Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف > حوارات

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-08-2009, 01:45 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي ندوة ثقافية حوارية حول سيكولوجيا الأدب، تجريها الناقدة سعاد جبر مع صبري يوسف وآخرين

ندوة ثقافية حوارية حول سيكولوجيا الأدب،
تجريها الناقدة سعاد جبر مع صبري يوسف وآخرين

تعريف بالندوة وأسئلة الحوار

ندوة ثقافية بعنوان : سيكولوجيا الأدب : الماهية والواقع

برعاية صحيفة المرصد الإعلامي الحر الصادرة عن المركز الإعلامي للدراسات الثقافية وتواصل الثقافات / النمسا

إعداد الكاتبة : سعاد جبر



ضيوف الحوار


ـ الأستاذ صبري يوسف/ كاتب وأديب سوري/ السويد

ـ الأستاذ ابراهيم نصر الله / شاعر وروائي فلسطيني / الأردن

ـ الأستاذ محمد توفيق الصواف / كاتب وناقد سوري/ سوريا

ـ الأستاذ الدكتور محمد جمال الطحان / كاتب وأديب سوري / سوريا


الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عدس أكاديمي / متخصص في قسم علم النفس / جامعة عمان العربية للدراسات العليا / الأردن


بنود أسئلة الحوار

البند الأول : يقال أن علم نفس الأدب ما زال مجالا خصبا للدراسات النفسية ولم تسبر أغواره لاعتبارات عدة منها : اعتبار الأدب مادة مرهفة ومراوغة لا تخضع للإحصاء والقياس بالإضافة إلى النظرة السلبية لعلم النفس وحصره فقط في مجال التحليل النفسي وكذلك صعوبة تناول المادة الأدبية بشكل موضوعي دقيق في حين تم تناول مواد فنية كالرسم والتصوير في رؤية سيكولوجية ويقال أن حركة تنامي الوعي وتوسع حدود علم النفس تقتضي الاهتمام بدراسة سيكولوجية الأدب وتجاوز تلك العثرات في تنامي وتطور ذلك العلم ، أين تقف رؤاكم الثقافية في هذا الصدد ؟

البند الثاني : ما هي الطرق المرجحة من قبلكم للاهتمام في مجال سيكولوجيا الأدب ، هل تقتصر على دراسة الأديب من خلال عمليات إبداعه وأسلوبه في العمل ، وظروف تربيته ، خصائصه النفسية ، أم دراسة الناتج الإبداعي ، القصة الرواية ، المسودات والجوانب الأسلوبية وعلاقتها بالمبدع والبيئة التي ينتمي إليها أم دراسة المتلقي سواء أكان قارئ الأدب أو الناقد أو الجمهور عامة ودراسة استجاباته وتفضيلاته ، أم هي تتناول الجميع بلا استثناء في عمل مبدع واحد وقراءة نقدية تحليلية للنصوص ؟؟؟؟؟

البند الثالث : يشير المتخصصون في مجال سيكولوجيا الأدب إلى أن العلاقة بين علم النفس والأدب تاريخية ، ومن ذلك دراسات عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة ودلائل الأعجاز وابن قتيبه في الشعر والشعراء وهناك إشارات كثيرة لدى ابن سينا في الإدراك والصور الذهنية و الخيال والإبداع وفي مرحلة تاريخية لاحقة نجد دراسات طه حسين عن أبى العلاء المعري وحافظ شوقي والمتنبي وابن الرومي وكذلك دراسات العقاد وإبداعات مصطفى الرافعي في سيكولوجية الأدب المتمحورة حول المرأة في أبعاد ذاتها المتضادة سيكولوجيا ، هل تعد تلك الجذور التاريخية كما يذكره المتخصصون نوعا من التكلف في بيان نشأة هذا العلم أم أنها حقيقية واقعية تقتضي تناولها في البحث والدراسات ، وما هي المقترحات التي تتبنوها للارتقاء بهذا العلم في ظل عصر الرقمية واعتبار الكون قرية واحدة ؟؟

البند الرابع : إن المتتبع لدراسات علم النفس في مجال سيكولوجيا الأدب سواء في مجال الإبداع الشعري أو في مجال الرواية والمسرحية والقصة القصيرة والدراما التلفزيونية ودراسات الأطباء النفسيين وغيرهم ، يبرز لدية أن التحليل النفسي لعب دورا هاما في تلك الدراسات ، إذ تبرز بصماته الواضحة واعتباره دينامية تلك الدراسات في اللغة والتوجيه ، ما هو تعليقكم الأكاديمي على ارتباط الدراسات النفسية في مجال الأدب في ضوء نظريات التحليل النفسي دون غيرها ، وما هي رؤاكم التقيمية والأثرائية في مجال تناول أبعاد أخرى سيكولوجية في القراءات النقدية للنصوص الأدبية ؟؟

البند الخامس: تناولت الدراسات النفسية الدبية ثنائية العبقرية ، الجنون في الإبداعية الأدبية ، ودارت حولها تساؤلات حول اثر الانحراف النفسي والأخلاقي في تشكيل المبدع وعبقريته الأدبية كما هو في ظاهرة الشاعر المصري عبد الحميد الكاتب ، واثر الإبداع وتجلياته في إيصال الأديب إلى الجنون والعزلة النفسية كما هي في ظاهرة إبداع الأديبة مي زيادة ، وما آلت إليه من نهاية مأساوية لمبدعة نادرة من نوعها، والسؤال المطروح هنا أين تقف رؤاكم التحليلية النقدية في ظل ثنائية العبقرية، الجنون في الإبداعية الأدبية؟

الإجابة عن محاور الأسئلة المتعلقة في سيكولوجيا الأدب: الماهيّة والواقع

صبري يوسف*

ج 1 ـ إنَّ لعلم النفس واحة فسيحة مفتوحة تشمل كل مناحي الإبداع خاصّة الأدب بكلّ تفرُّعاته وتحليقاته، لأنّ المبدع هو مرآة عاكسة لأدقِّ خصوصياته وطاقاته النَّفسيّة والحياتية، فهو يعكس نصّه بما يختلج في ذهنه من آهات وآلام وأحزان وأفراح وحالات نفسيّة لا حصر لها، لهذا أستطيع القول أن لعلم نفس الأدب مجالاً خصباً، خصباً جدّاً! لأنَّ الأدب له من العناقات والتداخلات النفسيّة في بواطن النفس الإنسانية ربما أكثر بكثير من العوالم الإبداعية الأخرى، لأنَّ المبدع ـ الكاتب، الشّاعر الخ ... نجده يكتب نصّاً ربما كانت حيثياته وأفكاره قابعة في اللاشعور الضِّمني منذ زمنٍ بعيد فنراه يتدفّق ويحلّق في عوالم جامحة منبعثة من خصوبة جوانب نفسية متجذِّرة في أعماق نفسه منذ زمنٍ بعيد ولم ولن يستطيع التخلّص منها إلا عبر تدفُّقاتها على نصاعة الورقة بعد مرورها على ساحات الذّهن، هذا المرور المتأتّي من الذَّاكرة البعيدة الغافية بين تجاعيد النَّفس، الغافية في ظلال اللاشعور، ولا يمكن لهذه الظِّلال الخفيّة أن تختفي فلا بدّ لها أن تظهر في فترة ما عبر حالات إبداعيّة، والأدب أكثر المجالات الإبداعية خصوبة لظهور وإبراز هذه التراكمات النَّفسيّة الخلاقة وعلى علم نفس الأدب إعطاء أولوية كبيرة لهذا الجانب لما له من أهمية سيكولوجيّة حيث من خلال التحليل النَّفسي العميق نستطيع أن نصل إلى أعماق المبدع خاصّةً إذا كانت دراساتنا قائمة على أسس موضوعيّة دقيقة وتحاليل عميقة، فأنا أرى أنَّ المبدع يعيش هذه اللَّحظات عبر مراحل الكتابة، ويعكس ما كان يعتمره في فترة ما ويعكس الكثير من خصوبة النَّفس ـ الرُّوح، المسترخية في بواطن الذَّاكرة البعيدة، العالقة بين عوالم الطُّفولة والمراهقة ومراحل أخرى من العمر والكثير من هذه الحالات ترتبط إرتباطاً وثيق الصلة بالجوانب النَّفسية وهي أصلاً الخبز اللَّذيذ لحبق الكتابة وهي الحبر الصَّافي لكتابة حروفنا من أعماق النَّفس، نفس الإنسان، وكلَّما كانت الكتابة منبعثة من هذه الظِّلال الخفيّة، كانت إبداعية خالصة لأنها تأتي صادقة وملتحمة مع حميميات الكاتب، ويستطيع النَّاقد اللَّبيب المتخصِّص في هذا المجال أن يكتشف زيف الكاتب ومصداقيته من خلال التوافقات الموضوعية والعفويّة المتناغمة مع شخصيّة الكاتب النَّفسانية من خلال دراسة شخصيته عبر مراحل الطُّفولة والمراهقة والشَّباب والخ ..

صحيح أنه ليس من الضروري أن يعكس الكاتب رؤاه في الكتابة بكلّ ما يعتريه في زمنٍ ما أو عبر مراحل عمرية معينة، لأنّه ربّما يكتب من محض خياله نصّاً ما، لكن مع هذا تتداخل خصوصيته النفسيّة وشخصيته المتشكِّلة من مراحل عمره الفسيح وخاصة طفولته وتعكس من خلال خياله جانباً من شخصيته فهو ابن ماضيه، فمثلاً كاتب ما عاش في ريف مفتوح على برارٍ فسيحة، لا يستطيع أن يتوغّل في فضاءات مفتوحة ريفية رحبة عندما يكتب رواية في مستقبل الأيام حتى ولو كانت الرواية منبعثة من محض خياله لأن الخيال بالذات يتبلور ويتشكل ويتفتّح من خلال طفولة ومراهقة وبيئة وعناصر حياتية عديدة وبالتالي كل هذا يصبّ في أهمية دور علم نفس الأدب كي يتوغّل في أعماق الكاتب المبدع، وكلّما كان الكاتب صادقاً مع مشاعره ، كانت الدراسة مفيدة ومثمرة ومصداقية أكثر، وهنا ممكن أن يخرج الناقد في مجال سيكولوجيا الأدب بنتائج مفيدة للغاية تتجلَّى في النتائج التي يتوصَّل إليها ومدى اقترابها من خصوصية عوالم الكاتب وبالتالي يستطيع أن يستنتج الكثير من المعطيات والحيثيات وأسباب انبعاث الإبداع والتحليقات التي تخصّ هذا الكاتب ولا تخصّ ذاك الكاتب وهكذا يكون علم نفس الأدب بمثابة البوّابة الرحبة للوصول إلى أعماق جوهر الإبداع والمبدع معاً!

ج2 ـ إنَّ الطرق المرجَّحة للإهتمام في مجال سيكولوجيا الأدب هي كلّ هذه الجوانب التي عرضتينها في سياق السؤال، لكن هناك جانب أهم من جانب آخر، فمن الأهميّة بمكان دراسة الأديب دراسة معمّقة من خلال الوقوف عند كافّة مراحل عمله الإبداعي والوقوف مليّاً عند ظروفه ونشأته وخصائصه النفسية، لأنَّ كلّ هذا ينعكس عبر الكتابة ويظهر جلياً في النصّ الذي يكتبه، كما أنَّ دراسة الناتج الإبداعي، من قصّة ورواية وشعر ومسرح وجوانب حياتيّة وإبداعيّة أخرى تتعلّق بالمبدع وبيئته التي ينتمي إليها ..

كلّ هذه الحيثيات لها من الأهمية الشيء الكثير في الولوج إلى أعماق جموحاته الإبداعية وبالتالي تساعدنا للوصول إلى أخصب وأعمق النتائج فائدةً، من جهتي لا أرى لاستجابة القارئ والناقد والجمهور أهمية كبيرة بقدر ما هي إحدى متمِّمات وتعزيزات الدراسة، لأنه من الممكن أن تكون إنطباعات القارئ كائناً من كان بعيدة عمّا كان يقصده المبدع أحياناً، صحيح أنَّ للمتلقي دوراً لا يستهان به، لكنّي أرى أن الدراسة السيكولوجية لعوالم نصّه وبيئته وعوالمه الرحبة بعيداً عن إنطباعات المتلقي أفضل من أن نقارنها بإنطباعات ورؤى المتلقّي، كي تأتي الدراسة حياديّة موضوعية غير متأثّرة بعوامل خارجية، لأن رؤى النقّاد والقرّاء والمتلقّين تؤثّر على تشكيل رؤية أو تعزيز موقف ما ربّما يكون بعيداً عمّا كان يراود الكاتب، وبالتالي يكون الإعتماد على هذا الجانب هو نوع من الإبتعاد عن جادة الصواب، ناهيك عن أنّ المتلقي سواء كان قارئاً أم ناقداً، ممكن أن يكون إنطباعه سلباً أو إيجاباً مبالغاً فيه، ففي كلتا الحالتين تؤثّر رؤاه سلباً على حيثيات موضوعيّة الدراسة، لكني بنفس الوقت لا أقلّل من أهمية رؤى القرّاء والنقَّاد بعيداً عن خصوصية هذه الدراسة وبنفس الوقت ممكن أن تأتي أهميتها في الدراسة كآخر مرحلة من حيث الأهمية في تحليل أبعادها!

ونخرج بوجهة نظر ورؤية مفادها، أنَّنا لو تناولنا كلّ هذه الأسباب مركِّزين على الجانب الأوّل والثاني ويأتي الجانب الثالث أيّ رأي المتلقِّي كتحصيل حاصل، وعندما نأخذ كلّ هذه العوامل والمراحل الثلاثة في ترجيح تقييم ودراسة سيكولوجيا الأدب مهمّة شريطة أن نكون حذرين من الجانب الأخير ولا نتعاطف ونتأثّر به بحيث يجعلنا نبتعد عن جوهر مصداقية التحليل، فكلما كنّا دقيقين في دراسة الأديب عبر مادته الإبداعية وعبر مراحل تشكيل شخصيته ودراسة بيئته وعوالمه الرحبة كنَّا قد حقَّقنا الهدف المطلوب، وعندما تأتي إنطباعات المتلقِّي متطابقة مع تحليلاتنا كانت موضوعية ولو ابتعد المتلقِّي عن حيثيات النتائج التي توصّلنا إليها كان من الضروري أن نعيد النظر في هذا الجانب أي الأخير، لأنه من الممكن أن يكون المتلقّي غير عميق الرؤية والتحليل، والناقد ربما يكون ناقداً بعيداً عن المدرسة التي يكتب عبرها أو نحوها المبدع وبالتالي تصبح دراسة وتقييم الناقد بعيدة وغير موضوعية، لهذا كلّه علينا أن نعطي لكلّ مرحلة حقَّها بما فيه رأي النقّاد والقرّاء، حتّى أننا من الضروري أن نحلِّل ونقيم وندقِّق رأي المتلقين أنفسهم، وندرس استجاباتهم وكأنها نصّ أدبي يحتاج أيضاً إلى دراسة سيكولوجية ممحَّصة، لنرى مدى مصداقية وإقتراب رؤى القرّاء والنقَّاد إلى النتائج التي توصّلنا إليها.

أودُّ هنا أن أشير إلى أنَّ السَّاحة الأدبية تفتقر كثيراً إلى نقّادٍ يواكبون كتابات ونتاجات العصر، فللأسف الشديد لا أرى في السّاحة سوى بعض النقّاد، وهم قلّة قليلة، لا يغطّون سوى جزء يسير مما يتم كتابته في وقتنا الراهن، فمن الضروري أن ينبثق في عالمنا نقّاد متخصِّصون في الكثير من مجالات الإبداع، كي يتمَّ تغطية فعاليات ما يتم تقديمه بشكل يليق بمبدعنا الحالي ومبدعنا المخضرم وما سيأتينا من مبدعين في مستقبل الأيّام، ومن هذا المنظور أرى أنَّ المبدع ـ الكاتب، مهمّش جدّاً جدّاً فلا أجد إهتماماً به لا عبر منابر الثقافة ولا عبر وزارات الثقافة ولا عبر الصحف والمجلات ولا عبر أقرب المقربين إليه وهم الكتّاب، فأغلب الكتّاب تحوّلوا إلى حالة شلليّة أشبه ما تكون شلليات سياسية سقيمة ومريرة، فإذا لم يكن الكاتب منفتحاً على زميله الكاتب وعلى الناقد ، والناقد منفتحاً على ما يجري من إبداعات وما لم تهتم المنابر الثقافية بالمبدع ، فمَنْ سيهتم بهذا المبدع الذّي يفني حياته لقلمه ولا حياة لمن ينادي؟!

من جهتي أرى أنَّ هناك ضعفاً واضحاً في موضوعيّة وجوهر التواصل الثقافي على الساحة والدليل على مصداقية هذا الانطباع هو أنّه في طول العالم العربي وعرضه وارتفاعه وانخفاضه! لا يستطيع أي شاعر أن يطبع أكثر من ألف إلى ألفين نسخة من دواوينه حتى ولو كان من أشهر شعراء العرب ودور النشر هي أشبه ما تكون دور نشر الرقاب، تنشر رقاب الكتّاب بالمنشار، أكثر من نشر الكتاب! لهذا يتوجّب أن يضع المهتمّون بالإبداع والدراسات الأدبية السيكولوجية كلّ هذه الأمور بعين الإعتبار لرفع سوية الإبداع والمبدع معاً وإلا سيلجأ المبدع إلى دنيا الغرب، إلى دنيا غير دنياه، كما نرى الآن، حيث أنَّ أغلب مبدعينا المخضرمين في دنيا الغرب وعلى أرض غريبة، بعيدة عن مسقط الرأس، وبعيدة عن التاريخ واللغة والبيئة والخبز والملح والماء! كي يكتب نصّه بعيداً عن مقصّات الرقيب ومقصَّات النشر ومقصّات آخر زمن!

ج 3 ـ نعم، كان للمتخصِّصين في مجال سيكولوجيا الأدب الحقّ كلّ الحقّ في تبنّي تاريخيّة العلاقة بين علم النفس والأدب، هذا صحيح تماماً، فالعلاقة بينهما تاريخية منذ زمنٍ بعيد جدّاً، فالجذور التاريخية بين علم النفس والأدب ليست متكلّفة وليست مصطنعة هي ذات بعد تاريخي عميق، وطيدة الصلة بالبعد التحليلي للدراسات السيكولوجية الأدبية التي تمّ تقديمها في هذا الإطار، فتاريخيّة أيّ علم من العلوم موجودة على امتدادِ التاريخ البشري، والعلوم بشكل عام هي مجموعة تراكمات علميّة عبر مجريات ومراحل التاريخ الإنساني، وكلّما كان علم ما يستند إلى جذور تاريخية سابقة عنه، كان أعمق في التحليل وأكثر رحباً في التطوير، لأنَّ الظواهر العلميّة والنظريات وكلّ الدراسات هي نتاج تطوُّر بشري تاريخي، ولا يمكن للمرء على هذا الكوكب أن يتطوّر ما لم يحفظ ويؤرشف تاريخيّة العلوم وتراكماتها عبر مراحلها المتعاقبة، فنحن نتاج تطوّر بشري منذ عصر الرعي والصيد إلى عصر غزو الفضاء والوصول إلى أقصى أقاصي السَّماء! لهذا أرى من المفيد والمهم بمكان أن نولي أهمية كبرى للمتخصِّصين بالجذور التاريخية في مجال سيكولوجيا الأدب لأنَّ هذه العلاقة عميقة ومفيدة للغاية.

حول هذا الأمر أرى من الضروري أن نتابع أحدث النظريات والدراسات والبحوث التي توصّل إليها المتخصِّصون في هذا المجال كي نستفيد من تجارب الآخرين في شتّى بقاعِ العالم، لأنّه من المفيد جدّاً أن نواكبَ ما توصَّلت إليه الدراسات والتحاليل والبحوث في هذا المجال لأنَّ الكون أصبح فعلاً بمثابة قرية صغيرة وما علينا إلا أن نرحّب بهذه القرية الكونية ونستفيد من إيجابياتها ودراساتها وبحوثها التي تخدمنا وتمنحنا المزيد من الانفتاح والتحضّر والتطوّر والارتقاء وإلا بقينا في ذيل حضارة وعلى هامش مستجدات العصر!

ج4 ـ نعم هناك ارتباط عميق للدراسات النفسيّة في مجال الأدب المستندة لنظريات التحليل النفسي، لأن هذه النظريات تسلّط الضوء على الأسباب التي تشكل وتكوّن نصوص المبدع وتدرس الظواهر وحيثيات مراحل ولادات النصوص بطريقة سيكولوجية دقيقة بحيث يصل المحلِّل النفسي إلى أعماق خوالج المبدع عبر مراحل تبلور النصّ وتبرز لنا الدراسات التحليلية كيفية إنبعاث النصّ إلى النُّور، فالدراسات النفسية المتخصِّصة في مجالات الأدب، لها دور كبير وفعّال في تعميق الدلالات والأهداف التي كان يتوخّاها المبدع، وكلّما يتمكّن الناقد والمحلِّل لنصٍّ ما أن يتوغّل في حميميات عوالم المبدع وتفاصيل شخصيته الباطنية، كان أكثر ناجحاً ومتوغِّلاً بدقّة أكثر إلى دوافع النصّ الكامنة من وراء كتابته للنصّ، والكاتب عندما يكتب نصّاً ما لا يعي بدقة وبوضوح الأسباب التي دفعته لكتابة هذه الفكرة أو تلكَ فهي تنبعث أحياناً من اللاشعور المبدع، وهي نتاج تراكمات نفسية طويلة وفسيحة، فنادراً ما يجد الكاتب بشكل واضح الأسباب التي دفعته لكتابة التجلِّيات المنبعثة من وهج المخيلة، لأنه في لحظة الكتابة لا يهمّه سوى كتابة هذا الغليان الشعري أو القصصي أو المسرحي الذي ربما كان مرافقا له سنيناً طوال وجاءت اللحظة عبر شرارة ما فجَّرت به هذا الكمون الضمني كي يخرج ما في أعماقه من طاقات كامنة، لأن العمليّة الإبداعية لا تخضع لقوانين وحسابات رقميّة ولا يمكن تكهّنها وتوقّعها من قبل الكاتب ولا من قبل المتلقِّي ويحتاج الناقد والمحلِّل إلى المزيد من الدراسات السيكولوجية والتحليلات الدقيقة والعودة إلى عوالم المبدع وخاصّة طفولته والوقوف عند كل مرحلة من مراحل العمر كي يستنبط أسباب تنامي وظهور تلكَ الفكرة وعدم ظهور غيرها، آنذاك يجد المبدع نفسه أمام معادلات إبداعية كان هو نفسه بعيداً عنها من حيث الاستيعاب، لأنّها ولدت معه عفو الخاطر أو بطريقة لاشعورية ، إنبعثت من بواطنه اللاشعورية، لهذا عندما يربط المحلِّل النفسي هذه العلائق اللاشعورية بعوالم الشرارات التي كانت سبباً في تفجير ولادات النصوص يرى المبدع أن هذه الكوامن كانت مخزَّنة في أعماقه الحميمة وإنبعثت عبر شرارة كي توقظ المتراكمات التي كانت تقبع في أعماقه الدفينة! ومن هذا المنظور أرى أنّ المحلِّل والناقد الّذي يدرس سيكولوجية الأدب ويقرأ النصّ قراءة نقديّة دقيقة، عليه قبل كلّ شيء أن يلمَّ بالأبعاد العميقة لعوالم المبدع، أحلامه وطموحاته التي لم يحقِّقها فأغلب نصوص المبدعين هي نتاج ثمرة إحباطات وفشل في تحقيق الأهداف فتبقّى في اللاشعور تغلي وتغلي إلى أن تحين الفرصة لظهورها، فتأتي على شاكلة قصّة أو رواية أو قصيدة أو مسرحية فنجد الفشل الذي تمّ في حياة الكاتب يتحوّل إلى نجاح عبر النصّ فما لم يستطِعْ أن يحقِّقه في الواقع نراه محقّقاً عبر النصّ ويحقِّق عبر نصّه نوعاً من التوازن ما بين إخفاقه في زمنٍ ما ونجاحه في زمنٍ آخر!

هذه العملية التوازنية مهمّة جدّاً لأنها تخلق متعة وإنتشاء وتوازن وراحة كبيرة للمبدع، وهو لا يعي ولا يلمس أسباب الإمتاع والتوازن، كل ما يلمسه أنَّ النصّ يحقِّق له نشوة جامحة ولذّة غير مسبوقة لأن حالة الولادة تمحق وتزيل المترسّبات الكامنة في لاشعوره وبالتالي تحقِّق له متعة غريبة ولذيذة لما تقدِّم له من توهُّجات فرحية خالصة لأنها تأتي في لحظات عفوية، كان يحتاج أن يحقِّقَها منذ زمن، وأنا أرى أنّه لولا وجود هذه التراكمات والإخفاقات والفشل والحزن والأسى والظروف القمعية والأهداف والطموحات المتنحِّية لما وُلِدَ في لاشعور المبدع هذا التوق إلى ولادة هذه الحالة وهذا النصّ وهذا الوهج المتأجِّج في باطنه دون أن يرى أجيجه فسرعان ما يتفجّر من خلال موقف ما أو شرارة ما فتوقظ كوامنه وتراكماته الجاثمة فوق روحه وكيانه فيكتب ويكتبُ، ومن خلال الكتابة نجده يزيح هذه المرارات والإخفافات كي يفرش نجاحاً وألقاً فنجده يشعر بنشوة غريبة ولذيذة ومتعة لا يعادلها أيّة متعة أخرى، لأنه يخلق حالة إنسانية راقية عبر تجلِّياته، ومن هذا المنظور أرى أنَّ متعة الإبداع هي من ألذِّ متع الحياة، والمسألة عميقة وجامحة ولا تخضع لأية قوانين في لحظات الكتابة، لأن الإبداع لا يخضع لأي قانون رقمي بقدر ما يخضع إلى قانون الذات الهائجة التي تبحث عن خصوبات شهقة الحرف المندلقة من خاصرة الحنين إلى لواعج لم تتحقق يوماً ما، ولهذا نجد أن المبدع الذي يبحث من خلال لاشعوره المبدع إلى حالة إبداعية مسترخية في العقل الباطن، ولا يستطيع أن ينبش هذه البواطن الغافية في لاشعوره غالباً ما يصل إلى حالة احباطيّة غير متوازنة مع ذاته المتشظّية، فالإخفاقات تظل تغلي بين الحين والآخر وهو لا يجد الشرارة التي يطلقها من أعماقه فتبقى حبيسة في بواطنه إلى أن يصل إلى مرحلة الإخفاق وأحياناً يصل إلى حافات الجنون عندما لا يفجّر ما في كينونته من غليانات حبيسة على مرِّ السنين، وهذا ما سنأتي على بعض تفاصيله في البند الأخير من محاورِ هذه الندوة!

ج 5 ـ للأجابة عن هذا السؤال لابدّ من الوقوف جليّاً عند خصوصية المبدع وماهية الإبداع، فالمبدع بحدّ ذاته إنسان شديد الحساسية ومرهف جدّاً جدّاً، ولو لم يكُن متميّزاً بهذه الخصوصية لما أصبح مبدعاً أصلاً، وليس سرّاً أن نقول أن كلّ مبدع فيه شطحات خارقة في لحظات إبداعية أشبه ما تكون على حافات الجنون، وقيل أن ما بين العبقرية والجنون شعرة! لكن هذا المثل ليس دقيقاً لكنه يصب في رحاب ثنائة العبقرية، الجنون في الحالة الإبداعية الأدبية، وهنا لا بدّ أن نشير إلى أنَّ للإنحراف النفسي والأخلاقي دوراً في تشكيل المبدع وعبقريته الأدبية ليس دقيقاً في كلِّ الأحوال، فما حصل مع الشاعر المصري عبد الحميد الكاتب، ما هو إلا حالة فرديّة لا يمكن تعميمها كحالة نموذجية يماثلها شخصيات أخرى لو تمرُّ بنفس الحالة ، لأنّ الإبداع بحدِّ ذاته حالة خارقة غير طبيعيّة، والعبقرية نتاج تراكمات ثقافية وطاقات فكرية كبيرة ومزاجية أحياناً أخرى، فما حصل مع الشاعر عبد الحميد الكاتب لا يمكن ان ينسحب على غيره فيما إذا طبّقوا طريقته وأسلوب نهجه في الإبداع فالمبدع ممكن أن يبدع في ظروف عبدالحميد الكاتب أو في ظروف وحالات مناقضة لحالاته ولكل مبدع خصوصيته وظروفه وحيثيات إبداعه، ولو درسنا ظروف العباقرة المبدعين لوجدناها تختلف من حالة إلى أخرى لكن تصب الحالة الإبداعيّة في واحة رحبة أن الشخصية المبدعة، شخصية فريدة من نوعها، تحبّ العزلة والتأمّل ومتمرّدة على الإعوجاجات التي تصادفها في مراحل عمرها وهي أي الشخصية المبدعة مرهفة جدّاً ومعرّضة في أية مرحلة من مراحل العمر إلى إنتكاسات نفسية سواء كانت الشخصية في أرقى تجليات الإبداع في فترة ما ثم تتحوّل إلى شخصية إنعزالية مأساوية تصب في واحات الجنون، أو كانت شخصية طبيعية خالصة ثمّ تتحوّل إلى شخصية منتكسة وبالتالي تتعرّض إلى حالات من العزلة والجنون، ففي كلتا الحالتين، حالة عبدالحميد الكاتب، ومي زيادة، لا يمكن تعميم حالتيهما فهما حالتان فرديتان لا يمكن تعميمهما إطلاقاً، لكن من الضروري أن نشير إلى أنّ المبدع معرّض ربّما أكثر من غيره إلى مرافئ الجنون، لأنّه شديد الحساسية ومفرط في تأثُّره بالحياة التي يعيشها فهو يصطدم صدمات أقوى وأبلغ مما يصطدمه الإنسان العادي لهذا فهو يحتاج إلى حالات إبداعية كي يفرّغ هذه الصدمات وإلا ستبقى هذه الصدمات التي يتلقّاها في أعماقه إلى أن تخلخل بواطنه الشفيفة.

لهذا أرى أن أفضل دواء للمبدعين للتخلّص من هاوية الجنون هو هذا التفريغ الإبداعي عبر نصوصهم الفسيحة التي كانت تتلاطم في أعماقهم فخرجت من أعماق اللاشعور كي تحقِّق لهم التوازن الروحي والنفسي، وكلّما ظل الكاتب حبيساً لأفكاره ومكبوتاً لما يعتريه، كان معرّضاً لهزات نفسية إلى أن يصل إلى دهاليز ومنعرجات الجنون، وليس من الضروري أن يتعرّض كل مبدع لا يفرّغ ما في بواطنه اللاشعورية العميقة عبر نصِّ ما إلى حالات نفسية وإنتكاسية، لا طبعاً، لأنّ هذا الأمر يتعلّق بمدى الطاقات النفسية والصحّة النفسية التي يتمتّع بها المبدع نفسه فهناك من لديه طاقة صحّية نفسية عالية وراقية والمكبوتات وضغوطات الحياة وتراكمات الآهات والخ من منغّصات الحياة لا تؤثّر عليه كل هذا التأثير السلبي لأنه يعالجها عبر طرق أخرى سواء ظهرت كحالات إبداعية أو عبر صياغة فكرية ما فإن المبدع يعرف كيف يتفادى هكذا جراح قابعة في بواطنه الخفيّة، لهذا فالقضية هنا نسبية وما ينسحب عن المبدع وثنائة العبقرية والجنون ممكن أن ينسحب على الكثير من بني البشر، حتّى ولو لم يكُنْ مبدعاً! لإن الإنسان كأنسان به طاقات إبداعية سواء أبدعها أو لم يبدعها وكل كائن حي لديه طاقات إبداعية، فبعض المبدعين تظهر إبداعاتهم وبعضهم الآخر تضمر ولا تظهر ، وفي كل الأحوال تظلّ مسألة ثنائية العبقرية والجنون مسألة نسبية، لكن أعود مؤكِّداً على أنَّ المبدع أكثر تعرّضاً من غيره في هذه الثنائية لأنّه إنسان شديد الحساسية ومفرط في تواصله مع الحياة، لهذا أدعو إلى ضرورة أن يفرّغ المبدع طاقاته الكامنة بحرّية مفتوحة كي يرتاح من هذا الحمل الطويل الذي يحمله عبر محطات الحياة، ويشعر المبدع بنشوة عميقة عندما تولد نصوصه متجلّية في حالات وهّاجة ويشعر بمتعة عميقة لأنه يحقِّق توازناً نفسياً راقياً مع مكبوتاته الدفينة التي خرجت إلى النُّور بطريقة متوهّجة وكما يتمنّاها هو لا كما كانت مكبوتة في أعماقه اللاشعورية وعندما تظهر إلى النوّر ، يشعر وكأنَّ سموماً سميكة انجرفت وانقشعتْ من بين واحات الروح والقلب وتطهّرَ من تلكَ السموم من خلال ولادات النصوص، وعندما تظلّ تلكَ التراكمات المكبوتة طويلا فربما مع مرورِ الأيام تفجّر فيه حالات إنعزالية مريرة ومريضة وتقوده إلى حالات الجنون وربما تظل جاهزة لإندلاع حالة إبداعية في مرحلة من مراحل العمر، وهكذا نرى أنَّ الأمر يتوقّف على طبيعة الشخصية الإبداعية ومدى قدرة هذه الشخصية على تجاوز هذه الحالة أو تلك، وأحياناً ممكن أن يصاب المبدع في أية مرحلة من مراحل العمر ، بحالة مرضية في الدماغ مثله مثل أي كائن حي ويصاب بأمراض الإنفصام أو الأكتئاب أو أي مرض عقلي وربّما يكون ناجماً عن خللٍ ما في الطاقة الذهنية أو في الدماغ او لأسباب عديدة أخرى مثله مثل أي مريض ممكن أن يتعرّض لمثل هذه الأمراض، فنحن البشر بالنتيجة بشر نتعرّض للكثير مما لا نتوقعه، لكن يبقى السؤال مفتوحاً، كيف قدّم العبقري الفلاني كل هذه العبقريات ثم تعرّض للجنون، وكيف المنعزل الفلاني المنحرف قدّم كل هذه العبقرية وهو في حالة إنعزال وإنحراف؟!

هنا أودّ أن أسلّط الضَّوء على أنَّ الإنعزالي والمفرط حتّى في إنعزاله لا يعني انّه غير سوي، وغير طبيعي أو هو منحرف، فهو غير قادر على التكيّف مع المحيط الذي حوله لأنه يجد نفسه غريباً عن محيطه ولديه الكثير مما يريد أن يقوله فلا يجد أفضل من الإنعزال والتواصل مع أفكاره وتجلّياته ورؤاه وينسج أفكاره بعيداً عن ضجيج المحيط الذي يغلفه فارشاً آفاقه الرحبة فوق جدار الزمن، وعندما نقرأ ما أبدعه نندهش ونتساءل قائلين ما هذه العبقرية التي تفتّقت من كل تلكَ الشخصية الإنعزالية والمنحرفة؟ هنا لو نراجع أنفسنا نجد أنَّنا ما كنّا قادرين على تفهّم خصوصيّة هذه الشخصية وما كان يعتري في صدرها الفسيح، وإلا كيف تفتّقت عبقريته ما لم تكن في أعلى تجلياته وهو بعيد عن ضجيج هذا العالم!

ختاماً بقي أن أشير أن من أهم شروط الإبداع توفّر بيئة وهدوء وانعزال وتجلّي كي يتوحّدَ وينصهر المبدع مع عوالمه وكي يتمكن من ترجمة مشاعره في أية لحظة وإلا فإن البيئة الضجيجية ستكون عائقاً في طريق المبدع والإبداع! علماً أنّه من الممكن أن تولد أفكار المبدع وهو يتمشّى في أزقّةِ الحيّ أو في محطة القطار أو في الطائرة أو في موقف من مواقف الحياة، لكن عندما يسترخي كي يدخل في تفاصيل بهجة الإبداع لا بدَّ له من جوّ منعزل بعيد عن ضجيج هذا العالم متوحّداً بهدوءٍ عميق مع عوالمه الشَّفيفة كي يحلّق عالياً ويهطل رذاذات إبداعه مثل المطر، متعانقاً بتجلِّياته مع نجيماتِ الصَّباح بعيداً عن منغصّات ورجرجات الحياة!


صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 15-08-2009 الساعة 02:23 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:03 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke