Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-05-2025, 09:44 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,897
افتراضي سِحرُ التَّعوُّدِ… بينَ الرّاحةِ و الإِدمانِ بقلم: فؤاد زاديكى

سِحرُ التَّعوُّدِ… بينَ الرّاحةِ و الإِدمانِ


بقلم: فؤاد زاديكى

يُعَدُّ التَّعوُّدُ ظاهرةً إنسانيّةً طبيعيّةً تنشأُ بفعلِ التّكرارِ و استمرارِ المواقفِ و الظّروفِ، حتّى تصبحَ مألوفةً و مُستَساغةً لدى النّفسِ. و إنّ الإنسانَ، بحكمِ طبيعتِهِ، يميلُ إلى الأُنسِ بما يعرِفُ، و يَرتاحُ لما اعتادَ عليهِ، فيسكنُ قلبُهُ و تطمئنُّ روحُهُ كلّما عاشَ حالةً مألوفةً و متكرّرةً.

فالتعوّدُ على نمطٍ معيّنٍ من الحياةِ قد يبعثُ على الرّاحةِ الفكريّةِ و النّفسيّةِ، و يُقلِّلُ من التوتّرِ و القلقِ حيالَ المجهولِ أو الطارئِ. و كم هو جميلٌ أن يجدَ المرءُ في تعوّدِه نوعًا من الانسجامِ بينَهُ و بينَ واقعِه، فيشعرُ بالملاءمةِ و التّوازنِ. فمتى ما كان التّعوّدُ وسيلةً لضبطِ الإيقاعِ الحياتيّ، و تحقيقِ الاستقرارِ، فإنّه يُعتَبرُ أمرًا مَحمُودًا و مَطلُوبًا.

غيرَ أنّ هذهِ النّعمةَ قد تنقلبُ إلى نقمةٍ، حينما يَفقدُ التّعوّدُ معناها البنّاءَ و يتحوّلُ إلى حالةٍ من التّبلّدِ أو الجمودِ. فعندما يصبحُ الإنسانُ عبدًا لروتينٍ يوميٍّ جامدٍ، و يألفُ الأمورَ إلى حدِّ عدمِ الإحساسِ بها، يَفقدُ جزءًا من ذائقتهِ الحياتيّةِ و مشاعرهِ الفطريّةِ. و يبدأُ عندها بالعيشِ على هامشِ الحياةِ، دونَ تجديدٍ أو إثارةٍ.

و هنا يَكمُنُ الخطرُ، إذ قد يتحوّلُ التّعوّدُ من حالةِ انسجامٍ إلى حالةِ إدمانٍ، لا يستطيعُ معها الفردُ أن يُغيِّرَ أو يُبدِّلَ شيئًا من واقعهِ، و لو كانَ التّغييرُ خيرًا له. إنّ الإدمانَ على الرّوتينِ يُميتُ روحَ المغامرةِ، و يقضي على شغفِ التّجربةِ، و يُطفِئُ جذوةَ الإبداعِ و التّجديدِ في النّفسِ.

فالطّفلُ، الذي يتعوّدُ على نمطٍ تربويٍّ جامدٍ، قد ينشأُ على الخضوعِ و الانقيادِ دونَ تفكيرٍ. و الموظّفُ، الذي يلتزمُ بروتينٍ صارمٍ دونَ تطويرٍ، سرعانَ ما يُصابُ بالمَللِ و يَفقدُ حماسهُ. و الإنسانُ، الذي يتعوّدُ على نوعٍ معيّنٍ من العلاقاتِ أو الأصدقاءِ، دونَ أن يَسمحَ لنفسِهِ باكتشافِ تجاربَ جديدةٍ، يُضيّقُ على نفسِه فضاءَ الحياةِ.

من هنا، تَكمُنُ الحِكمةُ في الموازنةِ بينَ متعةِ التّعوّدِ و مخاطرِ الإدمانِ. فكما يُعطي التّعوّدُ أمانًا، يجبُ ألّا يُسلِبَ الإنسانَ حريّتَهُ في التّجديدِ و التّغييرِ. الحياةُ تتطلّبُ مرونةً، و التّعوّدُ الصّحّيُّ هو ما كانَ محفُوفًا بالوعي، لا بما يُخدّرُ الإحساسَ و يُعطِّلُ العقلَ.

فَلنُدرِكْ أنّ التّعوّدَ قد يكونُ مَعينًا حينًا، و مُقيدًا حينًا آخر. و لْنَسعَ إلى أن نجعلَ من تعوّدِنا بابًا للنّماءِ لا قيدًا يمنعُنا من الانطلاقِ.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 13-05-2025 الساعة 07:42 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:09 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke