Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف > حوارات

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-06-2008, 07:59 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي الصحافي عادل محمود يحاور صبري يوسف عبر جريدة العرب اليوم الأردنية 1

حوار مع صبري يوسف




أجرى الحوار عادل محمود
1


بطاقة تعريف

صبري يوسف

*مواليد سورية ـ المالكيّة/ديريك 1956.
*حصل على الثّانوية العامّة ـ القسم الأدبي من ثانويّة يوسف العظمة بالمالكية عام 1975.
*حصل على أهلية التعليم الإبتدائي، الصف الخاص من محافظة الحسكة عام 1976.
* حصل على الثّانوية العامة ـ القسم الأدبي كطالب حرّ من القامشلي عام 1978.
*درس الأدب الانكليزي في جامعة حلب واِنتقل إلى السَّنة الثّانية، ولم يتابع دراساته لأسباب بكائيّة متعدّدة.
* حصل على الثَّانوية العامّة عام 82 القسم الأدبي كطالب حرّ مخترقاً القوانين السائدة آنذاك، حيث صدر مرسوم وزاري يمنع من تقديم الطالب لنفس الثَّانوية العامّة التي نجح فيها مرّتين لكنّه لم يتقيّد بالمرسوم فتقدّم للإمتحانات للمرّة الثّالثة على أنه حصل على الإعدادية فقط وهكذا اخترق القانون بالقانون، لكن قانونه هو!
* خرّيج جامعة دمشق، قسم الدِّراسات الفلسفية والاجتماعية ـ شعبة علم الاجتماع عام 1987.
* أعدم السِّيجارة ليلة 25. 3 . 1987 إعداماً صورياً، معتبراً هذا اليوم وكأنّه عيد ميلاده، ويحتفل كل عام بيوم ميلاد موت السّيجارة، لأنّه يعتبر هذا اليوم يوماً مهمّاً ومنعطفاً طيّباً في حياته.
* اشتغل في سلكِ التَّعليم 13 عاماً، في إعداديات وثانويات المالكيّة، ثمَّ عبر المسافات بعد أن قدَّم استقالته من التعليم، واضعاً في الاعتبار عبور البحار والضَّباب، مضحّياً بالأهل والأصدقاء ومسقط الرأس بحثاً عن أبجدياتٍ جديدة للإبداع.
* أصدر مجموعته القصصية الأولى: "احتراق حافّات الرُّوح" عام 1997 في ستوكهولم.
* أسّس دار نشر خاصّة في ستوكهولم عام 1998، وأصدرَ الدواوين التَّالية:

ـ "روحي شراعٌ مسافر"، شعر، بالعربيّة والسّويدية ـ ستوكهولم 98 (ترجمة الكاتب نفسه).
ـ "حصار الأطفال .. قباحات آخر زمان!" ـ شعر ـ ستوكهولم 1999
ـ "ذاكرتي مفروشة بالبكاء" ـ قصائد ـ ستوكهولم 2000
ـ "السَّلام أعمق من البحار" ـ شعر ـ ستوكهولم 2000
ـ "طقوس فرحي"، قصائد ـ بالعربيّة والسّويديّة ـ ستوكهولم 2000 (ترجمة الكاتب نفسه).
ـ "الإنسان ـ الأرض، جنون الصَّولجان" ـ شعر ـ ستوكهولم 2000

* هناك مجموعة قصصية مخطوطة، تتناول مواضيع كوميدية ساخرة، في طريقها إلى النّور.
* يعمل على نصّ مفتوح ، "أنشودة الحياة"، قصيدة شعرية ذات نَفَس ملحمي، طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كل جزء (مائة صفحة) بمثابة ديوان مستقل، ومرتبط بنفس الوقت مع الأجزاء اللاحقة، أنجز حتّى الآن الجزء الثَّامن، ويعمل على الجزء التَّاسع والعاشر معاً، يتناول قضايا إنسانية وحياتيّة عديدة، مركِّزاً على علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان كمحور لبناء هذا النصّ.
* تمّ تحويل الجزء الأوّل من أنشودة الحياة إلى سيناريو لفيلم سينمائي طويل من قبل المخرج والسّيناريست اليمني حميد عقبي وقدّم السِّيناريو كإحدى محاور رسالة الماجستير في باريس ..
* اِشتغل مديراً لبرنامج "بطاقات ثقافيّة" في الفضائيّة السّريانية، صورويو TV في القسم العربي وقدّم عدّة لقاءات عبر برنامجه مع كتّاب وشعراء وفنانين ومؤرّخين ... حتّى غاية عام 2004.
* تمّ اختياره عام 2004 مع مجموعة من الشّعراء والشَّاعرات للمساهمة في إصدار أنطولوجيا شعرية باللغة السويديّة حول السَّلام، وقد تمّ إصدارها في آذار 2005.
* يكتب القصّة القصيرة، قصيدة النَّثر، القصيدة الغنائيّة، المقال، ولديه اهتمام في التَّرجمة والدراسات التحليلية والبحوث الاجتماعية والرَّسم!.. وينشر نتاجاته في بعض الصّحف والمجلات والمواقع الالكترونية.
* مقيم في ستوكهولم ـ السّويد منذ عام 1990.


هل ما زالت روحكَ شراعٌ مسافر؟
نعم ما زالت
"روحي شراعٌ مسافر
تبحر كلّ صباح
أعماق البحار..
وعند المساء
تستريح بينَ اخضرارِ الجُزُر!"

روحي شراعٌ مسافر، عنوان ديوان شعري أصدرته في ستوكهولم عن دار نشري وكذلكَ بقية الدّواوين، أصدرتُ الدّيوان باللُّغتين العربية والسُّويدية، وقد نال استحسان القارئ السّويدي ناقداً كان أم قارئاً .. يتألّف الدِّيوان من مائة مقطع شعري ومقطعين، حيث بدأتُ من الرَّقم ناقص واحد، صفر ثم واحد حتى غاية المائة، معتبراً أنني:

"دائماً كنتُ أنطلق من الصّفر
هذه المرّة سأنطلقُ
من تحتِ الصّفر!"

هذه المرّة هي مرّةُ الغربة والاغتراب والتشرُّد، لأنَّني كنتُ أشعر بشكل متواصل أن نقطة الصّفر لا تروي غليلي في نقطة الانطلاق في بلادِ الاغتراب، فلا بدّ من الانطلاق من تحتِ الصّفر، وهذه الخلخلة في معادلات الانطلاق على عكس الانطلاق الطَّبيعي من الصّفر هو مؤشّر على أنَّ المغترب يعيد حساباته يوميَّاً وسرعان ما يجد نفسه وكأنّه في عدّ تنازلي أو عدّ غير طبيعي مقارنةً بغيره من المواطنين أصحاب البلاد الأصليين وذلك من حيث اللُّغة والبيئة والثَّقافة وطريقة التَّفكير والتَّعبير والحوار والخ .. من قضايا الحياة التي سبقونا بها بعقودٍ بل بقرونٍ من الزَّمان!
كتبت مقاطع "روحي شراعٌ مسافر" عبر محطّات غربتي الأولى وأغلب مقاطع هذا الدَّيوان كتبتها على أرض مملكة السّويد، ثم ترجمتها إلى اللُّغة السّويدية رغبةً منّي بالتّواصل مع القارئ السّويدي والأوربي الذي يقرأ السُّويدية كي أبني جسراً من التَّواصل بيني وبينه، بين الشَّرق والغرب عبر خيوطِ الشّعر!
وإليك أيّها القارئ العزيز مقاطع من أجواءِ الدِّيوان:

"أنا وأشيائي
تحوَّلنا إلى كتلةٍ
من الاشتعال!
***
تاهتِ الذّاكرة
فوقَ البحار!
***
أريدُ أن أتخلّصَ
من عقدِ الشَّرقِ
ومن عقدِ الغربِ أيضاً!

أريدُ أن أزدادَ اشتعالاً ..
متطهّراً من شوائبِ الحياة
في هذا الزَّمنِ الأحمق!
***
نهضتُ فجأةً ..
وبدأتُ أسيرُ مترنِّحاً
في أزقَّةِ المدائن..
أذرفُ دمعاً كالمطر!
***
وحدُها العصافير
تعانقُ زرقةَ السَّماء!
***
إذا حملَ الإنسان بين جناحيهِ
فظاظةً ما
حماقةً ما
فإنَّ هذهِ الفظاظات
وهذه الحماقات
ستكلِّسُ جزءاً غير يسير
من شفافيَّةِ الرُّوح!
***
التَّواصل بيني وبينكم
ذبذبات متوهِّجة وموصولة
والشَّوقُ إلى أحضانِكم الفسيحة
تجاوزَ طقوسَ الأنين!
***
علَّمتني الغربة
أن أكونَ نقيَّاً كالندَّى
وعلَّمتني الحياة
أن أستمدَّ الحياة
من زخَّاتِ المطر!
***

طالما "حصارُ الأطفال .. قباحات آخر زمان!"، فكيف حصار الأوطان؟

إنّ حصار الأطفال أخطر بكثير من حصار الأوطان، لأن الأطفال هم رحيق الأوطان وأريج الحياة وعبق الغد والمستقبل، وهم روح الوطن بدون أيِّ منازع، والَّذين لا يتوانوا عن حصار الأطفال، من المؤكّد سيخلخلون أجنحة الأوطان خلخلةً ما بعدها خلخلة، لهذا فأنا أرى أنَّ حصار الأطفال هو قباحات آخر زمان! وهل سنجد قباحات أكثر ممَّا رأيناه ونراه يوماً بعد يوم في هذا الزَّمن الأهوج!
حصارُ الأطفال .. قباحات آخر زمان، هو عنوان ديوان شعري، يتألّف من قصيدة طويلة واحدة، استوحيت فضاءات هذا الدِّيوان من وحي الحصار على العراق، وعلى الشّرق وعلى الإنسان أينما كان على وجه المعمورة، لكن الشّرارة الأولى كانت منبعثة من حصار بلاد العراقة والحضارة، بلاد الرَّافدين، بلاد الحدائق المعلّقة، إحدى عجائب الدُّنيا، بلاد حمورابي أبو الشَّرائع، بلاد الشُّعراء وبلاد أولى الحضارات والملاحم، بلاد جلجامش "الذي رأى كلّ شيء"! ثم دخلت في رحابِ اندلاع شرارات الإنسان في دنيا الشَّرق الَّذي لا حول ولا قوّة له سوى الدّوران في نيران الحروب المفتوحة! ومن أجواء الدِّيوان أقتطف هذه المقاطع:

"أيّها الحمقى ..
سياساتُكُم الممطوطة باديةٌ للعيانِ
ألعابُكُم مستقطرة
من أنيابِ الوحوشِ
... ... ... ....
ألعابُكم داستْ
في جوفِ الشّيطان ..
خلخلَتْ عدالةَ الإنسان ..
داستْ في جوفِ الحيتان ..
شرخَتْ أبجدياتِ الخيرِ ..
شوَّهَتْ براءَةَ الأطفال!

ألعابُكُم انزلاقٌ
في دهاليزِ الشرِّ ..
جُرُوحٌ في جبينِ الصَّباح!

شراراتٌ متاتّية
من جحورِ الجَّحيمِ
سياساتٌ موبوءة بالبعوضِ ..
منخورة الرُّؤى ..
غائصة في ترَّهاتِ الحياة!

رؤاكُم متحجِّرة ..
مستحلبة مِنْ سُمُومِ الأفاعي ..
مِنْ أنيابِ الذِّئابِ!

آهٍ..
الأطفالُ
تزدادُ أعناقها تدلِّياً ..
تنتظرُ الموتَ قبلَ الأوان!

جوعٌ حتَّى النِّخاع
بكاءٌ حتَّى النِّخاع ..
أنهارٌ فائضة بالدِّماءِ ..
جبالٌ حُبلى بالأحزانِ!

عاشِقٌ بائس فاضَتْ روحُهُ
على قارعةِ الطَّريق!

والكهولُ .. آهٍ يا كهول!
أمٌّ عجوز تحضنُ وليدَهَا الميِّت
قبل أن تواريهِ الثَّرى! ..

رجالٌ منهكون
في مغبّاتِ الحصار ..
شبَّانٌ
صدورهم معبَّأة بالشَّظايا!

دمارٌ
تغلغلَ في جذوعِ الأشجار
دمارٌ .. هرَّشَ وجهَ السَّماء!

نساءٌ تورَّمتْ عيونهنَّ من البكاء
آهٍ يا بكاء وألف آهٍ يا سماء ..
أمطرِي علينا خيراً يا سَمَاء!
يا سَمَاء ..
يا سَمَاء ..
يا سَمَاء!
.... .... ... .....
تسمعُ بابل صوتي
فتهمسُ للعصافير ِ.. للحمام

أنا أمُّ الحضارات ..
واحسرتاه! ..
انّي أتضوَّرُ جوعاً
تعالَ يا جلجامش
انقذني
قبل أن يفترسني الذِّئاب!

تزلزلَتِ الأرضُ والسَّماء
وانشقَّ من جبينِ الشَّمسِ شعاع
هلَّلَت نينوى ..
وأشجارُ النَّخيلِ
رفعَت رأسَهَا بشموخٍ ..
جلجامش آتٍ لا محال ..
آتٍ حاملاً
بين ذراعيهِ

عشبَ الحياة!
..... .... ... ....

ذاكرتي مفروشة بالبكاء، حدِّثنا عن جغرافيّة مناديل ذاكرتكَ المفروشة بالبكاء؟
إنَّ جغرافيّة ذاكرتي المفروشة بالبكاء مفتوحة مثل نصوصي المفتوحة على شهقة البحر، قصائد هذا الدِّيوان كتبتها في السُّويد، وهي مسربلة بدمعة نديّة، حيث أنّني أحببتُ أن أغوصَ في عوالم ذاكرتي وإذ بي أجدها ذاكرة مفروشة بالبكاء، وللإجابة عن هذا السّؤال لا أرى أجدى من اقتباس تعقيب د. الأب الشَّاعر يوسف سعيد الذي كتبه من وحي قراءته لهذا الدِّيوان لعلّه يقدِّم إضاءة لفضاءات الدِّيوان:


"ذاكرتي مفروشة بالبكاء

عنوان ديوان جديد للشاعر صبري يوسف.
د. الأب يوسف سعيد
كأنَّ عـنوانـه مـُنْبَعِث من حفيف أجنحةِ طير البَلَشون الخرافي.. يشعلُ النَّار في غابات نور قصائده، ومن كرِّ السّنين يحبـكُ ضـفيـرة أعـوامـهِ مـن تراكمات الجراح النازفة من جنبات غربة أيَّامهِ وشهورهِ ولياليه ..
إنَّه الشَّاعر المتمرِّد، المتحدِّي بعنف شرور ومشاكسات عصره، وعندما تحاوره بعنف يجيبكَ بهدوء:
تـمهَّلْ قـليلاً لأنَّ الآن روحي متجلِّية، تحبكُ خيوط قصيدة جديدة "حكايتي أسطورة مؤطَّرة بالطِّين!"
الطّين يحيق بـه ، يـحاصره بوداد ، يكاد أنْ يخنقَه. أَليسَتْ عوالمه السّفليّة جدرانها مُسَيَّعة ومُشَبَّعة بطينٍ أحمر؟! .. وتـبـدو تشبُّعات الطّين واضحة في قصائده، وتلكَ تُعَدّ إحدى حيثيات طقوسه وأساطيره في تحدِّيهِ وتمرُّده لإعوجاجات هذا الزَّمان!
غداً في أوسع قـاعات المدينة ـ العاصمة، يفتتحُ صبري يوسف معرضاً لقصائدهِ ، وسيقرأ لنا قصيدتهُ البكر "أينَ سترسو سـفـيـنتي؟!" يسألُ وكأنَّنا نحن قرَّاؤه نسأله، فيجيبنا بلغةِ عـصيانه وتمرُّده على خلخلات علاقات الإنسان مع الإنسان!
إنَّه الشَّاعر الصَّادق الَّذي يمارسُ طقوسه الإبداعيّة، محفوفة بطاقة جريئة من جسارته واقتحاماته النَّادرة لتجسيد البقع الحمراء المُتَشَرِْشِرَة من جسدِ الكون .. وسوفَ يتردَّدُ في أعماقِ الوادي، صدى الحنين إلى أوطانِ شعرهِ، ومتَّكآت الحنين في زوايا جنبات وطنه ومسقط رأسهِ الَّذي يقتله من فرط ظمئهِ وشوقهِ إليهِ.
دعوهُ كشاعر متمرِّد في غرفةِ صمتهِ، ينسجُ من خيالات صافية أشواق روحهِ إلى عبقِ الحياة. دعوهُ في صمتِ وحدته مع موسيقاه، يتحدَّى شـرور العالم! .. دعوه يغلي في ثورته الهائجة .. أليسَتْ أسلحته المتطوِّرة من كلمات شعريّة، يركِّبُ عليها زناد منجنيقاته، راغباً إعادة البسمة إلى شفاهِ الأطفال؟!..أليسَ العالم يُسْمِعُهُ صدى تردّد قهقهاتهِ وسخريته؟ صبري يوسف يكتب القصيدة كطفلٍ في أوجِ كركرات ضحكتهِ الصَّافية، صفاءِ الفجرِ الوليد!
الشَّاعر صبري يوسف، طفل الشِّعر المسجون اختياريّاً في غرفته المشلوحة على إحدى أحياء العاصمة ـ استوكهولم. كأنَّه صبي صغير يحرِّكُ الدُّمى الَّتي يسامرها ويركِّب منها بيوتاً ودهاليز .. وعندما يغيب عنَّا، يعودُ إلينا بعدَ حين، حاملاً بين يديهِ طائرَ البَلَشون، ليتركه يحملُ أشعاره بينَ جناحيهِ مُحَلِّقاً في قبَّةِ السَّماء!"

وفيما يلي مقاطع من ديوان: "ذاكرتي مفروشة بالبكاء"

...... .... .... ....
والدي ..آهٍ يا والدي

كمْ من الدُّموع
حتّى هاجَتِ البحار!
* * * * *
كلُّ رؤيةٍ تقودُ

إلى مقتلِ طفلٍ بريء
جريمةٌ نكراء!
وكلُّ وطنٍ لا يحافظُ
على أجنحةِ شبابهِ
وطنٌ مصلوبٌ من خاصرتِِه!
* * * * *
أيُّها الإنسان ..
انظرْ إلى نفسِكَ في المرآة!
إنْ لم ترَ وجهاً ممسوخاً
فاكسرِ المرآة!
لأنّها مرآةٌ مُرائيّة ..
ثمَّ انظرْ إلى مرآةِ (ذاتِكَ)
إنْ لم ترَ (ذاتَكَ)
ممسوخةً من الدَّاخل
فاكسرْ ذاتَكَ أيضاً!
واعلمْ أن ذاتَكَ ورؤاكَ
وأبجدياتَكَ كلَّها
تحتاجُ إلى تطهيرٍ
ما بعدَهُ تطهير!!
***
أيّها الإنسان
تصالَحْ مع ذاتِكَ
ومعَ أخيكَ الإنسان!
وتذكَّرْ جيّداً
أنَّ قبرَكَ لا يتَّسِعُ سوى كفناً
وقليلاً من الخشب!!

كم لزمكَ غوص لتتيقّنَ بأنًَ السَّلام أعمق من البحار؟

المسألة لا تحتاج إلى غوصٍ لنتيقَّنَ من أعماقِ فضاءاتِ السَّلام، لأن السَّلام أعمق ممّا يتخيّله الكائن الحيّ، أعمق من الإنسان نفسه، كم الحقب الزَّمنية، جاءت وراحت وما يزال الإنسان بعيد عن رحاب السَّلام؟!
يتألَّف الدِّيوان من قصيدة واحدة طويلة، وبعد نشره، ضمّيت القصيدة إلى الجزء الخامس من أنشودة الحياة، نصّ مفتوح، وأتممت الجزء إلى أن أصبح مائة صفحة من القطع المتوسط، وقد كان أثناء نشره في كتاب قرابة 50 صفحة من القطع المتوسط موزّعة على 64 صفحة من صفحات الكتاب.
كتبت هذا الدِّيوان من وحي ما يدور في دنيا الشّرق من تصدُّعات وممَّا يدور في عالم الغرب من ثعلبيات، فلا يعجبني مما أراه في الشَّرق، كما لا يعجبني مما يقدِّمه الغرب من ازدواجيات مريرة في الكثير من الأحيان، مع أنّه هناك مَن يسعى فعلاً لتحقيق السَّلام في دنيا الشَّرق والغرب لكنّها محاولات ضعيفة، بعيدة كل البعد عن رحيق السَّلام في هذا الزّمن الأهوج، زمنٌ يلهث خلف الاقتصاد بطريقة مقيتة، بغيضة، لا يمكن عبرها أن يسبروا غور السَّلام ولا حتّى حيثيات السَّلام.

ومن أجواء الدِّيوان أقتطف المقاطع التَّالية:

"السَّلام مطرٌ نقيٌّ
يهطلُ من أحضانِ السَّماءِ
نعمةً على جبينِ البشرَ
خصوبةٌ يانعة
مُتَدلّية من عيونِ اللَّيل..
من نقاوةِ النَّدى!

منذ غابرِ الأزمان ..
منذ الأزل
يجيءُ الإنسانُ إلى الحياة
ثمَّ يرحلُ في عتمِ اللَّيل ..
تاركاً خلفه معاصٍ
تهزُّ سفوحَ الجبال
تجرحُ أعماقَ الثَّرى!

يتبرعمُ ..
كشهقةِ فرحٍ
كسنبلةٍ تشمخ اخضراراً
ناسياً أن الحياةَ محبّة
رحلةَ العمرِ محبّة!

