🤡 الْغَبَاءُ السِّيَاسِيُّ وَ تَدَاعِيَاتُهُ الْمُدَمِّرَةُ إِنَّ الْغَبَاءَ السِّي
🤡 الْغَبَاءُ السِّيَاسِيُّ وَ تَدَاعِيَاتُهُ الْمُدَمِّرَةُ
إِنَّ الْغَبَاءَ السِّيَاسِيَّ لَظَاهِرَةٌ خَطِيرَةٌ تُهَدِّدُ اسْتِقْرَارَ الْأَوْطَانِ وَ مُسْتَقْبَلَ الشُّعُوبِ. فَعِنْدَمَا يَتَوَلَّى مَقَالِيدَ الْحُكْمِ قَادَةٌ تَتَّسِمُ رُؤَاهُمْ بِالسَّطْحِيَّةِ، وَ قَرَارَاتُهُمْ بِالتَّهَوُّرِ، وَ تَصَرُّفَاتُهُمْ بِالْجَهْلِ، فَإِنَّ الثَّمَنَ، الَّذِي تَدْفَعُهُ الْأُمَّةُ غَالِبًا مَا يَكُونُ بَاهِظًا وَ فَادِحًا. لَيْسَ الْمَقْصُودُ هُنَا غِيَابَ الذَّكَاءِ الْفِطْرِيِّ، بَلْ غِيَابَ الْحِكْمَةِ وَ الْخِبْرَةِ وَ بُعْدِ النَّظَرِ، وَ الْتِصَاقَ الْقَادَةِ بِمُعْتَقَدَاتٍ بَالِيَةٍ أَوْ مَصَالِحَ شَخْصِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ تَحْجُبُ عَنْهُمْ رُؤْيَةَ الْمَصْلَحَةِ الْوَطَنِيَّةِ الْعُلْيَا.
يَظْهَرُ الْغَبَاءُ السِّيَاسِيُّ فِي صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْهَا الْفَشَلُ فِي فَهْمِ تَعْقِيدَاتِ الْمُشْكِلَاتِ الاقْتِصَادِيَّةِ وَ الاجْتِمَاعِيَّةِ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى تَبَنِّي سِيَاسَاتٍ خَاطِئَةٍ تَزِيدُ الْفَقِيرَ فَقْرًا وَ الْغَنِيَّ غِنًى، وَ تُوَسِّعُ الْهُوَّةَ بَيْنَ طَبَقَاتِ الْمُجْتَمَعِ. وَ قَدْ يَتَجَلَّى أَيْضًا فِي اتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ عَسْكَرِيَّةٍ مُتَسَرِّعَةٍ وَ غَيْرِ مَحْسُوبَةِ الْعَوَاقِبِ، تَدْفَعُ بِالْبِلَادِ إِلَى حُرُوبٍ لَا نَاقَةَ لَهَا فِيهَا وَ لَا جَمَلَ، تَسْتَنْزِفُ الْمَوَارِدَ وَ تُزْهِقُ الْأَرْوَاحَ وَ تُدَمِّرُ الْبِنْيَةَ التَّحْتِيَّةَ. وَ لَا يَقِلُّ خُطُورَةً تَجَاهُلُ الْمَطَالِبِ الشَّعْبِيَّةِ الْمَشْرُوعَةِ وَ قَمْعُ الْحُرِّيَّاتِ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى احْتِقَانٍ دَاخِلِيٍّ وَ تَأْجِيجِ نِيرَانِ الثَّوْرَاتِ وَ الاضْطِرَابَاتِ.
إِنَّ تَأْثِيرَ هَذَا الْغَبَاءِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الشَّأْنِ الدَّاخِلِيِّ فَحَسْبُ، بَلْ يَمْتَدُّ لِيَطَالَ عَلَاقَاتِ الدَّوْلَةِ بِزُعَمَاءِ الْعَالَمِ. فَالْقَائِدُ، الَّذِي يَفْتَقِرُ إِلَى الْبَصِيرَةِ السِّيَاسِيَّةِ قَدْ يُسِيءُ تَقْدِيرَ الْمَوَاقِفِ الدَّوْلِيَّةِ، وَ يَتَوَرَّطُ فِي تَحَالُفَاتٍ غَيْرِ مُجْدِيَةٍ، أَوْ يَقْطَعُ جُسُورَ التَّوَاصُلِ مَعَ الدُّوَلِ الصَّدِيقَةِ، مِمَّا يَعْزِلُ بِلَادَهُ وَ يُضْعِفُ مَوْقِعَهَا عَلَى السَّاحَةِ الدَّوْلِيَّةِ. وَ قَدْ يَصِلُ الْأَمْرُ إِلَى حَدِّ الاسْتِهْتَارِ بِالْبُرُوتُوكُولَاتِ الدِّبْلُومَاسِيَّةِ أَوْ الْإِدْلَاءِ بِتَصْرِيحَاتٍ غَيْرِ مَسْؤُولَةٍ تُسِيءُ لِسُمْعَةِ الدَّوْلَةِ وَ تُفْقِدُهَا مِصْدَاقِيَّتَهَا وَ ثِقَةَ الْآخَرِينَ بِهَا. هَذَا السُّلُوكُ لَا يَضُرُّ بِالْعَلَاقَاتِ الثُّنَائِيَّةِ فَحَسْبُ، بَلْ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى فَرْضِ عُقُوبَاتٍ اقْتِصَادِيَّةٍ أَوْ سِيَاسِيَّةٍ تُفَاقِمُ مِنْ مُعَانَاةِ الشُّعُوبِ.
فِي الْخِتَامِ، إِنَّ الْغَبَاءَ السِّيَاسِيَّ هُوَ أَحَدُ أَخْطَرِ الْأَمْرَاضِ، الَّتِي قَدْ تُصَابُ بِهَا الدُّوَلُ، فَالْقَادَةُ هُمْ رَبَابِنَةُ السَّفِينَةِ، وَ إِذَا كَانَ الرُّبَّانُ جَاهِلًا بِدُرُوبِ الْبَحْرِ أَوْ غَيْرَ مُدْرِكٍ لِعَوَاقِبِ قَرَارَاتِهِ، فَإِنَّ السَّفِينَةَ بِرُكَّابِهَا مَصِيرُهَا الْغَرَقُ. لِذَا، فَإِنَّ اخْتِيَارَ الْقَادَةِ الْأَكْفَاءِ وَ الْحُكَمَاءِ، الَّذِينَ يَمْتَلِكُونَ رُؤْيَةً شَامِلَةً وَ حِسًّا سِيَاسِيًّا رَفِيعًا، هُوَ صِمَامُ الْأَمَانِ لِأَيِّ أُمَّةٍ تَسْعَى لِلتَّقَدُّمِ وَ الازْدِهَارِ، وَ لِضَمَانِ مُسْتَقْبَلٍ أَكْثَرَ إِشْرَاقًا لِأَبْنَائِهَا.
هناكَ أمثِلَةٌ وَ عَيِّنَاتٌ مِن أمثَالِ هَؤلاءِ القَادَةِ في المَاضِي البَعيدِ و القَريبِ و فِي الحَاضِرِ أيضًا.
بِقَلَمِ: فُؤَاد زَادِيكِي
__________________
fouad.hanna@online.de
|