![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]() الحنين إلى أحضانِ التُّراب إهداء: إلى الفنَّان حبيب موسى وإلى أرواح الموتى الذين رحلوا عنّا كلّما أنهض من نومي، أفرح لأنني ما أزال على قيد الحياة، أحياناً تراودني فكرة تتغلغل في ساحة الخيال مثل الغمام: أن أنام نوماً عميقاً ولا أنهض أبداً، تقلقني هكذا فكرة وتفرحني بآنٍ معاً! نحن البشر، مَن نحنُ يا تُرى؟! نحن صرخةُ حقٍّ مشتعلة في هذا الكون الوسيع، أنا نسمةُ هاربة من شهيق السَّماء، قصيدةٌ مندلقة من حنين الغابات، وردة تائهة فوق أمواجِ البحرِ في صباح باكر، غزال برّي يبحث عن مسندٍ مريح يسند رأسه من تعب الانتظار، اِنتظار أحضان الأحبَّة أو انتظار أحضان التراب، ثمّة انتظار مفتوح لا ثالث له، هو انتظار نومنا العميق بين طراوة التراب، لكن عقلنا الضمني تارةً والعلني طوراً يرفض هذا الانتظار لهذا أرى الإنسان غالباً ما يكون مجانباً للحقيقة، قريباً من حفيف الضَّباب، يلهج من تعاظمِ الجري خلف قشور الحياة، أليست كل مادّيات الحياة بالنتيجة قشور الحياة، حتّى نحن، ألا نتحوّل إلى قشرةٍ غير مقشَّرة في طابور الحياة، قشرة في مهبِّ الحياة، آهٍ يا حياة، وألف أهٍ يا مماة! نركض خلف ناطحات السحاب، خلف بناء شاهق، خلف وجنة غيمة هاربة من وهج الشَّمس، نركض نحو الزَّوال، نحو حلم غير قابل للامساك، نركض ولا ننظر خلفنا ولا ننتظر موت أحبائنا ولا موتنا المؤجَّل إلى حين، أنا القائل: كلّنا موتى، لكن موتنا مؤجَّل إلى حين، أتذكَّر الآن كيف بدأت أكتب عن الموت منذ سنين، نصَّاً حمل عنوان: موتنا مؤجَّل إلى حين، شعرت بالانتعاش عندما أمسكت تلابيب هذا الهاجس الذي كان يقتحمني كلَّما ودَّعني أحد الأحبّة من خلف البحار أو من شواطئ غربتي المهتاجة بالأنين، غربة غريبة الأطوار، وما يغيظني أكثر هو انني كلّما أمعن في نفسي، في تاريخي المشحون بأحزان لا تخطر على بال حزانى الكون، يراودني أنني شهقة حزنٍ متطايرة من قبَّة السَّماء في ليلة محفوفة بالأعاصير، تاريخ فسيح من البكاء، حتّى أنني وصلت إلى مرحلةٍ لم أعُد أشعر بالألم والحزن من شدَّة الحزن فأشعر وأنا في قمَّة حزني انني تجاوزت حزني وقفزت فوق ألمي وبدأت أعبر في مرحلة جموح القصيدة، فلا أرى منفذاً لهذه البراكين الألميَّة سوى حرفي وأحزاني أدلقها على شهة اللَّيل ثم أنامُ عميقاً منتظراً نسائم الصَّباح، منتظراً احتضان خميلة الحنين المنبعث من دفء الحياة، تعالي أيتها السَّوسنة المفهرسة بغضاريف وهج البحر، وانثري فوقي نداوة الحياة كي أبدِّد أحزاني المسترخية فوق قبّة الرُّوح، تعالي قبل أن يهرب هذا الزَّمان، تعالي يا قصيدتي العطشى إلى همهمات اللَّيل، تعالي أكتب فوق تلالِكِ أسرارَ السَّنابل. يعبر الإنسان بوَّابات الحياة على ألسنةِ النَّارِ ولا يدري، حياة محفوفة بالذُّهول في كل حين، نترعرع مثل مروج البراري ثم نشتعل من وهج الشَّمس تارةً ومن أجيج الحياة تارةً أخرى، حضارات تأتي وتزول، رؤى عميقة جامحة تنبعث في ليلة قمراء ثم تتوارى في مهبِّ النّسيان كأنها غيمة عابرة، أخلاق راقية تشمخ فوق قبّة العمر، فوق وجنة القمر، تشيخ، تتراخى، تضمحلُّ في خضمِّ الحياة، حياة تنضح بالغرابة، أشبه ما تكون بطاحونة تجرف أجمل الأشياء وأبشعها وتطحنها دفعة واحدة، نأكل عصارة الحياة بحلوها ومرّها فلا نتذوَّق حلاوة الحياة من وطأة مراراتها فنتوه في متاهة الحياة كأنَّنا طيور مهاجرة فقدت طريقها إلى شاطئ الأمان! منذ فترة طيّبة ودّعتُ أحبائي خلف البحار، ودّعتهم إلى زمنٍ مفتوح، هل لأنني كنت في حالة ألمية مفتوحة، أم انني كنتُ غائصاً في نصوص حول الموت نفسه، أحاول أن أمسكه من تلابيبه، موت مفتوح الجناحين على أحبائي البعيدين، وأنا هنا على مفارق غربتي أجترّ صباحي ومسائي عابراً رحاب الحرف وشهقة اللَّيل على أجنحة الشَّوق وعلى أجنحة الخيال، راسماً وردة على جراح بيتي العتيق، أيّها البيت المترعرع في كنف الآهات! ***** غربةٌ فسيحة تكتنفني، تدمع عينا عزيزنا الفنان حبيب موسى كأنه فقدَ شهيق الحياة، دمعة اثر دمعة، فاجعة تلوى أخرى، دموع الفنانين تنضح ألماً، حبيب موسى أيّها البلبل المغرِّد في رحاب الحزنِ، أيّها المفروش الجناحين بأجمل الأغاني وأبهج الألحان، تعال نتوّجكَ بـأزاهير القصائد، نرسم فوق دموعكَ إيقاعات "شامومر" لعلّكَ تنشدُ لنا ألحاناً جديدة من رحمِ الحياة! آهٍ .. يولدُ الإنسان مقمَّطاً بمحبّة الأبوين والاخوة والأخوات، ينمو مثل شجرة الزَّيتون، مخضوضراً بالعطاء، ثمَّ فجأة يذوي ويتوارى عن الأنظار عابراً زرقة السَّماء في ليلة ماطرة أو في صباحٍ خريفيٍّ حزين، تاركاً خلفه أحبّائه غائصين في بحرٍ من الدموع، رحلة مترجرجة بالآهات، نغنّي تارةً كي نخفِّف من أحزاننا ثم نعود إلى رحلة الدموع نبحث عن وجنة الليل كي ننثر فوقه أسئلة من لون الرحيل، رحيل أحلامنا عن معراجِ الحياة، حياتنا المتهاوية على أجنحة الرِّيح، أين الملاذ من هدير صباحاتنا المفتوحة على فواجعٍ متشظّية من بواطنِ البحار، فواجعنا المتنامية فوق أسرارِ الزمن، فواجعنا الغافية على تخومِ المدائن، المتعطِّشة إلى أجنحة السَّماء، لعلّها تنام بين هلالات زرقة السَّماء نوماً فسيحاً، يخفِّف قليلاً أو كثيراً من أنينِ السّنين! ستوكهولم: تشرين الأول (اكتوبر) 2006 صبري يوسف كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم sabriyousef1@hotmail.com www.sabriyousef.com التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 02-11-2006 الساعة 02:45 PM |
#2
|
|||
|
|||
![]()
كل منا ستأتي ساعته فيرحل عن هذه الحياة أخي الغالي صبري ولكننا عندما نكون مهيئين لتلك الساعة فنرحل ونحن نظيفي الروح والنفس وتكون حياتنا الروحية خالية من شرور وخطايا هذه الحياة المؤقتة فأهلا بالموت لطالما سنلتقي بمن سكب دمه الغالي فداء عنا نحن البشر والذي يرحل يرتاح أما الذي يبقى فهو الذي يتعذب بمغادرتهم لنا بأجسادهم ويجب ألا ننسى بأننا سنلتقي بهم في الحياة الآخرة وهذا هو عزاؤنا الوحيد لفقدان الأحبة ..مقالتك رائعة روعة الكون وألف رحمة ونور لأرواح كل المحبين المؤمنين بربنا ومخلصنا يسوع المسيح له المجد ودمت لأختك أم نبيل...
|
#3
|
||||
|
||||
![]() وهل غير الترابِ لنا هناءُ
وغير القبرِ قد يبقى بقاءُ؟ حياة الناس يرديها الفناءُ و عمر الكونِ يحدوه البلاءُ مصيرٌ يا عزيزي ما هُراءُ رحيلٌ فيه أكفانٌ رداءُ وهذا دربنا ليس سواءُ فمنْ راحَ قد ارتاحَ الولاءُ سيأتي الدّور كلّا لا دواءُ ولا فتوى ولا منعٌ يُشاءُ أراد الله هذا والقضاءُ فقلْ شكراً لنا في ذا رجاءُ فإنّ الربّ مولانا يشاءُ! التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 02-11-2006 الساعة 09:03 PM |
#4
|
|||
|
|||
![]() العزيزة الغالية أم نبيل
الصَّديق الحميم أبو نبيل شكراً لمروركما الطَّيب يا أحبَّائي الرَّائعين .. مع عميق مودَّتي وإحترامي صبري يوسف ـ ستوكهولم |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|