أيّها الإنسان!
هل جئتَ إلى الحياة
من أجلِ الغوصِ
في براكينِ الدِّماء؟!

ها قد تعفَّرَتْ ذاتكَ المنشطرة
من ذاتِ (الإله) ..
تعفَّرَت بالدم كما تعفَّرَت
مخالب الذِّئاب!

انهضْ من سباتِكَ
ها قد آنَ الأوان
أنْ تزرعَ بذورَ المحبّة
بذورَ السَّلام!

حزينٌ أنا في غربةِ هذا الزَّمان..
ثمّة منعطفات في هضابِ الرُّوح
ترفرفُ بصخبٍ عميق
تريدُ الانفلات من دياجيرِ الغربة ..
لتعانقَ الأحبّة الخيِّرين ..
المبعثرين كحبَّاتِ القمح
على وجهِ الدُّنيا!
***
السَّلامُ بحرٌ عميق
دُرَرٌ من لونِ العصافيرِ
من لونِ السَّماء
بستانٌ يضمُّ
أشجارُ الجنّة
طيورُ الدُّنيا ..

عرْسُ الأعراسِ
نغمةُ الصَّباحِ ..
إيقاعاتُ طبولِ الغجرِ
أثناءَ ترحالهم الطَّويل
في أعماقِ الصَّحارى! ..

أهازيجُ اللِّقاءِ
في بحيراتِ المحبّة
ألقُ النّهارِ متصاعداً
في وهادِ المجّرات
بحثاً
عن نشوةِ الأفراحِ
عن رحيقِ الأماني!

السَّلامُ شراعُ الحياةِ
شهقةُ المساءِ
أثناءَ ولاداتِ القصائد ..
اغتسالُ الرُّوحِ بحبَّاتِ النَّدى
أُنشودةُ الصَّباح تُناجي النُّجوم
عبرَ فضاءاتِ المدى!

ابتهالُ الجبالِ
اشتهاءُ القلبِ
حكمةُ الإنسانِ
تُخَفِّفُ أحزانَ المحيطات ..
عرْشُ الخصامِ لا يدوم
طحالبٌ متطفِّلة
تزهقُ روحَ الحمام!

السَّلامُ
ابتساماتُ الوليدِ للنجومِ ..
لوجهِ الهلالِ
للنوارسِ المحلّقة فوقَ البحار
المائجة في وجهِ الغسق!
****
السَّلامُ
أعمق من قاعِ البحار
أعمق من أن يفهمَهُ البشر
أعمق من التَّاريخِ ..
مِنْ تحاليلِ هذا الزَّمان!

طريقٌ مكتنزٌ
بالسُّموِّ والارتقاء ..
ينبوعٌ من الفرحِ
يتجلّى بشموخٍ
في جبينِ الشُّعراء
في وهَجِ الشَّمسِ
في روحِ القصائد!

مطرٌ ناعمٌ
ينبعُ من اِخضرارِ الرَّبيعِ
من براءَةِ العذارى ..
قبلةُ الشَّمسِ في صباحِ العيدِ
لوجهِ الثَّرى ..

قصيدةُ حبٍّ مفتوحة
على فضاءِ الكونِ
فردوسُ الفراديسِ
تزدانُ فيها الخمائل!

بُستانٌ من ذهب
يسطعُ خيراً
في أرواحِ المحبّينِ

ضميرُ الأنبياءِ
صفاءُ القدِّيسين
في حالاتِ التَّجلِّي!

نقيٌّ كالطفُولةِ
كوجهِ الضُّحى
يسطعُ كالنَّدى
مِنْ صدرِ السَّحر!

السَّلامُ أعمق
من تواقيعِ البشر
من حواراتِ الخصومِ

أعمق من المفاوضاتِ والمفاوضين
أعمق من إيديولوجياتِ
هذا الزَّمان!

السَّلامُ حالةُ وئامٍ
يترجِمُهَا المرءُ
عبر تاريخِهِ الطَّويل!

السَّلامُ هو الأمانُ
هوَ الفرحُ
وفاقُ المرءِ مع ذاتهِ ..
غبطةُ الذَّاتِ
معَ ذواتِ الآخرين!

السَّلامُ أنثى حُبلى بالخيرِ ..
تحملُ بينَ أحشائِهَا
اِطمئنانُ
جُغرافيّة الكون!

.... ... ... يُتبعْ الجزء الثاني!

نُشرَ الحوار في صحيفة "العرب اليوم" الأردنية

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 17-06-2008 الساعة 08:02 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke