Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > خواطر و مشاعر

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-10-2005, 09:44 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,945
افتراضي مَنْ هو قيس بن الملوح أو مجنون ليلى؟

ربما يتساءل بعض الأخوة مَنْ هو قيس بن الملوح أو مجنون ليلى؟ فهاكم قصته كما رواها الكتاب والأدباء والرواة وبعض أشعاره:

قال عنه ابن قتيبة الدينوري صاحب كتاب الشعر والشعراء :

"...هو قيس بن معاذ، ويقال قيس بن الملوح. أحد بني جعدة ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ويقال بل هو من بني عقيل ابن كعب بن ربيعة.
ولقبه المجنون لذهاب عقله بشدة عشقه.
وكان الأصمعي يقول لم يكن مجنوناً، ولكن كان فيه لوثة كلوثة أبي حية.

وهو من أشعر الناس، على أنهم قد نحلوه شعراً كثيراً رقيقاً يشبه شعره، كقول أبي صخر الهذلي:


doPoem(0)

أَما والَّذي أَبْكَى وأَضْحَكَ والَّذيأَماتَ وأَحْيَا والَّذي أَمْرُهُ الأَمْـرُ
لقَدْ تَرَكَتْني أَحْسُدُ الوَحْشَ أَنْ أَرَىأَليفَيْنِ منها لا يَرُوعُهُمـا النَّفْـرُ
فيا هجر لَيْلى قد بَلَغْتَ بيَ المَدَىوزِدْتَ على ما لم يَكُنْ بَلَغَ الهَجْرُ
ويا حُبَّها زِدْني جَوًى كُلَّ لَيْلَـةٍويا سَلْوَةَ الأَيَّامِ مَوْعِدُكِ الحَشْـرُ
وَصَلْتُك حتَّى قُلْتِ لا يَعْرُ القِلـىوزُرْتُكِ حتَّى قُلْتِ لَيْسَ له صَبْرُ
إِذا ذُكرَتْ يَرْتَاحُ قَلْبِي لذكْرِهـاكما انْتَفَضَ العصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ
عَجبْتُ لَسْعيِ الدَّهْرِ بَيْني وبَيْنَـهافلَمَّا انْقَضَى ما بَيْنَنا سَكَنَ الدَّهْرُ



وكقول أبي بكر ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة:

doPoem(0)

بَيْنَما نَحْنُ مـن بَلاَكـثَ بالقـاعِ سِرَاعاً والعيسُ تَهْوِى هُوِيَّـا
خَطَرَتْ خَطْرَةٌ على القَلْب من ذِكراك وَهْناً فما استَطَعْتُ مُضيَّـا
قُلْتُ لَبَّيْكِ، إِذ دَعَاني لَـكِ الشَّـوْقُ، وللحادِيَيْـن كُـرَّا المَطِـيَّـا


وكان المجنون وليلى - صاحبته- يرعيان البهم وهما صبيان، فعلقها علاقة الصبا، وفي ذلك يقول:
doPoem(0)

تَعَلَّقْتُ لَيْلى وهْيَ غِـرٌّ صَغيـرَةولم يَبْدُ للأَتْرابِ من نهدها حَجْـمُ
صَبِيَّانِ نَرْعَى البَهْمَ يا لَيْتَ أَنَّنـاإِلى اليَوْمِ لم نَكْبَرْ ولم يَكْبَرِ البَهْمُ .



ثم نشأ وكان يجلس معها ويتحدث في ناس من قومه، وكان جميلاً ظريفاً راوية للأشعار حلو الحديث، فكانت تعرض عنه وتقبل على غيره بالحديث، حتى شق ذلك عليه، وعرفته منه، فأقبلت عليه فقالت: كلانا مُظْهِرٌ للناس بُغْضاً وكُلُّ عند صاحبِهِ مَكينُ .!
ثم تمادى به الأمر، حتى ذهب عقله، وهام مع الوحش، فكان لا يلبس ثوباً إلا خرقه، ولا يعقل شيئاً إلا أن تذكر له ليلى، فإذا ذكرت ثاب وتحدث عنها لا يسقط حرفاً.
فسعى عليهم نوفل بن مساحق، فنزل مجمعاً من تلك المجامع، فرآه عرياناً يلعب بالتراب، فكساه ثوباً، فقال له قائل؛ وهل تدري من هذا أصلحك الله؟ قال لا، قال هذا المجنون"قيس بن الملوح"، ما يلبس الثياب ولا يريدها، فدعا به فكلمه، فجعل يجيبه عن غير ما يكلمه به، فقالوا له إن أردت أن يكلمك كلاماً صحيحاً فاذكر له ليلى وسله عن حبه لها، ففعل، فأقبل عليه المجنون يحدثه بحديثها وينشده شعره فيها، فقال له نوفلٌ الحب صيرك إلى ما أرى؟
قال نعم، وسينتهي بي إلى أشد مما ترى، قال أتحب أن أزوجكها ؟ قال نعم، وهل إلى ذلك من سبيل!
قال انطلق معي حتى أقدم بك عليها فأخطبها لك وأرغب لك في المهر، قال أفتراك فاعلاً ؟ قال نعم، قال أنظر ما تقول! قال على أن أفعل بك ذلك، فارتحل معه، ودعا له بثياب فلبسها المجنون، وراح معه كأصح أصحابه، يحدثه وينشده، فبلغ ذلك قومها فتلقوه بالسلاح، وقالوا له والله يا ابن مساحق، لا يدخل المجنون منزلنا أبدأ أو نموت، وقد هدر السلطان دمه، فأقبل بهم وأدبر، فأبوا، فلما رأى ذلك قال للمجنون انصرف، قال المجنون والله ما وفيت بالعهد، قال انصرافك أيسر على من سفك الدماء، فانصرف.

وفي ذلك يقول:

doPoem(0)

يا صاحِبَيَّ أَلمَّا بـي بمنْزِلَـةٍقد مَرَّ حينٌ عليها أَيمَّا حيـنِ
في كُلِّ مَنْزِلَةٍ ديوَانُ مَعْرفَـةٍلم يُبْقِ باقيَةً ذِكْـرُ الدَّواَوِيـن
إِني أَرَى رَجَعات الحُبِّ تقْتُلُنيوكان في بَدْئها ما كان يَكْفيني
أَلْقَى منَ اليَأْس تاراتٍ فتَقْتُلُنيوللرَّجاءِ بَشَاشـاتٍ فتُحْيِينـي



وفي رجوع عقله عند ذكرها يقول:

doPoem(0)

يا وَيْحَ مَنْ أَمْسَى تُخُلِّسَ عَقْلُـهُفأَصْبَحَ مَذْهُوباً به كُلَّ مَذْهَـب
خَليعاً منَ الإِخْـوانِ إِلاَّ مُعَـذِّراًيُضاحكُني مَنْ كان يَهْوَى تَجنُّبِي
إِذا ذُكرَتْ لَيْلى عَقَلْتُ وراجَعَتْرَوَائعُ عَقْلي مِنْ هَوىً متَشعِّـب
وقالوا صَحيحٌ ما به طَيْفُ جِنَّةٍولا لَمَـمٌ إِلا افتـراءُ التَّكَـذب



وخرج رجل من بني مرة إلى ناحية الشأم والحجاز، مما يلي تيماء والسراء بأرض نجد، في بغيةٍ له، فإذا هو بخيمة قد رفعت له-عظيمة- وقد أصابه المطر، فعدل إليها، فتنحنح،فإذا امرأة قد كلمته فقالت انزل، قال فنزلت، وراحت إبلهم وغنمهم، فإذا أمر عظيم كثرةً ورعاةً، فقالت سلوا هذا الرجل من أين أقبل؟
فقلت من ناحية تهامة ونجد، فقالت يا عبد الله، أي بلاد نجدٍ وطئت؟
فقلت كلها، قالت: بمن نزلت هناك؟ فقلت ببني عامر، فتنفست الصعداء، ثم قالت: بأي بني عامر؟ فقلت ببني الحريش، فاستعبرت، ثم قالت هل سمعت بذكر فتىً منهم يقال له قيسٌ يلقب بالمجنون؟ فقلت إي والله، نزلت بأبيه وأتيته ونظرت إليه،
قالت فما حاله؟ قلت يهيم في تلك الفيافي ويكون مع الوحش لا يعقل ولا يفهم، إلا أن تذكر له ليلى فيبكي وينشد أشعاراً يقولها فيها، قال فرفعت الستر بيني وبينها، فإذا شقة قمرٍ لم تر عيني مثلها قطُّ، فبكت وانتحبت، حتى ظننت- والله - أن قلبها قد انصدع، فقلت أيتها المرأة، أما تتقين الله؟ فوالله ما قلت بأساً! فمكثت طويلاً على تلك الحال من البكاء والنحيب، ثم قالت:

doPoem(0)

أَلا لَيْتَ شِعْرِي والخُطُوبُ كَثِيرةٌمتى رَحْلُ قَيْسٍ مُسْتَقِلٌّ فراجـعُ
بِنَفْسِيَ مَنْ لا يَسْتَقِـلُّ برَحْلِـهِومَنْ هُوَ إِنْ لم يَحْفَظِ اللهُ ضائِعُ



ثم بكت حتى غشى عليها، فلما أفاقت قلت ومن أنت يا أمة الله؟ قالت أنا ليلى المشؤومة عليه غير المؤاسية له! فما رأيت مثل حزنها عليه وجزعها، ولا مثل وجدها.

وقال الذهبي في تاريخه عنه :

هو قيس بن الملوح بن مزاحم. وقيل: قيس بن معاذ، وقيل: اسمه البحتري بن الجعد، وقيل غير ذلك، وهو مجنون ليلى بنت مهدي أم مالك العامرية، وهو من بني عامر بن صعصعة، وقيل: من بني كعب بن سعد.
سمعنا أخباره في جزء ألفه ابن المرزبان، وقد أنكر بعض الناس ليلى والمجنون، وهذا دفع بالصدر، فليس من لا يعلم حجة على من علم، ولا الثبت كالنافي، فعن لقيط بن بكير المحاربي: أن المجنون علق ليلى علاقة الصبا، وذلك لأنهما كانا صغيرين يرعيان أغناماً لقومهما، فعلق كل واحد منهما الآخر، وكبرا على ذلك، فلما كبرا حجبت عنه، فزال عقله، وفي ذلك يقول:
تعلقت لـيلة وهـي ذات ذؤابة ......
وذكر ابن دأب، عن رباح بن حبيب العامري قال: كان في بني عامر جارية من أجمل النساء، لها عقل وأدب، يقال لها ليلى بنت مهدي، فبلغ المجنون خبرها، وكان صباً بمحادثة النساء، فلبس حلة ثم جلس إليها وتحادثا، فوقعت بقلبه، فظل يومه يحادثها، فانصرف فبات بأطول ليلة، ثم بكر إليها فلم يزل عندها حتى أمسى، ولم تغمض له تلك الليلة عين، فأنشأ يقول:

doPoem(0)

نهاري نهار الناس حتى إذا بدالي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنىويجمعني والهم بالليل جامـع


ووقع في قلبها مثل الذي وقع بقلبه، فجاء يوماً يحدثها، فخافت عليه وقالت:

doPoem(0)

كلانا مظهر للناس بغضاًوكل عند صاحبه مكيـن


فسري عنه، وقالت: إنما أردت أن أمتحنك، وأنا معطية لله عهداً: لا جالست بعد اليوم أحداً سواك، فانصرف وأنشأ يقول:

doPoem(0)

أظن هواهـا بتاركـي بمضلـةمن الأرض لا مال لدي ولا أهل
ولا أحد أقضي إليـه وصيتـيولا وارث إلا المطية والرحـل
محا حبها حب الألى كـن قبلـها وحلت مكاناً لم يكن حل من قبل


قلت: ثم اشتد بلاؤه بها، وشغفته حباً، ووسوس في عقله، فذكر أبو عبيدة: أن المجنون كان يجلس في نادي قومه وهم يتحدثون، فيقبل عليه بعضهم، وهو باهت ينظر إليه لا يفهم ما يحدث به، ثم يثوب إليه عقله، فيسأل عن الحديث فلا يعرفه، حتى قال له رجل: إنك لمخبول، فقال:
doPoem(0)

إني لأجلس في النادي أحدثهـمفأستفيق وقد غالتنـي الغـول
يهوي بقلبي حديث النفس نحوكمحتى يقول جليسي أنت مخبول


قال أبو عبيدة: فتزايد به الأمر حتى فقد عقله، فكان لا يقر في موضع، ولا يؤويه رحل، ولا يعلوه ثوب، إلا مزقه، وصار لا يفهم شيئاً مما يكلم به إلا أن تذكر له ليلى فإذا ذكرت له أتى بالبدائه.
وقد قيل: إن قوم ليلى شكوا منه إلى السلطان، فأهدر دمه، ثم إن قومها ترحلوا من تلك الناحية، فأشرف فرأى ديارهم بلاقع، فقصد منزلها، وألصق صدره به، وجعل يمرغ خديه على التراب ويقول:

doPoem(0)

أيا حرجات الحي حيث تحملوابذي سلـم لا جادكـن ربيـع
وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوىبلين بلى لـم تبلهـن ربـوع
ندمت على ما كان مني ندامةكما ندم المغبون حيـن يبيـع


قال ابن المرزبان: قال أبو عمرو الشيباني: لما ظهر من المجنون ما ظهر، ورأى قومه ما ابتلي به اجتمعوا إلى أبيه وقالوا: يا هذا، ترى ما بابنك، فلو خرجت، به إلى مكة فعاذ ببيت الله، وزار قبر رسوله، ودعا الله رجونا أن يعافى، فخرج به أبوه حتى أتى مكة، فجعل يطوف به ويدعو له، وهو يقول:

doPoem(0)

دعا المحرمون الله يستغفرونـهبمكة وهناً أن تحـط ذنوبهـا
فناديت أن يا رب أول سؤلتـيلنفسي ليلى ثم أنـت حسيبهـا
فإن أعط ليلى في حياتي لا يتبإلى الله خلق توبـة لا أتوبهـا


حتى إذا كان بمنى نادى مناد من بعض تلك الخيام: يا ليلى، فخر مغشياً عليه، واجتمع الناس حوله، ونضحوا على وجهه الماء، وأبوه يبكي، فأفاق وهو يقول:

doPoem(0)

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منىفهيج أطراف الفؤاد ومـا يـدري
دعاً باسم ليلـى غيرهـا فكأنمـاأطار بليلى طائراً كان في صدري



ونقل ابن الأعرابي قال: لما شبب المجنون بليلى وشهر بحبها اجتمع أهلها ومنعوه منها ومن زيارتها، وتوعدوه بالقتل، وكان يأتي امرأة تتعرف له خبرها، فنهوا تلك المرأة، وكان يأتي غفلات الحي في الليل، فسار أبو ليلى في نفر من قومه، فشكوا إلى مروان من قيس بن الملوح، وسألوه الكتاب إلى عامله يمنعه عنهم ويتهدده، فإن لم ينته أهدر دمه، فلما ورد الكتاب على عامل مروان، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته، فجمعه وقرأ عليهم الكتاب، وقال لقيس: اتق الله في نفسك، فانصرف وهو يقول:

doPoem(0)

ألا حجبت ليلى وآلى أميرهـاعلي يميناً جاهـداً لا أزورهـا
وأوعدني فيها رجـال أبوهـمأبي وأبوها خشنت لي صدورها
على غير شيء غير أني أحبهاوأن فؤادي عند ليلى أسيرهـا


فلما يئس منها صار شبيهاً بالتائه، وأحب الخلوة وحديث النفس، وجزعت هي أيضاً لفراقه وضنيت.
ويروى أن أبا المجنون قيده، فجعل يأكل لحم ذراعيه ويضرب نفسه، فأطلقه، فكان يدور في الفلاء عرياناً.
وله:

doPoem(0)

كأن القلب ليلة قيل يغدىبليلى العامرية أو يراح
قطاة عزها شرك فباتتتجاذبه وقد علق الجناح


وكانت له داية يأنس بها، فكانت تحمل إليه إلى الصحراء رغيفاً وكوزاً، فربما أكل وربما تركه، حتى جاءته يوماً فوجدته ملقى بين الأحجار ميتاً، فاحتملوه إلى الحي فغسلوه فدفنوه، وكثر بكاء النساء والشباب عليه، واشتد نشيجهم.
قال ابن الجوزي في المنتظم:
روينا أنه كان يتيه في البرية مع الوحش يأكل من بقل الأرض، وطال شعره، وألفه الوحش، وسار حتى بلغ حدود الشام، فكان إذا ثاب إليه عقله، سأل من يمر من أحياء العرب عن نجد، فيقال له: أين أنت من نجد، أنت قد شارفت الشام، فيقول: أروني الطريق، فيدلونه.
وشعر المجنون كثير سائر، وهو في الطبقة العليا في الحسن والرقة، وكان معاصراُ لقيس بن ذريح صاحب لبنى، وكان في إمرة ابن الزبير، والله أعلم.

وقال عنه البغدادي في الخزانة :


و"المجنون": اسمه قيس بن معاذ، ويقال قيس بن الملّوح، أحد بني جعدة ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة؛ ويقال بل هو من بني عقيل "بالتصغير" ابن كعب بن ربيعة.
وهو من أشعر الناس، على أنّهم قد نسبوا إليه شعراً كثيراً رقيقاً يشبه شعره، كقول أبي صخر الهذليّ:
"الطويل"

doPoem(0)

فيا هجر ليلى قد بلغت به المدىوزدت على ما لم يكن بلغ الهجر
ويا حبّها زدني جوىً كلّ ليلـةٍويا سلوة العشّاق موعدك الحشر



وقال الجاحظ: ما ترك الناس شعراً مجهولاً لقائل فيه ذكر ليلى إلاّ نسبوه إلى المجنون، ولا فيه لبنى إلاّ نسبوه لقيس بن ذريح.
وفي الأغاني: اختلف في وجوده: فذهب قومٌ إلى أنه مستعار لا حقيقة له، وليس له في بني عامر أصل ولا نسب.
وقال الأصمعيّ: رجلان ما عرفا في الدنيا إلاّ بالاسم: مجنون بني عامر، وابن القرّيّة، وإنّما وضعهما الرواة. قيل له: فمن قال هذه الأشعار المنسوبة إليه؟ قال فتىً من بني مروان، كان يهوى امرأةً منهم فقال فيها الشعر، وخاف الظهور فنسبه إلى المجنون، وعمل له أخباراً وأضاف إليها ذلك، فحمله الناس وزادوا فيه.

وقال الذهبيّ في "تاريخ الإسلام" انكر بعض الناس ليلى والمجنون؛ وهذا دفعٌ بالصدر، فليس من لا يعلم حجّة على من يعلم، ولا المثبت كالنافي.
وعلى القول بوجوده اختلف في اسمه: فقيل مهدي، وقيل قيس بن معاذ، وقيل غير ذلك.
والأصحّ أنّه قيس بن الملّوح بن مزاحم بن قيس بن عديّ بن ربيعة بن جعدة بن كعب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة؛ وصاحبته ليلى بنت مهديّ، أم مالك العامريّة.

قال ابن قتيبة: وكان المجنون وليلى "صاحبته" يرعيان البهم وهما صبيّان، فعلقها علاقة الصبيّ وقال: "الطويل":
تعلّقت ليلى وهي غرّ صغـيرة.......
ثم نشأ وكان يجلس معها، ويتحدّث في ناس من قومه، وكان ظريفاً جميلاً روايةً للشعر حلو الحديث، فكانت تعرض عنه وتقبل بالحديث على غيره، حتّى شقّ ذلك عليه وعرفته فقالت: "الوافر"

doPoem(0)

كلانا مظهر للنّاس بغضاًوكلّ عند صاحبه مكيـن
تبلّغنا العيون بما رأينـاوفي القلبين ثم هوىً دفين


ثم تمادى به الأمر، حتّى ذهب عقله، وهام مع الوحش، وصار لا يلبس ثوباً إلاّ خرّقه، ولا يعقل إلاّ أن تذكر له ليلى، فإذا ذكرت عقل واجاب عن كلّ ما يسأل عنه.
ثم إنّ قوم ليلى شكوا منه للسلطان، فأهدر دمه، وترحّل قومها من تلك الناحية، فأشرف فرأى ديارهم بلاقع، فقصد منزلها، وألصق صدره به، وجعل يمرّغ خديّه على التراب ويقول الأشعار. ثم إنّ أباه قيّده؛ فجعل يأكل لحم ذراعيه، ويضرب نفسه، ويعض لسانه وشفتيه، فأطلقه.

وروي أنّ نوفل بن مساحق لّما جاء ساعياً على صدقات بني عامر، رأى المجنون يلعب بالتّراب وهو عريان، فقال لغلام له: خذ ثوباً وألقه عليه.
فقالوا له: ألا تعرفه؟ قال: لا. قالوا: هذا المجنون قيس بن الملّوح؛ كلّمه فجعل يجيبه بغير ما يسأله عنه؛ فقالوا له: إن أردت أن يكلّمك كلاماً صحيحاً فاذكر له ليلى. فقال: أتحبّ ليلى؟ فأقبل عليه يحدّثه عنها وينشده شعره فيها، فقال له: أتحبّ أن أزوّجكما؟ قال: وتفعل ذاك؟ قال: نعم، اخرج معي حتّى أقدم بك على قومها فأخطبها لك.
فارتحل معه ودعا له بكسوة، فلبسها وراح معه كأصحّ أصحابه، فلمّا قرب من قومها تلقّوه بالسّلاح، وقالوا: والله "يا ابن مساحق" لا يدخل المجنون لنا بيتاً أو نقتل عن آخرنا، وقد أهدر لنا السّلطان دمه! فأقبل بهم وأدبر، فأبوا عليه، فقال له: انصرف. فقال: أين ما وعدت؟ قال: رجوعك بالخيبة أهون عليّ من سفك الدّماء.
ثم هام على وجهه في الفلوات، وأنس بالوحوش فكان لا يأكل إلاّ ما تنبت الأرض من البقول، ولا يشرب إلاّ مع الظّباء، وطال شعر جسده ورأسه، وألفته الوحوش، وكان يهيم حتّى يبلغ حدود الشام، فإذا ثاب عقله سأل عن نجد فيقال: وانى نجد! فيدلّونه على طريق نجد فيتوجّه نحوه.
وكان بأهله يأتونه بالطّعام والشراب، فربّما أكل منه.
وفي بعض الأيّام أتوه بالطعّام فلم يروه، فانطلقوا يفتشونه فرأوه ملقىً بين الأحجار ميتاً، فاحتملوه إلى الحيّ فغسّلوه ودفنوه، وكثر بكاء النساء عليه. وكان في مدّة ابن الزّبير.


وقد اطال ترجمته جداً ألو الفرج الأصبهانيّ في "الأغاني".
وهيا معا نسافر مع الأصفهاني في الأغاني كما طلب منا البغدادي

وقال الأصفهاني صاحب الأغاني عنه :


أخبار مجنون بني عامر ونسبه:
نسبه وتصحيح اسمه:
هو - على ما يقوله من صحح نسبه وحديثه - قيسٌ، وقيل: مهدي، والصحيح أنه قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. ومن الدليل على أن اسمه قيسٌ قول ليلى صاحبته فيه:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرةٌ ....... متى رحل قيس مستقلٌ فراجع
وأخبرني الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت من لا أحصي يقول: اسم المجنون قيس بن الملوح.

قيل كانت به لوثة ولم يكن مجنوناً


وأخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي، وأخبرني الجوهري عن عمر بن شبة أنهما سمعا الأصمعي يقول - وقد سئل عنه -: لم يكن مجنوناً ولكن كانت به لوثة كلوثة أبي حية النميري.

اختلاف الرواة في وجوده


وأخبرني حبيب بن نصر المهلبي وأحمد بن عبد العزيز الجوهري عن ابن شبة عن الحزامي قال حدثني أيوب بن عباية قال: سألت بني عامرٍ بطناً بطناً عن مجنون بني عامر فما وجدت أحداً يعرفه.
وأخبرني عمي قال حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني عن ابن دأبٍ قال: قلت لرجل من بني عامر: أتعرف المجنون وتروي من شعره شيئاً؟ قال: أو قد فرغنا من شعر العقلاء حتى نروي أشعار المجانين! إنهم لكثيرٌ! فقلت: ليس هؤلاء أعني، إنما أعني مجنون بني عامر الشاعر الذي قتله العشق، فقال: هيهات! بنو عامر أغلظ أكباداً من ذاك، إنما يكون هذا في هذه اليمانية الضعاف قلوبها، السخيفة عقولها، الصعلة رؤوسها، فأما نزار فلا.
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا الرياشي قال سمعت الأصمعي يقول: رجلان ما عرفا في الدنيا قط إلا بالاسم: مجنون بني عامر، وابن القرية، وإنما وضعهما الرواة.

وعن المدائني قال: المجنون المشهور بالشعر عند الناس صاحب ليلى قيس بن معاذ من بني عامر، ثم من بني عقيل، أحد بني نمير بن عامر بن عقيل، قال: ومنهم رجل آخر يقال له: مهدي بن الملوح من بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
قيل إن فتى من أمية نحله شعره.!
وأخبرني عمي عن الكراني قال حدثنا ابن أبي سعد عن علي بن الصباح عن ابن الكلبي قال: حدثت أن حديث المجنون وشعره وضعه فتىً من بني أمية كان يهوى ابنة عم له، وكان يكره أن يظهر ما بينه وبينها، فوضع حديث المجنون وقال الأشعار التي يرويها الناس للمجنون ونسبها إليه.
أخبرني الحسين بن يحيى وأبو الحسن الأسدي قالا: حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال: اسم المجنون قيس بن معاذ أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
وأخبرني أبو سعد الحسن بن علي بن زكريا العدوي قال حدثنا حماد بن طالوت بن عباد: أنه سأل الأصمعي عنه، فقال: لم يكن مجنوناً، بل كانت به لوثةٌ أحدثها العشق فيه، كان يهوى امرأةً من قومه يقال لها ليلى، واسمه قيس بن معاذ.
وذكر عمرو بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه أن اسمه قيس بن معاذ.
وذكر هشام بن محمد الكلبي أنه قيس بن الملوح، وحدث أن أباه مات قبل اختلاطه، فعقر على قبره ناقته وقال في ذلك:

doPoem(0)

عقرت على قبر الملوح ناقتـيبذي السرح لما أن جفاه الأقارب
وقلت لها كوني عقيـراً فإننـيغداً راجلٌ أمشي وبالأمس راكب
فلا يبعدنـك الله يابـن مزاحـمٍفكلٌّ بكأس الموت لاشك شارب


وذكر إبراهيم بن المنذر الحزامي وأبو عبيدة معمر بن المثنى أن اسمه البحتري بن الجعد.
وذكر مصعب الزبيري والرياشي وأبو العالية أن اسمه الأقرع بن معاذ. وقال خالد بن كلثوم: اسمه مهدي ابن الملوح.

وقال ابن الكلبي في هذا الخبر: فلما أصبح لبس حلته وركب ناقته ومضى متعرضاً لهن، فالفى ليلى جالسةً بفناء بيتها، وكانت معهن يومئذٍ جالسةً، وقد علق بقلبها وهويته، وعندها جويرياتٌ يحدثنها، فوقف بهن وسلم، فدعونه إلى النزول وقلن له: هل لك في محادثة من لا يشغله عنك منازل ولا غيره؟
قال: إي لعمري، فنزل وفعل فعلته بالأمس، فأرادت أن تعلم هل لها عنده مثل ما له عندها، فجعلت تعرض عن حديثه ساعةً بعد ساعةٍ وتحدث غيره، وقد كان علق حبها بقلبه وشغفه واستملحها، فبينا هي تحدثه إذ أقبل فتى من الحي فدعته فسارته سراراً طويلاً ثم قالت له انصرف، فانصرف، ونظرت إلى وجه المجنون قد تغير وامتقع وشق عليه ما فعلت، فأنشأت تقول:

doPoem(0)

كلانا مظهرٌ للناس بغضاًوكلٌ عند صاحبه مكيـن
تبلغنا العيـون مقالتينـاوفي القلبين ثم هوىً دفين


"قد نسبت هذا الشعر متقدماً " فلما سمع هذين البيتين شهق شهقةً عظيمةً وأغمي عليه فمكث "كذلك" ساعةً، ونضحوا الماء على وجهه حتى أفاق، وتمكن حب كل واحدٍ منهما في قلب صاحبه وبلغ منه كل مبلغ.
حدثني عمي عن عبد الله بن أبي سعد عن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل القرشي قال حدثنا أبو العالية عن أبي ثمامة الجعدي قال: لا يعرف فينا مجنونٌ إلا قيس بن الملوح.

حديث اتصاله بليلى في صباه


قال: وحدثني بعض العشيرة قال: قلت لقيس بن الملوح قبل أن يخالط: ما أعجب شيء أصابك في وجدك بليلى؟ قال: طرقنا ذات ليلةٍ أضيافٌ ولم يكن عندنا لهم أدمٌ، فبعثني أبي منزل أبي ليلى وقال لي: اطلب لنا وقال لي: اطلب لنا منه أدماً.
فأتيته فوقفت على خبائه فصحت به، فقال: ما تشاء؟ فقلت: طرقنا ضيفان ولا أدم عندنا لهم فأرسلني أبي نطلب منك أدماً، فقال: يا ليلى، أخرجي إليك ذلك النحي، فاملئن له إناءه من السمن، فأخرجته ومعي قعبٌ، فجعلت تصب السمن فيه ونتحدث، فألهانا الحديث وهي تصب السمن وقد امتلأ القعب ولا نعلم جميعاً، وهو يسيل استنقعت أرجلنا في السمن.
وأنشدني:

doPoem(0)

أمستقبلي نفح الصبا ثم شائقـيببردٍ ثنايـا أم حسـان شائـق
كأن على أنيابها الخمر شجهـابماء الندى من آخر الليل عاتق
وما شمته إلا بعينـي تفرسـاًكما شيم في أعلى السحابة بارق


ومن الناس من يروي هذه الأبيات لنصيبٍ، ولكن هكذا روي في هذا الخبر.

حدث الأصمعي أنه لم يكن مجنوناً


أخبرنا محمد بن خلف وكيعٌ عن عبد الملك بن محمد الرقاشي عن عبد الصمد بن المعذل قال: سمعت الأصمعي يقول - و"قد" تذاكرنا مجنون بني عامر - قال: هو قيس ابن معاذ العقيلي، ثم قال: لم يكن مجنوناً إنما كانت به لوثةٌ، وهو القائل:

doPoem(0)

أخذت محاسن كـل مـاضنت محاسنه بحسنـه
كـاد الغـزال يكونهـالولا الشوى ونشوز قرنه

وقال :

doPoem(0)

وماذا عسى الواشون أن يتحدثواسوى أن يقولوا إنني لك عاشق
نعم صدق الواشون أنت حبيبةٌإلي وإن لم تصف منك الخلائق



حديث ليلى جارة لها من عقيل

أخبرني أحمد بن جعفر جحظة قال حدثني أحمد بن الطيب قال قال ابن الكلبي: دخلت ليلى على جارة لها من عقيل وفي يدها مسواكٌ تستاك به، فتنفست ثم قالت: سقى الله من أهدى لي هذا المسواك؛
فقالت لها جارتها: من هو؟ قالت: قيس بن الملوح، وبكت ........فقالت: ويحه! لقد علق منى ما أهلكه من غير أن أستحق ذلك، فنشدتك الله، أصدق في صفتي أم كذب؟ فقالت: لا والله، بل صدق؛
قال: وبلغ المجنون قولها فبكى ثم أنشأ يقول:

doPoem(0)

نبئت ليلـى وقـد كنـا نبخلهـاقالت سقى المزن غيثاً منزلاً خربا
وحبذا راكـبٌ كنـا نهـش بـهيهدي لنا من أراك الموسم القضبا




وعظه رجل من بني عامر فأنشده شعراً

وقال الهيثم بن عدي في خبره. حدثني عبد الله بن عياش الهمداني قال حدثني رجلٌ من بني عامر قال: مطرنا مطراً شديداً في ربيع ارتبعناه، ودام المطر ثلاثاً ثم أصبحنا في اليوم الرابع على صحوٍ وخرج الناس يمشون على الوادي، فرأيت رجلاً جالساً حجرةً وحده فقصدته، فإذا هو المجنون جالسٌ وحده يبكي فوعظته وكلمته طويلاً وهو ساكتٌ لم يرفع رأسه إلي، ثم أنشدني بصوت حزين لا أنساه أبداً وحرقته.


doPoem(0)

جرى السيل فاستبكاني السيل إذ جرىوفاضت لـه مـن مقلتـي غـروب
ومـا ذاك إلا حيـن أيقنـت أنــهيـكـون بــوادٍ فـيـه قـريـب
يكون أجاجـاً دونكـم فـإذا انتهـىإليكـم تلقـى طيبـكـم فيطـيـب
أظل غريب الدار في أرض عامـرٍألا كـل مهجـورٍ هنـاك غريـب
وإن الكثيب الفرد من أيمـن الحمـىإلـي وإن لــم آتــه لحبـيـب
فلا خير في الدنيا إذا أنت لـم تـزرحبيبا ولـم يطـرب إليـك حبيـب



وأول هذه القصيدة :

doPoem(0)

ألا أيها البيت الذي لا أزورهوهجرانه منى إليـه ذنـوب
هجرتك مشتاقاً وزرتك خائفاًوفيك علي الدهر منك رقيبٌُ
سأستعطف الأيام فيك لعلهـابيوم سرورٍ في هواك تثيب



هذه الأبيات في شعر محمد بن أمية مرويةٌ، ورويت ها هنا للمجنون "في هذه القصيدة". وفيها :
doPoem(0)

وأفردت إفراد الطريـد وباعـدتإلى النفس حاجاتٌ وهـن قريـب
لئن حال يأسٌ دون ليلـى لربمـاأتى اليأس دون الأمر فهو عصيب
ومنيتني حتـى إذا مـا رأيتنـيعلى شـرفٍ للناظريـن يريـب
صددت وأشمت العدو بصرمنـاأثابك يا ليلـى الجـزاء مثيـب
إذا هبت الريـح الشمـال فإنمـاجواي بما تهـدى إلـي جنوبهـا
قريبة عهدٍ بالحبيب وإنما هـوىكل نفـسٍ حيـث كـان حبيبهـا
وحسب الليالي أن طرحنك مطرحاًبدار قلى تمسي وأنـت غريبهـا
حلالٌ لليلـى شتمنـا وانتقاصنـاهنيئـاً ومغفـورٌ لليلـى ذنوبهـا


وذكر الهيثم بن عدي أن المجنون قال :


doPoem(0)

كأن لم تكن ليلى تزار بذي الأثلوبالجزع من أجزاع ودان فالنخل
صديقٌ لنا فيما نرى غير أنهـاترى أن حبي قد أحل لها قتلـي


وصف لليلى فبكت وقالت شعراً

أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن عثمان بن عمارة بن حريم عن أشياخ من بني مرة قالوا: خرج منا رجلٌ إلى ناحية الشأم والحجاز وما يلي تيماء والسراة وأرض نجد، في طلب بغيةٍ له، فإذا هو بخيمة قد رفعت له وقد أصابه المطر فعدل إليها وتنحنح، فإذا امرأةٌ قد كلمته فقالت: انزل، فنزل. "قال" وراحت أبلهم وغنمهم فإذا أمرٌ عظيم،
فقالت: سلوا هذا الرجل من أين أقبل؛ فقلت: من ناحية تهامة ونجدٍ؛ فقالت: ادخل أيها الرجل، فدخلت إلى ناحية من الخيمة، فأرخت بيني وبينها ستراً ثم قالت لي: يا عبد الله، أي بلاد نجدٍ وطئت؟ فقلت: كلها؛ قالت: فبمن نزلت هناك؟ قلت: ببني عامر؛ فتنفست الصعداء ثم قالت: فبأي بني عامر نزلت؟ فقلت: ببني الحريش؛ فاستعبرت.
ثم قالت: فهل سمعت بذكر فتىً منهم يقال له: قيس بن الملوح ويلقب بالمجنون؟
قلت: بلى والله! وعلى أبيه نزلت، وأتيته فنظرت إليه يهيم في تلك الفيافي، ويكون مع الوحش لا يعقل "ولا يفهم" إلا أن تذكر له امرأةٌ يقال لها ليلى، فيبكي وينشد أشعاراً قالها فيها.
قال: فرفعت الستر بيني وبينها، فإذا فلقة قمرٍ لم تر عيني مثلها، فبكت حتى ظننت - والله - أن قلبها قد انصدع، فقلت: أيتها المرأة، اتقي الله فما قلت بأساً، فمكثت طويلاً على تلك الحال من البكاء والنحيب ثم قالت:

doPoem(0)

ألا ليت شعري والخطوب كثيرةٌمتى رحل قيسٍ مستقلٌ فراجـع
بنفسي من لا يستقـل برحلـهومن هو إن لم يحفظ الله ضائع



ثم بكت حتى سقطت مغشياً عليها، فقلت لها: من أنت يا أمة الله؟ وما قصتك؟ قالت: أنا ليلى "صاحبته" المشئومة "والله" عليه غير المؤنسة له؛ فما رأيت مثل حزنها ووجدها عليه "قط".

خبر شيخ من بني مرة لقيه ميتاً في واد


........ عثمان بن عمارة المري أخبرهم أن شيخاً منهم من بني مرة حدثه أنه خرج إلى أرض بني عامر ليلقى المجنون، قال: فدللت على محلته فأتيتها، فإذا أبوه شيخ كبيرٌ وإخوةٌ له رجال، وإذا نعمٌ كثيرٌ وخيرٌ ظاهرٌ،
فسألتهم عنه فاستعبروا جميعاً، وقال الشيخ: والله لهو كان آثر في نفسي من هؤلاء وأحبهم إلي! وإنه هوي امرأةً من قومه، والله ما كانت تطمع في مثله، فلما أن فشا أمره وأمرها كره أبوها أن يزوجها منه بعد ظهور الخبر فزوجها من غيره.
فذهب عقل ابني ولحقه خبلٌ وهام في الفيافي وجداً عليها، فحبسناه وقيدناه، فجعل يعض لسانه وشفتيه حتى خفنا "عليه" أن يقطعها فخلينا سبيله، فهو يهيم في "هذه" الفيافي مع الوحوش يذهب إليه كل يوم بطعامه فيوضع له حيث يراه، فإذا تنموا عنه جاء فأكل منه. قال: فسألتهم أن يدلوني عليه، فدلوني على فتىً من الحي صديقاً له وقالوا: إنه لا يأنس إلا به ولا يأخذ أشعاره عنه غيره، فأتيته فسألته أن يدلني عليه؛ فقال: إن كنت تريد شعره فكل شعرٍ قاله إلى أمس عندي، وأنا ذاهبٌ إليه غداً فإن قال شيئاً أتيتك به؛ فقلت: بل "أريد أن" تدلني عليه لآتيه؛
فقال لي: إنه إن نفر منك نفر مني فيذهب شعره، فأبيت إلا أن يدلني عليه؛ فقال اطلبه في هذه الصحاري "إذا رأيته" فادن "منه" مستأنساً ولا تره أنك تهابه، فإنه يتهددك ويتوعدك أن يرميك بشيء، فلا يروعنك واجلس صارفاً بصرك عنه والحظه أحياناً، فإذا رأيته قد سكن من نفاره فأنشده شعراً غزلاً، وإن كنت تروي من شعر قيس بن ذريح شيئاً فأنشده إياه فإنه معجبٌ به؛ فخرجت فطلبته يومي إلى العصر فوجدته جالساً على رمل قد خط فيه بأصبعه خطوطاً، فدنوت منه غير منقبضٍ، فنفر مني نفور الوحش من الإنس، وإلى جانبه أحجارٌ فتناول حجراً فأعرضت عنه، فمكث ساعةً كأنه نافرٌ يريد القيام، فلما طال جلوسي سكن وأقبل يخط بأصبعه، فأقبلت عليه وقلت: أحسن والله قيس بن ذريحٍ حيث يقول:

doPoem(0)

ألا يا غراب البين ويحك نبنيبعلمك في لبنى وأنت خبيـر
فإن أنت لم تخبر بشيءٍ لمتهفلا طرت إلا والجناح كسير
ودرت بأعداءٍ حبيبـك فيهـمكما قد تراني بالحبيـب أدور


فأقبل علي وهو يبكي فقال: أحسن والله، وأنا أحسن منه قولاً حيث أقول:

doPoem(0)

كأن القلب ليلة قيل يغدىبليلى العامرية أو يراح
قطاةٌ عزها شركٌ فباتتتجاذبه وقد علق الجناح


فأمسكت عنه هنيهةً، ثم أقبلت عليه فقلت: وأحسن الله قيس بن ذريح حيث يقول:

doPoem(0)

وإني لمفنٍ دمع عينـي بالبكـاحذاراً لما قد كان أو هو كائـن
وقالوا غداً أو بعـد ذاك بليلـةٍفراق حبيبٍ لم يبن وهو بائـن
وما كنت أخشى أن تكون منيتيبكفيك إلا أن من حـان حائـن


قال: فبكى - والله - حتى ظننت أن نفسه قد فاضت، وقد رأيت دموعه قد بلت الرمل الذي بين يديه، ثم قال: أحسن لعمر الله، وأنا والله أشعر منه حيث أقول:


doPoem(0)

وأدنيتني حتى إذا ما سبيتنـيبقولٍ يحل العصم سهل الأباطح
تناءيت عني حين لا لي حيلـةٌوخلفت ما خلفت بين الجوانـح


- ويروى: "وغادرت ما غادرت..." - ثم سنحت له ظبيةٌ فوثب يعدو خلفها حتى غاب عني وانصرفت، وعدت من غدٍ فطلبته فلم أجده، وجاءت امرأةٌ كانت تصنع له طعامه إلى الطعام فوجدته بحاله، فلما كان في اليوم الثالث غدوت وجاء أهله معي فطلبناه يومنا فلم نجده، وغدونا في اليوم الرابع نستقري أثره حتى وجدناه في وادٍ كثير الحجارة خشنٍ، وهو ميتٌ بين تلك الحجارة، فاحتمله أهله فغسلوه وكفنوه ودفنوه.

ندم أبي ليلى على عدم تزويجه بها


قال الهيثم: فحدثني جماعةٌ من بني عامر: أنه لم تبق فتاةٌ من بني جعدة ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرةً صارخةً عليه تندبه؛ واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء، وينشجون عليه أشد نشيج، وحضرهم حي ليلى معزين وأبوها معهم فكان أشد القوم جزعاً وبكاءً عليه، وجعل يقول: ما علمنا أن الأمر يبلغ كل هذا، ولكني كنت امرأ عربياً أخاف من العار وقبح الأحدوثة ما يخافه مثلي، فزوجتها وخرجت عن يدي، ولو علمت أن أمره يجري على هذا ما أخرجتها عن يده ولا احتملت ما كان علي في ذلك. قال: فما رئي يومٌ كان أكثر باكيةً وباكياً على ميتٍ من يومئذٍ.

بكاء أبي ليلى على المجنون


أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا الفضل الربعي عن محمد بن حبيب قال: لما مات مجنون بني عامر وجد أرض خشنةٍ بين حجارةٍ سودٍ، فحضر أهله وحضر "معهم" أبو ليلى - المرأة التي كان يهواها - وهو متذمم من اهله، فلما رآه ميتاً بكى واسترجع وعلم أنه قد شرك في هلاكه، فبينما هم يقلبونه إذ وجدوا خرقةً فيها مكتوبٌ:

doPoem(0)

ألا أيها الشيخ الذي ما بنا يرضىشقيت ولا هنيت من عيشك الغضا
شقيت كمـا أشقيتنـي وتركتنـيأهيم مع الهلاك لا أطعم الغمضـا


عوتب على التغني بالشعر فقال

doPoem(0)

وما أشرف الأيفاع إلا صبابةًولا أنشد الأشعـار إلا تداويـا
وقد يجمع الله الشتيتين بعد مـايظنان جهد الظن أن لا تلاقيـا
لحي الله أقواماً يقولـون إننـيوجدت طوال الدهر للحب شافيا



التقاؤه بقيس بن ذريح
وطلبه منه إبلاغ سلامه لليلى


أخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: اجتاز قيس بن ذريح بالمجنون وهو جالسٌ وحده في نادي قومه، وكان كل واحد منهما مشتاقاً إلى لقاء الآخر، وكان المجنون قبل توحشه لا يجلس إلا منفرداً ولا يحدث أحداً ولا يرد على متكلم جواباً ولا على مسلم سلاماً، فسلم عليه قيس بن ذريح فلم يرد عليه السلام؛ فقال له: يا أخي أنا قيس بن ذريح فوثب إليه فعانقه وقال: مرحباً بك يا أخي، أنا والله مذهوبٌ "بي" مشترك اللب فلا تلمني، فتحدثا ساعة وتشاكيا وبكيا، ثم قال له المجنون: يا أخي، إن حي ليلى منا قريبٌ، فهل لك أن تمضي إليها فتبلغها عني السلام؟
فقال له: أفعل. فمضى قيس بن ذريح حتى أتى ليلى فسلم وانتسب؛ فقالت له: حياك الله، ألك حاجة؟
قال: نعم، ابن عمك أرسلني إليك بالسلام؛ فأطرقت ثم قالت ما كنت أهلاً للتحية لو علمت أنك رسوله، قل له عني: أرأيت قولك:

doPoem(0)

أبت ليلةٌ بالغيـل يـا أم مالـكٍلكم غير حب صادقٍ ليس يكذب
ألا إنمـا أبقيـت يـا أم مالـكٍصدىً أينما تذهب به الريح يذهب


أخبرني عن ليلة الغيل، أي ليلة هي؟ وهل خلوت معك في الغيل أو غيره ليلاً أو نهاراً؟
فقال لها قيس: يابنة عم، إن الناس تأولوا كلامه على غير ما أراد، فلا تكوني مثلهم، إنما أخبر أنه رآك ليلة الغيل فذهبت بقلبه، لا أنه عناك بسوء؛
قال: فأطرقت طويلاً ودموعها تجري وهي تكفكفها، ثم انتحبت حتى قلت تقطعت حيازيمها، ثم قال: اقرأ على ابن عمي السلام، وقل له: بنفسي أنت! والله إن وجدي بك لفوق ما تجد، ولكن لا حيلة لي فيك؛ فانصرف قيسٌ إليه ليخبره فلم يجده.

رأى ليلى فبكى ثم قال شعراً


أخبرني الحسن بن علي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني عمي عن ابن الصباح عن ابن الكلبي عن أبيه قال: مر المجنون بعد اختلاطه بليلى "وهي" تمشي في ظاهر البيوت بعد فقدٍ لها طويل، فلما رآها بكى حتى سقط على وجهه مغشياً عليه، فانصرفت خوفاً من أهلها أن يلقوها عنده، فمكث كذلك مليا ثم أفاق وأنشأ يقول:

doPoem(0)

بكى فرحاً بليلى إذ رآهـامحب لا يرى حسناً سواها
لقد ظفرت يداه ونال ملكاًلئن كانت تراه كما يراها



ووردت ترجمة له في فوات الوفيات (ابن شاكر الكتبي) :

مجنون ليلى
قيس بن الملوح بن مزاحم بن قيس، هو مجنون بني عامر؛ قال صاحب "الأغاني": لم يكن مجنوناً، ولكن كانت به لوثة مثل أبي حية النميري وكان سبب عشقه لليلى أنه أقبل ذات يوم على ناقة له، وعليه حلتان من حلل الملوك، وكان من أجمل الفتيان، فمر بامرأة من قومه يقال لها كريمة وعندها جماعة من النسوان تحدثهن فيهن ليلى، فأعجبهن جماله فدعونه إلى النزول، فنزل وأمر عبداً كان معه فعقر لهن ناقته، وتحدثن بقية يومه معه، فبينما هم كذلك إذ طلع فتى من الحي يسمى منازل، فلما رأينه أقبلن عليه وتركن المجنون، فغضب وقام من عندهن وهو يقول:
أأعقر من أجل الكـريمة نـاقـتـي ..... ووصلي مقرون بوصـل مـنـازل
إذا جاء قعقعن الحـلـي ولـم أكـن.....إذا جئت أرضى صوت تلك الخلاخل
متى ما انتضلنا بالسهام نـضـلـتـه ...... وإن يرم رشقاً عندها فهو ناضـلـي
ولما أصبح لبس حليته وركب ناقة أخرى ومضى متعرضاً لهن، فرأى ليلى قاعدة بفناء بيتها، وكان قد علق قلبه بحبها، وعندها جويريات يتحدثن معها، فوقف المجنون وسلم عليهن فدعونه إلى النزول وقلن له: هل لك في محادثة من لا يشغله عنك منازل ولا غيره؟
فقال: إيه لعمري، ونزل وعقر ناقته، فأرادت ليلى أن تعلم: هل لها عنده مثل ما له عندها، فجعلت تعرض عن حديثه ساعة بعد ساعة وتحدث غيره، وكان قد شغفته "بحبها واستملحته" واستملحها، فبينما هي تحدثه إذ أقبل فتى من الحي، فدعته ليلى وساررته سراً ثم قالت له: انصرف، ونظرت إلى وجه المجنون وقد تغير وامتقع لونه فقالت:
كلانا مظهر للناس بغضاً ...... وكل عند صاحبه مكـين
تبلغنا العيون بمـا أردنـا ..... وفي القلبين ثم هوى دفين
فلما سمع البيتين شهق وأغمي عليه فنضحوا الماء على وجهه، فأفاق بعد ساعة وقد تمكن حب كل منهما من قلب الآخر، وانصرفا وقد أصاب المجنون لوثة ولم يزل في جنبات الحي منفرداً عارياً ولا يتكلم، إلا أن يذكروا له ليلى فيثوب إليه عقله.
فلما تولى الصدقات عليهم نوفل بن مساحق رأى المجنون يلعب بالتراب عرياناً، فسأل عنه فأخبروه بخبره وحكوا له ما هو فيه، فأراد أن يكلمه فقيل له: ما يكلمك إلا إن ذكرت له ليلى وحديثها، فأقبل عليه وذكرها له فثاب إليه عقله وأقبل يحدثه بحديثه وينشده شعره فيها، فرق له نوفل وقال له: أتحب أن أزوجكها؟ قال: نعم، وكيف لي بذلك؟ فدعا له بثياب فألبسه إياها، وراح معه كأصح ما يكون يحدثه وينشده، فبلغ ذلك رهط ليلى فتلقوه بالسلاح وقالوا: لا والله يا ابن مساحق، لا يدخل المجنون منازلنا وقد أهدر السلطان دمه، فأقبل بهم وأدبر فأبوا، فقال للمجنون: إن انصرافك أهون من سفك الدماء، فانصرف وهو يقول: أيا ويح من أمس يخلس عقـلـه فأصبح مذهوباً به كل مـذهـب
خلياً من الـخـلان إلا مـعـذراً =يضاحكني من كان يهوى تجنبـي

doPoem(0)

إذا ذكرت ليلى عقلت وراجعـتروائع عقلي من هوى متشعـب
وقالوا صحيح ما به طيف جنـةولا الهـم إلا بافتـراء التكـذب
تجنب ليلى أن يلج بـك الهـوىوهيهات كان الحب قبل التجنـب
ألا إنما غـادرت يـا أم مالـكصدى أينما تذهب به الريح يذهب


ثم إن المجنون وأهله وعشيرته اجتمعوا إلى أبي ليلى ووعظوه وناشدوه الرحم وقالوا: إن هذا الرجل هالك، وقد حكمناك في المهر، فأبى وحلف بالطلاق أن لا يزوجها به أبداً وقال: يا قوم أفضح نفسي وعشيرتي!!
فانصرفوا عنه، وزوجها رجل من قومه ،فيئس المجنون وزال عقله جملة، فقالوا لأبيه: احجج به وادع الله له فلعل الله أن يخلصه، فحج به، فلما كان بمنى سمع صارخاً بالليل يصيح "يا ليلى" فصرخ صرخة كادت نفسه تزهق معها ووقع مغشياً عليه، ولم يزل كذلك حتى أصبح فأفاق وهو حائل اللون وجعل يقول:

doPoem(0)

عرضت على قلبي العزاء فقال ليمن الآن فايأس لا أعزك من صبر
إذا بان من تهوى وأصبـح نائبـاًفلا شيء أجدى من حلولك في القبر
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منىفهيج أحزان الفـؤاد ومـا يـدري
دعا باسم ليلـى غيرهـا فكأنمـاأطار بليلى طائراً كان في صدري
دعا باسم ليلـى ضلـل الله سعيـهوليلى بأرض عنـه نازحـة قفـر


ومن شعر المجنون:

doPoem(0)

أيا جبلـي نعمـان بالله خليـاسبيل الصبا يخلص إلي نسيمها
أجد بردها أو تشف مني حرارةعلى كبد لم يبق إلا صميمهـا
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمـتعلى نفس مهموم تجلت همومها


ومنه، وبه سمي المجنون:

doPoem(0)

يقول أناس عل مجنـون عامـريروم سلواً قلت إنـي لمـا بيـا
وقد لامني في حب ليلى أقاربـيأخي وابن عمي وابن خالي وخاليا
يقولون ليلى أهل بيـت عـداوةبنفسي ليلى مـن عـدو وماليـا
خليلـي لا والله لا أملـك البكـاإذا علم من أرض ليلى بـدا ليـا
قضاها لغيري وابتلانـي بحبهـافهلا بشيء غير ليلى قضى ليـا


فسلب عقله.
ومن شعره:

doPoem(0)

جرى السيل فاستبكاني السيل إذ جرىوفاضت لـه مـن مقلتـي غـروب
ومـا ذاك إلا حيـن أيقنـت أنــهيمـر بـواد أنـت منـه قـريـب
يكون أجاجـاً دونكـم فـإذا انتهـىإليكـم تلقـى نشـركـم فيطـيـب
أظل غريب الدار في أرض عامـرألا كـل مهجـور هنـاك غريـب
وإن الكثيب الفرد من أيمـن الحمـىإلـي وإن لــم آتــه لحبـيـب
ولا خير في الدنيا إذ أنت لـم تـزرحبيباً ولـم يطـرب إليـك حبيـب


وقـــال أيضــــــاً:
وأدنيتني حتى إذا ما ملكتني ....... بقول يحل العصم سهل الأباطح
تناءيت عني حين لا لـي حـيلة........ وغادرت ما أوريت بين الجوانح

وقال أيضاً:
أمزمعة للبين ليلى ولم تـمـت......كأنك عما قد أظلـك غـافـل
ستعلم إن شطت بهم غربة النوى...... وزالوا بليلـى أن لـبـك زائل

ولم يزل المجنون يهيم في كل واد ويتبع الظباء ويكتب ما يقوله على الرمل، ولا يأنس بالناس، حتى أصبح ميتاً في واد كثير الحجارة، وما دل عليه إلا رجل من بني مرة، فحضر أهله وغسلوه وكفنوه، واجتمع حي بني عامر يبكونه أحر بكاء، ولم ير أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم، وذلك في حدود الثمانين من الهجرة، رحمه الله تعالى وعفا عنه، آمين.

منقول بتصرف .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:28 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke