![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
ذِكرى جَرائم السَّيفو
بقلم: فؤاد زاديكي فِي صَبَاحِ يَومِ الرَّابِعِ وَ العِشْرِينَ مِنْ نِيسَانَ، تَخْتَلِجُ فِي نُفُوسِنَا ذِكْرَى أَلِيمَةٌ مُمَزَّقَةٌ بِالدَّمِ وَ الذُّلِّ. فِي مِثْلِ هَذَا اليَومِ مِنْ سَنَةِ 1915، انْفَجَرَتْ سُيُولُ الجَحِيمِ عَلَى رُؤُوسِ الأَبْرِيَاءِ، فَتَفَجَّرَتْ جِرَاحُ الشُّعُوبِ المَسِيحِيَّةِ فِي أَرْضِ الآبَاء وَ الأَجْدَاد، عَلَى يَدِ السُّلْطَةِ العُثْمَانِيَّةِ الغَادِرَةِ، مُسْتَعِينَةً بِبَعْضِ الضُّعَفَاءِ مِنَ الكُرْدِ، مِمَّنْ بَاعُوا ضَمَائِرَهُمْ فِي سُوقِ الخِيَانَةِ وَ الدَّمِ. فَرْمَانٌ شَرِيرٌ صَدَرَ: "اقْتُلُوا كُلَّ مَنْ يَحْمِلُ الصَّلِيبَ!" فَتَفَجَّرَتْ سُيُوفُ الحِقْدِ، وَ مَزَّقَتْ أَجْسَادَ الأَرْمَنِ وَ السِّرْيَانِ وَالآشُورِيِّينَ وَ الكَلْدَانِ وَ اليُونَانِ، دُونَ رَحْمَةٍ أَوْ شَفَقَةٍ، وَ دُونَ ذَنْبٍ أَوْ خَطِيئَةٍ، سِوَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ فِي دِينِهِمْ وَ هُوِيَّتِهِمْ. جُرُوفُ الجِبَالِ وَ أَوْدِيَةُ الأَنْهَارِ امْتَلَأَتْ بِأَجْسَادِ الأَبْرِيَاءِ، وَ الطُّرُقُ طُبِعَتْ بِآثَارِ قَدَمِ المَوْتِ. قُرًى بِأَكْمَلِهَا أُحْرِقَتْ، وَ نِسَاءٌ بِكْرٌ أُهِينَتْ، وَ أَطْفَالٌ رُضَّعٌ طُعِنُوا بِحِرَابِ الجُنْدِ، وَ رِجَالُ دِينٍ شُيِّعُوا إِلَى السَّمَاءِ مَذْبُوحِينَ، وَ مِنْهُمْ جَدِّي القِسُّ يُوسُف لَحْدُو مُرَاد، الَّذِي سُفِكَ دَمُهُ الطَّاهِرُ فِي چِم السُّوس قُرْبَ جَزِيرَةِ بِنْ عُمَر، مَعَ آخَرِينَ مِثْلَهُ، كُلُّهُمْ رَاحُوا شُهَدَاءَ عَلَى مَذْبَحِ الإِيمَانِ، وَ نُقِشَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِجِلِّ الخُلُودِ. إِنَّهَا مَجَازِرُ لَا تُغْتَفَرُ، عَارٌ عَلَى جَبِينِ التَّارِيخِ، وَ نَقْطَةٌ سَوْدَاءُ لَا تَزُولُ مِنْ وَجْهِ تُرْكِيَا، الَّتِي تَسْعَى لِلتَّنَكُّرِ، وَ لَا تَجْرُؤُ عَلَى الِاعْتِرَافِ، وَ لَا تَزَالُ تُصِرُّ عَلَى صَمْتِ الجَانِي، فَيَا لَلْعَارِ! هَلْ تُغْفَرُ جَرِيمَةٌ لَا زَالَتْ أَصْوَاتُ قَتْلَاهَا تُنَادِي بَيْنَ الضَّلَاعِ؟ أَيُّ شَرٍّ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُقْتَلَ بَرِيءٌ لِأَنَّهُ لَا يُشَارِكُكَ نَفْسَ الْمَعْبُودِ؟ فِي كُلِّ نِيسَانٍ، نُشْعِلُ شَمْعَةً فِي أَرْوَاحِنَا، وَ نُرَدِّدُ: "لَنْ نَنْسَى! لَنْ نَغْفِر!" فَالتَّارِيخُ شَاهِدٌ، وَ الحَقُّ لَا يَمُوتُ، وَ الضَّمِيرُ البَشَرِيُّ يَجِبُ أَنْ يُدِينَ، كُلَّ مَنْ ارْتَكَبَ وَ بَارَكَ وَ سَكَتَ عَنْ هَذِهِ الجَرَائِمِ، الَّتِي تَفُوقُ كُلَّ وَصْفٍ. سَيَبْقَى نِيسَانُ، شَهْرَ الدَّمْعِ وَ التَّذْكِيرِ، شَهْرَ الأَحْزَانِ، الَّتِي لَا تَشِيخُ، وَ سَتَبْقَى أَسْمَاءُ الضَّحَايَا تُرَافِقُنَا كَنَجْمٍ يُنِيرُ طَرِيقَ المُنْصِفِينَ، لِتَكُونَ جَرِائمُ السَّيْفُو مِثَالًا خَالِدًا لِمَا لَا يَجِبُ أَنْ يَتَكَرَّر. الرَّحْمَةُ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ يَا شُهَدَاءَ الإِيمَانِ وَ الحَقِّ، وَ الخِزْيُ وَ اللَّعْنَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَفَكَ الدَّمَ وَ صَمَتَ. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|