Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
ما هو أحبّ الأشياء لديّ؟
ما هو أحبّ الأشياء لديّ؟ لو سُئلتُ ذات يوم. ما هو أحبّ الأشياء لديك؟ لأجبتُ على الفور ودون تردّد أو انتظار و بإيمان تام: قلمي! فهو الشخص الوحيد الأمينُ الذي أستطيعُ أن أبوحَ له بالكثير من أسراري, وهو الوحيدُ القادرُ على التعبير عمّا يجيشُ في صدري, وما يختمرُ في ذهني, وما يتمخّض عنه عقلي, وما تولّده إرادتي. وهو السبيلُ الوحيدُ للمتنفّس الذي أعاني منه في غمرة مشقّات الحياة, وصعوباتها وهو المدركُ المعبّرُ عن الكثير من أمنياتي وتصوّراتي وطموحاتي!
إنّه الإنسانُ الطيّعُ الذي يأتمرُ بأمري ويعمل على تنفيذ أوامري ولا يمتنعُ عن تحقيق ما في نفسي من رغائب. إنّه الشخصُ الملتصقُ بذاتي وبعبقريّة جنوني. إنّه الوحيدُ الذي يشاركني همّي ويمسحُ عن نفسي هواجسَ تخوّف مريع, ويضبطُ ميزانَ لسان حالي ويقوّم اعوجاج قريحتي ويفتّق عبقريات جموحي ليخرج كلّ ذلك إلى عالم محسوس ومعبّر عنه في قالب متناسق جميل وسليم! أقدر من خلاله أن أتشرّف بانتسابه إليّ وأعرب عن مباركتي له و عن ولاء شكري وكثير امتناني. إنّه القلمُ الذي لا ينطق إلاّ متى أردتُ له ذلك. إنّه الواجهة العاكسة لدنيا هواجسي وتطلّعاتي, يسطّرها إيضاحاً وتوضيحاً, ويختزلها صوراً وهو يسكب فيها من روحه لتبوح بسرّ ألوهيّة شاء الخالقُ لها أن تتمرّد في شخص إنسان لتبسطُ هيبتها على مجمل مداركه وتغدق ممّا فيها من دماثة خلق وسذاجة طبع وهي تعبّر من خلال ذلك كلّه عن إدراك حقيقة مسيرة الكون السّرمديّة. إنّه الشّخص المستوحى والمستلهمُ لمداخل خالقه الإنسان ينوء بوطأة أثقاله ويرزح تحت نير حمل آرائه, حتى لا يعود يقوى على المضي بعيداً عن عباءته بترّدد محسوبٍ وانطلاقة واثقة توصله إلى ما يصبو إليه وما يريد له أن يكون. إنّ أكذبَ ما قرأته في حياتي هو: السّيفُ أصدقُ إنباءً من الكتبِ .. في حدّه الحدّ بين الجِدّ واللّعبِ ربما كانت العبارةُ في زمن خضع لمملكة السّيف فأطاع قبضة الضارب بها واستسلم لأحقاد الغادر فسقطت هامات الخير تحت نعال القوّة وتحت تأثير السيف الفاتك فدانت له أصقاعٌ وسعتْ لمراضاته ثلاثة أرباع الأمم. ربّما يكون مثل ذلك الوضع قد أظلم بجبروته فأطفأ منارات الحوار وأغلق منافذ العقل وترك فوهة واحدة مشرعة على أعتابها تبرق منها حدود السيوف وتلمع فيها ناصية الرماح. لكن مهما يكن فليس السيف بأية حال من الأحوال هو الحد بين الحق والباطل فهو ليس قسطلا وليس ميزان عدل ولا فيصلا لزمن يمكن أن يدوم ويعمّر. إنّه بسطٌ لسلطة الظلم وسيطرة الباطل, ومتى صدق ذلك القول, فإنّه ليس لحكمة من شرعيّة يمكن أن تستند عليها مصادر حياة البشر, بل هو جهدٌ يفوق طاقة هؤلاء البشر فيصفع رؤيتهم ويقلّص حدود آمالهم ويقودهم إلى الإحباط والخيبة والفشل واللاعدل واللاإنسانيّة! فكيف يمكن اعتباره أكثر صدقاً أو أمضى حدّاً! إنّ تاريخ العرب اعتمد على مثل هذه السلوكيات وهو لا يزال يعتمد عليها على الرغم من جميع حالات الانتكاس التي أصابته, إذ أن الأفكار فيه لا تزالُ تتأرجح بين تصديق ذلك وبين إيقافه عن حدّه وعدم الرّضوخ لسلطته ولسلطاته التي لم تكن في الماضي بحاجة إلى هذا السيف ليكون الحدّ الفصل, مثلما ليست في هذا العصر كذلك. إنّ البطش الأمريكي صورة من صور ذلك البطش في تاريخ العرب القديم, لكن قد تختلف الصورة بعض الشئ فعصر السيف تحوّل إلى عصر القنبلة الذكيّة والصواريخ الموجّهة بالليزر وغيرها! إنّ الإنسانيّة بحاجة ماسّة إلى القلم وليس إلى السّيف ولا إلى القنبلة والدم والفتك, إلى القلم الذي يقدّس الحوار ويستطيع التعامل مع الكلمة والفكرة بأسلوب حضاريّ ونموذج منبسط للعدالة والاعتدال والقبول وحسن الاستماع. إنّ القلم هذا الشيطان المتمرّد قد يشطّ أحياناً ويتخطّى حدود هذا العالم المتحضّر ليهوي به إلى مستنقع التمرّد الأهوج والتعصّب المشمئز والقرف الأسود من الحقد الأعمى, وجميع هذه إنّما هي جزئياتٌ من مشاعر الفكر الذي يسعى إلى تنحية القلم جانباً وإحالته إلى التقاعد الفكري! لأنّ التعامل معه على وجه صحيح يجعل منه ذلك الملاك المنفتح بروحانية المحبّة وسبحانيّة التجسّد الأخلاقي المنبعث عن التفاهم والتقبّل والمحاورة لكي يحلّ ما استعصى من عقد هذا التمرّد ويسوقها في قالب التأنّي والتبصّر والتحابب دون انغلاق على الذات أو إلى سعي لإتلاف بذرة الخير الموجودة في كلّ منّا. لأنّ في بذرة الخير هذه يكمن النموّ والعطاء من الثمر الصالح والمريح. إنّ للقلم خطورة بالغة إن هو لم يدرك كنه السرّ المُقاد إليه, فهو أسيرُ فكرة وطليق هاجس يستطيع التمرّد في حدود المعقول المنضبط والمتّزن والمعتدل والمنير! أن يكون الوعيُ عقيماً خير ألف مرّة من أن يكون الجهلُ موروثاً, وكلاهما صفحة سواد في تاريخ الفكر البشريّ لكن في إحداهما يكمن الضّرر القاتل وفي الأخرى لا يكون ذلك! هل أدركتَ الآن لماذا أرى في القلم خير صديق؟ وأحسّه آنس محدّث وأسلس مستمتع وأوثق مصدر وآمن سرّ؟ إنْ هو تجلّى في صورة إنسانيّة لا تقبل الظلم ولا الظلام ولا ترضخُ لعبودية السّيف وفتك القنبلة ولا تعادي مصائر الأنام ولا تساوي بين الوفاق والخصام! لو لم تكن للكلمة أهميتها وقدسيتها لما قيل "في البدء كان الكلمة وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة الله" ولما قيل "اقرأ باسم ربك الأكرم الذي علّم بالقلم, علّم الإنسان ما لم يعلم". |
#2
|
||||
|
||||
صحيح ما كتبته يا اخي وكنت قبل ايام قد قراءت مقالة عن الكتابة
توصل بعض علماء النفس الى ان 75 بالميئة من الذين يكتبون اشعار وقصص او حتى مشاعرهم مفرحة كانت ام حزينة هم اسعد من اخوانهم الذين لا يعيرون الكتابة اهمية اذا عله يكون القلم ليس فقط الصديق بل ايضا الطبيب تشكر يا ابو نبيل جورجيت |
#3
|
|||
|
|||
أخي فؤاد .
كنت أريد أن أكتب موضوعا مشابها لموضوعك هذا ، عندما قرأت ماكتبته من جمل وتعبير ، تراجعت وخلا قلمي أمام قلمك معترفا بك كاتبا ومبدعا ومتألقا بكل ما تقدم عليه . لذا أريد أن أقول بأن الذي يكتب ، ينبغي أن يضع في كل ذهنه أثناء الكتابة ، ما يترتب على ذلك من نتائج وتأثيرات وردود فعل. فالكتابة مسئولية أمام الضمير وأمام الله وأمام القراء . طوبى لذاك الذي يكتب بضميره قبل قلمه . وطوبى للذي تكون كتابته نبل لا نبال . لأن ثمن الكتاب هو ثمن الورق والحبروإجرة الطبع ، وليس ثمن الأفكار . لأن الأفكار لا تشترى ولا تباع ، إنما هي هبة من الله سبحان وتعالى . أخوك ألياس زاديكه |
#4
|
||||
|
||||
أختي جورجيت
أخي الياس شكراً لكما على عباراتكما ومروركما على النص وفعلا القلم هو سلاح ذو حدّين يمكن أن يكون عامل خير ويمكن أن يكون على عكس ذلك. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|