
06-01-2006, 08:53 AM
|
 |
Administrator
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,033
|
|
شمعة ُ حزن ٍ نوقدُها
شمعة ُ حزن ٍ نوقدُها  من أجل شهداء السّريان والأرمن والكلدان والآشوريين في كلّ مكان إخوتي، أخواتي أبناء آزخ الحبيبة وإسفس وديريك والقامشلي والحسكة وبابقّا وكوفخ وعميرين وعين ورد وباسبرينا ومدّو وقلّث ونصيبين وماردين ومديات وكلّ بلدة سريانيّة مناضلة في مواطنها الأصليّة في تركيا والعراق وغيرها من الأقطار. والمواطن التي هُجّرتْ إليها قسراً تحت ضغوط رهيبة, لم تكن لهم طاقة ٌعلى تحمّلها, فصارتْ لهم بمثابة أوطان جديدة, وهي بدون شكّ لن تحلّ محلّ أوطانهم الأصليّة التي روّاها آباؤهم وأجدادهم بدمائهم الذكيّة, وفدوها بأرواحهم الطاهرة أو تعوّضهم عنها. أتقدّم إليكم بتحيّة شكر ومحبّة وأنتم أحفاد أولئك الأبطال الذين حموا أعراضكم و شرفكم ودافعوا عن أرضكم ببسالة الرجال على الرّغم من عدم توفّر ما يستحقّ من وسائل الدفاع, فكانت أجسادهم هي الطعم المقدّم لآلة الحرب المجنونة ولدافع الحقد والكراهية الذي تمثّل في أصحاب تلك النفوس المريضة التي أرادت لأجدادنا الموت والتصفية العرقيّة والدّينيّة. وأرجو منكم أن تشعلوا شمعة إكرام لذكراهم وتصلّوا من أجل أرواحهم وتخلّدوا ذكراهم الميمونة والتي ستظلّ بمثابة المنار لجميع أبناء أمتنا السّريانيّة, أينما كانوا, فهم شرفنا وفخرنا وهم العزّة التي علينا أن نتمكن من خلالها من مواصلة الطريق الذي بدأه هؤلاء الأجداد. علينا يا أخوتي ألا ننسى مع مرور الأيام وكرّ الأزمان ومهما كانت الظروف حالكة وصعبة أن أجدادنا كانوا يحبّون السّلام, ويغنّون من أجل خير الإنسانيّة, ولم يكونوا يريدون إلحاق الأذيّة بأحد, وهذا شيء طبيعيّ إذ هو نابعٌ من تعاليم دينهم السّمح الذي يدعو إلى محبّة الأعداء ومباركة اللاعنين ومسامحة المذنبين إليهم. أشعلوا معنا شمعة محبّة, لتطييب ثراهم, وللصلاة على أرواحهم الطاهرة ودمائهم التي سفكتْ بدون ذنب. لقد كانوا الضّحية مثلما أحفادهم اليوم في كلّ مكان هم الضحيّة! لقد مرّت الذكرى التسعون ونحن أكثر تشتّتاً وأعمق تشرذماً, وأكثر ضياعاً ممّا كنا عليه من قبل. دعونا نمسح عن قلوبنا أوجاع الأنين وعن عيوننا غشاوة عدم الاكتراث وإلا فإن كل ما قدّمه آباؤنا وأجدادنا من تضحيات جسام سيذهب أدراج الرّياح وسيلعننا التاريخ ألف مرّة, لأنّ الذي لا تاريخ له, لن يكون له مستقبل! وأقلّ ما يمكن أن نقدّمه لذكرهم العطر ولكي ترتاح نفوسهم, هو أن نذكرهم ولو لدقيقة معاً نرفع الصلاة من أجلهم و من أجلنا ومن أجل أن يحفظنا الرب وبمعونة أمنا العذراء حامية شعبها في أيام محنهم وكان لها على ذلك دلائل وبراهين. إني وبهذه اللفتة أرجو من كل أخ وأخت سريانيّاً كان أو أرمنيّاً أو كلدانيّاً أو آشوريّاً, أن يسجل كلمة هنا من أجل الرحمة على أرواح الشهداء من جميع طوائفنا فمصيرهم كان مشتركاً والموت جمعهم في بوتقة محبة واحدة لأن قلوبهم كانت واحدة وعواطفهم كانت واحدة ومآسيهم كانت واحدة. لن نلعن أحداً فالكلّ دفع أثمان حماقات ما كان لها أن تكون لو التزم الجميع بالمحبة وترفّعوا عن الخصوصيات الضيّقة وفتحوا قلوبهم وعقولهم أكثر من أجل الإحساس بنعمة الخالق التي كرّمهم بها, وجعلهم من أفضل وأرقى خلائقه! لا أن تتحكّم الغرائز الحيوانيّة فيهم فتقودهم إلى البطش بأخوتهم مهما كان الدافع إلى ذلك. فالدين لله والأخوة للإنسانيّة الشاملة الجامعة المتسامحة والمتحابّة وجميع الأديان هي محبة وسلام وأمن وتراحم وتآخي! هيّا معاً نوقد شمعة حبّ ومحبّة وتقدير لجميع شهدائنا وعلى أرواحهم, آخذين من الماضي عبراً ومن الحاضر دروساً تلزمنا بالتقارب والتآخي والانفتاح ونسيان الماضي بوجهه الأسود الكالح والداعي إلى الحقد والكراهية, ومحاولة البدء في العيش والتأقلم مع واقع جديد حصلت فيه الكثير من التغيّرات والتطورات ونحن جميعاً أبناء هذه الإنسانيّة الجامعة. علينا أن يحبّ بعضنا بعضاً أكثر من ذي قبل, وأن نحبّ الآخرين أيضاً لنمنحهم فرصة أن يحبونا ويتعاملوا معنا كأخوة في الإنسانية يجمعنا هدف مشترك هو العمل من أجل خير الإنسان وصالحه العام دون تفريق أو تمييز أو تجاهل للآخر! ألف رحمة ونور تحلّ على أرواح هؤلاء الشهداء البررة الذين ماتوا ليمنحونا الحياة. ولتدم محبتك يا رب لنا, وتحلّ نعمتك علينا فتباركنا ونسلنا, لكي نكون أهلا لهذه النعمة قادرين على إعطاء المحبّة والتي هي عماد هذا الدين وخلاص البشرية من عفونة الأحقاد ومغريات المطامع الخاصة, تلك التي تقود على الدوام إلى التناحر والاقتتال والعنف!
|