Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-07-2005, 02:24 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي حوار مفتوح، أجراه د. ليساندرو، أستاذ في الأدب المقارن، مع صبري يوسف


إليكم أعزّائي القرّاء،

ملف الحوار المفتوح، الّذي أجراه د. ليساندرو، أستاذ في الأدب المقارن، مع صبري يوسف
.................................................. .........
عن موقع القامشلي
.................................................. .........
صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي

حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو

---------------------------------------------------

الأديب صبري يوسف*، لو تأذن لي بطرح سؤال عليك يتفرَّع إلى عدة أسئلة ما فتئ يلحُّ علي وأنا أمضي معك في رحلة الاستكشاف هذه ولربَّما جاء السؤال ضمن دائرة الأسئلة التي تطرح عادة في مجال علم النَّفس.
ترى ما هو سرّ هذه النَّجوى العذرية التي تنتشر في إبداعك الشِّعري-بخاصة-؟!
ـ هل هي سرّ نقاء الرُّوح لديك؟
ـ هل هي سرّ لحواس منهكة؟ أم هي سرّ لرغبات جنسية صاخبة كبحتها النشأة الريفية أو قمعها العقل؟
ـ خوف انتهاك المباح وغير المباح، فراحت تستتر خلف حجب العفّة، بمعناها الذي لا يتِّفق غالباً مع روح البيئة الجديدة،
أم هي سرّ لسرِّ يقبع في الأعماق، يجهل لغة البوح ويخشى الظُّهور؟
ترى ما هو السرّ - أتساءل - و أين يكمن من نفسك وكيف يطوف في فضائها الرَّحيب؟
اعزك الله ويسقيك من خمرة الشِّعر حتى تبلغ منتهى نشواتها.
.................................................. ..............

العزيز د. ليساندرو

كلّ ما نوّهتَ إليه من خصوصية السرّ في النَّجوى العذرية ليس سرّاً وليس عذرياً خالصاً كما تتصوّر!
هل قرأتَ بطاقة تعريفي الواردة في موقعي عبر الحوار المتمدِّن وبعض مواقعي الأخرى؟
وهل قرأتَ نصوصي الشعرية كلّها أو أكثرها كي تتوقّف عند فضاءات عديدة مفتوحة، ربما تظن أنني لا أطرقها، كالحب والسَّلام والحرب والإنسان، والأرض والطفولة والغربة، والزمن، والموسيقى والعلاقات الحياتية، والسياسة بمفهومها العام، العادات والتقاليد، الحلم، الفرح والحزن، والنفس البشرية، والطبيعة والكائن الحي، وعشرات عشرات المواضيع الحياتية والنفسية والإنسانية التي ربما تشمل رؤية شبه بانورامية تخصُّني وتخصّ ملايين البشر ممن تنسحب حياتهم وتوجعات حالتهم على حالتي بطريقة أو بأخرى؟!
لم تسألني سؤالاً واحداً يا صديقي فقد سألتني أسئلة تصلح أن نفتح مجلَّداً للتحاور في محاورها الخصبة، لكني سأعرّج على جناحٍ من الدقّة والهدوء والعمق على كلِّ تساؤل من تساؤلاتكَ الفسيحة.

ترى ما هو سرّ هذه النَّجوى العذرية التي تنتشر في إبداعك الشِّعري- بخاصة -؟!
هل هي سرّ نقاء الرُّوح لديك؟

ـ نعم لربما هناك نوع من نقاوة الرُّوح، وكلّ روح بصيغة ما تحمل نوع من النقاوة لكن من جهتي لا أدّعي العفّة والقداسة إطلاقاً! وإنما أحاول جهدي أن أنقّي روحي ما أمكن من شوائب هذا الزَّمان، فأنا أحب النقاوة، نقاوة الرّوح والقلب والسلوك وطريقة التفكير، وأحبُّ أن يحملَ الإنسان بين جناحيه شفافيّة الرُّوح والرؤية والسلوك والمنحى الذي عليه وأن يقدّم خلال تواصله مع الحياة أبهى ما لديه لأخيه الإنسان والطبيعة والكائن الحيّ كي يعيش في حالة راقية بعيداً عن لغة الشرور والحروب والفساد وممارسات سخافات آخر زمن!

هل هي سرّ لحواس منهكة ؟

ـ لا يا عزيزي، هي ليست سرّ لحواس منهكة وإنما إنعكاس لحواس غائصة في الاشتعال مع شهقة الحياة المفتوحة على مدى خصوبة الرُّوح، هي دقّة الحواس التي ترعرت في مراحل عديدة من العمر وتمَّ ترجمة هذه الدقة عبر طيف شعري وقصصي ورؤى غارقة في التحام الذات مع ذوات الاخرين من خلال تشربات حيثيات العمر عبر محطات الحياة، الشَّاعر يعكس ذاته وروحه وتجربته فأنا أستمد من تجربتي وآهاتي ومنغّصات حياتي وآلامي وأفراحي وابتهاجاتي القليلة حبق شعري، وأترجم ما أشعر أنه يراود الآخرين ممن لديهم معاناة متقاطعة مع معاناتي، فالحواس تراقب ما حولها وتُترجم ما ترغب ترجمته وأحياناً يولد نصّي من محض الخيال مرشرشاً عليه بعضاً من شظايا عمري لكن يبقى الحلم والتدفُّق العفوي سيّد الموقف أحياناً! والمخيلة تحصد أحياناً أخرى ما أراه في بصيرتي وما يتراءى في مخيلتي فلا يوجد عندي حواس منهكة بقدر ما هي حواس مشاكسة مندلعة عشقاً جامحاً في فضاء الحرف، تراقب ما يعتريها بدقّة غير منهكة بالصيغة التي تراها لكنها ربما تكون منهكة من جلاوزة هذا الزَّمان ومن الدِّماء التي تراها حواسي متشرشرة في أقبية وازقة هذا الزَّمان، لكن هكذا نوع من الانهاك لا يستطيع أن ينهك حواسي بل يحفّزها لعبور ما لا يمكن عبوره عبر تحليقات الشعر الهائجة كي يخلخل ما أغاظني أو انهكني، فما ينهكني لا يمهكني طويلاً لأنني أردّ على هذه اللغة الانهاكية بلغة شعرية مضادة بحيث تخلق في داخي نوع من الراحة والمتعة حيث انني أشعر وكأن تدفقات شعري هي أمواج هائجة تبلسم جراحي وجراح من يشبهني وأشبهه بصغية ما، الشِّعر هو المحرقة التي يجب أن يطهّر الإنسان نفسه عبرها من خلال عبوره في رحيق فضاءات الشاعر المشتعل ليل نهار، والشاعر هو جمرة مشتعلة غير قابلة للحرق أو الاحتراق، لأن هذه الجمرة مندلعة من خيوط شمس ساطعة في جبهة الحياة، هي ضياء الرُّوح وضياء الرؤية لعلّ الإنسان يخفِّف من ضراوته ومن خشونته ومن تخشُّبات رؤاه في الكثير من مناحي الحياة، لأني أرى في الكثير من بقاعِ الكون أن الإنسان ضلّ طريقه عمّا يجب أن يسير عليه وما على الشاعر و مبدعي وانقياء هذا العالم إلا أن يزرعوا ويعبّدوا ويكلِّلوا طريقاً مبرعماً بالوردِ والراحة والفائدة والسلام!

أم هي سرّ لرغبات جنسية صاخبة كبحتها النشأة الريفية أو قمعها العقل؟

ـ جميل هذا السؤال، ويصلح أن أكتب عنه نصّاً روائياً!، أسئلتكَ تورّطني تورّطات لذيذة وتفتح شاهيتي على البوح الشفيف في غمار خصوبة الرؤى الغافية حول معارج الذاكرة الفسيحة، ربّما هناك رغبات جنسية مكبوحة، لكن ليست مقموعة بالشكل الذي يراودكَ، هناك جموحات جنسية عشقية متلاطمة في كينونتي، جموحات هائجة مثل أمواج البحر، وهي غير ناجمة عن النشأة الريفية (القامعة) وهي ليست مقموعة كما يخيّل إليكَ، فأنا يا صديقي أجسّد حالات ومواقف عبر لحظة شعرية وليس من الضروري أن أعكس في شعري ما يعتريني بشكل حرفي فأحياناً أعكس رؤيتي لما أراه في الحياة من معاناة الآخرين وأحياناً أكون واحداً من هولاء لكن بنسنبة أخفّ أو أكثر وذلكَ بحسب الحالة التي أجسِّدها، وأؤدّ أن أشير ومن خلال تكويني الفكري أنّني لست من دعاة قمع أية رغبة من الرغبات بل من دعاة تهذيبها وتطويرها إلى حالات راقية وتفريغها بما يتلائم مع بهجة الرُّوح والإبداع حتى إذا تعارضت البهجة مع قوانين نشأة الرّيف أو المدينة أو نشأة الإنسان، هذا الإنسان الذي لا يرى ما أراه، او يراه بشكل معاكس ومتعارض، وما يحمله أحياناً من تخشبات الرؤية في هذا المجال! صحيح أنا إنسان ريفي وترعرعت في بيئة ريفية ومدينة صغيرة إسمها ديريك/ المالكيّة، لكن هذه المدينة وهذا الرِّيف فتح أمامي نوافذ مفتوحة على مدن الكون، فلم أتوقّف عند ريفيتي بل عبرت ريف الكون عبر معارج حرفي وخلخلت المعادلات التي لا تستهويني وخرجت عن السّرب بالطريقة التي أراها مناسبة، أحبُّ طفولتي رغم بؤسها وعذاباتها لأنها أشبه ما تكون بيلسان شعري ومطهّراً لشوائب الحياة، وأحبُّ مراهقتي رغم ضجرها وقمعها وفقرها لأن الطفولة والمراهقة والشباب منحوني طاقات إبداعية وكانّها نزيف شعري متدفِّق على وجنة الشمس! متمرّد على كلّ ما لا يستهويني، لا ضابط لي من حيث الكتابة فاطلق العنان لجموح المخيلة تسرح في غمار بهجة إنتشاء الروح وهي تغترف ما يحلو لها من تحليقات، لم أقمع رغباتي من خلال قمع العقل، سواء كان هذا العقل عقلي أو عقل الأنا الأعلى، فلا يوجد أنا يعلو على أناي في محراب الشِّعر! إلا أنا العقل المعقلن والمتفتح على مرابع الإبحار في براري الشعر بعيداً عن أي نوع من أنواع القموعِ! .. لا أؤمن بشاعر مقموع، أشفق عليه!

خوف انتهاك المباح وغير المباح؟!

ـ في لغة الشِّعر يا صديقي لا أخاف من انتهاكِ المباح أو غير المباح! أعبر رحاب الشعر وأشعر أن هناك تهاطلات تهطل علي، ربّما هي رذاذات شهوة التجلي، فلا أفكر إطلاقاً بما هو مباح وبما هو غير مباح، أكتب بعفوية خالصة وكما يحلو لي، لربما هناك ملايين الخطوط الحمراء تقف في طريقي لكني أخترقها بطرقة جامحة متحايلاً أحياناً على المتلقّي من خلال صور وتحليقات وتهويمات ترطّب خشونة الاختراق، فأنا أصلا لا يروادني فكرة الإختراق ولا أفكر بالخطوط الحمراء أو الصفراء ، أترجم فقط وهج التجلّي وتدفقات رعشة الشِّعر وخصوبة البناء ضمن إيقاع غير مسبوق ومتجدِّد على الأقل على صعيدي! دائما أسعى لإيجاد جملة شعرية غير مسبوقة وكأنها متشرشرة من أحداقِ النُّجوم أو متدفِّقة من ذيول نيازك غاضبة من غليان الطوفان البشري! ضدّ الحرب بكلّ أشكاله وضدّ الشرور والفساد، ضد الدجل والنفاق، ومع المحبة والعدالة والمساواة بعمق، مع حبقِ العشق حتى قمّة البهجة والانتشاء، أنا القائل:
"نحن بشر يا قلبي
لِمََ لا يعشق البشرَ البشرُ
هيهات لو عشقنا بعضنا بعضاً
وكنّا في خندقِ الحبِّ خفرُ
هيهاتَ يا قلبي"!

.. فراحت (النجوى) تستتر خلف حجب العفّة -بمعناها الذي لا يتِّفق غالباً مع روح البيئة الجديدة- ؟!


ـ لا أستتر إطلاقاً تحت حجب العفّة ولا أتبنّى بالعفّة كحالة محضة خالصة من حيث المنظور التقليدي أو أي منظور آخر، فأنا إنسان من لحم ودم وروح، عفّتي أراها من خلال نقاوة الرُّوح ومن خلال مصداقيتي مع ذاتي ومع الحياة، وكل ما يتعلَّق بجموحاتِ الجسد يحدِّده جسدي ضمن إطار توهُّجات شهقة العشق بعيداً منغصِّات وتقيدات وترّهاتِ آخر زمن، وما أراه ترّهات يراه ربما غيري قمة القيم وقمّة القممِ، لهذا أودُّ أن أقف عند وجنة الشفق كي أرسم حرفي كما يحلو لهذا الصخب المهتاج في كينونتي ولا أتعب نفسي بما يمنحني الدفء والتحليق والإبداع، عفتي تنبع من تدفقات حرفي وهو يعبر شلالات منبعثة من شواطئ الحلم، لماذا لا يطلق الإنسان اجنحته للريح ويرسم فوق خدود الكون وردة، لماذا يقتل وينهب ويكبل الآخر بقيود أشبه ما تكون سلاسل من الأوجاع! الإنسان صديقي والعفّة موجة شهقتي وشوقي إلى تلال الخصب ومعارج عشقِ الحياة، والحرف نبتة الخلاص، خلاصي من ضجر الحياة!

... أم هي سرّ لسرٍّ يقبع في الأعماق يجهل لغة البوح ويخشى الظُّهور؟!

أكتب كمن يمسك في يده لهيب الجمر، وينثره على وجنة الصّباح كي أحرق شوائب هذا الزَّمان، نحن البشر نحتاج إلى قرونٍ عديدة كي نعرف كيف ننمّي جموحَ العقل وبهاء الرُّوح ضمن توازنات الحياة، ثمة خلل واضح المعالم يعتري في نفوس أغلب مرابع الكون! معادلات تتصارع على الشّوك فحرق مهابيل هذا العالم وجنة الياسمين والورد لأن غائصين برؤى معفّرة بالشّوك، والشَّوك يغدق على هؤلاء أبراجاً عاجية مائلة نحو براثنَ النُّفورِ ورجرجاتِ السُّقوطِ!
كل بيئات الكون لا تلزمني عندما تقيّد نكهة الحرفِ حرفي، فلا ألتزم بخشخشات البيئة ولا بسواطير سلطة هذا الزَّمان! أنحو نحو جبال جبل جودي وصخور معلولا الشّامخة حيث الهواء العليل يبلسلم خدود وردتي وهناك ألملم فرحي كي أغدقه على صديقة من لون الأرضِ، الأنثى هبة السَّماء، شمعةُ عشقٍ، أرضٌ من لون البهاء، أهلاً بانتعاشاتِ البهاء!

ـ أم هي سرٌّ لسرِّ يقبع في الاعماق يجهل لغة البوح ويخشى الظهور؟!


لا يا صديقي لغتي ليست سرّاً ولا أقبع في الاعماق جهلاً بلغة البوحِ أو من خشيةِ الظُّهور! لا وألف لا يا صديقي، لغتي تنبع منّي وتصبُّ بي وبغيري ممن يستهويه نبعي! أكتب حرفي وأنا في كامل وعيي وبوحي ينبع من مهاميز روحي كي يغني للحياة للطفولة لغربة هذا الزَّمان، ولمن يحيا الحياة وينتظر أنشودة الغدِ الآتي، لا أخشى شيئاً أثناء الكتابة، لأنَّ الكتابة هي عبادتي المنعشة، أعشقها بعمق وهي أشبه ما تكون عشيقة سرمدية ولا فكاك منها حتّى ولو جنّ جنونها، أعشقها بطريقة لا تخطر على بال الجنِّ، الكتابة محور وجودي على وجهِ الدنيا، لو ألغيت تدفُّقات الكتابة ـ الإبداع من حياتي فأنا ميت رغم تنفُّسي، فهذا النَّفَس إن لم يصب في وهجِ الحرف لا قيمة له عندي، ربما يجد الآخر غرابة في طبائع كينونتي، هذا أنا، مَن يعجبه رؤاي أهلاً به ومَن لا يعجبه تمرُّدي أهلاً به أيضاً، نحن يا صديقي لا نملك في الحياة سوى هذه الحياة القصيرة، وخلالها لا بدَّ أن ندوّن رؤانا على جبهةِ الزمنِ، كي تبقى رؤانا هفهافة مع نسائم الصباح على مدى ديمومةِ الكونِ!

... بعد تساؤلاتكَ الرَّحبة، تسألني أين هو السرّ؟!

السرُّ يا صديقي بسيطٌ للغاية، حتّى انني لا أعتبره سرّاً من حيث لغةِ الكتمان، فإذا أحببتَ أن تعرفَ حقيقة أمري، فأنا شاعرٌ منبعثٌ من أعماقِ الرَّماد، ضدَّ الفسادِ، شاعرٌ مخضّبٌ بنكهة الحنطةِ، مبرعمٌ مع بتلاتِ الأزاهير، مع اخضرارِ العشبِ، من لون المطر، من لون الاشتعال رغم شدّة البردِ، شاعر ملونُ ببخور الحياة، ولا يسعني إلا أن أنثر بخوري فوق حدائق الكون .. السرُّ يا صديقي ربما عائدٌ إلى تكويني، مزيجٌ من الإيمان بتدفُّقات اللحظة الشعرية، بسموِّ الشِّعر على حكمة حكماء الكون، الشِّعر حكمة الحياة، بحر مفهرس بأرخبيل المحبة وبهجة العطاء وتلاوين السَّلام! الشِّعر رسالة متهاطلة من خيوطِ الشَّمس .. أتساءل يا صديقي لو كانت قيادة الكون مرهونة بقيادة الشُّعراءِ، بجموح الشُّعراءِ، بعدالةِ الشُّعراءِ، هل كنّا سنراهُ بهذا الشكلِ الْمُشينِ؟! ..


أجرى الحوار: د. ليساندرو، أستاذ في الأدب المقارن/ ألمانيا

ستوكهولم: 8 . 6 . 2005
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com
http://www.soku-tensta.org/sabbe/foto.htm
http://www.rezgar.com/m.asp?i=10

----------------------------------------------------------



ibtisam
نائبة المدير ومشرفة منتدى المرأة والطفل

تحية من السويد للدكتور ليساندرو على هذا الحوار مع الشخصية الفذّة النابغة في عالم الشعر الاستاذ والشاعر صبري يوسف
وتحية من القلب لك استاذ صبري حوار جيد ورائع وجاء وصفك لنفسك وللشعر روعة ( فأنا شاعرٌ منبعثٌ من أعماقِ الرَّماد، ضدَّ الفسادِ، شاعرٌ مخضّبٌ بنكهة الحنطةِ، مبرعمٌ مع بتلاتِ الأزاهير، مع اخضرارِ العشبِ، من لون المطر، )
أنت حقّا كذلك
محبتي
ابتسام

------------------------------------------------------------


صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي


العزيزة ابتسام

تحيّة يا عزيزتي الطيّبة

شكراً لهذه الزِّيارة الشفيفة

مودّة عميقة متجدِّدة




lezandro
-------------

الإقامة: Germany
أليس اعترافا-اشارةاستفهام-

-----------------------------------------------------------------

قبل البدء اشكرك على تفضلك بالاجابة التي لا اجد وصفا اجمل لها من الوصف الذي اغدقته عليها السيدة الفاضلة ابتسام
اما بعد
الست القائل في -حالة عشق مسربلة بالانتعاش-
أية حماقة هذه التي ارتكبتها
أن أبقى سنيناً طوالا
بعيداً عن رضاب العشق
بعيداً عن طراوة النهد
عن عذوبة القبل
أية حماقة هذه
أن اسبح بعيدا
عن شهقة الحبِّ
- عن تفاصيل نكهة الجسد-

أليس هذا اعترافا بأنَّك كنت قبل هذا التارخ تنزع منزع الصوفيين أو العذريين في علاقتك مع المرأة وفي تصويرك لحالات العشق التي كانت تعصف آنئذ بروحك
المرأة -نجمة روح- أي كائن لا يدرك بالحواس
وهذا يدفعني الى التساؤل
والى الظن -ومن الظن اثم- انك لاترى المرأة بحواسك وانّما بروحك
أو انك لم تكن ترى المرأة بحواسك وانما----
فاذا غض المرء نظره عن- طراوة النهد شهقةالحب ـ نكهة الجسد - الواردة هنا والتي تعد في رأيي بداية لمرحلة شعورية جديدة لديك ومضى يبحث في غير هذا الموضع عما يماثلها في ايقاعها الحسي لاجهده البحث
أين النهد المتوثب الذي يرعش الاوصال
أين المقلة التي تذيب القلوب
أين الردف الذي تختلج منه الحنايا بالشهوة الحمراء
أين - نكهة الجسد - التي تفغم كل الحواس
أين وأين

انّي لا ازال أرى فيك شاعراً عفّ القافية صوفيّ الهوى

ملأ الله دنانك من خمرة بابل
مع خالص المودّة والشكر

ليساندرو - منشن كلادباخ

-----------------------------------------------------------------
صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي

العزيز ليساندرو

قرأتُ ردَّكَ في الوقت الّذي كنتُ أشتغل على قصيدة وما أزال لأنها جزء كامل من أنشودة الحياة، وهي بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الأنشودة، هذه القصيدة العشقية التي حملت عنوان: حالة عشقٍ مسربلة بالانتعاش، والتي أشرتَ إليها عبر ردكَ الأخير ..

نعم يا صديقي يكتنف بين جوانحي النزوع الصوفي العشقي الروحاني الإنساني! .. حتى مع نكهة الأنثى وأنا في تماس اشتعالي، أجدني محلّقاً في هذه الفضاءات الصوفية الروحانية، فالأنثى بحدِّ ذاتها مخلوق روحاني مقدّس، فأنا أراها بنوع من القدسية الاحترامية العميقة، وهي كائن معبق بالزهور ، ألذّ من نكهة الشمّام! هل تذوّقتَ نكهة الشمّام يا صديقي؟!

ومع كلّ هذا فأنا أتعامل مع النصّ كنصّ كحالة إبداعية، وليس كلّ ما يرد في نصوصي وقصصي تعكس عوالمي بحرفيتها فالحرف يندلق من شواطئ الرُّوح دونما أي رقيب، سوى رقيب بهجة الإبداع، صحيح أن الحرف ينبع من أعماقي الخفيّة، ويفضح الكثير من خصوبتي الغافية في سماوات الحلم، لكن مع هذا فإن حرفي أحياناً يجمح نحو عوالم بكر جديدة لم أعرفها لا من قبل ولا من بعد، هي مجرد فضاءات افتتحها نداوة قلمي، وهكذا تتعانق أحياناً جموحي مع ما يعتريني واعتراني في غابر الأيام وأحياناً يتقاطع مع شهقة الحلم ورعشة الخيال، وعموماً أنتَ مصيبٌ إلى حدٍّ بعيد فيما ذهبتَ إليه في مسألة خصوصيتي مع عوالم المرأة ـ الكيان، المرأة صديقة حرفي وشهقتي الشعرية المفتوحة على أرخبيلات العناق، هي كينونتي ووجودي، أندهش كيف لا يصنع المرء ثماثيلاً بعدد النُّجوم للنساء في قبَّة السَّماء! يزعجني أن لا أرى ثماثيل نساء متناثرة حول هلالات القمر، ما هذا الكسل الذي يتماوج حول ذكورةِ هذا الزَّمان، وقبل هذا الزّمان؟! كيف تتحمّل المرأة خشونة رجلٍ وهو يبحلق عينيه في نعومة خدّيها في صباحٍ باكر؟!


.... ... ... .... ......
تعالي يا صديقة الرُّوح
نامي فوق خميلة القلب
نامي فوق تواشيح حرفي
فوق موجة ليلي
تعالي نرتشف حبق العشق
في ليلةٍ قمراء

تعالي نبحر في لجينِ الفرحِ
قبل أن يرحل هذا الزَّمان!

تعالي نشعل شمعة الانتعاش
على ضوء نجمة الصباح
نعبر مروجَ العشق
نسمع فيروز على إيقاع
بهجة العبور
في بحيرات المحبّة


.............................................
مع خالص المودّة والاحترام
صبري يوسف ـ ستوكهولم


تنويه:كل ما جاء في ردّي السابق بما فيه المقطع الشعري جاء بكل عفويته، سأنقل المقطع إلى فضاءات قصيدة : حالة عشق مسربلة بالانتعاش، لأنها تصب في عوالمها الرحبة!

لذا أحببت التنويه!

lezandro
-------------

الإقامة: Germany
صبري يوسف يطلق النار على جبابرة هذا الزمان

-----------------------------------------------------------------

في موضع سابق نعتك بالشاعر الملهم فهل كنت محابيا
لااظنني كنت هذا فما اسمع الان من بث هامس على الوتر الشجي -تعالي ياصديقة الروح- يثبت لي بالدليل حسن ظني بشاعريتك الملهمة اناسعيد اذ اجدني محقا فيما حكمت
قبل ايام كنت في برلين بحثا عن مخطوط في المكتبة الوطنية التقيت بصديق قديم تذاكرنا احداثا من حياتنا تهامسنا حول النساء وتساءلنا عما استجد ثم جاء ذكرك فقال
- كيف تدعي ان صبري يوسف واحد من الذين يغيرون بقصائدهم على فساد الحكام
قلت
-انه لكذلك
- ولكني لم اقرا له شيئا من هذا ماقراته له لايدل الا على شاعر مسالم لايميل الى المشاكسة
اعترضت
- هذا حكم متسرع اسمع عندي منه قصة لايحضرني اسمها الان سارسلها لك بالفاكس ان احببت وفيها تراه يطلق النار على جبابرة هذا الزمان
بحثت عن القصة اثر عودتي بين الاوراق فوق طاولة الكتابة في الخزانة بين الكتب في حجرة النوم وفي كل مكان يمكن ان تكون فيه لكنني لم اعثر على اي اثر يشي بوجودها ضاعت اختفت توارت
تلاشت عن نظري كان لم يكن لها وجود سابق عندي
وانا الان حائر لاادري كيف ضاعت مني
هل ضاعت مني حقا
هل كانت عندي قبلا
ام انها من نسج الوهم والخيال لست ادري انا
فهل لديك انت الجواب

ولتمتلئ بيادرك بحصيد وفير من حنطة وشعير
ليساندرو

صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي



العزيز ليساندرو

لا يوجد على وجه الدنيا جبابرة كي أطلق النّار عليهم، فلا جبّار تحت زرقة السّماء، البشر كلّ البشر عبارة عن نسمات عابرة في ربوع الكون، وفعلاً صدق صديقكَ عندما قال لكَ صبري يوسف إنسان مسالم، أؤكّد لكَ أنني فعلاً مسالم إلى حدٍّ بعيد! .. أنا مَن كتبَ نصّاً شعرياً تحت عنوان: السَّلام أعمق من البحار، الجزء الخامس من أنشودة الحياة (مائة صفحة) والذي سبق وزودتكَ برابط خاصّ به، منشور في موقع شبكة أقلام الثقافية، كما أنّني بنفس الوقت أودّ أن أصارحكَ أنني مشاكس ومتمرّد على كل ما هو خاطئ وشرير وفاسد على امتداد جغرافيّة الكون، وكل ما يصدر من اعوجاجات في هذا الزّمن المعفّر بـ "حصار الأطفال قباحات آخر زمان" وما جاء بين هلالين هو عنوان أحد دواويني الذي كتبته خلال العام 1999، ومن يقرأه الآن يشعر وكأنه كُتِبَ الآن، ثم تلاه نصّ مفتوح حمل عنوان: الإنسان ـ الأرض، جنون الصولجان، في هذا النص الطويل والذي أخذ مساحة ديوان كامل وهو الجزء الرابع من أنشودة الحياة والذي سبق وزودتكَ به والمنشور في موقع بيتنا، في هذا النصّ أسلط الضوء على أن الإنسان يحتاج قرونا عديدة أخرى كي يصل إلى مرحلة إخضرار الطبيعة، ورفعت قليلاً بل كثيراً ساطوري فوق وجه جلاوزة هذا الزّمان! أنا لستُ ضد جلاوزة هذا الزّمان لكنهم هم أنفسهم ضد أنفسهم، أنا لستُ ضد أحد على وجه الدنيا، لكني ضد السُّلوك البشري المقيت والتفكير الخاطىء والشرّير، ضدّ شرور الإنسان، وأشفق على أشرار هذا العالم كائنا من كان هذا الشرير؟! ولا أخفي عليك يا صديقي أن المجتمع البشري فيه نوع من الجنوح إلى عالم لا إنساني حيث أنني أرى خلخلة واضحة في علاقات البشر وعلاقات المسكونة مع بعضها بعضاً فنحن الآن بأمس الحاجة لعولمة إنسانية لا عولمة تكنولوجية استغلالية حربية قمعية سلطوية سقيمة! نحتاج إلى عولمة إنسانية تحترم إنسانية الإنسان وتطور وتخدم الإنسان عبر المسكونة كلها، لا أن تخدم دولة على حساب أخرى، وقد تبيّن لي أن النظام الكوني العولمي الجديد فشل فشلاً ذريعاً في قيادة الإنسان لأنه غاب عنه بل غيّب عن قصد هذا الجانب الإنساني الهام في علاقات البشر، وقد فشلت وتخلخلت وتقهقرت الكثير من المعايير والأنظمة والتوجهات في العالم لأنها توجهات غالباً ما تكون ورقية، وقد سبق وكتبت في مقدمة ديواني: السلام أعمق من البحار، المنشور عام 2000، بضرورة إلغاء هيئة الأمم المتحدة لأنها مجرد حبر على ورق، وضرورة إلغاء قانون حقّ الفيتو لأنه أشبه ما يكون بقانون خاص بإنسان سكران لأنه قانون قائم على مزاجية ومصالح الدول العظمى، والدول العظمى ليست دولاً عظمى إنها عظمى بالكلام والتسمية لكنها لا تمتُّ بالعظمة إطلاقا لأنها دول ذات منهج تنّيني، تفتح شدقيها مثل التنّين الموحش، تأكل وتبلع الكائنات والأسماك الصغيرة دون أن يرمش لها جفن .... أنا القائل:

ما هذا التطوّر الأعمى؟!
دولٌ كبرى تطحنُ دولاً صغرى!
من سيحضر
جنازات الدول الصغرى؟!

مقطع من ديوان: "روحي شراعٌ مسافر"، وقد ترجمت الديوان إلى اللغة السويدية ونشرته بالعربية والسويدية معاً عبر دار نشري، في ستوكهولم، عام 1998 ..

ومن هذا المنطلق أودُّ أن أقول لكَ يا صديقي أنَّ صبري يوسف لم يطلق النَّار على جبابرة هذا الزمان، فلا أرى أمامي جبابرة أصلاً كي أطلق عليهم النّار، ولا أؤمن بلغة النّار والقار إلا من منظور تقييم وتعديل اعوجاجات هذا الزّمان الغارق في متاهات وترّهات مادّية لا تمتُّ ولا تخدم إنسانية الإنسان إلا على نطاق ضيّق، لهذا فلدي منهاج ورؤى مرتكزة على بناء إنسان خيّر مسالم إنساني، بعيداً عن لغة التعصّب والتحجُّر والتفوّق العرقي والقارّي والقومي والخ من أنواع التعصبات اللاجدوى منها، أنا متعّصب ضدّ التعصّب! وأنحاز حتى العمق للإنسان، لبناء إنسان، ولا يمكن بناء إنسان بالطريقة التي أحلم بها وأنتهجها وأرسم ملامحها من خلال حرفي الذي أنقشه على وجنة الحياة إلا من خلال بناء طفل جديد على مستوى المعمورة يحمل هذه الرؤى ويترعرع ضمن هذا الإيقاع الإنساني الخيّر الخلاق، ورؤيتي منبثقة من منظور بلورة أخلاقيات ومعايير وعدالات ومساواة قرون من الزمان عبر مناهج وبرامج دينية أخلاقية فلسفية اجتماعية إنسانية مفتوحة على أجنحة الكون بكل تفرعات هذه الرؤى الإنسانية الخلاقة وعدم الوقوف عند الاختلافات بل معالجتها وتجاوز أسباب الخلاف والإختلاف لأن هدف وجود الكائن الحي وعلى رأس هذه الكائنات: الإنسان، هو زرع قيماً إنسانية تليق بالانسان .. وما قرأتَه يا صديقي من قصص أو قصائد حول ما سميته: صبري يوسف يطلق النار على جبابرة هذا الزمان، ما هي إلا رسالة وتحذير لمن ضلّ الطريق نحو بوّابات إنسانية الإنسان بكلّ ما تحمل هذه البوّابات من معايير خلاقة، وهناك معادلة مخرومة في الحياة تغيظني جدّاً وهي أن حكماء هذا العالم بعيدون عن قيادة وبناء الإنسان فأفكارهم ورؤاهم وحكمتهم تذهب إلى حدٍّ كبير في مهب الرّيح! فأين دور الآداب الرفيعة ـ المبدعين، والفلسفة ـ الفلاسفة والحكماء، و ...... أين دور قوى الخير كي تبني وتقود طفل جديد يليق بهذا الكائن السامي؟! أنّهم مهمّشين تماماً!

أضحك جدّاً عندما أقرأ خبراً يصدر من أميركا أو أية دولة عظمى أنها ستضرب إيران أو الدولة الفلانية لأنها من دول محور الشرّ، فأتساءل ما هذا الشرّ أو الخطر الذي تشكِّله إيران على العالم، وأيّ شر هذا الذي ينبعث من دولة من دول العالم الثالث تحتاج إلى قرون من الزمن كي تعيش في حالة ديمقراطية وتحقق رفاهية بسيطة لشعبها، إنه لمن الوقاحة بمكان أن يطرح الغول العالمي مكشّراً أنيابه بفظاظة: أن الأرانب أشرار، وأن القطا والعصافير أشرار وخطر على الفيلة والضباع! وإذا كان لدى إيران وكل ما تعتبره أميركا دول محور الشرّ، فإن نسبة ما هو شرّ في هذه الدول ـ إن وُجِدَ ـ نابع من منظور الدفاع عن النفس وهو نوع من رد الشرِّ بالشرِّ أو الدفاع عن النفس حتى ولو جاء بشكل شرير لأن أي دفاع عن النفس فيه نوع من الشرّ فمثلاً لو هجم ثلاثة أشخاص أقوياء على قديس من قدّيسي هذا العالم فإنّ هذا القدّيس ليس من المستبعد أنّ يدافع عن نفسه حتى ولو أضطرّ أن يرتكب جريمة ويقتل هؤلاء الاشرار المهاجمين عليه! فربما ردّه ودفاعه عن نفسه يؤدّي إلى قتل المهاجمين عليه، والقتل حتى ولو كان دفاعا عن النفس هو نوع من الشرّ لكن من ولّد وتسبَّب بهذا الشرّ؟! .. هنا بيت القصيد!
من هذا المنظور، أقول أن أميركا وغيرها من الدول العظمى من أقوى وأكبر دول الشرّ على وجه الكون، فإذا كانت بعض دول محور الشر شريرة لسبب أو لآخر، وغالباً ما يكون ردّ الدول الفقيرة والنامية من منظور الشعور بالغبن والظلم، فإن نزعة الشر عند الدول العظمى ناجم عن نوع من البطر والعنجهية والاستعلاء والقمع وإستخدام القوة الغاشمة وكل هذا من أجل الاقتصاد، حيث كلّ تركيزها يقوم على الاقتصاد ولديها الاستعداد أن تزجَّ الدول الفقيرة في حروب لها أول وليس لها آخر من أجل تعديل ميزانها التجاري والهيمنة على اقتصاديات الدول الفقيرة والمتخلفة على حساب المزيد من تفاقمات جماجم الأطفال والبشر الأبرياء! لهذا فمن الضروري أن ينهض حقوقي هذا العالم كي يستنهضوا كل من لديه ذرة قيم وأخلاق ومعايير إنسانية لسنِّ قوانين جديدة تكفل حقوق فقراء هذا العالم والدول الفقيرة في هذا العالم وحمياتها وصونها من ديناصورات وحيتان العالم الجديد، والعولمة التي أراها أشبه ما تكون بغول مفترس الانياب لنهب الدول الفقيرة التي لا حول لها ولا قوّة، لأن شعوب هذه الدول الفقيرة مظلومة ومغلوبة على أمرها مرتين، مرة من حكّامها ومرة من ضغط التنّين العولمي الجديد، فلا خلاص إلا بالعودة إلى المعايير الإنسانية، وسنّ قوانين جديدة، وتوزيع الاقتصاد العالمي بشكل عادل على الانسان على إمتداد الكون، والتخطيط من أجل تنمية الكائن الحيّ نحو الأفضل بعيداً عن لغة الحرب والقتل والاقتصاد المقيت، إن الميزانيات التي تصرفها الدول العظمى وعلى رأسها أميريكا ومَن لفّ لفّها على الحروب والسلاح والتدمير، تكفي لإشباع جزء كبير من فقراء هذا العالم، فلماذا تفتعل الحروب وتدمِّر الأخضر اليابس ثم تأتي وتعمّر ما دمَّرته وكلّ هذه الفاتورة الباهظة تتراكم فوق رقبة فقراء هذا العالم!


هل قرأتَ قصيدة أميريكا حضارة نارٍ وكبريت؟!

بالمحبّة يستطيع الإنسان أن يصل إلى قمّةِ الفرح وقمّة الإنسانية، لهذا أركِّز هذه الفترة على نصّ مفتوح بعنوان: حالة عشق مسربلة بالانتعاش!
لماذا لا يترعرع الطفل على مدى الكون وهو يلعب في أحضان الطبيعة والحياة ويستمتع بالبحر والهواء العليل ويترعرع وينمو مثل زهرة معبقة بنكهة الياسمين ويعشق ويرقص ويغني ويمرح ويزرع بسمة فوق وجنة القمر؟!
إلى متى سيخطط الإنسان للحروب والدمار وحصار البشر والسجون والقمع وسخافات آخر زمن، في زمنٍ أصبح الكون فعلاً بمثابة قرية صغيرة لكن ما فائدة هذه القرية الصغيرة طالما هذه القرية تُبنى على جماجمِ البشر وتتأرجح على كفِّ عفريت؟!

.. هذا "وللزهور طقوسها أيضاً!" .. عنوان إحدى قصصي القصيرة، أنصحكَ بقراءتها أيّها القارئ العزيز!

وهنا يا صديقي القارئ تجد أغلب قصصي منشورة في موقع القصّة العربية، عبر الرابط التالي:

http://www.arabicstory.net/index.php?p=author&aid=397

وهنا تجدُ الكثير ممّا فاتكَ عبر موقعي:

http://www.rezgar.com/m.asp?i=10

تفضّل! تمتع يا صديقي بهذه اللوحات التي رسمتها من وحي الحبّ، العام الفائت 2004

http://www.soku-tensta.org/sabbe/foto.htm



------------------------------------------------------------



lezandro
-------------

الإقامة: Germany

اعتراض

----------------------------------------------------------------

أحييك تحية المساء مع ترديد عبارات الشكر

تنفي نفيا قاطعا ان تكون اطلقت النار على - جلاوزة - العصر وهذا القول اذا اخذ من ظاهره احدث تناقضا وارتباكا في فكرك السياسي لانا اذا عرضنا النفي انف الذكر على الاقرار الماثل امامي والذي ورد للتو على لسانك
- رفعت قليلا بل كثيرا ساطوري فوق وجه جلاوزة هذا الزمان-
ثم استذكرنا غاراتك على المواقع الهشة الفاسدة في معسكرات امريكا ذات الحضارة المشيدة من ال-نار وال كبريت- ظهر التباين بين الاثنين واضحا
وهذا الارتباك في الموقف السياسي سمة بارزة لدى الكثير من الشعراء مرده الى طبيعة الشاعر الانفعالية التي تتفرد بحساسية مفرطة ورقة في الشعور والى طبيعة كل من الشعر والسياسة
فالشعر ذو طبيعة خاصة تتكون عناصرها من مادة خالدة اما السياسة فعناصرها من مادة متحولة زائلة انية
والا فكيف افسر غضبتك على الدول الكبرى التي ينعم الناس في حضنها بالدفء والاستقرار والكرامة- وذرفك الدموع في -جنازات الدول الصغرى- التي تغتال فيها الكلمة الصادقة وتستباح فيها كرامة الانسان ويطارد فيها الاحرار وتهدر دماؤهم بلا ذنب وتمرغ فيها كرامة المراة في حماء التقاليد البليدة
و و و ------

والى اللقاء

lezandro
.................................................. .................
صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي


عزيزي الطيب ليساندرو

أحييك يا صديقي!

تفضل يا عزيزي ليساندرو، اِقرأ بعضاً من وجهات نظري المتجسدة في فضاءات نصوصي! يبدو أنك تسرعت قليلاً في الحكم على وجهات نظري وأفكاري!

أنا لست سياسياً يا صديقي، أنا إنسان ذو شعور إنساني كوني لهذا أعشق الشعر.

عبر الرابط التالي تجد بعضاً من الرؤى ووجهات النظر، آملاً أن تجد بين طيّاتها ضالاتكَ المنشودة وقد كنتُ قد نشرت هذا المدخل في موقع إيلاف أيضاً :

http://www.rezgar.com/debat/show.ar...rID=10&aid=6146

مع خالص المودّة والإحترام



-----------------------------------------------------------------



lezandro
-------------


الإقامة: Germany
اكرم اباك وامك

---------------------------------------------------------------

لايفوت القارئ ان يلاحظ في ادبك تعلقك الشديد بذكرى والديك-رحمهما الله- الى درجة تدعو الى التساؤل اذ ان الاذن ما الفت ان تسمع مثل هذا البث الرقيق في الابوين يصدر الا عن المراة الكاتبة-غالبا- لاالكاتب الرجل
ولاننسى هنا ان كثيرا من الرجال رغم حبهم لابائهم تمنعوا من اظهار عاطفتهم المشبوبة نحوهم
بل ان بعضهم وقف ازاءهم موقف المتوجس لايخفى على احد موقف المعري من والده اذ عده جانيا
عليه وموقف غيره في الادب العالمي حين نظر الى نفسه فوجدها تصطخب بالعيوب فالقى باللائمة عليهما
... ... ..... .... .... ..... ......... .. ....... ... ...؟

اتغلف وجدانك وصايا الله العشر وعلى راسها- اكرم اباك وامك ليطول عمرك-
اتنطوي على خلق - رد الجميل- لانهما كانا بك- انت اخر العنقود- حفيين رائمين
ام انك كاتب ذو رسالة تقتضي -وجوب- ان تشتمل على هذا المضمون لتكتمل عناصرها حسب الخطة المرسومة لها- --


غفر الله لهما وانزلهما مقاما خالدا في احضان ابينا ابراهيم

Lezandro صديقك - الطيب-

------------------------------------------------------------



صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي


المتابع العزيز ليساندرو

لا أعلم فيما إذا قرأتَ تعقيبي السابق والرابط المرفق، كمدخل للنصّ المفتوح الذي أشتغل عليه منذ سنوات!

عموماً، سواء قرأته أو لم تقرأه، فليس هنا بيت القصيد، وإنما بيت القصيد يكمن في مسألة إطلاق أحكام وتقييمات على شخصية ما، أدبية كانت أم فنية الخ ..
من الواضح جدّاً أنّكَ تملكُ من العمق في الرؤية والقراءة والفهم والعلوم الشيء الكثير، لكنّي أراكَ يا عزيزي أحياناً تطلق أحكاماً وإنطباعات وتساؤلات لا تمتُّ لجوهر النصّ أو الفكرة أو المنحى الذي ممكن أن يناقشه المرء! فتتطرّق إلى خصوصية حياة المرء، من منظور غير عملي وغير منطقي أيضا!

من قال لكَ أنّ المرأة فقط تتحدّث عن الأبوين بهذه الروح العاطفية والمحبة الودودة العميقة؟!
إن الرجل يمتلكُ محبة وحناناً ورومانسية ربما يفوق المرأة وهو رجل وذكوري في رجولته وحنانه ورومانسيته؟!

لا أكتب رسالة ولا يوجد عندي خطة محددة أثناء كتابة نصوصي، تولد نصوصي من رحم الحياة، وهي ومضات مستنبتة من وهج الحياة ووهج اللحظة الإبداعية! الحياة بكل ألوانها موضوع رسالتي لكني لا أخطط لمواضيعي، أعيش اللحظة ـ الحدث/ الحالة ثم أكتب عنها، وأحياناً أكتب من وحي الخيال أيضاً فالكثير من الشعر والنصوص عن العراق كتبته من وحي تخيلي عن العراق والدمار الذي آل إليه والكاتب يجب أن يكون لديه موقف في الحياة مما يراه ويسمعه ..

