَصَابِعِهِ". لَمْ يَكُنِ الْجَسَدُ مَرْمًى لِلرَّغْبَةِ وَحْدَهَا، بَلْ جِسْرًا يَعْبُرُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ لِيَصِلَ إِلَى مَعْنًى أَعْمَقَ، وَ إِلَى وَعْدٍ بِالْبَقَاءِ. فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا هُوَ، وَ لَا هِيَ، بَلْ كَانَا "هُمَا" فِي كَوْنٍ مُشْتَرَكٍ مِنَ اللّهَبِ وَ الْخُلُودِ. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|