Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الديني > المنتدى المسيحي > الكتاب المقدس و العظات

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-03-2011, 02:58 PM
kestantin Chamoun kestantin Chamoun غير متواجد حالياً
Master
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 6,847
افتراضي هل تتقدَّم الأرواح نحو الكمال؟ الأنبا غريغوريوس. ,,,,


هل تتقدَّم الأرواح نحو الكمال؟ الأنبا غريغوريوس.




هل تتقدَّم الأرواح نحو الكمال؟




نعم‏‏٬ ‏وبالتأكيد‏‏٬ ‏فإن‏ ‏الروح‏ ‏التي‏ ‏خُلقت‏ ‏على ‏صورة‏ ‏الله‏ ‏ومثاله‏ ‏لن‏ ‏تتوقف‏ ‏عن‏ ‏النمو‏ ‏في‏ ‏إدراكاتها‏ ‏ومعارفها‏ ‏وروحانيتها‏.‏

يقول‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏على ‏فم‏ ‏القديس‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏‏ "لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْلٍ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْطَنُ وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلَكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ. فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ فِي لُغْزٍ لَكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهاً لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ لَكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ".
(1.‏كورنثوس‏ 12,11:13).‏

وهذا‏ ‏أمر‏ ‏طبيعي‏‏٬ ‏فإن‏ ‏روح‏ ‏الإنسان‏ ‏طالما‏ ‏أنها‏ ‏حية‏‏٬ ‏فكيف‏ ‏يقف‏ ‏نموها‏ ‏في‏ ‏معارفها‏ ‏وإدراكاتها‏ ‏وفهمها؟

ثم‏ ‏إنها‏ ‏بخروجها‏ ‏من‏ ‏الجسد‏‏٬ ‏خرجت‏ ‏من‏ ‏ذلك‏ ‏الحاجز‏ ‏الفاصل‏ ‏بينها‏ ‏وبين‏ ‏الحقيقة‏ ‏في‏ ‏ذاتها‏. ‏فالإنسان‏ ‏وهو‏ ‏في‏ ‏الجسد‏ ‏مُغلق‏ ‏عليه‏ ‏في‏ ‏الجسد‏ ‏الكثيف‏‏٬ ‏ولا‏ ‏قدرة‏ ‏لروحه‏ ‏إلى‏ ‏معرفة‏ ‏العالم‏ ‏الخارجي‏ ‏عنها‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏فتحات‏ ‏ضيقة‏‏٬ ‏هي‏ ‏ما‏ ‏نسمّيه‏ ‏بالحواس‏ ‏الخمس‏‏٬ ‏وهي‏ ‏"السمع‏‏٬ ‏والنظر‏‏٬ ‏واللمس‏‏٬ ‏والشم‏‏ ٬ ‏والذوق"‏‏٬ ‏وأدواتها‏ ‏والأذنان‏ ‏والعينان‏ ‏واليدان‏ ‏والقدمان‏‏٬ ‏والأنف‏ ‏واللسان‏.

أما‏ ‏إذا‏ ‏خرجت‏ ‏الروح‏ ‏من‏ ‏الجسد‏ ‏فيما‏ ‏نسميه‏ ‏بالموت‏‏٬ ‏فقد‏ ‏خرجت‏ ‏من‏ ‏السجن‏ ‏إلى ‏العالم‏ ‏الأوسع‏‏٬ فتصير‏ ‏رؤيتها‏ ‏للحقيقة‏ ‏أوضح‏ ‏وأشمل‏ ‏وأوسع‏ ‏وأصدق‏‏٬ ‏وأدقّ‏.‏

إن‏ ‏حواسنا‏ ‏الخمس‏ ‏في‏ ‏الجسد‏ ‏تخدَعنا‏ ‏فيما‏ ‏نسميه‏ ‏بخداع‏ ‏الحواس‏‏٬ ‏فنرى‏ ‏المِلعَقة‏ ‏مكسورة‏ ‏في‏ ‏الكوب‏ ‏المليء‏ ‏بالماء‏‏٬ ‏وهي‏ ‏على‏ ‏غير‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ ‏الحقيقة‏ ‏والواقع‏...‏ونرى ‏السماء‏ ‏زرقاء‏...‏وهي‏ ‏غير‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ ‏الحقيقة‏.‏

وحواسنا‏ ‏أيضًا‏ ‏قابلة‏ ‏لأن‏ ‏تمرَض‏ ‏أو‏ ‏تضعُف‏‏٬ ‏أو‏ ‏تشيخ‏‏٬ ‏فلا‏ ‏تصلح‏ ‏دائمًا‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏أدوات‏ ‏سليمة‏ ‏للمعرفة‏ ‏الكاملة‏‏٬ ‏أما‏ ‏إذا‏ ‏خرجتْ ‏الروح‏ ‏من‏ ‏الجسد‏‏٬ ‏فتنطلق‏ ‏كما‏ ‏ينطلق‏ ‏الحمام‏ ‏أو‏ ‏الحمائم‏ ‏وسائر‏ ‏الطيور‏‏٬ ‏ويزول‏ ‏منها‏ ‏الوهَن‏ ‏والضعف‏‏٬ ‏وتصير‏ ‏قادرة‏ ‏على‏ ‏التوصل‏ ‏لمعرفة‏ ‏الأشياء‏ ‏في‏ ‏ذاتها‏ ‏ومباشرة‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏واسطة‏.‏

ثم‏ ‏إن‏ ‏الروح‏ ‏بخروجها‏ ‏من‏ ‏الجسد‏ ‏وخروجها‏ ‏إلى‏ ‏الحياة‏ ‏الأخرى‏٬ ‏تزداد‏ ‏بطبيعة‏ ‏الحال‏ ‏معرفتها‏ ‏بالعالم‏ ‏الآخر‏‏٬وهو‏ ‏الأوسع‏ ‏والأكبر‏ ‏من‏ ‏عالم‏ ‏الأرض‏ ‏بغير‏ ‏قياس‏.‏

ومما‏ ‏يَقطَعُ‏ ‏في‏ ‏أن‏ ‏أرواح‏ ‏المنتقلين‏ ‏إلى‏ ‏الحياة‏ ‏الأخرى‏ ‏تقبل‏ ‏التطوُّر‏ ‏والتقدم‏ ‏والنمو‏ ‏في‏ ‏المعرفة‏ ‏والفهم‏ ‏إلى‏ ‏غير‏ ‏نهاية‏‏٬ ‏قول‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏في‏ ‏الرسالة‏ ‏الأولي‏ ‏للقديس‏ ‏يوحنا‏ ‏الرسول‏ "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ".(1.‏يوحنا‏2:3).‏

وبهذا‏ ‏فتح‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏أمامنا‏ ‏باب‏ ‏الترقّي‏ ‏والتقدم‏ ‏والنمو‏ ‏والتطور‏ ‏إلى‏ ‏غير‏ ‏نهاية‏.‏

إن‏ ‏هذه‏ ‏الحقيقة‏‏٬ ‏حقيقة‏ ‏النمو‏ ‏والتطور‏‏٬ ‏نتبيّنها‏ ‏من‏ ‏منظور‏ ‏آخر‏ ‏وزاوية‏ ‏أخرى‏٬لقد‏ ‏قال‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد ‏(‏كونوا‏ ‏إذن‏ ‏كاملين‏ ‏كما‏ ‏أن‏ ‏أباكم‏ ‏الذي‏ ‏في‏ ‏السماوات‏ ‏كامل‏) (‏متي‏48:5).‏

ولما‏ ‏كان‏ ‏كبار‏ ‏القديسين‏ ‏لم‏ ‏يَصِلوا‏ ‏في‏ ‏الأرض‏ ‏إلى‏ ‏الكمال‏ ‏الذي‏ ‏يدعونا‏ ‏إليه‏ ‏ويطالبنا‏ ‏به‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏‏٬ ‏ولكن‏ ‏حيث‏ ‏أنهم‏ ‏مقبولون‏‏٬ ‏فالفرصة‏ ‏سانحة‏ ‏أمامهم‏ ‏للوصول‏ ‏تدريجيًا‏ ‏إلى‏ ‏الكمال‏ ‏المطلوب‏‏٬ ‏حيث‏ ‏أنهم‏ ‏أحياء‏‏٬ ‏والحياة‏ ‏أبدية‏ ‏ولا‏ ‏نهائية‏‏٬ ‏فلا‏ ‏توقف‏ ‏إذن‏ ‏عن‏ ‏النمو‏‏٬ ‏والحركة‏ ‏المتقدمة‏ ‏إلى‏ ‏الأمام‏ ‏والصاعدة‏ ‏إلى‏ ‏أعلى‏‏٬ ‏والداخلة‏ ‏إلى‏ ‏الأعماق‏‏٬ ‏إلى‏ ‏أبد‏ ‏الأبد‏.(‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏الوعد‏ ‏الذي‏ ‏وعدنا‏ ‏هو‏ ‏به‏‏٬ ‏الحياة‏ ‏الأبدية‏) (1.‏يوحنا‏ 25:2)‏٬(‏يوحنا‏15:3)‏٬(40:6).
ثم‏ ‏إن‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏كشف‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏الخط‏ ‏الصاعد‏ ‏إلى ‏أعلى‏‏٬ ‏وإلى‏ ‏الأمام‏‏٬ ‏في‏ ‏تطور‏ ‏الروح‏ ‏بعد‏ ‏الموت‏‏٬ ‏بما‏ ‏قاله‏ ‏في‏ ‏مثل‏ ‏الوزنات‏ ‏الرابحة‏ "فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً "يَا سَيِّدُ خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا". فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ "نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ". ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ "يَا سَيِّدُ وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي‏٬ هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا". قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ "نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ" (‏متي‏ 23,20:25).‏

والمعنى‏ ‏واضح‏‏٬ ‏إن‏ ‏صاحب‏ ‏الوزنات‏ ‏الخمس‏ ‏لم‏ ‏يتوقف‏ ‏إنتاجه‏ ‏بالموت‏ ‏والانتقال‏ ‏إلى‏ ‏العالم‏ ‏الآخر‏‏٬ ‏ولكنه‏ ‏مكافأة‏ ‏له‏ ‏أُقيم‏ ‏أمينًا‏ ‏على ‏وزنات‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏أخذه‏ ‏في‏ ‏مبدأ‏ ‏الأمر‏‏٬ ‏وأكثر‏ ‏مما‏ ‏ربح‏‏٬ ‏بل‏ ‏أن‏ ‏إنتاجه‏‏ ‏والربح‏ ‏الذي‏ ‏حصل‏ ‏عليه‏ ‏بعمله‏ ‏وجهاده‏ ‏أهَّله‏ ‏لأن‏ ‏يُقام‏ ‏على‏ ‏مسئولية‏ ‏أكبر "أُقيمك‏ ‏على‏ ‏الكثير"‏.‏

بل‏ ‏إن‏ ‏سيدنا‏ ‏أضاف‏ ‏على‏ ‏صاحب‏ ‏الوزنات‏ ‏العشر‏‏٬ ‏الوزنة‏ ‏التي‏ ‏سبق‏ ‏فأعطاها‏ ‏للعبد‏ ‏الشرير‏ ‏والكسلان‏ ‏ولم‏ ‏يوظفها‏ ‏ويربح‏ ‏بها‏‏٬ ‏بل‏ ‏طَمَرَها‏ ‏وعطَّلها‏ ‏عن‏ ‏الإنتاج‏ ‏والاستثمار‏. ‏فقال‏ ‏الرب "خذوا‏ ‏منه‏ ‏الوزنة‏ ‏وأعطوها‏ ‏للذي‏ ‏لديه‏ ‏العشر‏ ‏الوزنات‏٬ ‏لأن‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏عنده‏ ‏يُعطىَ‏ ‏ويُزاد‏‏٬ ‏وأما‏ ‏مَنْ‏ ‏ليس‏ ‏عنده‏ ‏فالذي‏ ‏عنده‏ ‏يُؤخذ‏ ‏منه ‏(‏متي‏29,27:25)‏٬ (‏متي‏ 13:12)‏٬ (‏لوقا‏ 18:8)‏‏٬ أي‏ ‏أن‏ ‏مَنْ‏ ‏عنده‏ ‏ثمر‏ ‏وإنتاج‏ ‏يُعطىَ ‏وزنات‏ ‏أكثر‏‏٬ ‏حتى‏ ‏يستثمرها‏ ‏وينمِّيها‏٬‏ ‏فلا‏ ‏تتعطل‏ ‏عن‏ ‏العمل‏ ‏ولا‏ ‏تتوقف‏ ‏عن‏ ‏الثمر‏.‏

وتوكيدًا‏ ‏للمعنى‏ ‏نفسه‏ ‏وإصرارًا‏ ‏عليه‏ ‏وزيادة‏ ‏في‏ ‏الإيضاح‏‏٬ ‏قال‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏مثلاً‏ ‏آخر‏٬ فدعا ‏(‏الملك‏) ‏عشرة‏ ‏خَدَم‏ ‏له‏٬‏ ‏وأعطاهم‏ ‏عشر‏ ‏وزنات‏ ‏من‏ ‏الفضة‏٬‏ ‏وقال‏ ‏لهم‏ "تاجروا‏ ‏بها‏ ‏حتي‏ ‏أجيء‏‏"٬ فلما‏ ‏عاد‏‏٬ أمر‏ ‏باستدعاء‏ ‏أولئك‏ ‏العبيد‏ ‏الذين‏ ‏أعطاهم‏ ‏الفضة‏٬‏ ‏ليعرف‏ ‏ماذا‏ ‏فعل‏ ‏كل‏ ‏واحد‏ ‏في‏ ‏تجارته‏. ‏فجاء‏ ‏الأول‏ ‏قائلاً‏ "يا‏ ‏سيدي‏ ‏إن‏ ‏وزنتك‏ ‏قد‏ ‏ربحت‏ ‏عشر‏ ‏وزنات‏‏"٬ ‏فقال‏ ‏له‏ "أحسنتَ‏ ‏أيها‏ ‏العبد‏ ‏الصالح‏‏٬ ‏وإذ‏ ‏كنتَ‏ ‏أمينًا‏ ‏في‏ ‏القليل‏‏٬ ‏فليكن‏ ‏لك‏ ‏السلطان‏ ‏على‏ ‏عشر‏ ‏مدن‏". ‏ثم‏ ‏جاء‏ ‏الثاني‏ ‏قائلاً‏ "يا‏ ‏سيدي‏ ‏إن‏ ‏وزنتك‏ ‏قد‏ ‏ربحت‏ ‏خمس‏ ‏وزنات‏"‏٬فقال‏ ‏لهذا‏ ‏كذلك‏ ‏"فلتكن‏ ‏أنت‏ ‏أيضًا‏ ‏على‏ ‏خمس‏ ‏مدن‏"٬ أما‏ ‏الذي‏ ‏أخذ‏ ‏الوزنة‏ ‏وطمرها‏‏٬ ‏فأهانه‏ ‏سيده‏‏٬ ‏ثم‏ ‏قال‏ ‏للواقفين‏ ‏بين‏ ‏يديه‏ "‏خذوا‏ ‏منه‏ ‏الوَزْنة‏‏٬ ‏وأعطوها‏ ‏للذي‏ ‏عنده‏ ‏العشر‏ ‏الوَزَنات"‏فقالوا‏ ‏له‏ "يا‏ ‏سيد‏ ‏إن‏ ‏عنده‏ ‏عشر‏ ‏وَزَنات‏"‏٬فقال‏ "‏إني‏ ‏أقولُ‏ ‏لكم‏ ‏إنَّ‏ ‏كلَ‏ ‏مَنْ‏ ‏له‏ ‏سيُعطىَ‏٬ ‏وأما‏ ‏مَنْ‏ ‏ليس‏ ‏له‏‏٬ ‏فالذي‏ ‏عندَه‏ ‏سيُؤخَذُ‏ ‏منه" ‏(‏لوقا‏26,12:19).‏

فأرواح‏ ‏المنتقلين‏ ‏فيما‏ ‏وراء‏ ‏الموت‏‏٬ ‏من‏ ‏الأبرار‏ ‏والقديسين‏‏٬ ‏لن‏ ‏تتوقف‏ ‏عن‏ ‏النمو‏ ‏الروحاني‏ ‏والعقلاني‏‏٬ ‏بل‏ ‏ستتقدم‏ ‏في‏ ‏طريق‏ ‏صاعد‏‏٬ ‏وإلى‏ ‏الأمام‏‏٬ ‏في‏ ‏سُلَّم‏ ‏الفضائل‏ ‏وسِعَة‏ ‏الإدراكات‏ ‏والمعارف‏ ‏الحقيقية‏‏٬وشيئًا‏ ‏فشيئًا‏ ‏تزداد‏ ‏روحانية‏ ‏وصفاءً ‏ونقاءً‏‏٬ ‏في‏ ‏خط‏ ‏الكمال‏ ‏المسيحي‏.‏

هذه‏ ‏حقيقة‏ ‏إيمانية‏‏٬ ‏مسنودة‏ ‏ومستندة‏ ‏إلى‏ ‏طبيعة‏ ‏الروح‏ ‏الإنسانية‏ ‏المخلوقة‏ ‏على‏ ‏صورة‏ ‏الله‏ ‏ومثاله‏‏٬ ‏ومؤيَّدة‏ ‏بنصوص‏ ‏الكتب‏ ‏المقدسة‏.‏

وعلى‏ ‏ذلك‏ ‏فإننا‏ ‏على‏ ‏يقين‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏أرواح‏ ‏الأبرار‏ ‏الذين‏ ‏سبقونا‏ ‏إلى‏ ‏العالم‏ ‏الآخر‏‏٬ ‏قد‏ ‏قطعوا‏ ‏عبر‏ ‏الزمن‏ ‏الذي‏ ‏مَرّ‏‏٬ ‏درجات‏ ‏ومراحل‏ ‏في‏ ‏النمو‏ ‏والارتقاء‏٬‏ ‏بحيث‏ ‏أنهم‏ ‏الآن‏ ‏في‏ ‏مرحلة‏ ‏من‏ ‏النمو‏ ‏أعلى‏ ‏كثيرًا‏ ‏مما‏ ‏كانوا‏ ‏عليه‏ ‏عندما‏ ‏خرجت‏ ‏أرواحهم‏ ‏من‏ ‏أجسادهم‏.
فموسي‏ ‏النبي‏ ‏ودانيال‏ ‏وإبراهيم‏ وأيوب‏ ‏وإرميا‏ ‏وحزقيال‏ ‏وأليشع‏ ‏وغيرهم‏ ‏من‏ ‏الأنبياء‏ ‏والقديسين‏‏... ويوحنا‏ ‏المعمدان‏‏٬ ‏وبطرس‏ ‏وبولس‏ ‏ويوحنا‏ ‏الحبيب‏ وغيرهم‏ ‏من‏ ‏قديسي‏ ‏العهد‏ ‏الجديد‏... ‏والشهيد‏ ‏مارجرجس‏‏٬ ‏ومارمينا‏ ‏العجائبي‏ ‏وأبو‏ ‏سيفين‏ وغيرهم‏ ‏من‏ ‏الشهداء‏... ‏والرهبان‏ ‏أنطونيوس‏ ‏وبولا‏ ‏وباخوميوس‏ ‏وأبو‏ ‏مقار‏ ‏وإفرآم‏ ‏وبيشوي‏ ‏وموسيى ‏الأسود‏ وغيرهم‏ ‏من‏ ‏لُبّاس‏ ‏الإسكيم‏... ‏لا بُد‏ ‏أن‏ ‏يكونوا‏ ‏اليوم‏ ‏أكثر‏ ‏نموًا‏ ‏وتقدمًا‏ ‏في‏ ‏إدراكاتهم‏ ‏ومعارفهم‏ ‏وتَقْوَاهم‏ ‏وأعمالهم‏ ‏الصالحة‏‏٬ مما‏ ‏كانوا‏ ‏عليه‏ ‏عندما‏ ‏خرجوا‏ ‏من‏ ‏الجسد‏. ‏وكذلك‏ ‏غيرهم‏ ‏من‏ ‏الصِدّيقين‏ ‏الأحدث‏ ‏عهدًا‏ ‏ممن‏ ‏نذكرهم‏ ‏ونتشفع‏ ‏بهم‏ ‏من‏ ‏أجيالنا‏ ‏القربية‏٬‏ ‏لا بد‏ ‏أن‏ ‏يكونوا‏ ‏اليوم‏ ‏أكثر‏ ‏سُموًا‏ ‏وارتقاءً‏ ‏في‏ ‏روحانيتهم‏ ‏ومعارفهم‏ ‏وإدراكاتهم‏٬‏ ‏مما‏ ‏كانوا‏ ‏عليه‏ ‏يوم‏ ‏غادرت‏ ‏سفينة‏ ‏حياتهم‏ ‏شاطئ‏ ‏الحياة‏ ‏الدنيا‏ ‏إلى‏ ‏شاطئ‏ ‏الحياة‏ ‏الأخرى‏.‏

هذه‏ ‏الحقيقة‏ ‏هي‏ ‏من‏ ‏الوضوح‏ ‏والجمال‏ ‏بحيث‏ ‏أنها‏ ‏تُنْعِش‏ ‏أرواحنا‏‏٬ ‏وتشجعنا‏ ‏على‏ ‏مواصلة‏ ‏الجهاد‏‏٬ ‏والنمو‏ ‏الروحاني‏ ‏في‏ ‏الأرض‏‏٬‏ فإذا‏ ‏ما‏ ‏دُعينا‏ ‏بعد‏ ‏الموت‏ ‏إلى ‏الدخول‏ ‏في "المَظَالِّ‏ ‏الأبَدِيّة" ‏(‏لوقا‏9:16)‏٬سنواصل‏ ‏مسيرتنا‏ ‏في‏ ‏العبادة‏ ‏والخدمة‏ ‏المقدسة‏ ‏في‏ ‏جيش‏ ‏الخلاص‏ ‏مع‏ ‏المَفديين‏ ‏المُخَلَّصين‏‏٬ ‏وبهذا‏ ‏ننتقل‏ ‏من‏ ‏مجد‏ ‏إلى‏ ‏مجد‏‏٬ ‏ونحن‏ ‏جميعًا‏ ‏نعكس‏ ‏صورة‏ ‏مجد‏ ‏الرب‏ ‏بوجوه‏ ‏مكشوفة‏ ‏كأنها‏ ‏مِرآة‏‏٬ ‏فنتحول‏ ‏إلى‏ ‏تلك‏ ‏الصورة‏ ‏عينها‏‏٬ ‏وهي‏ ‏تزداد‏ ‏مجدًا‏ ‏على‏ ‏مجد‏‏٬ ‏وهذا‏ ‏من‏ ‏فضل‏ ‏الرب‏ ‏الذي‏ ‏هو‏ ‏روح‏ (2.‏كورنثوس3 : 18)‏٬ (‏رومية‏8 : 29)‏٬(‏يوحنا‏17 : 22 ؛24). ‏

والآن‏ (‏لتمُتْ‏ ‏نفسي‏ ‏موتَ‏ ‏الأبرار‏‏٬ ‏ولتكُنْ‏ ‏آخرتي‏ ‏كآخِرَتِهِم‏)(‏العدد‏23: 10).‏




مثلث الرحمات
الأنبا غريغوريوس
أسقف الدراسات اللاهوتية العُليا والثقافة القبطية والبحث العلمي.
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 168950_10150169984008496_813973495_8575484_4377957_n.jpg‏ (34.5 كيلوبايت, المشاهدات 1)
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:02 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke