
26-07-2025, 10:59 AM
|
 |
Administrator
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,189
|
|
مشاركتي على برنامج بكاء الحروف و فقرة الورد في أكاديمية أميرة الأرز من إعداد و تقديم
مشاركتي على برنامج بكاء الحروف و فقرة الورد في أكاديمية أميرة الأرز من إعداد و تقديم الاديبة نادية التومي
سِرُّ الْوُرُودِ وَ رَمْزُ الْأَلْوَانِ
✒️ بقلم: فُؤاد زَادِيكِي
اَلْوَرْدُ لَيْسَ نَبَاتًا عَادِيًّا، بَلْ هُوَ أَنْشُودَةُ الْجَمَالِ فِي هَذَا الْكَوْنِ، نَبْضَةُ الْوُجْدَانِ الْمُزْهِرَةُ فِي تُرْبَةِ الْأَمَلِ، وَ لَحْنُ الْحَيَاةِ، الَّذِي يَتَرَنَّمُ فِي صَمْتٍ عَلَى أَوْتَارِ الْمَشَاعِرِ. فِي كُلِّ وَرْدَةٍ تَنْبِضُ قِصَّةٌ خَفِيَّةٌ، وَ رِسَالَةٌ دَفِينَةٌ، تُخَاطِبُ الْعَيْنَ وَ تَتَسَلَّلُ إِلَى أَعْمَاقِ الرُّوحِ، كَأَنَّهَا هَمْسَةُ قَلْبٍ خَجُولٍ فِي لَيْلٍ هَادِئٍ. لِلْوُرُودِ أَشْكَالٌ مُتَنَوِّعَةٌ وَ أَلْوَانٌ لَا تُحْصَى، وَ كُلُّ لَوْنٍ مِنْهَا يَحْمِلُ دَلَالَةً خَاصَّةً، وَ يُرَمِّزُ لِحَالَةٍ عَاطِفِيَّةٍ، فَكَأَنَّ اللَّوْنَ يُغْنِي عَنِ اللِّسَانِ، وَ كَأَنَّ الرَّائِحَةَ تُتَرْجِمُ نَبْضَ الْقَلْبِ. فَالْوَرْدُ الْأَحْمَرُ يُجَسِّدُ الْحُبَّ الْجَارِفَ، ذَاكَ الَّذِي يُضَحِّي وَ يَنْبُضُ وَ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ مَنْ يُحِبُّ، وَ كَأَنَّهُ دَمُ الْقَلْبِ يُزْهِرُ عَلَى وَجْنَةِ زَهْرَةٍ. وَ الْوَرْدُ الْأَبْيَضُ يُرْمِزُ لِلنَّقَاءِ وَ الْبَرَاءَةِ، وَ يُخْبِرُكَ عَنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ لَا تَشُوبُهُ شَائِبَةٌ، وَ فِي عِطْرِهِ سَكِينَةٌ تُضَاهِي هُدُوءَ السَّحَرِ. أَمَّا الْأَصْفَرُ، فَهُوَ شَمْسٌ تُشْرِقُ فِي بَسْمَةِ زَهْرَةٍ، رَغْمَ مَا يَقُولُونَ عَنْهُ، فَهُوَ رَمْزُ الْفَرَحِ وَ الْوِلَايَةِ وَ صَدَاقَةٍ نَقِيَّةٍ تُشْبِهُ جَنَاحَيْ طَائِرٍ فِي السَّمَاءِ. وَ الزَّهْرِيُّ يَحْمِلُ رِقَّةَ الْمَشَاعِرِ، وَ دِفْءَ الْأَنْفَاسِ، وَ يَنْطِقُ بِحُبٍّ بَاشِرٍ لَمْ تَلُفَّهُ لِعْبَةُ الْخِبْرَةِ، وَ كَأَنَّهُ عِشْقُ الْمُرَاهَقَةِ الْأَوَّلِ. وَ فِي الْأُرْجُوَانِيِّ فَخَامَةٌ وَ غُمُوضٌ، يُذَكِّرُكَ بِأُمَرَاءِ الْقَلْبِ وَ فَرَسَانِ الْحُلْمِ، فَهُوَ لَوْنُ مَنْ لَا يُكْثِرُ الْكَلَامَ وَ لَكِنَّهُ يَحْفُرُ فِي الذَّاكِرَةِ عُمْقًا لَا يُمْحَى. وَ الْأَزْرَقُ، فَهُوَ سَكِينَةُ الْبَحْرِ وَ رَوْنَقُ السَّمَاءِ، وَ مَنْ يَهْدِيكَ وَرْدَةً زَرْقَاءَ، فَهُوَ يُقَدِّمُ لَكَ رُوحَهُ فِي أَجْوَاءِ السَّكِينَةِ وَ الثِّقَةِ. وَ كَمْ هِيَ فَاتِنَةٌ تِلْكَ الزَّهْرَةُ الَّتِي تُدْعَى جُورِيًّا، عَطْرُهَا يُعَانِقُ الْأَحْلَامَ، وَ أَوْرَاقُهَا كَأَنَّهَا قُبَلٌ تَتَفَتَّحُ عَلَى وَجْنَاتِ الْعَاشِقِينَ، وَ تُخْبِرُكَ صَامِتَةً بِمَا لَا يُقَالُ. فِي حَقْلِ الْوُرُودِ، لَا مَكَانَ لِلْكَذِبِ، كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ صَادِقٌ، حَتَّى أَشْوَاكُهُ، فَهِيَ صَرَاخُ الزَّهْرَةِ عِنْدَمَا يُؤْذِيهَا الْوَقْتُ. أَهْدِنِي زَهْرَةً، وَ أَقْرَأْنِي قَلْبَكَ، فَالزَّهْرُ لُغَةٌ نَبِيلَةٌ لَا تُتْقِنُهَا إِلَّا الْأَرْوَاحُ الَّتِي تَذُوقُ الْجَمَالَ، وَ تَفْهَمُ أَلِمَ الْحَنِينِ، وَ تُصَافِحُ النُّورَ بِدُونِ ضَوْضَاءِ. إِنِّي أُؤْمِنُ أَنَّ زَهْرَةً وَاحِدَةً، قَدْ تَكُونُ كَفِيلَةً بِمَحْوِ كُلِّ حُزْنٍ، وَ بِإِيقَاظِ كُلِّ نُورٍ، وَ بِعَوْدَةِ مَا مَاتَ فِينَا مِنْ شَوْقٍ.
__________________
fouad.hanna@online.de
|