لا أكتب من منظور ديني، (أكرم أباك وأمكَ كي يطول عمركَ على الأرض)، لكن هذه الرؤية مناسبة لخصوصيتي ورؤيتي في الحياة والكثير من فلسفات الحياة مستمدة من الأديان، لكن رؤاي غير مستمدة من نوازع دينية، هي مستمدة من منحى إنساني ومن الطبيعي أن تتوائم بعض أفكاري مع عوالم الأديان لأن الأديان لها منزع إنساني أيضاً، أكتب ما أشعر بضرورة كتابته، فأحياناً تتطابق رؤاي مع هذه الرؤية أو تلك وأحياناً تختلف! لا أفكر بالجانب السياسي والديني والإجتماعي والتقاليد والمعايير لحظة كتابة النصّ، بقدر ما أفكِّر بما ينتابني من مشاعر إزاء موقف أو حالة ما، فأكتب مشاعري بكل عفويّتي وفطرتي بعيداً عن إيديولوجيات هذا الزمان، إيديولوجيتي هي تحقيق العدالة والحرية والديمقراطية للإنسان، لاشك أنَّ رؤيتي تصبُّ بطريقة أو بأخرى مع الكثير من الرؤى السياسية لكنها ليست نابعة من منظور إيديولوجي معيّن، ولا تعجبني إطلاقا إيديولوجيات هذا الزمان فهي نافرة ومتخشبة وتدمي خدود الإنسان، دموية ، مركزة على الاقتصاد والمصالح البغيضة، لماذا أغفلت الكثير من سياسات هذا الزمان عدالة الإنسان ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان؟!

أنادي وأدعو إلى تأسيس حزب الإنسان، حزب التواصل، حزب الحوار، حزب الرأي والراي الآخر، التفاعل، التطور، العدالة، الحرية، الطبيعة، استغلال الموارد الطبيعية لصالح المجتمع البشري، واستغلال طاقات البشر لخدمة البشر، ومسح خلافات البشر السياسية والدينية والاجتماعية والتقاليدية، ومحالة تقريب وجهات نظر المجتمع البشري لبعضه بعضاً.

أدعو إلى تجاوز عقدة التفوق، عقدة الأبيض، الأسود، الدين، السياسية، الغنى، الشرق، الغرب، .... وضرورة الوقوف عند مشاكل الكون، مثل التفجر السكاني، البطالة، الصحة، البيئة، الطفولة، وضرورة بناء طفل يناسب أبجديات حضارة العصر بعيداً عن تعقيدات وسخافات التناقضات التي تزرعها إيديولوجيات هذا الزمن الأرعن! من جهتي أرى زمننا أرعنا وفاشلا وخائبا، أكثر من نصف المجتمع البشري يعاني من الفقر، لماذا لا تضع الدول المتقدمة والناهضة صناعيا وتكنولوجيا مخططات لمعالجة مشكلة الفقر في العالم، أليس عاراً أن نرى الإنسان الفقير يموت من الفقر، من القحط في الكثير من دول العالم.
نسى سياسيو هذا العالم أن إنتشار الفقر يؤدّي إلى تدهور المجتمع البشري بطريقة غير مباشرة، وأحمّل الدول العظمى والغنية وأغنياء هذا العالم مسؤولية آلام وأحزان ومشاكل وهموم فقراء هذا العالم، ويجب تأسيس منظمات وأحزاب وهيئات دولية عالمية لمعالجة هذه المشاكل التي تدمِّر حياة الكائن الحيّ في الكثير من أركانِ المعمورة!

هذا وللحوار بقيّة!
.................................................. .......
lezandro
-------------

الإقامة: Germany
خطا في الفهم ام ضجر من الحوار

-------------------------------------------------------------

من المؤسف انني لم اتلق اجابة شافية منك عن سؤالي السابق
لاباس ساعود من جديد الى اعمالك فلعلي اوفق في العثور عليها بجهدي الخاص
انا حزين لانك اتهمتني باصدار احكام وتقويمات غير لائقة- الحكم الوحيد الذي اصدرته كان حكمي لك بانك شاعر ملهم وما خلا هذا كان محض تساؤل وسؤال- وقمت بحذف عبارات كنت اعتبرها مهمة في فهم شخصيتك الادبية وهي عبارات لو امعنت فيها لوجدتها بريئة من كل ما يخدش كرامة الرجل وتتفق تماما مع موقفك من المراة فانت في شعرك تمجدها وتقدس انوثتها وهي -اعني الانوثة- لم ترد في شعرك قط صفة لمعنى مستكره او ذميم فكيف تانف الان من ان تكون الانوثة في وفيك وفي سائر الرجال مادامت مقدسة ام ترى انها مقدسة مادامت في المراة فاذا خرجت منها الى الرجل صارت ذميمة
لله در شاعر عربي محدث اعلن بملء صوته عن حاجة الرجال العرب الى الانوثة ومااحسبه الا انسي الحاج وانا مثله لا اخجل من انوثتي
وفي علم النفس ان شخصية الرجل وكذا المراة تتكون من عنصرين متالفين لا متنافرين هما عنصرا الذكورة والانوثة

ام هل ضجرت من الحوار -اشارة استفهام-
ليتك تصبر على - ثقل دمي- فمايزال في جعبتي ثلاثة اسئلة لن اجرؤ على طرحها قبل ان ينفثئ عني غضبك
فليتسع لي صدرك وليشملني حلمك
صديقك الطيب ليساندرو

lezandro


صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي


عزيزي الطيب ليساندرو

تحيّة طيبة وبعد

لا، لم أضجر من الحوار إطلاقاً، بالعكس فأنا من هواة الحوار، حتّى انني كتبت نصّاً طويلاً وما أزال اشتغل عليه، تحت عنوان: الحوار! وحالما أضع اللمسات الأخيرة عليه، سأنشره في المواقع التي أكتب فيها!

على الأرجح كان قصدكَ بريئاً، لكن سياق السؤال جاء في غير السياق المناسب، خاصة عندما أجريتَ مقارنة ما بين الأنوثة والرجولة، مشيراً إلى طغيان الأنوثة على الذكورة أو الرجولة! ويبدو أن قصدكَ حول موضوع الأنوثة كان من مفهوم الطراوة والليونة وما شابه ذلكَ، لكن الذي يقرأ السؤال يُخيَّل إليه وكأنّكَ تركّز على الأنوثة وطغيانها وكأن المشار إليه، ضعيف في جوانب الرجولة!

عموماً أهلاً بكَ وبأسئلتكَ يا صديقي، وصدري يتسّع للكثير من التساؤلات، لكن عندما تصيغ سؤالك وتساؤلاتكَ لا تتركها تتأرجح بين تأويلات معينة غير التي تقصدها! حدّدها بدقة مباشرة!

مع خالص المودّة والإحترام
صبري يوسف ـ ستوكهولم



18-06-2005, 22:31 #14
lezandro
-------------

الإقامة: Germany
رسالة الادب

----------------------------------------------------------------

- لا اكتب رسالة ولايوجد عندي خطة محددة تولد نصوصي من رحم الحياة-
هذا لانك شاعر حقيقي ولست فيلسوفا - بالمعنى الاكاديمي- او عالما مولعا بالتنسيق والتخطيط والترتيب المنطقي الصارم للمواد التي يقوم بدراستها وعرضها

ولكنك مع ذلك شاعر يحمل رسالة - رسالة لاتجري بالطبع على مناهج الفلاسفة والعلماء- وقد صغتها في عبارة وجيزة قائلا- ايديولوجيتي هي تحقيق العدالة الحرية الديمقراطية للانسان
وذكرت اكثر الموضوعات اثارة وحساسية في الوقت الراهن وهي- التفجر السكاني البطالة الصحة البيئة الطفولة - وجلها يتصل بالانسان من جهةما يتحصل له منها من خير او شر
فالانسان اذن هو المعيار الهدف وجوهر الرسالة عندك وخيره هو القيمة المثلى فيها
حسن ولكن الانسان مفطور على الشر حتى ليمكن القول انه وراء كل ما يحدث من خلل في هذا الكون فكيف لنا بعد هذا ان نحمل قلوبنا على الرافة به كيف لنا ان نسخر اوتارنا في تمجيده
وكيف لنا ان نشقي عقلنا من اجله
هل ترى كما يرى المصلحون من اصحاب الرسالات ان الناس فئتان فئة ضالة شرها لا ينتهي وفئة مستنيرة خيرهالاينقضي حق على الاولى لوم وقصاص وعلى الثانية شكر وثواب
ام ترى الانسان وجودا غير قابل للتقسيم بجوهر واحد مكون من ثنائية الخير والشر
فانا وانت وهذا وذاك اشرار حينا واخيار حينا
ولكن لما كانت مهمة الشاعر هنا ان يستاصل الشر من نفس الانسان-بوسائله المعروفة- ويثبت الخير فيها ولها واجهته معضلة حقيقية
فهو ان افلح في مهمته - اي في اقتلاع الشر- اضر بالوحدة القائمة بين الخير والشر فامسى الخير بلا شر قيمة فارغة من المعنى كما هو الحال في جميع الاضداد فالابيض لايعرف ان فني السواد ولا تقاس الحرارة الا بوجود البرودة فكيف الحل
ومن جهة اخرى فان الخير والشر من القيم - النسبية- فما نسعى اليه من خير لزيد قد يكون فيه شر لعمرو خذ الديمقراطيةمثلا - وهي قيمة من قيم الخير وعنصر بارز في ايديولوجيتك- فسترى فئة
من الناس غير قليلة تكفر بها و تعتبرها بلاء عظيما
وان انت نشرت العدالة في امة ذهبت بمصالح طبقات كثيرة فيها كانت تقتات مما كان يسودهامن جور وظلم وفساد
ولهذا نرى بعض الناس ينظر بعين الريبة الى رسالة الادب بمنظورها الانساني الشمولي- التي نتلمس بوادرها في ادبك ايضا- ويجدها لاتسير دائما في درب ممهدة خالية من-المطبات- كما يجدها لا يمتد صداها عميقا في النفوس
ويزعم ان كل الرسالات الادبية التي نحت هذا النحو وكل الادباء الذين نالوا جائزة نوبل للسلام لم تنجح او لم ينجحوا في كبح الحروب المدمرة ويزعم انها عجزت او عجزوا في نهاية المطاف عن اصلاح الانسان
فهل ستواصل ايها الصديق سيرك في هذا الاتجاه

مع اجمل التحيات و احلى التمنيات
من Lezandro

lezandro

صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي


الكتابة تحرق الشرور العالقة بين أجنحتي


أسئلتكَ يا صديقي غنيّة ومفيدة وهامّة للغاية، وتصلح أن تُطرح في ندوات مفتوحة على مرأى من الجمهور ضمن حلقة من المتخصِّصين في المجالات الرحبة التي طرحتها، حيث تتضمّن منحى دينياً فلسفياً إجتماعياًَ جمالياً أخلاقياً فنياً أدبياً حضارياً سياسياً ... وتصبُّ في فضاءات مفتوحة، وهي تشبه نصوصي المفتوحة من حيث رحابة الفضاءات التي تحلّق فيها، ولا يمكن الإجابة عنها بسهولة عبر هكذا منابر ضيّقة وعبر هكذا تعقيبات عابرة!

لا أخفي عليك أن هكذا هواجس ,هكذا أنواع من الأسئلة وعشرات الأسئلة المتشابهة والمتعانقة في عوالمها كانت وما تزال تنتابني وأنا نفسي أتوقّف عندها مليّاً للإجابة عنها لكني أجد نفسي عاجزاً عن الردّ على اسئلتي لكنّي لا أقف مكتوف الأيدي فأجيب عما أستطيع الإجابة عنها وأترك ما لا أستطيع الإجابة عنها للزمن للحياة للأيام القادمات!

ليس كل ما جاء في أسئلتكَ صحيحاً أو دقيقاً، فلا أوافق على تساؤلكَ الذي تقول فيه، الإنسان مفطور على الشرِّ، لا يا صديقي الإنسان ليس مفطوراً على الشرِّ، وهناك الكثير من الفلاسفة يعتبر الإنسان أشبه ما يكون بصفحة بيضاء عندما يأتي للحياة! والطفل أيّ طفل على وجه الدنيا هو بريء بالفطرة كونه طفلاً، صحيح أن الطفل من الممكن أن يرث عن والديه وأجداده جينات شريرة وما شابه ذلكَ لكن هذه الجينات الشريرة لم تأتِ عبر الوراثة بشكل محض لأنها ربما تشكلت من خلال الاكتساب، اكتساب الوالدين والأجداد وأصبحت متوغِّلة في كيان شخصية حاملها وعموماً مسألة الشرّ والخير لا يمكن البتّ فيها على أنها وراثيّة، فليس من المعقول أن يولد الإنسان خيّراً خالصاً ولا شريراً خالصاً فهذه المسألة نسبية، ودرجة نسبيتها ممكن ان تطغى أو تتنحّى بمنحى الخير أو الشر تبعاً لعوامل وظروف البيئة التي يترعرع فيها المرء!

أود أن أشير إلى نقطة هامة في سياق الحديث عن الخير والشرِّ، إن ما هو أعمق من الخير والشرّ هو هذا الجانب الروحي أو النزوع الروحي الشفاف الذي يصبُّ في جانب السموّ والارتقاء نحو فعل الخير وفعل العدالة والفضيلة والصواب .. الخ من أفعال النبل والخير والروحانيات، والجانب الآخر، النزوع المادّي، بما فيها مادّيات الحياة الاقتصادية والجسدية ومتفرعاتها التي تصبُّ غالبا بخانات الطمع والجشاعة والشر والحرب والدمار، الانحراف عن مسارات الخير...!

فمن جهتى أرى أنه لا يوجد إنسان مفطور على الروحانية بشكل محض ولا على النزوع الجسدي المادّي المحض، فهو يتألف من روح وجسد ونزوعه يتأرجح بين هذين المنزعين، لهذا فمن السهل على الكائن الحي تطبيق النزوع الثاني الذي غالباً ما يصبُّ في دنيا الطمع والشرّ والفساد، لماذا؟ لأنَّ القيام بفعل الشرّ أسهل على الإنسان من القيام بفعل الشرّ، وطرق الحصول بشكلٍ شرير على أهداف مادية أسهل مما لو يحصل عليها الإنسان بشكل خيّر وعادل وقانوني، من هذا المنظور فأنا أطالب الكائن الحي، الإنسان، أن يتوازن مع إنسانيته بتحقيق حاجات الجسد ومتطلبات الحياة ضمن إطار إنساني خيّر راقي أخلاقي عادل غير جشع، وغير استغلالي وغير منافق وغير شرير، ورسالتي في الحياة غالباً ما تصبُّ في تحقيق هذه المعادلة لكن تحقيقها صعب وشبه مستحيل لكن يستحسن أن نتوجّه نحو تحقيقها وأن لا نيأس، وأنا أرى بأن صعوبة تحقيقها يعود لعدة أسباب منها غباء المجتمع ونظام المجتمع البشري والتركيز على ماديات الحياة وعدم التركيز على أخلاقيات الإنسان، لهذا تراني أشدِّد كثيراً على ضرورة بناء طفل مسالم خيّر مشبّع بقيم الخير ومعايير فعل الخير والمحبة والعدالة منذ ولادته، فلا يمكن لطفل يترعرع في بيئة فاسدة إلا أن يصبح في مستقبل الأيام حاكماً فاسداً وإستغلاليا وغير عادل، وهذا الأمر يتفاوت من طفل إلى آخر بحسب نسبة الشرور واللاعدالة التي تلقلاها في مرحلة تكوينه في سنواته الأولى واللاحقة أيضاً! ولو جئنا وألقينا نظرة على أنظمة وحكام وقياديي هذا العالم في الوقت الراهن وفي مراحل طويلة من التاريخ البشري نجد أن نزوع أغلبهم نحو الشرِ والديكتاروية والاستغلال والقتل والدمار والحروب، كانت أكثر بكثير من نزوعهم نحو الخيرّ، لماذا؟ لأن تنشئتهم كانت تصبُّ أغلبها نحو الشرّ والفساد والماديات السقيمة! هل يوجد أي حاكم على وجه الدنيا لم يركّز على جمع المال وبناء القصور والتركيز على الخدم والحشم والنساء والترف وتخصيص ميزانيات خيالية في قضايا تافهة تصب في متعهم على حساب جماجم القوم وموت رعاياه!

لو نسأل أي إنسان على وجه الدنيا أن ينظر إلى مرآة نفسه، إبتداءً من الإنسان العادي ومروراً بالمسؤول العادي وإنتهاءً بالمسؤولين الذين يقودون البلاد، نجد أن درجة الشرور والظلم تزداد لدى الفئات الحاكمة أكثر من المواطنين العاديين، وليس لأن المواطن العادي أقل شرّاً بل لأنّ إرتكاب فعل الشر والاستغلال والنهب غير متاحة أمامه فلو تيسّر لأي مواطن عادي أن يكون في سدة الحكم لربما يصبح أكثر قمعويا وشريراً من الحاكم نفسه علماً أنه كان يطرح نفسه عادلاً وديموقراطياً ويطرح شعارات المساواة والحريّة والخ، لماذا هذه الازدواجية إذاً؟! السبب يعود إلى طريقة تربية وتنشئة المواطن الذي يشعر بنوع من الظلم في قرارة نفسه فعندما يصبح بموقع القائد يصبح أحياناً أكثر شرّيراً من القائد نفسه لأنه يصبح في موقع المنتقم من ماضيه ومن خصومه ولأنه أصلاً غير مترعرع في بيئة سوية طبيعية بحيث تخوّله أن يكون عادلاً ومنصفاً وخيراً، لهذا فأنا متشائم جدّاً من قياديي هذا العالم ومن الذين سيأتون في مستقبل الأيام لأنني غير راضٍ في بناء وتنشئة الطفولة في العالم وخاصة في الدول الديكتاتورية السقيمة فالطفولة يتم بناءها وتنشئتها بشكل خاطئ وفظ وغير تربوي وغير إنساني، يصبح الطفل في مستقبل الأيام طفلاً مشروخ الرؤية، وغير عادل لأنه لم يترعرع على أصول حيثيات العدالة والخير فهل ستهبط عليه العدالة من السماء!

أنا لا أمجّد الإنسان يا عزيزي، وإنما أطالب الإنسان أن يكون ذات سلوك مجيد وحسن ونبيل وراقٍ وحضاري وإنساني وخير وديموقراطي وعادل، وأطلب من القيادي في أي موقع كان أن يزرع هذه القيم والمعايير الراقية في معالم الطفل، الجيل القادم، فلا خير في المجتمع البشري برمّته ما لم يزرع قيما ومعاييراً جديدة تطغى على شرور وحروب وضياع ومتاهات وترّهات وخزعبلات آخر زمن!

النزوع المادي أصبح طاغياً، أنا لستُ ضدّ ماديات الكون لكن على الإنسان أن يستغل الموارد الطبيعية والبشرية وماديات الحياة بكل أنواعها من أجل رفاهية وسعادة الإنسيان لا من أجل تدميره وقتله وشنّ الحروب عليه، وأعتبر المال الذي يتم رصده للحروب والقتل والدمار هو من مفرزات سموم البشر، واعتبر من ينزع هكذا نزوع هو أخطر وأكثر شراسة من الضباع والذئاب والوحوش المفترسة، وأطالب هكذا بشر أن ينظروا إلى مرآة ذاتهم، ألا يرون أنياباً مسمومة تنهش قلوب البشر/ فقراء هذا العالم!

يا صديقي، ليس بعض الناس ينظر بعين الريبة إلى رسالة الأدب بمنظورها الإنساني الشمولي، بل هناك الكثير الكثير من الناس، ينظر إلى رسالة الأدب بإستخفاف شديد وبعدم جدواها، ويجدها تسير في متاهاتٍ وفراغاتٍ مميتة، وفي فضاء الكلام بدون أيِّ فعل، لأن هؤلاء الناس مهما كانت نسبتهم عالية من سكان المعمورة هم نتاج تنشئة خاطئة ليس على صعيد فهم الأدب ورسالة الأدب فقط بل على صعيد الكثير من مناحي الحياة! هم يحملون رؤية قاصرة فاقعة شريرة أحياناً، وغبية مخلخلة أحياناً أخرى، غير قادرين على تقديم ما هو خيّر وعادل في الحياة فلا يروق لهم أي نزوع عادل في الحياة، لهذا أكتب نصّي من أجل غدٍ مشرق، وممكن أن يكون هذا الغد المشرق غداً أو بعد غد أو بعد قرن أو بعد قرنين أو بعد قرون من الزمان! ولا أخفي عليك ولا على القارئ العزيز أن رهاني هو لزمنٍ ولقرونٍ عديدة قادمة، فأنا يا صديقي غسلت يدي إلى حدٍّ بعيد من الأجيال الحالية، لأن ما أراه على الساحة الكونية من تشرذمات سياسية مرتكزة في أعماقها على نزوعات مادية شريرة، وأرى أنّه من الممكن أن يأتي يوم وزمن سيصبح حتماً فيه تغييرات في الكثير من معايير الحياة نحو رحاب الخير!

نعم، لم تنجح ليس فقط الرسالات الأدبية في كبح الحروب المدمّرة، بل عجزت معها معظم رسائل إيديولوجيات ورسالات الأديان، ورؤى فلاسفة وحكماء هذا العالم، لماذا؟ لأنها أي هذه الرسائل لا يتم تشرّبها وتشريبها وتعميق حبقها ومغزاها وجوهرها في عوالم الكائن الحي/الإنسان منذ ولادته، هناك غباء تاريخي لدى سيرورة تطوُّر المجتمع البشري، فلا يستفيد الإنسان من كل هذه الرسائل لخير البشر ولا يستغل عوالمها الرحبة لصالح الإنسان لأنه إنسان جاهل بماهيّة الحياة، جاهل بجوهر الحياة، لهذا تراه يتعلّق بقشور الحياة تاركاً جوهر الحياة مشتعلاً في دكنة الليل!

نعم سأواصل سيري ومعركتي في إتجاه خير الإنسان، ومعركتي هي معركة خير، وليس من الضروري أن يحقِّق نصّي وحرفي تغييراً وثورة في العالم أو في الحياة أو في المجتمع أو في الأسرة أو حتى على صعيد قارئ واحد، إنّما المهم كل الأهمية هو أن يحقق عبر التراكم المعرفي الحضاري والإنساني، تياراً ومنهجاً يصبُّ في بحر من الخير الوارف بحيث يأتي زمن ويتبنى الكائن الحي ـ الإنسان، هكذا رؤية كي يخفِّف رويداً رويداً من نزوعه الشرّير مركِّزاً على النزوع الخيّر، فالخير يتميّز بجاذبيته، لكن هذه الجاذبية الخيّرة التي تنمو في كيان إنسان ما، يجب أن تكون متاحة لدى الكائن الحي، لدى الطفولة، كي تتشرّب وتنمو وتترعرع رعاية مفيدة وصالحة وخيّرة، كي ينجذب أكثر وأكثر نحو فعل الخير!

وسواء تحقَّقت رسالتي الآن أو غداً أبو بعد قرون أو لم تتحقَّق إلى مدى الدهر، فهذا الأمر لا يعنيني كثيراً، فالعلّة تكون متعلّقة ومرتبطة بالمتلقي، بالآخر، بالإنسان نفسه، ولا يعني أبداً لو لم تتحقّق رسالتي أنها رسالة باطلة وغير قابلة للتحقيق، فأنا أكتب يا صديقي لأن الكتابة حاجة حياتية، متعة خالصة، أكتب كي أمتِّع وأفيد هذا الآخر ـ القارئ/الإنسان، وإذا لم يتمتّع هذا الآخر ولم يستفِد على مرِّ الأزمان والدُّهور فهذه مشكلته، وليست مشكلتي! الخلل فيه وليس في رسالتي أو في أيّة رسالة خيّرة في الحياة!

أؤكِّد للقارئ العزيز، للإنسان أينما كان، أنني لستُ ضد أي شرّير وظالم في الكون، بل ضدّ سلوكه الشرّير وضد الظلم والحرب والعدوان والفساد ... ، وأحاول جاهداً أن أنطلق من نفسي حيث انّني ضدّ سلوكي الشرّير أيضاً فلا أبرّئ نفسي من نسبة تفشّي معادلات الشرّ في العالم، فأنا بالنتيجة إنسان، تلملمَتْ فوق أجنحتي شروراً لا تحصى عبر محطّاتِ العمر .... وكم حاولت عبر مسيرتي في الحياة من لململة هذه الشرور ـ شروري كي أستأصلها من جذورها وأرميها في أعماق الجحيم! وكم كنتُ أشفق على نفسي، كلما عثرتُ على تموجات شرّيرة في سلوكي، مثلما كنتُ وما أزال أشفق على أشرار العالم، والفرق بيني وبين أشرار العالم المستمرِّين في غيِّهم وشرورهم، هو أنَّني لديَّ الجرأة في مواجهة شرّي واستئصاله، لهذا تراني أكتب نصّي لنفسي أولاً كي أتطهَّر من الشرِّ العالق بين أجنحتي، وأكتب للآخرين، الأقل منّي خطراً وشرّاً والأكثر خطراً وشرّاً لعلّهم يستيقظوا من غفوتهم، من ضلالهم، من فسادهم وشرورهم، ويسلكوا طريق الخير ويزرعوا فوق وجنة الحياة بسمة وفوق وجنة الطُّفولة وردة!

صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com



--------------------------------------------------------------

صبري يوسف

lezandro
-------------

الإقامة: Germany
معاناة الاديب

---------------------------------------------------------------

يخوض الاديب صراعا على ثلاث جبهات
صراعا مع الذات صراعا مع المجتمع- كما سبق ان بينت فيما تقدم-
وصراعا ثالثا مع فنون البيان
في حلبة الصراع مع البيان وفنونه- من الكلمة المتخيرة والتركيب المحكم والصورة الجميلة الموحية والخيال المجنح وما شاكل هذا من المحسنات المؤثرة- يلقى الاديب عنتا شديدا ويكابد مشقة ادهى وامر وتراه لايتوانى عن الشكوى واظهار الضجر من المعاناة
وليس بنادر ان يسقط في هذه الحلبة وينتهي امره الى الصمت المروع

ترى الى اي مدى يبلغ بك وجع اللفظ وعذابات الصياغة الفنية وانت -قلمك- في حال المخاض

اهنئك على اجاباتك الموفقة على اسئلة ايلاف
وعلى اصرارك الشجاع على الاستمرار في معركة الخير
صديقك الطيب lezandro

lezandro

صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي

الى أي مدى يبلغ بك وجع اللفظ وعذابات الصياغة الفنية وأنت - قلمك - في حال المخاض؟!

العزيز ليساندرو

لا تصادفني أية مشكلة في موضوع البيان، وما تسمّيه وجع اللفظ وعذابات الصياغة الفنية لا يخطر هكذا وجع على بالي نهائاً! تولد عندي الكتابة بإنسيابية عذبة، لا أفكر إطلاقاً بالمفردة، والصياغة الفنية، تولد المفردات من رحم الحياة كما نشهق شهيقنا بعمق ونحن نعبر حديقة وارفة بالزهور والورود، أكتبُ نصوصي عن تجربة، حتّى النصّ المتخيل، يمرّ في حالات ومخاضات، وعندما تحين لحظة إنطلاقة الشرارة فلا أحتاج إلا إلى ومضة، فكرة، شرارة تندلع في رحاب الذاكرة والمخيلة ثم تتدفَّق الأفكار بشكل عفوي خالص ..

لا يوجد عندي مخطّط مسبق لقصة أو رواية أو لوحة، تولد الأفكار من رحمِ الحياة، من تلقاء ذاتها، ربما هي إنعكاسات أفكار غافية في تجاعيد اللاشعور، أحياناً يستهويني فكرة ما فأعبر عنها وإذ بي أجدني تائها عابراً عوالم أخرى وتبقى الفكرة التي أمسكتها في البداية وكأنها فكرة عابرة في سياق النصّ وتولد أفكار أخرى تتحول إلى محاور للنصّ، وهكذا لا أجد أية مشكلة أو صعوبة في مسألة الصياغة الفنية، طبعاً عندما أكتب نصاً ما أعود وأراجعه وأصيغه وأصطفي منه وأضيف وأحذف لكنّ كل هذا هو مجرّد رتوشات لا أكثر وأحياناً وأنا أنقِّح النص تتوالد أفكار جديدة عبر الصياغات النهائية، وعندما أكتب نصّا شعريا، ففي كل مراجعة أضيف اليه وأشعر أن النصّ الذي أكتبه خاصّة أنشودة الحياة لا نهائية، لأنني عندما أصيغ مقاطع منه كي أربطها وأبوّبها مع ما يتناسق معها تولد جملا شعرية، ويراودني أنني قادر على الإضافات الجديدة المناسبة في كل مرة أراجع النصّ! وهذا الأمر أحياناً يتعبني لأنني أراني عندما أكون في رحاب نصّي تائها في عوالمه ، متدفِّقاً مثل شلال من الفرح، أنجرف في بهجة النص ويختطفني من ذاتي وأبقى في حالة عشقية لذيذة لساعات طوال، أكتب وأصيغ وأنقِّح ولا أمل، وأحياناً عندما أشعر بنشوة ولادات النصّ، وأصل إلى مرحلة الامتلاء الفرحي، أجدني أضع موسيقى راقصة وأرقص على أنغام الموسيقى وكأنني في حفلة ساهرة، أرقص بفرح عميقٍ ، لأنني أجدني منتعش فرحياً فلا بدَّ من تفريغ طاقاتي الفرحية بعد أن أشعر بحالة الامتلاء من نشوة الكتابة، فأرقص أحياناً لوقت طيب، ربع ساعة، نصف ساعة، أعرق فآخذ دوشاً، أتجدَّد جسديا وروحياً، أسترخي قليلاً أعود للنصّ بشهيّة مفتوحة أقرأ النصّ كقارئ ناقد، وأحذف ما لا أراه مناسباً وما يبدو لي نافراً، لا أحب الجملة المفتعلة والجاهزة، والتعبير القوي من دون معنى، الجملة عندي تشبه حديقة من كل الزهور والاشجار والمثمرة والشوق والحيوانات المفترسة والأليفة، البشر الأخيار والاشرار، تشبه تلاوين الحياة، أحياناً تأتي مفردة في صياغة غير متوقعة ولا تبدو مناسبة كصياغة شعرية وفنية أو جمالية فأتركها على حالها لو تحوي إيحائاً شفيفاً ، يسرني أن تنبعثَ جملة فيها غرائبية وتجديد في الصياغة، هناك مفردات عديدة، أشعر أنها ملتحمة في جوانحي، فاحياناً تتكرر في بنائي الشعري والقصصي فأستدرك هذا لكني أتحايل على البناء ببنائها بناءً جديداً مع صورة جديدة بحيث أن يكون تكرارها مريحا وهادئاً عليّ وعلى المتلقِّي، بصراحة لا يخطر على بالي المتلقي لحظة الكتابة إطلاقاً، لا رقابة عليّ سوى رقابتي، ورقابتي جامحة غير مرتبطة بأي قيد أو رقيب، وهكذا حتى رقابتي غير رقيبة عليّ بالمعنى الدقيق للرقابة، لكن هناك لاشعوري الضمني وشهوة ولادة الإبداع تأتي في سياق ما تعكس رؤيتي وأفكاري في الحياة، ربما أفكاري الهائجة هي الرقيب الأقوى فلا أكتب إلا ما يستهويني وبهذا تكون رؤاي هي التي تحدد الرقابة المفتوحة المتاحة، لكن بعد أن يولد النص أهذِّبه لغويا وبنائيا وأجري عليه تعديلات بحيث أحافظ على عفويته وجموحه وأخفف من الاسترسال!

لا أخفي عليكَ يا أيها القارئ العزيز أن نَفَسي يتناسب لكتابة أعمال روائية، لأنني أعشق السرد، السرد هو رحيق فرحي، أشعر أحياناً أنني أكتب عملاً روائياً حتى عندما أكتب الشعر أو القصة القصيرة، أحبّ أثناء كتابة نص سردي أن أنقش تفاصيل صغيرة ودقيقة وكأنّها مرسومة لفيلم سينمائي وتشبه سيناريو لفيلم أو تشبه نصّ جاهز لسيناريو فيلم، بمعنى آخر أميل إلى لغة التصوير، ولا أحب التسلسل عبر خيط منطقي دقيق ضمن أحداث سببية متتالية، فعندما أكتب سرداً يفرحني أن أقفز من حالة إلى أخرى ربما لا يجد القارئ أي رابط تربط الأحداث لكني أربطها عبر جموحات السرد، وأحب أن أفاجئ القارئ بما لا يتوقعه!

أريد أن أعترف أنّ لديّ شراهة في الكتابة، شراهة مفتوحة، ولا تزعجني هذه الشراهة رغم أنها تصلبني ساعاتٍ طوال خلف الكومبيوتر، أنقش حرفي بمتعة غريبة ولذيذة، أتأمّلُ وأقرأ كثيراً!

لدي طاقة كبيرة في تحمّل العزلة، التأمّل، الكتابة، ... عندما أتعب أنام فأستسلم لنومٍ عميق، أنام خلال ثوانٍ، لا يقلقني شيئاً، أكبر مشكلة تعترضي لا أعتبرها مشكلة فأعتبر مشاكل الحياة أصغر من أن تزعجني وتقلقني وتعكّر مزاجي ..

أستثمر همومي وأوجاعي ومشاكلي وغربتي وآهاتي وفرحي وحزني وبهجتي وعمري وموسيقاي وتواصلي وحبي وعشقي في الكتابة! كل شيء عندي يصبُّ في بهجة الحرف، النصّ الحزين أيضاً يبهجني عندما أحلِّق في عوالمه بعفوية جامحة!

أحبُّ الحياة، وأحبُّ اللحظة التي أعيشها! .. المرأة كيان راقي ومقدّس لها مكانة خصبة من شهقة القلب والروح، أشكر الآلهة على هذه الهدية الهاطلة علينا من السَّماء!

الموسيقى صديقة روحي، أعزف على العود، سماعي، وأغنّي بعض الأغاني الفولكلورية بعدة لغات من الشمال السوري الغني بموسيقاه وأغانيه الدافئة، كما أحبُّ الرقص بشكل عميق، عندما أرقص لا أشعر بالموجودين حولي إطلاقاً، ولا أستطيع التقيد بالرقص مع أنثى ما، فغالباً ما أجمح بحرية مفتوحة، وأشعر بفرحٍ عميق وتجلٍّ منعش، وأشعر وكأنّي أكتب شعراً عبر جموحاتي الرقصية .. أقرأ على وجوه البعض الفرح والارتياح وعلى وجوه البعض الآخر تساؤلات تصبُّ في خانات فضولية سخيفة، يتساءلون في أعماقهم لماذا يرقص هذا الشاعر هكذا مثل الميمون، فأضحك في عبّي على انطباعاتهم السقيمة بل أشفق عليهم وعلى حالهم، لأنهم لو يعلموا كم من البهجة أقتنصها من خلال تجلّيات الرقص لما انتابهم ما انتابهم!

عندما أقوم بفعل ما، كتابةً أو سلوكاً، وأعرف تماماً أنّه لا يضرّ الآخرين، أقوم به عن طيب خاطر حتى ولو أخذ الكون برمته موقفاً منّي، فالخطأ أعتبره خطأ الكون أو الآخر وليس خطأي، فحريتي وسلوكي وفكري ورؤاي لا يقيّدها تقاليد وعادات وقوى الكون، لهذا أراني متمرّد على اعوجاجات هذا الزمان!

الإنسان هدفي في الكتابة! .. أحبُّ الحوار، ترعرعت ضمن بيئة عنيدة وخشنة وهجومية وجريئة، وبسيطة، وفقيرة، وعادية، لكنّي تخلّصت من العناد ومن الكثير مما لا يتسهويني، عندما أجدني مصيباً في رأيي لا أتخلى عنه على قطع رقبتي الرفيعة! .... أحبُّ أن يكون للإنسان موقفاً، الإنسان بدون موقف لا يعني شيئاً، مجرد كتلة تتحرك على الأرض مثل أية كتلة متحركة خاوية ..

بنيتُ عوالمي مثل النملة التي تمتطي منحدرات الجبال وتصرّ أن ترى ما خلف الجبال وما فوق الجبال، بصبر عميق!

لدي في مخيلتي وفكري وروحي الرغبة القوية الجامحة ان أنجز مشروعي الشعري، أنشودة الحياة حتى غاية 3000 صفحة من القطع المتوسط! قصيدة واحدة، نص مفتوح! .. وربما أتابع أكثر أيضاً وتتوقف متابعتي على ما ينتابني من مشاريع في مستقبل الأيام، لكن هذا الرقم يموج في ذاكرة الروح وخصوبة القلب! أنجزتُ مع المسودات الصفحات الألف الأولى حتى الآن وعشرات الأفكار والرؤى لما تبقى من الرغبة متغلغلة في جوانح الروح ستنهض رويداً رويداً إلى بهجة النور!

حالياً، ومنذ فترة طيّبة، دخلَتْ رغبة هائجة على الخطّ، وهي كتابة أعمال روائية! وضعتُ أرضيات لأكثر من مشروع روائي، من المؤكّد ستأخذ منّي وقتاً طويلاً ربما سنوات فأنا أشتغل بغزارة لكني أكتب وأراجع بهدوء عميق!

كتابات المرحلة الأولى، شعر، قصص، خواطر، رواية مخطوطة، لم ترَ النّور لأنني أحرقت كلّ كتابات المرحلة الأولى واعتبرتها بمثابة التدريب على الكتابة إضافة إلى انني راجعها بعد سنوات من كتابتها فوجدتها غير جديرة بالنشر، لهذا أحرقتها بفرحٍ عميق دون أن يرمش لي جفن!

أكتب لأنَّ الكتابة تمنحني متعة منعشة للغاية لا يعادلها متعة أخرى في الحياة، وأترجم أفكاري ووجهات نظري عبر الكتابة كي أقدِّمها لقارئ وقارئة، رغبة منّي أن أحاور المتلقِّي عبر الكتابة!

يبهجني لو أتفرّغ كلياً للكتابة، للإبداع، علماً أنني أعمل أكثر من متفرغ للكتابة، لكني سأرتاح ذهنياً من مسألة العمل والبحث عن العمل والتوقف عن العمل، والعمل نفسه، أشعر انني خُلِقْتُ للكتابة، للإبداع فقط!

أحبُّ الرسم جدّاً، خاصة اللون، كنتُ أرسم كروكيهات وتخطيطات خفيفة، لكن العام الفائت ولدت عندي رغبة عميقة في الرسم فبدأت أرسم وانجزت قرابة ستين لوحة تشكيلية، أخطِّط لإعداد معرض تشكيلي، لوحاتي كلها عن العشق، الفرح، السلام، المحبة، الشَّوق، الحنين، الطفولة، الصفاء، الطبيعة الخلابة، الزهور، الطيور، طيورُ الفرح والسلام والعناق العميق!

لوحات تشكيلية رسمتها خلال العام الفائت 2004
http://www.soku-tensta.org/sabbe/foto.htm

صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم



--------------------------------------------------------

lezandro
-------------

الإقامة: Germany
كلمة اخيرة

------------------------------------------------------------

لا اظن ان اللغة ضاقت بك فلجات الى الرسم بالالوان
لان مافيك من طاقات تعبيرية محتدمة يبعد هذا الظن مطولاتك تدفقك في النثر عزفك على قيثارة العرب رقصك الغجري -الزوربوي - تجعل منك اديبا متعدد الجوانب
في تاريخ الفن والادب ادباء وفنانون تعددت لديهم وسائل التعبير طاغور جبران غراس
في ساحة الفن اللبناني نرى اليوم رسامين يسعون بخطى حثيثة لارتقاء سلم الشعر

ولاني كليل البصر في مجال التصوير استعنت بيوليا التي تشاطرني السكنى
- يوله ناديت
-نع-----م زعقت من المطبخ
- لحظة من فضلك
- لمن هذه اللوحات سالت وهي تجفف اصابعها
- هذه لوحات لصديق
- وتود ان اشرح لك مضمونها
- لا لاحاجة لي بالشرح فقد سبق له ان فعل ذلك
- فماذا تريد اذن
- اريدك ان تغوصي في بحرها وتاتيني بصدفة او اثنتين من اعماق صاحبها
نقلت بصرها الحاد بين اللوحات ثم قالت
- هل صديقك هذا هندي قلت
- لا ثم تساءلت في دهشة كيف وقعت على هذه الفكرة
- استنتاج بسيط الا ترى الى الالوان التي يستخدمها
- ما بها
- الوانه فاقعة وفي هذا دليل على ان صاحبها لاتزال في نفسه بقايا من مشاعر فطرية او بدائية
- ثم ماذا
- ريشته ارى ريشته تشبه ريشة الاطفال وهذا يوحي بصفاء نفس وطيبة وبراءة

فهل صدقت يوليا

احييك من منشن كلادباخ واتمنى ان تتحقق لك جميع أمانـ ـيكَ ورغائبك وأن تتكلَّل مساعيك بالنَّجاح
وأن تطفح خوابيك بالسمن والعسل لقد كانت رحلة قصيرة ولكن ممتعة
أشكرك على تفضلك بالاجابة عن تساؤلاتي بصبر واريحية
ومن يدري فقد نلتقي يوما في منتدى ما أو في مهرجان أدبي في أيّ مكان

د . ليساندرو، أستاذ في الأدب المقارن

-----------------------------------------------------------

lezandro

صبري يوسف
مشرف القسم الأدبي


عزيزي الرائع د. ليساندرو

تحيّة من القلب أقدِّمها لكَ من سماء ستوكهولم

سررتُ جدّاً برحلاتك المعبّقة بالنارنج، وبتساؤلاتكَ الشفيفة العميقة، كنتُ متأكدِّاً انني إزاء شخصيّة أدبية راقية في عالم القصّ والسرد والشِّعر والتحليل، والتذوّق العميق!

مداخلاتكَ ووجهات نظركَ ممكن أن أكتب عنها كما سبق وأشرت كتباً، لأنها أسئلة مفتوحة عميقة، مشاكسة، مشاكسة إيجابية، لأنها تحرّض على التدفُّق والبوح عميقاً دون أية مواربات!

كنتُ أحياناً أبخل عليكَ في الردّ، وبخلي كان ناجماً عن الفسحة الضيّقة المتاحة هنا، وأحياناً أخرى كنتُ أجدني منفتحاً ومتدفِّقاً بفرحٍ عميق للبوح حتى الوصول إلى لجين خمائل الحلم!

لا يا صديقي، لم تضِق بي اللغة، اللغة ـ الكلمة هي صديقتي السرمدية، عشيقة من لون السماء، ولم ألجأ إلى الرسم لأن اللغة ضاقت بي، لكنّي أكتب شعراً عبر الألوان، حتّى أنني كما أشرت سابقاً أكتب شعراً عبر تجلّيات الرقص والعزف والغناء وسماع الموسيقى، حتّى عندما أنام، أنامُ على إيقاعٍ شعريّ!

يوليا! ما هذه اليوليا الرائعة يا صديقي!

أولاً أهنِّئكَ على يولياك

ثانياً، أثلجت قلبي عندما تصوّرتني فناناً هندياً! لأن الألوان على ما يبدو فيها شفافية روحية هندوسية، وربّما! ربّما تقمّصتني روح هنّدوسي منذ زمنٍ بعيد ولا أدري، فحنّت الرّوح إلى تلاوينها الهندوسية الصارخة بالفرح وعفوية الطفولة.

هل قصدت يوليا بألوان فاقعة، صارخة، هائجة؟ .. لا أرى ألواني فاقعة، لكن ربّما قصدت أنها طفولية ..

كانت يوليا مصيبة، عندما شبّهت ريشتي بريشة الأطفال، عندما توقّفت مليّاً في صفاء النفس والطيبة والبراءة!
أرسم فعلاً بعفوية طفولية من دون أي تقيد في تيار فنّي، أرسم كما أحسّ، بعيون طفل كبير، بعيون شاعر يتوق إلى براري الرُّوح وهي تغفو فوق الذَّاكرة البعيدة، حيث الطُّفولة تجمح بين سنابل القمح هناك حول بخور العشق وشهقة الحياة!

سررتُ بتواصلكَ المبدع وقراءاتكَ العميقة لنصوصي، ومتابعاتكَ وتساؤلاتكَ المحلّقة في بحار الحوار، لا قيمة يا صديقي لأي إبداع، لأي فنّ بدون الحوار، بدون الآخر، بدون التحليل والتركيب والنقاش الحميم والعبور في فضاءات النصّ وتحليقات بهجة الكلمات!

يزداد النصّ نصاعةً بعبور المتلقي إلى رحاب القصيدة، إلى رحاب اللون إلى شواطئ الحلم عبر حنين الحرف!

سأرسلُ لكَ نصوصي مبوّبةً، خاصةً أنشودة الحياة بأجزائها المتسلسلة عبر إيميلكَ الشخصي إذا أحببتَ ذلكَ، آملاً أن تستمتع بقراءتها، وحبذا لو تراسلني عبر إيميلي كي أتمكّنَ من إرسال الأنشودة إليكَ تباعاً!

تحيّة معبّقة بنكهة النرجس البرّي للعزيزة يوليا لما قدّمته من رؤية شفيفة مكثفة رائعة عن لوحاتي!

مع خالص مودّتي وإمتناني
صبري يوسف ـ ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 04-07-2005 الساعة 02:27 AM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:06 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke