Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ماذا لو... بقلم/ فؤاد زاديكى الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وعاقل, وقد تكون له بعض الصف
ماذا لو... بقلم/ فؤاد زاديكى الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وعاقل, وقد تكون له بعض الصفات المشترَكة مع أنواع أخرى من الكائنات الحيّة, كالشعور والغريزة وغير ذلك إلّا أنّه يستطيع التمييز بين الأشياء, كما له حرية الاختيار والحكم على الأمور, لهذا فهو قادرٌ على التواصل مع الآخرين للتعبير عن ذاته من خلال تبادل الأفكار وخلق حالة من التنظيم تكفلُ له العيش على نحو فيه انسجام وإتقان ونظام. وإذا كان الله خلقنا على هذا النحو الجميل, فلا يمكن أن لا يكون له هدفٌ من وراء ذلك. وكما هو معروفٌ فإنّ الإنسان هو أثمن قيمة ورأسمال, لكونه القادر على التأثير بالحياة بطريقةٍ ما, و حين يكون تكوين الوعي لدى هذا الإنسان سليمًا وصحيحًا ومُعافىً من الشوائب (التي قد تجرفه لدرك يفقدُ فيه إنسانيته, والغاية المُثلى من وجوده, إذ تجعله لا يختلف عن تلك الحيوانات المفترسة, التي تعيش شريعة الغاب على مبدأ القويّ يأكل المستوي) فهو بكلّ تأكيد سيكون عاملَ بِناءٍ في مجتمعه, بمساهمة خلّاقة وجهدٍ دائب كي يرفعَ من قيم الحياة ويُشْعِر ذاته والآخرين بإنسانيتهم وبأهمّيتهم وبكرامتهم وبحقّهم في هذه الحياة. وسنترك هناك النظريات الأخرى التي تتحدّث عن كيفيّة الخلق وأوّل وجود للإنسان, لأنّه ليس الهدف الأساس من هذا المقال, ولهذا فإنّي أقول أيًّا كانت الأسباب لوجود الإنسان على هذه الأرض, فإنّ هذا لا يمنع من التركيز على الجانب الإنساني لديه في مجال علاقاته مع الناس الآخرين خاصة أولئك الذين يختلفون معه في العقيدة أو الرأي أو الدّين الخ... إنّ الإنسانَ عندما يعرفُ الهدفَ من وجوده والمهمّة المُوكَل بها في حياته على هذه الأرض, فإنّه سيكون بطبيعة الحال قادرًا على تحديد مصيره ووجهته الحياتيّة على نحوٍ أفضل. ولكي يكون الإنسان قادرًا على ممارسة حريته الفكريّة دون ضغوطٍ أو ترهيب أو إلزام, فلا يجب أن يكون تابعًا لأيّ أحد خاصّة رجال الدّين والشيوخ الذين تدفع مصالحهم لأنْ يَبقى هذا الشخص جاهلًا غير عارفٍ بحقيقة الأمور, فهو إن عرف الحقيقة, فإنّ أولئك المتسلّطين سيخسرون نفوذهم, ولن يبقى ضرورة لوجودهم وسينعدم تأثيرهم على الجيل الحالي والأجيال القادمة من بعده. بنظرة سريعة إلى ما يجري في العالم اليوم, فإنّنا نرى وقائع مذهلة و حقائق مُرعبة, ففي الوقت الذي نرى الدول الإسلاميّة تصرف مليارات الدولارات على نشر الإسلام و بناء المساجد و الجوامع في عموم أوروبا و العالم, نرى صورة معاكسةً لهذا الواقع, وهي أنّ هذه الدول تمنع المسيحيين من بناء كنائسَ لهم في هذه البلدان, كما تقوم بمنعهم من ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينيّة, وهناك دول تمنع ذلك بقوانين دولة, أي أنّ هذا أمرٌ ممنوع لأنّ قوانين هذه الدولة أو تلك لا تسمح بذلك. إنّ مثل هذه المواقف غير منطقية وغير عادلة بل هي مُخزية, ففي الوقت الذي تتم فيه نشر الدعوة الإسلامية في كلّ العالم الغربي وأمريكا بحريّة تامّة وتحت أنظار السلطات ومعرفتها, يتم منع التنصير واعتباره ردّة وكفرًا بتطبيق الشريعة على أولئك ومنها السجن والجلد والقتل والمضايقات الأخرى, وكما يتمّ مَنعُ نشر الكتاب المقدس (الإنجيل) في حين يُباع القرآن أو يُهدى للناس على أرصفة الشوارع في البلاد الأوروبية وأمريكا, فأينَ العدالة في هذا وأين المعاملةُ بالمثل؟ ما دفعني لكتابة هذا المقال, صباح هذا اليوم, هو الدعوة التي تمّ توجيهها من القيادة السياسيّة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة للبابا فرانسيس بزيارة الإمارات, و هذه سابقة فريدة من نوعها, تدفع إلى كثير من الأمل, ومن المعروف وجود حوالي (45) كنيسة لمختلف الطوائف المسيحية في الإمارات واليوم سيتمّ تدشين وافتتاح كاتدرائية جديدة في دولة الإمارات. بكلّ تأكيد هذه الخطوة سليمة وهي في المسار الصحيح, والذي من الواجب أن يكون كذلك في جميع الدول العربيّة والإسلاميّة, لا أن يتمّ غلق الكنائس القديمة وعدم السماح بإعادة بناء وترميم الكنائس ودور العبادة إنْ أصابها ضررٌ أو تهدّم. يجب أن يتمّ انفتاح العالم الإسلامي على المجتمعات الأخرى في عملية تفاعل باحترام خصوصية كل طرف دون التدخّل في شأنه, أو التأثير عليه. ومن هنا نطرح هذه الأسئلة الهامّة ماذا لو أنّ السعوديّة وباكستان والسودان والجزائر والمغرب وتونس وليبيا واليمن وأفغانستان والصومال وتركيا وغيرها من الدول الإسلاميّة سعتْ سعيَ دولة الإمارات في السماح بنشر الدين المسيحي وببناء الكنائس وبحريّة العبادة لجميع الناس؟ ماذا لو تمّ إلغاء كلّ المناهج التعليميّة في جامعات الأزهر وغيرها من الجامعات الإسلامية التي تقوم بتعليم الطلاب مبادئ الكراهية والحقد والدعوة لقتل كلّ من ليس مسلمًا؟ ماذا لو تمّ إلغاء مواد الدستور في البلاد العربية والإسلامية التي تحدّد دين رئيس الدولة؟ ألا يوجد مواطنون أكفاء وقادرون على إدارة شؤون الدولة من غير المسلمين؟ ماذا لو تمّ إلغاء وزارة الأوقاف في جميع الدول الإسلامية؟ ماذا لو تمّ إلغاء مادة تدريس الدين في المدارس العربية والإسلاميّة؟ ماذا لو تمّ فصل الدين عن الدولة واحترام المؤسسات والسطات كلٌّ في مجال عملها؟ ماذا لو كفّ المسلمون عن تقييم علاقاتهم مع الآخرين من بوابّة الدّين وليس غير الدّين؟ ماذا لو كفّ شيوخ المسلمين عن نشر الخزعبلات والخرافات والأكاذيب التي لا يمكن أنْ يقبلها العقل البشري بين بسطاء المسلمين ليأخذوا عقولهم رهائن لهم ولمصالحهم الشخصية؟ ماذا لو تمّ تعديل المناهج التربوية في جميع الدول العربية, خاصةً تلك التي تمجّد القتلة والمجرمين وسفّاكي الدماء أمثال: خالد ابن الوليد. عمرو ابن العاص. المثنى ابن حارثة. طارق ابن زياد وغيرهم وغيرهم مّمن سفكوا دماء شعوب كثيرة واحتلوا أراضيها كغزاة محتلّين مستعمرين؟ ماذا لو نظر الناس إلى علاقاتهم مع بعض كإخوة في الإنسانيّة, دون اعتبار الدين أو القومية أو الجنس أو العرق؟ لو تمّت الإجابة السليمة على هذه الأسئلة بأفعال يتمّ تطبيقُها على أرض الواقع, أما كانتْ ن البشرية ستعيش السلام والهدوء والمحبة والاستقرار؟ ولمن سيأتي ليقول الغرب والغرب وأمريكا والاستعمار الخ.. سأقول له: "إنّ دودَ الخلّ منه وفيه" وقيل للزبيبة "طول عمرك فيك شرشوبتك" لن تستقيم أحوال العرب والمسلمين إلّا إذا سعوا مع الآخرين بروح شفافة وبصدق وانفتاح ومحبة الآخر والارتفاع به وبحقوقه, دون أيّة شروط وغيّروا من طريقة تعاملهم مع الآخرين وحرّروا عقولهم بمنطق سليم منفتح وعقلاني. أوجّه تحيّة كبيرة للقيادة السياسيّة لدولة الإمارات لخطوتها الجريئة والرائعة, هذا على أمل أن تتسع رقعة ذلك لتشمل دولًا أخرى كالسعودية وتركيا وباكستان وغيرها. ألمانيا في 4/1/2019
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|