وجها الحياة
بقلم/ فؤاد زاديكى
يكون العذابُ في رحلة العمر دائمًا إلى جانب الفرح وهما وجها الحياة ولا يمكن قبول أحدهما ورفض الآخر لأنّ معادلة الوجود الإنساني سيختلّ توازنها في هذه الحال. لهذا يجب أن نعطي الفرح حقه والحزن هو الآخر ما له. هناك ظروف قاهرة خارجة عن إرادة الإنسان ومهما حاول أن يؤثّر بها أو يتجنّب التأثّر بها فهو لن يُفلحَ بذلك, لأنّ يدَ القدر بما كتبت وتكتب من مصائر البشر لهي أكثر نفوذًا وأقوى شكيمةً. قد تموت أحلام. قد تندثر آمال وتتلاشى. قد تهبّ رياح المرارة في لحظة غير متوقّعة. وقد تأخذنا غفلة عميقةٌ بعيدًا عن الإحساس بالواقع, وكأنّنا في غيبوبةٍ شعوريّة ولا شعوريّة. إنّ مخالب العذاب حين تنهشُ في أعماق النفس البشريّة, قد تؤدي بها إلى الهلاك. أو أقلّه إلى تلاشي جميع قوى الصبر والتحمّل وما تفرزه الإرادة من عصارات الرغبة بالتصدي والمقاومة. لكنْ ومع هذا كلّه فإنّ مخزون الذاكرة لا يمكن له أن يفرغَ من محتواه, فهو يتجدّد على الدوام, قد يزول قديم ليحلّ محله جديد وفي كلّ مرّة يُصبحُ الجديدُ قديمًا. أما أحلامنا وحين تهبّ رياحُ الحرب لتفتك بكلّ جميلٍ من خلال التهجير والعنف ومشاهد القتل والخراب والدمار وممارسة الوحشيّة بغير حدود, فإنّها لن تبقى أحلامًا - بل بالفعو منك- ستغدو كوابيسَ لها مسنناتٌ تطحن في نفوسنا. أتبقى صورُ معاناة لمهاجر؟ أتظلّ بقايا أنين لمن فقد أحد أفراد أسرته في مشهد لا يستطيع تحمّل هوله أقسى الصخور؟ مهما فعلنا فلن يكون بوسعنا تغيير الزمن ولا تقديمه او تأخيرَه. لكنّ ما نستطيع فعله هو أن نصلّي بخشوع إلى مَن له سلطان القوة على إزالة كلّ هذه الكوابيس المرعبة في حياة البشر ليبسط عناية رحمته مُتسلّحينَ بالحبّ. ومتى كان سلطان القوة نائمًا فعلينا وعلى الدنيا السّلام.