![]() |
Arabic keyboard |
#4
|
|||
|
|||
![]()
(17) فلمّا رأيته سقطت عند رجليه فوضع يده اليمنى عليّ قائلاً لي لا تخفْ أنا هو الأول والآخر .
فلّما رأيته سقطت عند رجليه . إنه لم يسقط ميتاً بل كميّت . ما السرّ في ذلك ؟ هذا القول يعود بنا إلى الآية (16) التي سبقت القائلة : ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها . وبالتالي فإن الأمر يذكرنا بحادثة التجلي حينما تجلّى ربنا وظهر بهيئته الإلهية فإن الرسل الثلاثة ( بطرس ويعقوب ويوحنا ) ما استطاعوا أن يثبتوا واقفين ولا استطاعوا أن ينظروا إليه وذلك بسبب نوره الإلهي الذي كان أقوى من نور الشمس وهي في منتصف النهار في يومٍ من أيام شهر آب ، الأمر الذي إلى انبهار عيونهم وارتخاء أعصابهم ورجفة أبدانهم فسقطوا على وجوههم . وهنا أيضاً إذ رأى يوحنا المسيح في نوره الإلهي سقط كما سقط على جبل التجلّي بالإضافة إلى عامل الهيبة والإجلال أيضاً اللذان للمسيح . كما يعود الأمر بنا إلى دانيال الذي رأى الرب في رؤية فسقط على الأرض إذ قال دانيال : ولمّا سمعت صوت كلامه كنت مسبخاً على وجهي ووجهي على الأرض ( دا10: 9) وفي العدد (17) من ذات الأصحاح يقول دانيال أيضاً : لم تثبت فيّ قوة ولم تبق فيّ نسمة . فوضع يده اليمنى عليّ قائلاً لا تخفْ . وضع يده اليمنى عليّ ، فلكي يقيمني ويقوّيني ويشددني . وإن هذه فرصة لكي يتذكر المؤمن نفسه بأنه لا شيء إن لم تعمل معه يمين الله القاهرة القادرة على كل شيء . يقول صاحب المزامير : رنّموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع عجائب ، خلّصته يمينه وذراع قدسه ( مز98: 1) . وقال أيضاً : وأجعل على البحر يده وعلى الأنهار يمينه ( مز89: 25) . وقال أيوب : أحمدك لأن يمينك تخلّصك ( أي40: 14 ) . ويقول مرقس البشير : ثم أن الرب بعد أن كلّمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله (مر16: 19) قائلاً لي لا تخفْ . تتضمن هذه العبارة وعداً من الله بأنني أنا معك . ولأنني أنا معك فلا تخفْ لأنني لا أُغلب ومن أكون أنا معه فلا يُغلب . وهذا يذكرنا بما قاله الرسول بولس : فماذا نقول ، إن كان الله معنا فمن علينا ( رو8: 31) . ولذا فإننا نجده تعالى : قال لأبرام : لا تخف يا أبرام أنا ترسٌ لك ( تك15: 1) . وقال لاسحق : لا تخف فإني أنا معك وأباركك ..... ( تك26: 24 ) . وقال لإرميا : لا تقلْ إني ولدٌ لأنك إلى كلّ من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به . لا تخفْ من وجوههم لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب ( إر1: 7-8 ) . وحينما جاؤوا من دار رئيس المجمع وقالوا له : ابنتك ماتت لماذا تتعب المعلم ؟ قال له الرب يسوع : لا تخفْ آمن فقط ..... ( مر5: 35-36 ) . وقال له المجد لتلاميذه مطمئناً إياهم أن تعبهم وتخليهم عن كل شيء لن يذهب هباء : لا تخفْ أيها القطيع الصغير لأن أباكم سرّ أن يعطيكم الملكوت ( لو12: 32 ) . وقال الرب للرسول بولس في رؤيا حينما كان في كورنثوس : لا تخفْ بل تكلّم ولا تسكت لأني أنا معك ولا يقع بك أحدٌ ليؤذيك ( أع18: 9-10 ) . وكثيرة هي المواقف التي عاهد فيها الرب أتقياءه بأنهم معهم ولن يُغلبوا مؤكداً ذلك بهذه العبارة الرائعة : لا تخف فإني أنا معك . أنا هو الأول والآخر . يعود المسيح ليؤكد بأنه الله الذي ظهر بالجسد ذلك أنه لا يمكن أن تنطبق عليه هذه العبارة إلا الله وحده ( الأول والآخر ) . الأول : رأس كل شيء . الآخر . كل شيء يؤول إليه أو عنده ينتهي . (18 ) والحي وكنت ميّتاً وها أنا حيٌّ إلى أبد الآبدين آمين ، ولي مفاتيح الهاوية والموت . - الحي . حيٌّ بلاهوته لأنه الله كما قال الرسول يوحنا : في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ( يو1: 1 ) . - كنت ميّتاً . ميّتاً بالجسد حينما مات على الصليب ، كما قال لوقا : ونادى بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك أستودع روحي ، ولما قال هذا أسلم الروح ( لو23: 46 ) . - وها أنا حيٌّ . بالقيامة من بين الأموات . - إلى أبد الآبدين . لأن لا سلطان للموت عليه ، وما أنه مات إلا نيابة عن الإنسان الذي كان الموت قابعاً على صدره . * الهاوية . من الفعل هوى أي ( نزل ، سقط ، هبط ) فالهاوية إذاً هي مكان سفلي يطلق على القبر ، كما يُطلق على مكان العذاب في الآخرة . فإذا أشير بها إلى مكان النفس بعد الموت كان المقصود بها الجحيم التي هي مكان العذاب . وإذا أشير بها إلى مكان الجسد بعد الموت كان المقصود بها القبر . ونستعرض في ذلك بعض الآيات . 1- حزن يعقوب على فقد ابنه يوسف وأبى أن يتعزى حينما قام جميع أبناءه وبناته ليعزوه وقال مشيراً إلى فقدان الأمل برؤيته إلى أن يموت : إنني أنزل إلى ابني نائحاً في الهاوية ( تك33: 35 ) . 2- حينما أبناء يعقوب من مصر وشمعون ليس معهم وطلبوا من أبيهم أن يأخذوا معهم بنيامين إلى مصر ، فأصيب يعقوب بالهلع خوفاً من أن يفقده وقال : لا ينزل ابني معكم لأن أخاه قد مات وهو وحده باقٍ ، فإن أصابته أذيّة في الطريق التي تذهبون فيها تنزلون شيبتي بحزنٍ إلى الهاوية ( تك42: 38 ) . 3- حينما انفتحت الأرض وابتعلت بنو قورح الذين ازدروا بالرب مع كل بيوتهم وكل ما لهم يقول الكتاب : فنزلوا هم وكل ما لهم أحياءً إلى الهاوية وانطبقت عليهم الأرض فبادوا من بين الجماعة ( عدد16: 31-32 ) . 4- وعن المسيح قال الرسول بطرس على لسان النبي داود : لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فساداً ( أع2: 31 ) . * الموت . هناك موت الجسد وهناك موت النفس . 1- موت الجسد يرميه قبراً . 2- موت النفس يرميها في الهاوية مكان العذاب . * مفاتيح الهاوية والموت . كأني بالمسيح يقول ليوحنا : لا تخف الأعداء الذين يتوعدوك بالموت . لماذا ؟ لأن بيدي هو أمر الموت وبيدي أمر الهاوية . بالمختصر ، بيدي هو أمر الأبدية بشقيها ( الحياة _ العذاب ) لأنني قمت منتصراً لك على الموت كاسراً شوكته ، فأنا أحيي من أشاء وأنقذ من أشاء وبخاصة الذين يتألمون من أجل اسمي الذين وعدتهم بالسعادة الأبدية ( طوبى لكم إذا عيّروكم وطرودكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين ، أفرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم في السموات ) مت5: 11-12 . * يجب التفريق بين كلمتي ( جحيم وجهنّم ) . - الجحيم هو مقرّ أنفس وأرواح الأشرار بعد الموت . - الجهنّم هو مقرّ أبدي لأنفس وأرواح الأشرار وأجسادهم بعد يوم القيامة الرهيب . إن معنى كلمة الجحيم يقودنا إلى الإشارة إلى أنفس الصالحين الذي رقدوا على رجاء القيامة في العهد القديم فنقول : كانت أرواحهم في الجحيم سعيدة بالرجاء الذي كانت تتوقع تحققه في ملء الزمان . فّا كانت أرواح جميع الذين ماتوا بالرجاء أم الذين ماتوا دون رجاء تذهب إلى الهاوية فإن أرواح الذين ماتوا بالرجاء ما كانت تتعذب بل كانت سعيدة بالرجاء الذي كانت تأمل تحققه بالمسيح له كل المجد . وإن كلا الفئتين مثلهما كمثل رئيس الخبازين ورئيس السقاة اللذان لفرعون اللذان وُضعا معاً في السجن ، وحينما حلم كل منهما حلماً فإن يوسف بشّر أحدهما بعودته بعد ثلاثة أيام إلى وظيفته سعيداً ، وأما الآخر فإنه بعد ثلاثة أـيام سوف يُرسل ليُقطعَ رأسه تعيساً . وإن هذا ما حصل ( تك40: 9- 22 ) بينما لا زال يوسف سجيناً . فكان يوسف والحالة هذه صورة للمسيح الذي بصلبه وموته على الصليب وموته وقيامته في اليوم الثالث حدث وسيحدث فرزاً للناس منهم إلى ملكوته الأبدي سعداء ، ومنهم إلى العذاب الأبدي تعساء . (19) فاكتب ما رأيته وما هو كائن وما هو عتيد أن يكون بعد هذا . - فاكتب ، أي دوّن . - ما هو كائن ، أي ما يجري الآن من أحداث ( زمن حصول الرؤيا ) مع الكنائس وملائكتها . - ما هو عتيدٌ أن يكون بعد هذا ، أي الأحداث التي ستحصل من الآن حتى انقضاء الدهر . 1- إن التدوين بشكل عام هو أمر هامٌ جداً لأنه يُنشئ ذاكرة تُصبح تاريخاً يُحفظ فيه كل شيء جرى أو حدث أو قيل 2- أما تدوين الأخبار الإلهية فهو غاية في الأهمية لأن يحفظ كلمة الله لتكون خلاصاً للأجيال حتى انقضاء الدهر ، ولذا فإن ربنا قال بشارته : كل كاتب متعلم في ملكوت الله يشبه رجلاً ربّ بيتٍ يُخرج من كنزه جدداً وعتقاء ( مت13: 52 ) . الجدد ، هي ما يكتب الآن وما سيُكتب في العهد الجديد للحياة الأبدية . العتقاء ، هي ما كتب في العهد القديم الذي هو شهادة للعهد الجديد . وقال أيضاً له المجد : من آمن بي كما قال الكتاب : تجري من بطنه أنهار ماء حي ( يو7: 38 ) . أي أن الكتاب قد حفظ لنا في صفحاته أن من يؤمن بالمسيح سوف تجري من بطنه أنهار ماء حي . كما أن يوحنا بعد أن انتهى من كتابة الإنجيل قال في ختامه عن نفسه كمؤتمن على كلمة الله لإيصالها للأجيال القادمة : هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا ، وكتب هذا ، ونعلم أن شهادته حق ( يو21: 24 ) . هذا كان عن التوين على الورق ، ولكن هناك أنواعاً أخرى من التدوين ليس على الورق ، فإن منه ما يدوّن على صفحات القلب ، مثلاً . - قال كاتب الرسالة إلى العبرانيين على لسان الرب الإله : أجعل نواميسي في أذهانهم وأكتبها على قلوبهم وأنا أكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً ( عب8: 10 ) . وإن من التدوين ما يسمّى بالتقليد أو ( التعليم الشفهي ) الذي في واحدة من الإشارات إليه أذكر ما قاله يوحنا بالقول : إذ كان لي كثير لأكتب إليكم لم أرد أن يكون يورق وحبرٍ لأني أرجو أن آتي إليكم وأتكلّم فماً لفم ... لكي يكون فرحنا كاملاً ( 2يو12 \ 3يو13 ) . (20) سرّ السبعة الكواكب التي رأيت عن يميني ، والسبع المناير الذهبية . السبعة الكواكب هي ملائكة السبع الكنائس ، والمناير السبع التي رأتها هي السبع الكنائس , - سبعة ( راجع الحديث عن السبعة الكواكب ... السبع المناير .... شرح العدد 7 في الآية رقم ( 12 ) . بقي أن نتكلّم عن ملائكة السبع الكنائس الذي هم أساقفة السبع الكنائس . إن ملاك الكنيسة هو كاهنها ، وإن رتب الكهنوت في الكنيسة متعددة منها (بطريرك ، مطران ، قس ) . لماذا دُعي الكاهن ملاكاً للكنيسة ؟ الأسباب كثيرة منها : 1- الملاك هو رسول الرب ، وكذلك الكاهن هو رسول المسيح في كنيسته . 2- كما أ، الملاك طاهرٌ هكذا المفروض أن يكون الكاهن طاهراً ( فكراً ، قولاً ، عملاً ، تصوراً ) بالمختصر ، طاهراً نفساً وجسداً . 3- كما أن الملاك هو في حضرة الله دائماً هكذا يمثل الكاهن في حضرة الله دوماً ليصلّي عن نفسه وعن الرعية . 4- كما أن الملاك مكرّمٌ هكذا الكاهن إذ هو خادم للمسيح فهو مكرّمٌ ، فإن له المجد قال : إن كان أحدٌ يخدمني يكرمه الآب ( يو12: 26 ) . 5- الملاك مكرّس لخدمة الرب ، والكاهن أيضاً مكرّس لخدمة مذبح الرب وكلمة الله لخلاص المؤمنين . من أجل ذلك فإن الحديث عن الكاهن في الكتاب المقدّس هو في غاية الأهمية لا مجال الآن للحديث عنه لكني أذكر حديثين للرسول بولس يبيّنان الأهمية المطلقة لوجود الكاهن في الكنيسة . الأول . قال فيه : صادقة هي الكلمة إن ابتغى أحد الأسقفية فيشتهي عملاً صالحاً ( 1تي 3: 1 ) . الثاني . نقرؤه في الأصحاح 15 من الرسالة إلى رومية قال فيه لأهل روميا : وأنا نفسي متيقّن من جهتكم يا أخوتي أنكم أنتم مشحونون صلاحاً ومملوؤن كل علمٍ , قادرون أن يُنذر بعضكم بعضاً ، ولكن بأكثر جسارة كتبت لكم أيها الأخوة كمذكّر لكم بسبب النعمة التي وُهبت لي من الله حتى أكون خادماً ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشراً لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولاً مقدساً بالروح القدس ( رو15: 14- 16 ) . انتهى بعون الله شرح الأصحاح الأول من سفر الرؤيا
وإلى اللقاء بمشيئته الإلهية في الأصحاح الثاني
__________________
مسيحنا الله الأب القس ميخائيل بهنان صارة هـــــــــــــــــــــ : 711840 موبايل (هاتف خلوي) : 0988650314
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|