Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف > مقال

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-08-2009, 01:18 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي أيّها الإنسان إلى أين؟!

أيّها الإنسان إلى أين؟!


لا أحبّ الكتابة المرتكزة على المواعظ والتَّوجيهات والثَّوريات الطنَّانة، ولا الكتابة المؤدلجة تحت أيِّ تيار أو شعار كان، الكتابة برأيي همٌّ إنساني مشترك بين البشر كلّ البشر، فلا يجوز للكاتب أيِّ كاتب أو مبدع أن يقبل الظلم تحت أي تبرير كان، لهذا فمهمَّة الكاتب هي مناصرة المظلوم كائناً من كان هذا المظلوم، فلو كان لدي عدواً مظلوماً فأنا ضدَّ أن يُظلم لأنني كيف سأحقِّق السَّلام لي ولصديقي ولجاري ومن يحيط بي عن قريب أو بعيد إن لم أؤمن بمبدأ العدالة، الكتابة رسالة منبثقة من شهقةِ السَّماء لأنَّها منصهرة مع حبق الورود ونسائم الصَّباح في بدايات الرَّبيع ومرابع الأفراح المتهاطلة بحبقِ الياسمين.

أكثر ما يجذبني إلى الاستمرار بالحياة هو هذا الحرف، لأنّه يمنحني بهجةً ويفتح لي آفاقاً فرحية لا تضاهى، الكتابة هي عشبة خلاصي من ضجر الحياة، هي نبراس افتتاح شهيَّتي للحياة، وعلى الأرجح لو خلَت حياتي من الكتابة لغدت مصحّرة ومصابة بالجمود واليباس، وحدها الكتابة تمنحني الاسترخاء والنوم العميق، تمنحني الأمل والتطلُّع إلى غدٍ مفهرس بتغريد الطُّفولة وهديل الحمام.

أحبُّ السَّلام بين البشر، وأحبُّ الحبَّ لأنَّ المحبَّة أصل كينونة الإنسان، ويبدو أن هذا الكائن الحي الذي اسمه إنسان يحتاج إلى قرون عديدة أخرى كي يعرف أن برنامجه \"الخنفشاري\" القائم على الآر بي جي ومدافع الهاون وطائرات الشَّبح والصَّواريخ عابرة القارَّات وخارقة السَّماوات ما هي إلا أسلحة ضدّ ذاته، ضدّ الإنسانية وضدّ الكائن الحيّ ـ الإنسان، لهذا لستُ راضياً على الإنسان، لأنَّ إنساننا المعاصر لا يبدو لي معاصراً، يبدو لي شرساً أكثر من قطّاع الطُّرق، وأبرِّر أعمال قطَّاع الطُّرق ولصوص اللَّيل، خاصَّةً عندما تكون دوافعهم إلى اللصوصية من باب الفقر، بينما دوافع إنساننا الحالي للحرب والقتل والدَّمار كانت وما تزال من باب البطر! وشتّان ما بين البطر والفقر!

نصوصي هي صديقة البساتين، صديقة النَّوارس والبحار العذبة، صديقة نجمة هائمة فوق خدِّ غيمة، هي روحي المنبعثة من وشوشات اللَّيل، هي حنيني إلى أصدقاء من لون الكروم، هي بخار مصفَّى من حبق النَّرجس البرّي، هي وجه الطُّفولة الغارق في مهود البراءة!

أحاول جهدي أن أقتلع تضاريس الشرِّ المتشرشرة في مرابع السَّلاطين، من نصّب السَّلاطين سلاطيناً، وهل يليق بالسَّلاطين أن يكونوا سلاطيناً؟! ثمّة معادلات مخرومة في الحياة لا بدَّ من صياغتها من جديد وثمَّة جلاوزة مارقين في دنيانا وفي مرافئ التَّاريخ، جاؤوا على وشاحِ الشرِّ وهطلوا علينا بوابل سمومهم وفقاقيع آرائهم، فقد آن الأوان أن نستنبط ونصيغ برامج لسلاطين جديدة مرتكزة على ضياء الشَّمس ومنبعثة من اخضرار المروج وهديل الحمام، وأي سلطان لا ينضوي تحت ظلال السَّلام والوئام والخير والمحبَّة هو من فصيلة المارقين وليس من السَّلاطين.

كفانا نحن البشر نرزح تحت سيف بربريات هذا الزَّمان، زمان مصاب بالعقم الحضاري، تتأرجح حضارته على كفِّ عفريب، لا يعجبني إطلاقاً كل هذا التقدُّم الكوني التكنولوجي والعلمي والخدماتي في عالم الانترنت وغيرها من تكنولوجيات العصر طالما لا تصبُّ هذه المنجزات في خير الإنسان ومصلحة الإنسان، تطوُّرٌ انزلاقي يعشِّش في قلوب أنياب قادة الكثير من دنيا هذا الزَّمان، إلى متى سيحوم الكائن الحيّ حول بريق القنابل، ولا يحرِّك ساكناً.

عندما أقرأ في كتب التَّاريخ عن الحرب العالمية الأولى والثَّانية والحروب المجنونة التي عاصرتها خلال نصف القرن الفائت والحروب التي ستأتي أشعر بنوع من القرف والغثيان من ممارسات حكَّام وقادة هذا الزَّمان! أليس من العار ما نراه في دنيا الشَّرق والغرب من اشتعال فتيل الحروب والصِّراعات في دنيانا؟! وكلَّما أتمعَّن بهذه الحروب والشَّوشرات المحلِّية والعالمية أجد أغلبها متمحوراً حول المال ـ الاقتصاد، فأكثر من تسعين بالمائة من التَّوجّه الغربي نحو دنيا الشَّرق هو من منظور اقتصادي خالص، فلو طحن الشَّرق ذاته مليون عاماً وحقَّق هذه الطحن مصالح غربية وتحديداً أميركية سيشجِّع الغرب دوران الطَّاحونة طالما تدرّ عليه المال! والشَّرق هذا المكان المرفرف فوق آبار الذَّهب وعلى دفء الشَّمس وعلى أوَّل الحضارات وعلى أوَّل وآخر الأديان، يدور في فلك الغباء لأنَّه لا ينهض ممّا لديه من حضور إنساني حضاري ديني عالمي، ينهض من منظور قاصر، أحيانا لا يتجاوز منظوره بضعة سنتيمترات عن أنفه، لأنه دائما غائص بالحروب والمتاهات، فقد هجَّرت أوربا وأميريكا الحروب من عقر دارها، لكنها تشعل فتيل الحروب خارج ديارها وإنَّ معشر الشَّرق ما يزال يهوى الحروب في داره ودياره لأنَّه على ما يبدو قائم على متاهات تصبُّ في عوالم النَّار والمزيد من صواريخ بعيدة المدى وكأنَّنا سنحارب المدى نفسه!

علينا بشكل خاص في دنيا الشَّرق أن نفهم أن معادلة الحروب لا قائمة لها في عالم الغرب، نحن فقط ما زلنا نهوى الحروب على أراضينا، نهوى السِّلاح، نهوى التَّعصب بكل أنواعه ولا يليق التَّعصب لأي مجتمع من مجتمعات الكون ومن أهم أسباب فشل البشرية في قيادة الكون هو هذا التَّعصب الأعمى بكل أنوعه، التَّعصب الدِّيني والتَّعصب القومي والتَّعصب القطري والتَّعصب المذهبي والتَّعصب الحزبي والتَّعصب القارّي والتَّعصب الحضاري، والتَّعصّب الفكري والتَّعصب الاقليمي والتَّعصب اللَّوني والتَّعصب الجنسي والتَّعصب الاقتصادي والتَّعصب الغبائي، والتَّعصب هنا مفتوح على جبهة الشرِّ لأنه لا يصبُّ في مصلحة الخير خير الإنسان، ولا حتَّى خير الحيوان ولا خير النَّبات والماء والحياة!

لهذا ما على الإنسان الحالي سوى التَّركيز على قيم الخير وخلق معايير ايديولوجية مستندة على بذور التآخي بين البشر وتخليص الكائن الحيّ في الشَّرق والغرب من تبعات الحروب وتقليص الفوارق والخلافات والصِّراعات بين البشر والتَّركيز على نقاط التَّلاقي ونقاط الوئام والسَّلام ونبذ كل ما له علاقة بالتَّعصب الذي يصبُّ في بحار الشرِّ، والتَّركيز على \"التعصُّب\" لقيم الخير والسَّلام والتَّواصل بشكل فعَّال بين أركان المعمورة بعيداً عن لغة الحروب والشُّرور والدَّمار، فلماذا يملك الإنسان عقلاً ولا يستخدمه ولا يسخِّره لأخيه الإنسان! وإلا ما الفرق بينه وبين أيَّةِ دابّة تدبُّ على وجهِ الدُّنيا ما لم يسخِّر عقله وحكمته لخير البشر كلَّ البشر؟!



ستوكهولم: 30 ـ 9 ـ 2006
صبري يوسف ـ ستوكهولم
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com
www.sabriyousef.com

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 04-08-2009 الساعة 01:50 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-08-2009, 06:30 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,895
افتراضي

اقتباس:
أحبُّ السَّلام بين البشر، وأحبُّ الحبَّ لأنَّ المحبَّة أصل كينونة الإنسان، ويبدو أن هذا الكائن الحي الذي اسمه إنسان يحتاج إلى قرون عديدة أخرى كي يعرف أن برنامجه \"الخنفشاري\" القائم على الآر بي جي ومدافع الهاون وطائرات الشَّبح والصَّواريخ عابرة القارَّات وخارقة السَّماوات ما هي إلا أسلحة ضدّ ذاته، ضدّ الإنسانية وضدّ الكائن الحيّ ـ الإنسان، لهذا لستُ راضياً على الإنسان، لأنَّ إنساننا المعاصر لا يبدو لي معاصراً، يبدو لي شرساً أكثر من قطّاع الطُّرق، وأبرِّر أعمال قطَّاع الطُّرق ولصوص اللَّيل، خاصَّةً عندما تكون دوافعهم إلى اللصوصية من باب الفقر، بينما دوافع إنساننا الحالي للحرب والقتل والدَّمار كانت وما تزال من باب البطر! وشتّان ما بين البطر والفقر!
يقول المثل الكتاب من عنوانه مقروء يا صديقي و أنت على ما أنت عليه من هدوء جميل و من مسالمة روحية مع النفس و مع الآخرين لا أستغرب البتة أن أقرأ لك مثل هذا الشعور الإنساني النبيل النابع من فهم و تفهم و وعي و من شعور صادق بوجوب تحقيق العدالة و نشر المحبة و السلام بين الناس و الدعوة إلى ذلك برؤية ثاقبة و روح طيبة لكي يعود الإنسان إلى إنسانيته التي فقد منها الكثير في عصرنا الصعب هذا. شكرا لك يا صديقي.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke