Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف > نص أدبي

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-01-2009, 07:47 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي غائصٌ في مروجِ القصيدة

غائصٌ في مروجِ القصيدة


تطلُّ القصيدة على مرافئ الحلمِ مثل غيمة معبقة بنكهة المطر، غيمة عطشى لوجنة السنابل، تطلُّ على روابي الذاكرة الفسيحة، حاملة فوق أجنحتها حنين الشمس إلى روابي الشمال، شمال غربة الروح.

القصيدة صديقة مترعة بندى الصباح، شهيّة كحبات الرمان، كرفرفات سنونوة، تحلق فوق نسمة ندية.

تدمع عيناي فرحاً إلى كنوزِ الذاكرة، أغرف من مغائر الطفولة عذوبةَ الشعر، طفولة معشَّشة بأبهى تجلِّياتِ الحرفِ.

غائصٌ في مروج القصيدة، لا يطربني ضجيج هذا الزمان ولا حوار هذا الزمان ولا جنون هذا الزمان!

تعجبني قصيدة منبعثة من أحلام وردة غافية فوق هضاب الأماني. أمنية مضمَّخة بهديل اليمام.

القصيدة يمامة تائهة في مهب العناق، عناق البحر لأسراب النوارس، هجرت نوارسنا بعيداً، مودعةً قلق القصيدة، عبرت جهة العشق حيث الشواطئ الدافئة تسترخي فوق بوح عاشقة من لون الضياء، ضياء قمر حزين من وهج اللظى المتطاير فوق أسوار حوشنا العتيق.

أكتب قصيدتي من وحي شموخ السنابل، من وحي صديقة عبرت سهواً إلى مخابئ حرفي، من وحي جرحٍ عميق تنامى في براري غربتي.

أكتب شعري من وحي دهشتي الملفحة بمرحِ الغابات، تمنحني الطبيعة تحليقاً انتعاشياً، كأنني غيمة مندلقة من حنين نجمة، هل كنتُ يوماً نجمةً متلألئةً في جفونِ السَّماء؟!

يقفز اسم جمانة حدّاد فوقَ مروجِ الذاكرة، شاعرة من لون البحر، عندما قرأتُ عودة ليليت، شعرت أن جمانة ترغب أن تكون ليليت العصر، ترغب أن تطير على أجنحة الريح، لعلها تكتبُ قصيدة من وحي الاشتعال، اشتعال الحرف على شهوة القمر، كيف تبرعمت ليليت في عوالم شاعرة متمايلة على أسرارِ المدائن، تحبُّ حبقَ السوسن، ترسم الزنابق على وميضِ الحنين إلى مصاطب الطفولة؟

هبّت رياح القصيدة في ليلة مفعمة بالأحلام، جمانة حدَّاد صديقة الشّعر وصديقة غربة هذا الزَّمان، هل تمايلتْ يوماً على خدود القصيدة قبل أن تتلقفها بهجة التجلّي وهي في طريقها إلى عناق حفاوةِ السَّماء؟!!

الشّعر صديق روحي وبوح قلبي في ليلة مسترخية على أجنحة المحبة.

جبران خليل جبران، زارني في ليلة مقمرة وهمس في روحي همسة مضمخة بالبكاء، هل ذرف جبران دمعته الأخيرة وهو يودّع الحياة أم أنه كتب قصيدة من وحي جمال تضاريس لبنان، من شموخ الأرز، من لونِ نضارةِ الغمام؟!

أكتب القصيدة من وحي عناقي، من وحي أوجاع غربة الروح، بشوق عميق إلى مروج الشرق، إلى بسمة الشرق، إلى قصائد الشرق، إلى نورانية الشرق، إلى طبيعة الشرق، إلى براري الشرق، إلى هدوء الشرق، إلى جمال الشرق، إلى استقرار الشرق، إلى طمأنينة الشرق، إلى حضارة الشرق!

أين تاهت حضارتنا، كيف توغَّلت في شرخِ البكاء، حضارة هائمة على رماح الحروب، على عتم الليل، على مفرقعات العصرِ، كيف ترنَّحَتْ وتوارَتْ بعد أن كانت يوماً ترفرفُ فوق أبراج دنيا العجائب؟!

متى سيفهم الشرق أنه منبع الحضارات، منبع الآلهات؟ متى سيفهم أنه يغوص في عصر ما بعد الحجارة، في عصر اللظى، في عصر النيران المتأججة على روابي الأحلام، عصر جانح نحو انسياب الدموع، عصر معششٌ بالعبورِ في جلافة الظلمات، عصر مرصرصٌ بالترّهات؟!

مَنْ أطفأ شمعة عشقي وهي في انتظارِ شهقة الصباح، من قتل طفلة غافية تحت أغصان التين في ليلة محفوفة بالأحلام؟!

قلقي، قصيدتي، رسالة منبعثة من أوجاع غربتي الفسيحة في الحياة، الحياة بكل تلاوينها ومنغَّصاتها صديقتي الهائمة على بحبوحة حلمي، صديقة حرفي وليلي وبوحي. متى سأكتب قصيدتي المتنامية على أهداب الطفولة؟!

تعالي يا قصيدتي نغني للقمر أغنية البحر، نرتل للسماء ترتيلة المطر لعلها تحنُّ علينا وتهطل فرحاً من بهجة ازرقاق السماء، السماء صديقتي والليل لحافي الوثير، الشعر معراج طريقنا إلى الخلاص، خلاصنا من ضجر هذا الزَّمان!


الشعر حالة انتعاشية، منبعثة من خوابي الرُّوح الشفيفة، تصبُّ في مآقي الأطفال وهم يمرحون في أحضان الزنابق وفي أعماقِ مروجِ الاقحوان! ... ...


ستوكهولم: 12 ـ 10 ـ 2008
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com
http://www.sabriyousef.com
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:34 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke