![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
مشاركتي على برنامج بوح الصورة إعداد و تقديم الاستاذة سميرة علاونة في ملتقى نبض الروح للشعر و الأدب العربي
حنايا البوحِ وا ختلاجُ الأرواحِ بقلم: فؤاد زاديكي فِي زَوَايَا الصَّمْتِ المَنسِيِّ، وَ خَلْفَ سُتُورِ الزَّمَنِ المُمَزَّقِ، تَسْكُنُ حَنَايَا البَوْحِ كَجَمْرَةٍ تَتَوَقَّدُ فِي قَلْبِ اللَّيْلِ. هُنَاكَ، تَكْتُمُ الأَرْوَاحُ زَفِيرَهَا، وَ تَرْتَجِفُ فِي صَدْرِ التَّوْقِ كَنَبْضِ وَجْدٍ مُتَأَرْجِحٍ بَيْنَ الرَّغْبَةِ وَ الخَوْفِ. يَا أَيُّهَا البَوْحُ، مَا أَكْثَرَ مَا جَرَحْتَ مِنْ قَلْبٍ، وَ مَا أَعْذَبَ مَا لَمَسْتَ مِنْ رُوحٍ! أَأَنْتَ نَجَاةٌ أَمْ هَلَاكٌ؟ أَصَوْتُ صَدْرٍ مُعَذَّبٍ أَمْ نَغْمَةُ خَلَاصٍ فِي مَتَاهَاتِ الغِيَابِ؟ فِي كُلِّ اخْتِلَاجٍ مِنْ تِلْكَ الأَرْوَاحِ، تُسَافِرُ كَلِمَةٌ، تُرَافِقُهَا عَبْرَ الطَّرِيقِ دَمْعَةٌ، وَ نَظْرَةٌ، وَ صَدًى يَتَرَدَّدُ فِي أَرْجَاءِ الذِّكْرَى. كَأَنَّهَا تُنَاجِي غَائِبًا، أَوْ تَبْتَهِلُ لِعَوْدَةِ وَجْهٍ تَبَخَّرَ فِي فَجْرِ الرَّحِيلِ. كَمْ مِنْ صَوْتٍ كُتِمَ! وَ كَمْ مِنْ صُورَةٍ تَشَقَّقَتْ فِي مِرْآةِ الوَجْدِ! فَالبَوْحُ لَيْسَ كَلِمَاتٍ تُنْطَقُ، بَلْ جُرْحٌ يُفْتَحُ، وَ دَمٌ يَنْزِفُ مِنْ مَسَامِّ الأَحْلَامِ. فِي حَنَايَاهُ، تَتَوَارَى صَفَحَاتُ العُمْرِ، وَ تَتَلَوَّنُ بِأَحْبَارٍ خَفِيَّةٍ؛ مَرَّةً بِاللَّهْفَةِ، وَ مَرَّةً بِالنَّدَمِ، وَ كَثِيرًا مَا تَحْمِلُ عِطْرَ مَا لَمْ يُقَلْ، وَ جُمَلَ مَا لَمْ تُكْتَبْ. هُنَاكَ، فِي ظِلِّ قَمَرٍ وَحِيدٍ، يَجْتَمِعُ الاخْتِلَاجُ وَ البَوْحُ، يَتَنَازَعَانِ فِي جَسَدِ الرُّوحِ كَعَاشِقَيْنِ ضَلَّا الطَّرِيقَ؛ فَلَا هُمَا افْتَرَقَا، وَ لَا اجْتَمَعَا. يَتَفَجَّرُ البَوْحُ أَحْيَانًا كَسَيْلٍ جَارِفٍ لَا يَذَرُ مَا أَمَامَهُ، يُدَمِّرُ جُدْرَانَ الكِبْرِ، وَ يَكْشِفُ عَنِ الوَهَنِ، وَ فِي كُلِّ نَفَسٍ مِنْهُ وُعُودٌ قَدِيمَةٌ، وَ أَحْلَامٌ انْتَحَرَتْ عَلَى أَعْتَابِ الخُذْلَانِ. يَا حَنَايَا البَوْحِ، كَمْ تَسَعِينَ مِنْ وَجْدٍ؟ وَ كَمْ تُخْفِينَ مِنْ أَلَمٍ؟ أَأَنْتِ مَلْجَأُ المُتَأَلِّمِينَ أَمْ مَرَافِئُ الشُّعَرَاءِ؟ أَأَنْتِ لِلسُّكُوتِ مَأْوًى، أَمْ لِلقَوْلِ مَثْوًى؟ إِنَّ الاخْتِلَاجَ، الَّذِي يَهُزُّ الأَرْوَاحَ عِنْدَ الطَّفْرَةِ الأُولَى لِلبَوْحِ، هُوَ وَلِيدُ الحَقِيقَةِ، وَ هَزِيمُ الكِبْرِ، وَ صَوْتُ الإِنسَانِ الَّذِي أَخْفَى نَفْسَهُ طَوَالَ دُرُوبِ الصَّمْتِ. وَ فِي نِهَايَةِ الحَكْيِ، يَبْقَى البَوْحُ رِسَالَةَ رُوحٍ أَرَادَتْ أَنْ تُرَى، وَ اخْتِلَاجًا نَابِضًا يَقُولُ: "كُنْتُ هُنَا، وَ مَا زِلْتُ أَتَنَفَّسُ." التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 16-05-2025 الساعة 05:31 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|