Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-09-2005, 10:44 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي الإنسان ـ الأرض ، جنون الصولجان! ـ ج 4 ـ 7 ـ

الإنسان ـ الأرض ، جنون الصولجان!

أنشودة الحياة* ـ الجزء الرابع
[نصّ مفتوح]

7
..... ... .... ....... ....

وجعٌ يطفو فوقَ سماءِ الرُّوحِ
كلّ صباحٍ
يزهقُ أحلامَ المساءِ

قبلَ ميلادِ الفجرِ



مَنْ هرَّش صدرَ الجبالِ ..

ومَنْ خلخلَ أجنحةَ الأشجارِ؟!

مَنْ لوَّثَ وجهَ النَّسيمِ ..

ومَنْ جرحَ جبينَ الصَّحارى؟!

مَنْ كسرَ أعناقَ النَّخيلِ

ومَنْ شتَّتَ على وجهِ الدُّنيا

ملايينَ البشر؟!



حزنٌ مكوَّرٌ في أعماقِ الفيافي

حزنٌ من لونِ العصافيرِ

من لونِ الدُّموعِ

من لونِ الرَّحيلِ



آهٍ .. تقعَّرَ جبينُ الرُّوحِ

فولدَتْ الأرضُ سنابلاً

منحنيةَ الرِّقابِ



الأرضُ شامخةٌ في وجهِ الأعاصيرِ

براكينٌ متأجِّجة ليلَ نهار

تحضنُها الأرضُ



الأرضُ رحيمةٌ

تنبعُ من رحمِها

خصوبةُ المروجِ


وفاءٌ دافئٌ دفءَ الأمومةِ

ينمو كلَّ صباحٍ

فوقَ خدودِ الأرضِ



حضنُكِ يا أرضُ

ولا كلََّ الأحضانِ



يشتاقُ الإنسانُ

إلى حضنِ أمِّهِ الأرضِ

يتمتَّعُ بينَ أحضانِ أمِّه الأرضِ

يعبرُ أعماقَ الفضاءِ

يقطعُ آلافَ الأميالِ

يعودُ بشوقٍ عميقٍ

يقبِّلُ ثغرَ الأرضِ



انشطرَ الإنسانُ من وهجِ الأرضِ

من تلألؤاتِ النُّجومِ

من رحمِ البحارِ

من وجنةِ القمرِ



يولدُ الإنسانُ صارخاً

مبلِّلاً وجهَ الأرضِ بكاءً



يترعرعُ الإنسانُ عبرَ معادلةٍ

مسيلةٍ للدموعِ



الإنسانُ مجبولٌ من الطِّينِ

من الأرضِ

لا يتوازنُ معَ ذاتِهِ

ولا معَ أمِّهِ الأرضِ

تائهٌ في تقعُّراتِ السِّنينِ

بعيدٌ عن لُجّةِ الحياةِ



ضبابٌ كثيفٌ

يغلِّفُ غشاوةَ العينِ

العينٌ ترى مسافةً ما

قاصرةٌ ..

غيرُ قادرةٍ عبورِ المسافاتِ القصيّةِ

لا ترى الكنوزَ المتلألئةَ

في أعماقِ الحياةِ!



يعيشُ الإنسانُ على زبدِ الحياةِ

لا يتلمّسُ رحيقَ الوجودِ


أينما يحلُُّ

أينما يصعدُ

نهاياتُهُ أحضانُ الأرضِ

لا يشبعُ من كنوزِ الدُّنيا

لا تملأُ عينيه

سوى كمشةُ ترابٍ





آهاتٌ متأرّجحة

في أعماقِ الرُّوحِ

رحيلٌ في عتمِ اللَّيلِ

أوجاعٌ متناثرة

من خاصراتِ الغيومِ

شظايا من كلِّ الجهاتِ



تناقصَ رحيقُ الزُّهورِ

تآكَلَتْ جُذوعُ الأشجارِ

غضبٌ يتطايرُ من جبينِ الشَّفقِ

من جوفِ المدائنِ

تعاظمَ اندلاقُ الحنانِ

من خدودِ السَّماءِ



رؤى بوهيميّة

يبتكرُها الإنسانُ

تمطرُ فوقَ جبينِ المساءِ

تدمي قلوبَ الأشجارِ

تجرحُ صمتَ الجبالِ

تلطِّخُ حبقَ الرَّبيعِ

تعكِّرُ الماءَ الزُّلالَ



عيونٌ مغبَّشةٌ بالضَّبابِ

شموخٌ

على أنقاضِ (الكراتينِ)

رؤى مشنفرة بالسُّمومِ



الأرضُ أكثرُ بركةً مِنَ الإنسانِ

أكثرُ عطاءً

أكثرُ خيراً

استقبلَتْ الأرضُ الإنسانَ

منذُ فجرِ التكوينِ

حضاراتُ الإنسان بُنْيَتْ

على وجهِ الأرضِ



أليسَتْ ناطحاتُ السّحابِ

مرتكزة على صدرِ الأرضِ؟



تخبِّئ الأرضُ بينَ أحضانِهَا

كلَّ ملذَّاتِ الحياةِ

تغدقُ خيراتها على الكائناتِ

كلَّ الكائناتِ

لا تميِّزُ كائناً على آخر

هي أمُّ الكائناتِ

نهايةُ الكائناتِ



يولدُ الإنسانُ فتستقبلُه الأرضُ

بنسيمٍ عليلٍ

بأكاليلِ الورودِ

تهبُهُ عطاءاتٍ من لونِ السَّماءِ

كرمُ الأرضِ يضاهي

كرمُ الإنسانِ بآلافِ المرّاتِ





يتمتَّعُ الإنسانُ بجاذبيّةِ الأرضِ

بكنوزِ الأرضِ

خيراتُ الأرضِ لا تحصى

جبالٌ مكتنـزةٌ بالوفاءِ



الأرضُ هي روحي الّتي أتنفَّسُ بها

هي أمِّي

هي أبي

هي أخي

هي أختي البكرُ



الإنسانُ ضئيلٌ جدّاً

أمامَ جبروتِ الأرضِ

أمامَ عبقريّةِ الأرضِ

يحتاجُ الإنسانُ ملايينَ

السَّنينِ الضَّوئية

كي يفهمَ جزءاً بسيطاً

من أسرارِ الأرضِ



لا تعطي الأرضُ

أسرارَها الحميمةِ للإنسانِ

الإنسانُ غيرُ وفيٍ

غيرُ جديرٍ بمعرفةِ خبايا الأرضِ



الإنسانُ يجنحُ نحوَ الجشعِ

تتمحورُ في لبِّ الإنسانِ

أنانيّةٌ

لا تليقُ بكرمِ الأرضِ



يولدُ الإنسانُ في صباحٍ باكرٍ

عالقاً بينَ جناحيهِ

ندى الحياةِ



ينمو

وتنمو معه بذورُ الفسادِ

يلتقطُ من قاعِ الأرضِ

ترَّهاتِ الحياةِ

تاركاً كرمَ الأرضِ

خيراتِ الأرضِ

كنوزَ الأرضِ

متشبِّثاً بقشورِ الأرضِ

المغلَّفةِ بالغبارِ

متشبِّثاً بإيديولوجياتٍ

معفَّرةٍ بالدمِّ



بعيدٌ بُعدَ الأرضِ عنِ السَّماءِ

عن جوهرِ الأرضِ

عن مغزى الحياةِ

عن شهقةِ الصَّباحِ



يموتُ الإنسانُ فتحتضنُهُ الأرضُ

احتضاناً سرمديّاً

تستوعبُ الأرضُ قباحاتِ الإنسانِ

لا تميّزُ الأرضُ الأشرارَ عَنِ الأخيارِ

تحتضنُهم جميعاً عبرَ رحيلِهُم الأبديِّ



الأرضُ تحملُ بينَ أحضانِهَا

أريجَ القداسةِ

ترشرشُ بركاتَها عبرَ زخَّاتِ المطرِ

عبرَ أمواجِ البحارِ


شتَّانَ ما بينَ الأرضِ والإنسانِ

بحارٌ من الفسادِ تترعرعُ

بينَ أجنحةِ الإنسانِ



بحارٌ مِنَ الخيراتِ

تولدُ يوميّاً

من أحشاءِ الأرضِ

يغمسُ الإنسانُ لقمَتَهُ

في دنيا الرَّذائل

لا يتركُ رقعةً من وهادِ الكونِ

إلا مرشرشاً فوقَهَا

كلّ أنواعِ الوباءِ

ناسياً حدائقَ المحبّةِ

ناسياً هديلَ الحمائمِ

غائصاً في دنيا من رماد!
..... .... .... يتبع!


صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
*أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء هو بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الّذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء الرابع، حمل عنواناً فرعياً:
الإنسان ـ الأرض ، جنون الصَّولجان



التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 29-09-2005 الساعة 10:48 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:06 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke