Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-07-2005, 10:42 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي موتُنا مؤجَّلٌ إلى حين*




موتُنا مؤجَّلٌ إلى حين*




(أنشودة الحياة)

[نصّ مفتوح]






.... ..... ......

الحياةُ نسمةٌ عابرة

شهقةٌ هائمة فوق ثغرِ غيمة

ودادٌ مندلع من وجنةِ وردة

حلمٌ مرفرف

فوقَ زبدِ البحر

رحلةُ محفوفة بذبذبات السؤال

غائصة بشظايا الإشتعال!



وجعٌ عندَ الولادة

عندَ بزوغِ الربيعِ

عندَ الشيخوخة

وجعٌ على مساحاتِ المدى

الحياة بسمةُ حائرة

فوق وميضِ الزَّمن

قصيدةٌ عذبة

منبعثة من خصوبةِ الغابات!



الحياةُ تحمل بين جذوعها

أوجاعَ الموت

هي الموتُ بعينه

دهليزٌ متشرشرٌ بالآهات



يرتدي الإنسانُ قميصَ الحياة

ناسياً وعورةَ الجبال

وقهقهاتِ السَّماء

ناسياً حشرجاتِ الموت

ترافقُ كلَّ الكائنات

تعشعشُ في بهاءِ الرَّبيع

في كثافات غيومِ الشِّتاء

في صحارى العمرِ

الموتُ صديقُ الأطفال

والشباب والكهول

يغفو فوقَ شيخوخةِ هذا الزَّمان

فوقَ أغصانِ الحياة!



الموتُ ولادةٌ عبرَ الفناء

الإنسانُ مشروعُ موتٍ مؤجَّل

موتٌ فوقَ قميصِ الليل

موتٌ فوقَ حفيفِ الصحارى

تحتَ زخَّاتِ المطر!



يولدُ الموتُ عندَ الولادة

عندَ إنسيابِ الدمعة

ينمو بين ربوعِ السعادة

فوقَ دفءِ الوسادة!



الموتُ صديقُ الغيمة

صديقُ البحرِ والسَّماء

صديقُ النُّورِ والعتمة!

أحزانُنا مفتوحة

على شهقةِ الكونِ

غربتنا من وهجِ القارّاتِ



الإنسانُ رحلةٌ

من لونِ الغمامِ

رحلةٌ من زوال!



نعبرُ الموتَ عبرَ الولادة

موتٌ على قارعةِ الطريق

عندَ حافّاتِ المدائن

بينَ تعاريجِ الحلمِ

فوقَ أمواجِ البحارِ



موتٌ فوقَ بيادرِ الطفولةِ

موتٌ في عزِّ النَّهارِ

في ليلةٍ قمراء



موتٌ في أعماقِ السَّماءِ

كلُّ البشرِ موتى

موتٌ مؤجّلٌ إلى حين

وهذا الحين سيحينُ يوماً

وما بينَ حينٍ وحين

تهتاجُ الرّيحُ

وتسطعُ الذكريات

فوقَ شواطئِ الرُّوحِ

تريدُ أن تبقى ساطعةً

على جدارِ الزمنِ

هل للزمنِ جدار؟



أين المفرُّ من تراكماتِ الغبارِ

غبارُ العمرِ لا تزيله

أمواجُ البحار

غبارُ العمرِ لا تزيله

إلا قلوب الصِّغار



كيف يحافظُ المرءُ

على براءاتِ الطفولة

على أزهارِ الخميلة

على نُسيماتِ البحرِ العليلة؟



زعيقٌ يشقُّ خيوطَ الشّمسِ

عند الولادة

زعيقٌ يعبرُ قميصَ الليلِ

زعيقٌ أثناءَ العبورِ

إلى أحضانِ الأمِّ

زعيقٌ أثناءَ الرحيلِ

زعيقٌ على مساحاتِ العمرِ

ثمّةَ عمرٌ من لونِ البكاءِ

من لونِ العطاءِ

من تواشيحِ زرقةِ السَّماءِ

ثمّةَ عمرٌ من دكنةِ الليلِ

من لظى المراراتِ

من تشظِّي الآهاتِ



موتٌ في لحظةِ العبورِ

موتٌ فوقَ الأراجيحِ

موتٌ بينَ أحضانِ الأمّهاتِ

موتٌ في صباحِ العيدِ

في مساءاتِ الدفءِ البعيدِ



موتٌ على قارعة العشقِ

فوقَ أغصانِ الحنين

فوقَ أرخبيبلاتِ الأنين!



موتٌ في رابعةِ النهارِ

فوقَ سككِ القطارِ

في أعماقِ البحارِ

في قمّةِ الإزدهارِ

موتٌ في قبَّةِ السَّماءِ

في ربوعِ الشّتاءِ

في أرقى تجلِّياتِ الدُّعاءِ



موتٌ بينَ أحضانِ الفرحِ

بينَ اخضرارِ المروجِ

بينَ رحابِ الغربةِ



موتٌ عندَ بزوغِ الفجرِ

عندَ هطولِ الثلجِ

عندَ بكاءِ السَّماء



موتٌ في كلِّ حين!

لم أجدْ في حياتي حقيقة ناصعةً

مثلَ حقيقةِ الموتِ

مثلَ مرارةِ الموت

مثلَ وميضِ الموت

مثلَ نعمةِ الموت!



هل فعلاً الموتُ نعمة؟

وحدها الأرض

تتحمّل أوزارَ الموت

تتحمّل مراراتِ الموت

حاجاتِ الموت!



ولكن شتّانَ ما بينَ موتٍ وموت

شتّانَ ما بين كهلٍ وشابٍّ صريع

تحت عجلات هذا الزَّمان؟!



شتّات ما بينَ ربيعٍ

وتهدلاتِِ الخريف!

لكن يبقى الموتُ نعمةً

من الأعالي

يضعُ حدّاً لعذاباتِ البشر

لآلامِ البشر

لآهاتِ البشر



وحدهُ الموت لا يميّزُ بينَ البشر

يحمل بين شدقيه عدالةً

ولا كلَّ العدالات



الحياةُ أشبه ما تكون رحلة

من لونِ السَّراب

الحياةُ وجعٌ مفتوح

على غربةِ الإنسان



غريبٌ أنا في ردهاتِ الحياة

غريبٌ أنا في طياتِ السَّماء

غريبٌ أنا منذ الولادة حتّى الممات!

نعبرُ الحياةَ

على إيقاعِ الصَّباح

نرحلُ على إيقاعِ الليل

ومضةٌ عابرة في دنيا المكان

غصّةٌ جارحة في عمرِ الزَّمان



يتوهُ الإنسانُ في صليلِ الحياة

لا يعلمُ أن حفرةً صغيرة

وقليلاً من الخشب

نصيبه من محطاتِ الزَّمن



يخرُّ الإنسانُ سريعاً

مثل ذيلِ نيزكِ

عابراً دكنةَ الليل

فارشاً أحزانه

على وجنةِ القمر

وجعٌ يلازمُ معابرَ العمرِ

غربةٌ تشطحُ فوق شهقةِ عمري

موتٌ لا يفارقُ لظى الجمرِ

موتٌ من لونِ الإنبهار

موتٌ من لونِ الإشتعال



تعال يا أيها الموت

أهلاً بكَ يا موت

تعال فأنا بإنتظارِكَ

منذ فجر التكوين



تعال يا صديقي

كي أضعَ فوقَ وجنتيكَ

باقة وردٍ



تعال أيّها الحنون

أيّها العناق الأزلي

تعال فأنا أترقَّبُ خطاكَ

منذُ هبوطِ الإنسان

على أرضِ الخطيئة



عجباً منذ آلافِ القرون

ما يزال الإنسان يحمل

بين جناحيه أوجاعَ الخطيئة!



تعال فأنا صديقكَ

منذُ أن زرعتني شهقةً

فوق واحاتِ الصّحارى

منذ أن غفيتُ

فوقَ حنانِ الأرضِِ



تعالَ يا صديقَ الكائنات

كلَّ الكائنات

صديقُ الأرضِ والسّماءِ

صديقُ الأخيارِ والأشرارِ



تعالَ فأنا لا أهابكَ يا صديقي

فأنا ابن الموتُ

منذُ أن ولدتني أمّي

مشروعُ كائنٍ ميّت

منذُ الأزل!



الإنسانُ مشروعٌ فاشلُ

في دنيا من حجر!

نسى الإنسانُ أنّه بسمة عابرة

فوقَ خدودِ الليلِ

نسى أنَّه غيمةٌ عابرة

فوقَ هاماتِ الجبالِ

نسى أنّه وردةٌ تائهة

بينَ رجرجاتِ الحياةِ

نسى أنّه ضياءُ نجمة

من لونِ البكاءِ!



تعال يا موت

كم أشتهي أن أعانقَ خدّيكَ

أنْ ألملمَ عذوبتكَ

حولَ صقيعِ غربتي



تعالَ فقد آنَ الأوان

أن نعقدَ معاهدةَ حبٍّ

بيننا وبينَ المطر

تعال يا صديقي

فلا مفرَّ من لجينِ الإشتعال

لا مفرَّ من العبورِ

في شهقاتِ السّماءِ

مللتُ يا صديقي

من غربةِ هذا الزَّمان

مللتُ من تقعُّراتِ الحوارِ

من خباثاتِ هذا الزّمان!



عجباً أرى ملايين البشر

تعبرُ دكنةَ الليل

ملايين البشرُ

تحضنُ أعماقَ الترابِ

وحدُهُ الموتُ يقفُ

مقهقهاً في وجهِ الحماقاتِ

في وجهِ اعوجاجاتِ هذا الزَّمان!



وحده الموتُ لا يهابُ جبابرةَ الكونِ

وحدُهُ الموتُ يفرشُ عدالته

فوقَ خدودِ الكونِ

وحدُهُ الموتُ سيدّ العدالاتِ

وحدُهُ الموتُ صديقُ الكائنات

يخفِّفُ من أنينِ الأوجاعِ

يضعُ حدَّاً لإندلاقاتِ الألمِ

يمسحُ في غمضةِ عين كلَّ الآهات!

.... ... .... .... .....!



ستوكهولم: 28 . 3 . 2005

صبري يوسف

كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم






مقاطع من أنشودةِ الحياة.

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 07-07-2005 الساعة 10:46 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:36 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke