عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم يوم أمس, 09:25 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,892
افتراضي العِناقُ النَّازِفُ مِنْ جُرُوحِ الشَّهْوَةِ بقلم: فؤاد زاديكى عِنْدَما تَهْدَأُ ال

العِناقُ النَّازِفُ مِنْ جُرُوحِ الشَّهْوَةِ

بقلم: فؤاد زاديكى

عِنْدَما تَهْدَأُ العَاصِفَةُ الدَّاخِلِيَّةُ، وَ تَخْفُتُ أَنْفَاسُ الشَّوْقِ، تَنْبَجِسُ مَشَاعِرُ الرَّاحَةِ كَنَهْرٍ دَافِقٍ فِي صَحْرَاءِ الجَفَافِ، فَتَتَزَاحَمُ رَغَبَاتُ الاِلْتِحَامِ عَلَى بَوَّابَاتِ الأَجْسَادِ.
كَانَتْ هِيَ تُحَاوِلُ أَنْ تَخْفِيَ ذُبُولَ نَظَرَاتِهَا، وَ كَانَ هُوَ يُجَاهِدُ فِي أَسْرِ نَبْضِهِ، الَّذِي تَفَجَّرَ فِي عُرُوقِهِ كَبَرْقٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ كُلَّ مَا حَوْلَهُ.

قَالَتْ بِهَمْسٍ مُنْكَبٍّ عَلَى الأَمَلِ:
ـ "لَمْ أَعُدْ أَخْشَى أَنْ أَنْصَهِرَ فِيكَ، إِنْ كَانَ الاِلْتِصَاقُ بِكَ خَلَاصِي".

فَأَجَابَ وَ صَوْتُهُ مَخْمُورٌ بِالْحُمَّى:
ـ "لَنْ أَكُونَ إِلَّا مَنْفَذَ نَجَاتِكِ، وَ مَهْدَ وُجُودِنَا الْجَدِيدِ".

وَ هُنَا، تَعَانَقَتِ الرُّوحَانِ قَبْلَ أَنْ تَتَلَاحَمَ الأَجْسَادُ، فَذَابَتْ كُلُّ حُدُودٍ بَيْنَهُمَا، وَ تَفَجَّرَتْ يَنَابِيعُ الشَّهْوَةِ مِمَّا كَانَ مَخْفِيًّا فِي أَعْمَاقِهِمَا.

صَارَ لِلْمَسِّ نَغْمَةٌ، وَ لِلتَّنَفُّسِ وَقْعٌ، وَ لِلتَّنَاغُمِ صَوْتُ قِيثَارَةٍ تَغْرَقُ فِي خَمْرِ الرَّغْبَةِ.

وَ كَانَتِ الأَصَابِعُ تَكْتُبُ قَصِيدَةَ الشَّهْوَةِ عَلَى جُلُودٍ مُشْتَعِلَةٍ، وَوتَفُكُّ أَزْرَارَ الأَيَّامِ، الَّتِي حُبِسَتْ فِيهَا الأَحْلَامُ.

تَشَابَكَتِ الأَفْكَارُ، وَ تَنَاثَرَتِ اللَّحَظَاتُ كَأَنَّهَا نُجُومٌ سَقَطَتْ فِي لَيْلَةِ نُضْجٍ وَ احْتِرَاقٍ.

وَ قَالَتِ الرَّغْبَةُ لِلْحَيَاءِ: "ارْتَحْ، فَالاتِّصَالُ هُنَا قُدّاسٌ"، وَ قَالَ الشَّوْقُ لِلزَّمَنِ: "تَوَقَّفْ، فَهَذِهِ السَّاعَةُ لَا تُقَاسُ".

وَ فِي لَحْظَةٍ، سَقَطَتْ كُلُّ أَقْنِعَةِ الْخَوْفِ، وَ انْكَشَفَ الجَسَدُ كَمَطَرٍ يُقَبِّلُ أَرْضًا قَاحِلَةً، وَ يَزْرَعُ فِيهَا زُهُورَ النَّشْوَةِ.

وَ صَارَ الحُبُّ طَفْلًا يَضْحَكُ فِي أَحْضَانِ الشَّهْوَةِ، يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "إِنِّي وُلِدْتُ هُنَا، بَيْنَ عَيْنَيْهَا وَ رَعْشَةِ أَصَابِعِهِ".

لَمْ يَكُنِ الْجَسَدُ مَرْمًى لِلرَّغْبَةِ وَحْدَهَا، بَلْ جِسْرًا يَعْبُرُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ لِيَصِلَ إِلَى مَعْنًى أَعْمَقَ، وَ إِلَى وَعْدٍ بِالْبَقَاءِ.

فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا هُوَ، وَ لَا هِيَ، بَلْ كَانَا "هُمَا" فِي كَوْنٍ مُشْتَرَكٍ مِنَ اللّهَبِ وَ الْخُلُودِ.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس