![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
مشاركتي على برنامج فقرة روّاد الفكر و الإبداع في أكاديمية العبادي للأدب و السلام من إعداد و تقديم الدكتور بسيوني سعيد عياد و إشراف الدكتورة شهناز العبادي عميد الأكاديمية
رُوَّادُ الْفِكْرِ وَ الْإِبْدَاعِ… مَنَابِعُ النُّورِ وَ صُنَّاعُ الْقِيَمِ يَحْتَلُّ رُوَّادُ الْفِكْرِ وَ الْإِبْدَاعِ مَكَانَةً فَارِدَةً فِي مَسِيرَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، فَهُمْ مَصَابِيحُ الدُّرُوبِ، وَ مَنَابِعُ الْإِلْهَامِ، وَ قُوَّادُ الرُّقِيِّ وَ التَّجْدِيدِ. فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ تَأْرِيخِيَّةٍ، كَانَ لِلْمُبْدِعِينَ أَثَرٌ يَتَجَاوَزُ زَمَانَهُمْ، فَيُثْمِرُ فِي الْعُقُولِ، وَ يُزْهِرُ فِي الْمَشَاعِرِ، وَ يُثْرِي فِي الْمَجَالِسِ وَ الْمَكْتَبَاتِ. إِنَّهُمْ لَا يَسْكُنُونَ حُدُودَ الْوَاقِعِ، بَلْ يَفْتَحُونَ أُفُقاً جَدِيدَةً لِلْإِنْسَانِ، وَ يَزْرَعُونَ فِي قَلْبِهِ أَمَلًا يُجَدِّدُ إِرَادَتَهُ فِي التَّغَيُّرِ وَ التَّطَوُّرِ. وَ فِي الْحَيَاةِ الثَّقَافِيَّةِ، يَعْمَلُ رُوَّادُ الْفِكْرِ عَلَى بِنَاءِ جُسُورٍ بَيْنَ الْأَجْيَالِ، فَيَنْقُلُونَ الْمَعْرِفَةَ مُصَاغَةً بِحِكْمَةٍ وَ جَمَالٍ، وَ يُثِيرُونَ فِي الْقُرَّاءِ وَ الْمُتَلَقِّينَ تَسَاؤُلَاتٍ تُفْضِي إِلَى حِوَارٍ وَ تَأَمُّلٍ، وَ بِذَلِكَ يَغْدُونَ صَوْتَ الْحَقِيقَةِ وَ رُوحَ الْبَصِيرَةِ، وَ يَصِيرُونَ مَرَاجِعَ تُسَاعِدُ الْإِنْسَانَ عَلَى فَهْمِ نَفْسِهِ وَ الْعَالَمِ حَوْلَهُ. وَ فِي الْحَيَاةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، يَضَعُ الْمُبْدِعُونَ أَسُسَ الْقِيَمِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَ يَصْنَعُونَ وِعْياً جَمَاعِيّاً يَحْمِلُ مَعَالِمَ التَّسَامُحِ وَ التَّعَايُشِ وَ الْعَدْلِ. فَكَمْ مِنْ قَصِيدَةٍ أَوْ رِوَايَةٍ أَوْ مَقَالَةٍ أَحْيَتْ فِي النُّفُوسِ مَعَانِي الْكَرَامَةِ، وَ أَشْعَلَتْ فِي الْقُلُوبِ رُوحَ الثَّوْرَةِ عَلَى الظُّلْمِ وَ الْإِقْصَاءِ. إِنَّهُمْ يُشَكِّلُونَ وِجْدَانَ الْمُجْتَمَعِ، وَ يُسَاعِدُونَ عَلَى بِنَاءِ هُوِيَّةٍ صَافِيَةٍ وَ أُمَّةٍ مُتَّحِدَةٍ. وَ فِي الْحَيَاةِ الْأَدَبِيَّةِ، يَكُونُ رُوَّادُ الْإِبْدَاعِ مَصَادِرَ لِلْجَمَالِ وَ الْخَيَالِ، فَيَخْلُقُونَ لُغَةً جَدِيدَةً، وَ يُحْدِثُونَ تَجَارِبَ تُغَيِّرُ مَسَارَ الْفَنِّ. فَالْقَصِيدَةُ، الَّتِي تُنْشِدُ الْحُبَّ تَبْقَى فِي الْأَسْمَاعِ أَغْنِيَةً خَالِدَةً، وَ الرِّوَايَةُ الَّتِي تُجَسِّدُ الْمَأْسَاةَ تَظَلُّ مِرْآةً لِوَاقِعٍ وَ دَرْساً لِلْمُسْتَقْبَلِ. وَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ أَدَبِيَّةٍ صَادِقَةٍ، يُخْتَصَرُ تَارِيخٌ وَ يَتَّسِعُ أُفُقٌ. أَمَّا فِي الْبُعْدِ الْإِنْسَانِيِّ، فَإِنَّ الْمُفَكِّرِينَ وَ الْمُبْدِعِينَ يَتَجَاوَزُونَ الْحُدُودَ الضَّيِّقَةَ لِلْأَوْطَانِ وَ الْعُرُوقِ، وَ يُقَدِّمُونَ رُؤًى تُخَاطِبُ الْإِنْسَانَ بِمَا هُوَ إِنْسَانٌ. يُذَكِّرُونَنَا بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقٌّ كَوْنِيٌّ، وَ أَنَّ الْعَدْلَ غَايَةٌ عَالِيَةٌ، وَ أَنَّ الْجَمَالَ لُغَةٌ تُفْهَمُ فِي كُلِّ الْقَارَّاتِ. هُمْ صَوْتُ الْإِنْسَانِيَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَ مِنَارُ الْمَسِيرَةِ الْكُبْرَى نَحْوَ عَالَمٍ أَفْضَلَ. وَ لَوْلَا هَؤُلَاءِ الرُّوَّادُ، لَبَقِيَ الْوُجُودُ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ مَجَرَّدَ تَكْرَارٍ لِمَا كَانَ، أَوْ جَمُوداً عَلَى مَا هُوَ كَائِنٌ. إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ التَّارِيخَ نَهْراً يَتَدَفَّقُ، لَا بُحَيْرَةً رَاكِدَةً، وَ يُحَوِّلُونَ الْحَيَاةَ إِلَى رِحْلَةٍ مُثْمِرَةٍ فِي بَحْثٍ دَائِمٍ عَنْ مَعْنًى أَسْمَى. وَ بِهَذَا كُلِّهِ، يَتَّضِحُ أَنَّ رُوَّادَ الْفِكْرِ وَ الْإِبْدَاعِ هُمْ حُرَّاسُ الْمَعْرِفَةِ، وَ صُنَّاعُ الْجَمَالِ، وَ حَمَلَةُ الْقِيَمِ، وَ سَفَرَاءُ الْإِنْسَانِيَّةِ. فَحَقِيقٌ عَلَى الْأُمَمِ أَنْ تَحْفَظَ مَكَانَتَهُمْ، وَ تُكْرِمَ جُهُودَهُمْ، وَ تُيَسِّرَ السُّبُلَ لِمَوَاهِبِهِمْ، لِأَنَّهُمْ الْبُنَاةُ الْحَقِيقِيُّونَ لِغَدٍ أَبْهَى وَ عَالَمٍ أَرْقَى. ✍️ بقلم: فؤاد زاديكى |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|