![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]()
[
لَحَظَاتُ العِشْقِ الْمَسْرُوقَةُ بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي مَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْرِقَ الْحَبِيبُ نَظْرَةً خَاطِفَةً مِنْ حَبِيبَتِهِ، تَحْمِلُ مَعَانِيَ الْعِشْقِ وَ ألْوَلَهِ، وَ تُرْسِلُ فِي الْقَلْبِ نَبْضَاتٍ مِنَ السُّرُورِ وَ الِاهْتِيَاجِ. فِي لَحْظَةٍ لَا يُدْرِكُهَا أَحَدٌ، وَ لَا يَشْعُرُ بِهَا إِلَّا قَلْبَاهُمَا، تَكُونُ النَّظْرَةُ كَسَحَابَةِ رَبِيعٍ تُلَامِسُ وَجْنَةَ الزَّهْرَةِ. يَكُونُ الدَّافِعُ شَوْقًا مَحْمُومًا، وَ رَغْبَةً جَارِفَةً، فِي لِقَاءٍ يَجْمَعُهُمَا بَعِيدًا عَنْ أَعْيُنِ الرُّقَبَاءِ، وَ أَذُنِ الْمُتَرَصِّدِينَ. لِكَيْ يُمَارِسَا طُقُوسَ الْحُبِّ فِي صَمْتٍ مَلِيءٍ بِالْحَنَانِ، وَ يَسْتَحْضِرَا فِي لَحَظَاتِهِمَا كُلَّ مَعَانِي الْوَصْلِ وَ الْوِدَادِ. يَجْتَمِعَانِ فِي زَاوِيَةٍ خَفِيَّةٍ، تَشْهَدُ عَلَى هَمْسَاتِهِمَا، وَ تَنْفُضُ مِنْ حَوْلِهِمَا صَخَبَ الْعَالَمِ. يُقَبِّلُ جَبِينَهَا بِرِقَّةٍ، فَتُغْمِضُ عَيْنَيْهَا وَ تَشْهَقُ شَوْقًا، وَ كَأَنَّهَا تَسْتَنِشِقُ نَفَسًا مِنَ السَّمَاءِ. يَلْتَقِيَانِ فِي أَمَاكِنَ يَخْتَارَانِهَا لِتَكُونَ مَلْجَأً لِهَوَاهُمَا، كَحَدِيقَةٍ هَادِئَةٍ، أَوْ مَكَانٍ مَهْجُورٍ، يَضُمُّ أَسْرَارَ قُلُوبِهِمَا. فِي كُلِّ مَرَّةٍ، يَتَجَدَّدُ الْحُبُّ، وَ تَتَجَدَّدُ مَعَهُ الشُّهُورُ، وَ يَصِيرُ الزَّمَانُ كَأَنَّهُ عَامٌ مِنَ السَّعَادَةِ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ. يَمْسَحُ بِيَدِهِ عَلَى خُصْلَةٍ نَاعِمَةٍ مِنْ شَعْرِهَا، فَتَبْتَسِمُ وَ تَقُولُ: "يَا لَيْتَ الدَّهْرَ يَقِفُ هُنَا". يُقَرِّبُ شَفَتَيْهِ إِلَى أُذُنِهَا، وَ يَهْمِسُ: "ما زِلْتُ أَعْشَقُكِ كَأَنَّهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ". وَ فِي نَظَرَاتِهِمَا، تَتَفَجَّرُ جَمِيعُ الْأَشْوَاقِ، وَ تَتَصَاعَدُ أَنْفَاسُهُمَا كَأَنَّهَا أُغْنِيَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْتَهِي. يَحْتَضِنُهَا، فَتَلْتَحِمُ أَرْوَاحُهُمَا، وَ تَصِيرُ الدُّنْيَا كُلُّهَا مَوْقِعًا لِحُبِّهِمَا، لَا يَرَوْنَ غَيْرَ بَعْضِهِمَا. يَجْلِسَانِ سَوِيًّا، يُشَارِكُهَا أَحْلَامَهُ، وَ تُخْبِرُهُ بِمَا يُسْعِدُهَا، وَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ يَكُونُ هُنَاكَ وَعْدٌ بِالْخُلُودِ. يَمُرُّ الْوَقْتُ، وَ يَبْقَى الْوَعْدُ، وَ تَبْقَى الذِّكْرَيَاتُ مَزَارًا لِلْقَلْبِ فِي أَيَّامِ الْبُعْدِ. وَ مَا بَيْنَ قُبْلَةٍ وَ هَمْسَةٍ، تَنْبُتُ أَزْهَارُ الْعِشْقِ، وَ يَكْبُرُ الْهَوَى فِي أَحْضَانِ الْحَنَانِ. تُطَفِّئُهُ نَظْرَةٌ، وَ تُشْعِلُهُ لَمْسَةٌ، وَ تَحْفَظُهُ الْأَشْوَاقُ الْخَفِيَّةُ فِي الْأَضْلَاعِ. يَكُونُ الْحُبُّ، فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ، لَيْسَ كَلَامًا وَ لَا شِعْرًا، بَلْ هُوَ نَفْسُهُ النَّبْضُ، وَ رُوحُ الْوُجُودِ. يُغَادِرَانِ الْمَكَانَ، وَ لَكِنَّ الْحُبَّ يَبْقَى، يَسْكُنُ الذِّكْرَى، وَ يَنْتَظِرُ لِقَاءً آخَرَ لِيُجَدِّدَ الْوَصْلَ وَ الْهَوَى. فِي كُلِّ نَظْرَةٍ، وَ كُلِّ لَمْسَةٍ، وَ كُلِّ لَحْنٍ يَنْبُضُ فِي الْخَفَاءِ، تَكُونُ تِلْكَ اللَّحَظَاتُ هِيَ جَنَّةُ الْعُشَّاقِ.[/size] التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 16-05-2025 الساعة 05:35 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|