Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-05-2006, 11:53 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي حوار مفتوح مع صبري يوسف، أجراه الصحافي الأردني عادل محمود

أعزّائي القرّاء:

أجرى الصحافي الأردني عادل محمود حواراً مفتوحاً مع صبري يوسف لصحيفة العرب اليوم، وقد نشر الحوار في ملف أدباء المهجر كما نشر مقتطفات من الحوار في زاوية ضيف المقهى فإليكم الحوار مفصلاً:

.................................................. .................................
بطاقة تعريف

صبري يوسف

*مواليد سورية ـ المالكيّة/ديريك 1956.
*حصل على الثّانوية العامّة ـ القسم الأدبي من ثانويّة يوسف العظمة بالمالكية عام 1975.
*حصل على أهلية التعليم الإبتدائي، الصف الخاص من محافظة الحسكة عام 1976.
* حصل على الثّانوية العامة ـ القسم الأدبي كطالب حرّ من القامشلي عام 1978.
*درس الأدب الانكليزي في جامعة حلب واِنتقل إلى السَّنة الثّانية، ولم يتابع دراساته لأسباب بكائيّة متعدّدة.
* حصل على الثَّانوية العامّة عام 82 القسم الأدبي كطالب حرّ مخترقاً القوانين السائدة آنذاك، حيث صدر مرسوم وزاري يمنع من تقديم الطالب لنفس الثَّانوية العامّة التي نجح فيها مرّتين لكنّه لم يتقيّد بالمرسوم فتقدّم للإمتحانات للمرّة الثّالثة على أنه حصل على الإعدادية فقط وهكذا اخترق القانون بالقانون، لكن قانونه هو!
* خرّيج جامعة دمشق، قسم الدِّراسات الفلسفية والاجتماعية ـ شعبة علم الاجتماع عام 1987.
* أعدم السِّيجارة ليلة 25. 3 . 1987 إعداماً صورياً، معتبراً هذا اليوم وكأنّه عيد ميلاده، ويحتفل كل عام بيوم ميلاد موت السّيجارة، لأنّه يعتبر هذا اليوم يوماً مهمّاً ومنعطفاً طيّباً في حياته.
* اشتغل في سلكِ التَّعليم 13 عاماً، في إعداديات وثانويات المالكيّة، ثمَّ عبر المسافات بعد أن قدَّم استقالته من التعليم، واضعاً في الاعتبار عبور البحار والضَّباب، مضحّياً بالأهل والأصدقاء ومسقط الرأس بحثاً عن أبجدياتٍ جديدة للإبداع.
* أصدر مجموعته القصصية الأولى: "احتراق حافّات الرُّوح" عام 1997 في ستوكهولم.
* أسّس دار نشر خاصّة في ستوكهولم عام 1998، وأصدرَ الدواوين التَّالية:

ـ "روحي شراعٌ مسافر"، شعر، بالعربيّة والسّويدية ـ ستوكهولم 98 (ترجمة الكاتب نفسه).
ـ "حصار الأطفال .. قباحات آخر زمان!" ـ شعر ـ ستوكهولم 1999
ـ "ذاكرتي مفروشة بالبكاء" ـ قصائد ـ ستوكهولم 2000
ـ "السَّلام أعمق من البحار" ـ شعر ـ ستوكهولم 2000
ـ "طقوس فرحي"، قصائد ـ بالعربيّة والسّويديّة ـ ستوكهولم 2000 (ترجمة الكاتب نفسه).
ـ "الإنسان ـ الأرض، جنون الصَّولجان" ـ شعر ـ ستوكهولم 2000

* هناك مجموعة قصصية مخطوطة، تتناول مواضيع كوميدية ساخرة، في طريقها إلى النّور.
* يعمل على نصّ مفتوح ، "أنشودة الحياة"، قصيدة شعرية ذات نَفَس ملحمي، طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كل جزء (مائة صفحة) بمثابة ديوان مستقل، ومرتبط بنفس الوقت مع الأجزاء اللاحقة، أنجز حتّى الآن الجزء الثَّامن، ويعمل على الجزء التَّاسع والعاشر معاً، يتناول قضايا إنسانية وحياتيّة عديدة، مركِّزاً على علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان كمحور لبناء هذا النصّ.
* تمّ تحويل الجزء الأوّل من أنشودة الحياة إلى سيناريو لفيلم سينمائي طويل من قبل المخرج والسّيناريست اليمني حميد عقبي وقدّم السِّيناريو كإحدى محاور رسالة الماجستير في باريس ..
* اِشتغل مديراً لبرنامج "بطاقات ثقافيّة" في الفضائيّة السّريانية، صورويو TV في القسم العربي وقدّم عدّة لقاءات عبر برنامجه مع كتّاب وشعراء وفنانين ومؤرّخين ... حتّى غاية عام 2004.
* تمّ اختياره عام 2004 مع مجموعة من الشّعراء والشَّاعرات للمساهمة في إصدار أنطولوجيا شعرية باللغة السويديّة حول السَّلام، وقد تمّ إصدارها في آذار 2005.
* يكتب القصّة القصيرة، قصيدة النَّثر، القصيدة الغنائيّة، المقال، ولديه اهتمام في التَّرجمة والدراسات التحليلية والبحوث الاجتماعية والرَّسم!.. وينشر نتاجاته في بعض الصّحف والمجلات والمواقع الالكترونية.
* مقيم في ستوكهولم ـ السّويد منذ عام 1990.

هل ما زالت روحكَ شراعٌ مسافر؟
نعم ما زالت
"روحي شراعٌ مسافر
تبحر كلّ صباح
أعماق البحار..
وعند المساء
تستريح بينَ اخضرارِ الجُزُر!"
روحي شراعٌ مسافر، عنوان ديوان شعري أصدرته في ستوكهولم عن دار نشري وكذلكَ بقية الدّواوين، أصدرتُ الدّيوان باللُّغتين العربية والسُّويدية، وقد نال استحسان القارئ السّويدي ناقداً كان أم قارئاً .. يتألّف الدِّيوان من مائة مقطع شعري ومقطعين، حيث بدأتُ من الرَّقم ناقص واحد، صفر ثم واحد حتى غاية المائة، معتبراً أنني:
"دائماً كنتُ أنطلق من الصّفر
هذه المرّة سأنطلقُ
من تحتِ الصّفر!"
هذه المرّة هي مرّةُ الغربة والاغتراب والتشرُّد، لأنَّني كنتُ أشعر بشكل متواصل أن نقطة الصّفر لا تروي غليلي في نقطة الانطلاق في بلادِ الاغتراب، فلا بدّ من الإنطلاق من تحتِ الصّفر، وهذه الخلخلة في معادلات الانطلاق على عكس الانطلاق الطَّبيعي من الصّفر هو مؤشّر على أنَّ المغترب يعيد حساباته يوميَّاً وسرعان ما يجد نفسه وكأنّه في عدّ تنازلي أو عدّ غير طبيعي مقارنةً بغيره من المواطنين أصحاب البلاد الأصليين وذلك من حيث اللُّغة والبيئة والثَّقافة وطريقة التَّفكير والتَّعبير والحوار والخ من قضايا الحياة التي سبقونا بها بعقودٍ بل بقرونٍ من الزَّمان!
كتبت مقاطع "روحي شراعٌ مسافر" عبر محطّات غربتي الأولى وأغلب مقاطع هذا الدَّيوان كتبتها على أرض مملكة السّويد، ثم ترجمتها إلى اللُّغة السّويدية رغبةً منّي بالتّواصل مع القارئ السّويدي والأوربي الذي يقرأ السُّويدية كي أبني جسراً من التَّواصل بيني وبينه، بين الشَّرق والغرب عبر خيوطِ الشّعر!
وإليك أيّها القارئ العزيز مقاطع من أجواءِ الدِّيوان:

"أنا وأشيائي
تحوَّلنا إلى كتلةٍ
من الاشتعال!
***
تاهتِ الذّاكرة
فوقَ البحار!
***
أريدُ أن أتخلّصَ
من عقدِ الشَّرقِ
ومن عقدِ الغربِ أيضاً!
أريدُ أن أزدادَ اشتعالاً ..
متطهّراً من شوائبِ الحياة
في هذا الزَّمنِ الأحمق!
***
نهضتُ فجأةً ..
وبدأتُ أسيرُ مترنِّحاً
في أزقَّةِ المدائن..
أذرفُ دمعاً كالمطر!
***
وحدُها العصافير
تعانقُ زرقةَ السَّماء!
***
إذا حملَ الإنسان بين جناحيهِ
فظاظةً ما
حماقةً ما
فإنَّ هذهِ الفظاظات
وهذه الحماقات
ستكلِّسُ جزءاً غير يسير
من شفافيَّةِ الرُّوح!
***
التَّواصل بيني وبينكم
ذبذبات متوهِّجة وموصولة
والشَّوقُ إلى أحضانِكم الفسيحة
تجاوزَ طقوسَ الأنين!
***
علَّمتني الغربة
أن أكونَ نقيَّاً كالندَّى
وعلَّمتني الحياة
أن أستمدَّ الحياة
من زخَّاتِ المطر!
***

طالما "حصار الأطفال .. قباحات آخر زمان!"، فكيف حصار الأوطان؟

إنّ حصار الأطفال أخطر بكثير من حصار الأوطان، لأن الأطفال هم رحيق الأوطان وأريج الحياة وعبق الغد والمستقبل، وهم روح الوطن بدون أيِّ منازع، والَّذين لا يتوانوا عن حصار الأطفال، من المؤكّد سيخلخلون أجنحة الأوطان خلخلةً ما بعدها خلخلة، لهذا فأنا أرى أنَّ حصار الأطفال هو قباحات آخر زمان! وهل سنجد قباحات أكثر ممَّا رأيناه ونراه يوماً بعد يوم في هذا الزَّمن الأهوج!
حصارُ الأطفال .. قباحات آخر زمان، هو عنوان ديوان شعري، يتألّف من قصيدة طويلة واحدة، استوحيت فضاءات هذا الدِّيوان من وحي الحصار على العراق، وعلى الشّرق وعلى الإنسان أينما كان على وجه المعمورة، لكن الشّرارة الأولى كانت منبعثة من حصار بلاد العراقة والحضارة، بلاد الرَّافدين، بلاد الحدائق المعلّقة، إحدى عجائب الدُّنيا، بلاد حمورابي أبو الشَّرائع، بلاد الشُّعراء وبلاد أولى الحضارات والملاحم، بلاد جلجامش "الذي رأى كلّ شيء"! ثم دخلت في رحابِ اندلاع شرارات الإنسان في دنيا الشَّرق الَّذي لا حول ولا قوّة له سوى الدّوران في نيران الحروب المفتوحة! ومن أجواء الدِّيوان أقتطف هذه المقاطع:
"أيّها الحمقى ..
سياساتُكُم الممطوطة باديةٌ للعيانِ
ألعابُكُم مستقطرة من أنيابِ الوحوشِ
... ... ... ....
ألعابُكم داستْ
في جوفِ الشّيطان ..
خلخلَتْ عدالةَ الإنسان ..
داستْ في جوفِ الحيتان ..
شرخَتْ أبجدياتِ الخيرِ ..
شوَّهَتْ براءَةَ الأطفال!

ألعابُكُم انزلاقٌ
في دهاليزِ الشرِّ ..
جُرُوحٌ في جبينِ الصَّباح!

شراراتٌ متاتّية
من جحورِ الجَّحيمِ
سياساتٌ موبوءة بالبعوضِ ..
منخورة الرُّؤى ..
غائصة في ترَّهاتِ الحياة!

رؤاكُم متحجِّرة ..
مستحلبة مِنْ سُمُومِ الأفاعي ..
مِنْ أنيابِ الذِّئابِ!

آهٍ..
الأطفالُ
تزدادُ أعناقها تدلِّياً ..
تنتظرُ الموتَ قبلَ الأوان!

جوعٌ حتَّى النِّخاع
بكاءٌ حتَّى النِّخاع ..
أنهارٌ فائضة بالدِّماءِ ..
جبالٌ حُبلى بالأحزانِ!

عاشِقٌ بائس فاضَتْ روحُهُ
على قارعةِ الطَّريق!

والكهولُ .. آهٍ يا كهول!
أمٌّ عجوز تحضنُ وليدَهَا الميِّت
قبل أن تواريهِ الثَّرى! ..

رجالٌ منهكون
في مغبّاتِ الحصار ..
شبَّانٌ
صدورهم معبَّأة بالشَّظايا!

دمارٌ
تغلغلَ في جذوعِ الأشجار
دمارٌ .. هرَّشَ وجهَ السَّماء!

نساءٌ تورَّمتْ عيونهنَّ من البكاء
آهٍ يا بكاء وألف آهٍ يا سماء ..
أمطرِي علينا خيراً يا سَمَاء!
يا سَمَاء ..
يا سَمَاء ..
يا سَمَاء!
.... .... ... .....
تسمعُ بابل صوتي
فتهمسُ للعصافير ِ.. للحمام
أنا أمُّ الحضارات ..
واحسرتاه! ..
إنّي أتضوَّرُ جوعاً
تعالَ يا جلجامش
انقذني
قبل أن يفترسني الذِّئاب!

تزلزلَتِ الأرضُ والسَّماء
وانشقَّ من جبينِ الشَّمسِ شعاع
هلَّلَت نينوى ..
وأشجارُ النَّخيلِ
رفعَت رأسَهَا بشموخٍ ..
جلجامش آتٍ لا محال ..
آتٍ حاملاً
بين ذراعيهِ
عشبَ الحياة!
..... .... ... ....

ذاكرتي مفروشة بالبكاء، حدِّثنا عن جغرافيّة مناديل ذاكرتكَ المفروشة بالبكاء؟
إنَّ جغرافيّة ذاكرتي المفروشة بالبكاء مفتوحة مثل نصوصي المفتوحة على شهقة البحر، قصائد هذا الدِّيوان كتبتها في السُّويد، وهي مسربلة بدمعة نديّة، حيث أنّني أحببتُ أن أغوصَ في عوالم ذاكرتي وإذ بي أجدها ذاكرة مفروشة بالبكاء، وللإجابة عن هذا السّؤال لا أرى أجدى من اقتباس تعقيب د. الأب الشَّاعر يوسف سعيد الذي كتبه من وحي قراءته لهذا الدِّيوان لعلّه يقدِّم إضاءة لفضاءات الدِّيوان:

"ذاكرتي مفروشة بالبكاء
عنوان ديوان جديد للشاعر صبري يوسف.
د. الأب يوسف سعيد
كأنَّ عـنوانـه مـُنْبَعِث من حفيف أجنحةِ طير البَلَشون الخرافي.. يشعلُ النَّار في غابات نور قصائده، ومن كرِّ السّنين يحبـكُ ضـفيـرة أعـوامـهِ مـن تراكمات الجراح النازفة من جنبات غربة أيَّامهِ وشهورهِ ولياليه ..
إنَّه الشَّاعر المتمرِّد، المتحدِّي بعنف شرور ومشاكسات عصره، وعندما تحاوره بعنف يجيبكَ بهدوء:
تـمهَّلْ قـليلاً لأنَّ الآن روحي متجلِّية، تحبكُ خيوط قصيدة جديدة "حكايتي أسطورة مؤطَّرة بالطِّين!"
الطّين يحيق بـه ، يـحاصره بوداد ، يكاد أنْ يخنقَه. أَليسَتْ عوالمه السّفليّة جدرانها مُسَيَّعة ومُشَبَّعة بطينٍ أحمر؟! .. وتـبـدو تشبُّعات الطّين واضحة في قصائده، وتلكَ تُعَدّ إحدى حيثيات طقوسه وأساطيره في تحدِّيهِ وتمرُّده لإعوجاجات هذا الزَّمان!
غداً في أوسع قـاعات المدينة ـ العاصمة، يفتتحُ صبري يوسف معرضاً لقصائدهِ ، وسيقرأ لنا قصيدتهُ البكر "أينَ سترسو سـفـيـنتي؟!" يسألُ وكأنَّنا نحن قرَّاؤه نسأله، فيجيبنا بلغةِ عـصيانه وتمرُّده على خلخلات علاقات الإنسان مع الإنسان!
إنَّه الشَّاعر الصَّادق الَّذي يمارسُ طقوسه الإبداعيّة، محفوفة بطاقة جريئة من جسارته واقتحاماته النَّادرة لتجسيد البقع الحمراء المُتَشَرِْشِرَة من جسدِ الكون .. وسوفَ يتردَّدُ في أعماقِ الوادي، صدى الحنين إلى أوطانِ شعرهِ، ومتَّكآت الحنين في زوايا جنبات وطنه ومسقط رأسهِ الَّذي يقتله من فرط ظمئهِ وشوقهِ إليهِ.
دعوهُ كشاعر متمرِّد في غرفةِ صمتهِ، ينسجُ من خيالات صافية أشواق روحهِ إلى عبقِ الحياة. دعوهُ في صمتِ وحدته مع موسيقاه، يتحدَّى شـرور العالم! .. دعوه يغلي في ثورته الهائجة .. أليسَتْ أسلحته المتطوِّرة من كلمات شعريّة، يركِّبُ عليها زناد منجنيقاته، راغباً إعادة البسمة إلى شفاهِ الأطفال؟!..أليسَ العالم يُسْمِعُهُ صدى تردّد قهقهاتهِ وسخريته؟ صبري يوسف يكتب القصيدة كطفلٍ في أوجِ كركرات ضحكتهِ الصَّافية، صفاءِ الفجرِ الوليد!
الشَّاعر صبري يوسف، طفل الشِّعر المسجون اختياريّاً في غرفته المشلوحة على إحدى أحياء العاصمة ـ استوكهولم. كأنَّه صبي صغير يحرِّكُ الدُّمى الَّتي يسامرها ويركِّب منها بيوتاً ودهاليز .. وعندما يغيب عنَّا، يعودُ إلينا بعدَ حين، حاملاً بين يديهِ طائرَ البَلَشون، ليتركه يحملُ أشعاره بينَ جناحيهِ مُحَلِّقاً في قبَّةِ السَّماء!"

وفيما يلي مقاطع من "ذاكرتي مفروشة بالبكاء"
...... .... .... ....
والدي ..آهٍ يا والدي
كمْ من الدُّموع
حتّى هاجَتِ البحار!
* * * * *
كلُّ رؤيةٍ تقودُ
إلى مقتلِ طفلٍ بريء
جريمةٌ نكراء!
وكلُّ وطنٍ لا يحافظُ
على أجنحةِ شبابهِ
وطنٌ مصلوبٌ من خاصرتِِه!
* * * * *
أيُّها الإنسان ..
انظرْ إلى نفسِكَ في المرآة!
إنْ لم ترَ وجهاً ممسوخاً
فاكسرِ المرآة!
لأنّها مرآةٌ مُرائيّة ..
ثمَّ انظرْ إلى مرآةِ (ذاتِكَ)
إنْ لم ترَ (ذاتَكَ)
ممسوخةً من الدَّاخل
فاكسرْ ذاتَكَ أيضاً!
واعلمْ أن ذاتَكَ ورؤاكَ
وأبجدياتَكَ كلَّها
تحتاجُ إلى تطهيرٍ
ما بعدَهُ تطهير!!
***
أيّها الإنسان
تصالَحْ مع ذاتِكَ
ومعَ أخيكَ الإنسان!
وتذكَّرْ جيّداً
أنَّ قبرَكَ لا يتَّسِعُ سوى كفناً
وقليلاً من الخشب!!

كم لزمكَ غوص لتتيقّنَ بأنًَ السَّلام أعمق من البحار؟

المسألة لا تحتاج إلى غوصٍ لنتيقَّنَ من أعماقِ فضاءاتِ السَّلام، لأن السَّلام أعمق ممّا يتخيّله الكائن الحيّ، أعمق من الإنسان نفسه، كم الحقب الزَّمنية، جاءت وراحت وما يزال الإنسان بعيد عن رحاب السَّلام؟!
يتألَّف الدِّيوان من قصيدة واحدة طويلة، وبعد نشره، ضمّيت القصيدة إلى الجزء الخامس من أنشودة الحياة، نصّ مفتوح، وأتممت الجزء إلى أن أصبح مائة صفحة من القطع المتوسط، وقد كان أثناء نشره في كتاب قرابة 50 صفحة من القطع المتوسط موزّعة على 64 صفحة من صفحات الكتاب.
كتبت هذا الدِّيوان من وحي ما يدور في دنيا الشّرق من تصدُّعات وممَّا يدور في عالم الغرب من ثعلبيات، فلا يعجبني مما أراه في الشَّرق، كما لا يعجبني مما يقدِّمه الغرب من ازدواجيات مريرة في الكثير من الأحيان، مع أنّه هناك مَن يسعى فعلاً لتحقيق السَّلام في دنيا الشَّرق والغرب لكنّها محاولات ضعيفة، بعيدة كل البعد عن رحيق السَّلام في هذا الزّمن الأهوج، زمنٌ يلهث خلف الاقتصاد بطريقة مقيتة، بغيضة، لا يمكن عبرها أن يسبروا غور السَّلام ولا حتّى حيثيات السَّلام.

ومن أجواء الدِّيوان أقتطف المقاطع التَّالية:

"السَّلام مطرٌ نقيٌّ
يهطلُ من أحضانِ السَّماءِ
نعمةً على جبينِ البشرَ
خصوبةٌ يانعة
مُتَدلّية من عيونِ اللَّيل..
من نقاوةِ النَّدى!

منذ غابرِ الأزمان ..
منذ الأزل
يجيءُ الإنسانُ إلى الحياة
ثمَّ يرحلُ في عتمِ اللَّيل ..
تاركاً خلفه معاصٍ
تهزُّ سفوحَ الجبال
تجرحُ أعماقَ الثَّرى!

يتبرعمُ ..
كشهقةِ فرحٍ
كسنبلةٍ تشمخ اخضراراً
ناسياً أن الحياةَ محبّة
رحلةَ العمرِ محبّة!

أيّها الإنسان!
هل جئتَ إلى الحياة
من أجلِ الغوصِ
في براكينِ الدِّماء؟!

ها قد تعفَّرَتْ ذاتكَ المنشطرة
من ذاتِ (الإله) ..
تعفَّرَت بالدم كما تعفَّرَت
مخالب الذِّئاب!

انهضْ من سباتِكَ
ها قد آنَ الأوان
أنْ تزرعَ بذورَ المحبّة
بذورَ السَّلام!

حزينٌ أنا في غربةِ هذا الزَّمان..
ثمّة منعطفات في هضابِ الرُّوح
ترفرفُ بصخبٍ عميق
تريدُ الانفلات من دياجيرِ الغربة ..
لتعانقَ الأحبّة الخيِّرين ..
المبعثرين كحبَّاتِ القمح
على وجهِ الدُّنيا!
***
السَّلامُ بحرٌ عميق
دُرَرٌ من لونِ العصافيرِ
من لونِ السَّماء
بستانٌ يضمُّ
أشجارُ الجنّة
طيورُ الدُّنيا ..

عرْسُ الأعراسِ
نغمةُ الصَّباحِ ..
إيقاعاتُ طبولِ الغجرِ
أثناءَ ترحالهم الطَّويل
في أعماقِ الصَّحارى! ..

أهازيجُ اللِّقاءِ
في بحيراتِ المحبّة
ألقُ النّهارِ متصاعداً
في وهادِ المجّرات
بحثاً
عن نشوةِ الأفراحِ
عن رحيقِ الأماني!

السَّلامُ شراعُ الحياةِ
شهقةُ المساءِ
أثناءَ ولاداتِ القصائد ..
اغتسالُ الرُّوحِ بحبَّاتِ النَّدى
أُنشودةُ الصَّباح تُناجي النُّجوم
عبرَ فضاءاتِ المدى!

ابتهالُ الجبالِ
اشتهاءُ القلبِ
حكمةُ الإنسانِ
تُخَفِّفُ أحزانَ المحيطات ..
عرْشُ الخصامِ لا يدوم
طحالبٌ متطفِّلة
تزهقُ روحَ الحمام!

السَّلامُ
ابتساماتُ الوليدِ للنجومِ ..
لوجهِ الهلالِ
للنوارسِ المحلّقة فوقَ البحار
المائجة في وجهِ الغسق!
****
السَّلامُ
أعمق من قاعِ البحار
أعمق من أن يفهمَهُ البشر
أعمق من التَّاريخِ ..
مِنْ تحاليلِ هذا الزَّمان!

طريقٌ مكتنزٌ
بالسُّموِّ والارتقاء ..
ينبوعٌ من الفرحِ
يتجلّى بشموخٍ
في جبينِ الشُّعراء
في وهَجِ الشَّمسِ
في روحِ القصائد!

مطرٌ ناعمٌ
ينبعُ من اِخضرارِ الرَّبيعِ
من براءَةِ العذارى ..
قبلةُ الشَّمسِ في صباحِ العيدِ
لوجهِ الثَّرى ..

قصيدةُ حبٍّ مفتوحة
على فضاءِ الكونِ
فردوسُ الفراديسِ
تزدانُ فيها الخمائل!

بُستانٌ من ذهب
يسطعُ خيراً
في أرواحِ المحبّينِ

ضميرُ الأنبياءِ
صفاءُ القدِّيسين
في حالاتِ التَّجلِّي!

نقيٌّ كالطفُولةِ
كوجهِ الضُّحى
يسطعُ كالنَّدى
مِنْ صدرِ السَّحر!

السَّلامُ أعمق
من تواقيعِ البشر
من حواراتِ الخصومِ

أعمق من المفاوضاتِ والمفاوضين
أعمق من إيديولوجياتِ
هذا الزَّمان!

السَّلامُ حالةُ وئامٍ
يترجِمُهَا المرءُ
عبر تاريخِهِ الطَّويل!

السَّلامُ هو الأمانُ
هوَ الفرحُ
وفاقُ المرءِ مع ذاتهِ ..
غبطةُ الذَّاتِ
معَ ذواتِ الآخرين!

السَّلامُ أنثى حُبلى بالخيرِ ..
تحملُ بينَ أحشائِهَا
اِطمئنانُ
جُغرافيّة الكون!
.... ... ... ....


طقوس فرحكَ، متى تهبُّ .. ومتى تغيب؟

تهبُّ طقوس فرحي، عندما تندلع أفراح الآخرين فتتلألأ روحي فرحاً، فأنا أستمدُّ طقوسي الفرحيّة من بسمةِ الحياة، من أفراح الأصدقاء والصَّديقات والأطفال والشَّباب، من فرحِ الطَّبيعة، من فرح الأشجار والطّيور وهي تعانق خيوطَ الرّبيع، أستمدُّ فرحي من براعم قصيدة، من كتابة رسالة إلى صديقة من لونِ البحرِ والنَّوارس!
أغلب قصائد هذا الدِّيوان كتبتها من وحي تواصلي مع صديقة من لونِ الفرح، شاعرة شفّافة تعانقت مع نصّي عناقاً إنسانياً راقياً، و"طقوس فرحي" عنوان ديوان شعري، وهو عنوان أطول قصيدة من قصائد الدِّيوان، وهذه القصيدة كانت رسالة حميمة أرسلتها لها في ليلة قمراء، أتذكّر جيّداً أنّني قبل أن أضع هذه الرِّسالة في صندوق البريد، راودني حالة من (الغيرة) منها هاهاهاهاها، فهمستُ لنفسي، كيف أرسل هذه الرِّسالة المعبَّقة بالفرح وأنا لا أملكُ نسخة منها، فلِمَ لا أرسلها إلى نفسي أولاً ثم أرسلها لاحقاً لها، وفعلاً عدتُ أدراجي متوجّهاً إلى مكتبة الضَّاحية التي أقطن فيها وفتحتُ الرِّسالة وبدأت أقرأها بلذّة غريبة وكأنّي أستلمها من إنسان عزيز عليّ، شعرتُ أنَّ الرِّسالة هي نصّ شعري يحتاج فقط إلى رتوشات خفيفة، أمسكت قلمي وبدأت أبوّب النصّ وأعيد كتابته بطريقة شعريّة، وهكذا ولدت قصيدة من رحم رسالة فرحية، أشكر صديقة غربتي على قدرتها الشَّفيفة في عبور أعماقي الإنسانية، كنتُ أتواصل معها بطريقة منعشة، لا (أفهم) أغوار هذا التّواصل، لكن الَّذي أفهمه أنّها كانت تتواصل مع هذه الرّوح المرفرفة بشهوة الشِّعر، لهذا أحببتُ أن أهديها الدِّيوان عبر مقطع شعري "صديقتي، ويبقى الشَّوقُ إلى محيّاكِ/ قصيدةً معلّقةً/ بين أحضانِ اللَّيل!"، كنتُ حريصاً وما أزال على تقديم طقوس فرحي هدية لها بطريقة إنسانية، عربون تواصلي الحميم كي أخفِّف ولو قليلاً من الأحزان المتهاطلة فوق روحها الطيّبة وقلبها المفعم بالآهات، يكفي أن نقول أنّها من جذور عراقية ولبنانيّة كي تنساب دمعة ساخنة على خدود غربتنا ونحن في أوج تدفُّقاتنا الشِّعرية!
وهكذا ولد ديوان طقوس فرحي من خلال تواصلي مع شاعرة صديقة، مع أفراحِ الحياة، وأريدُ أن أشير إلى أنّني كنتُ وما أزال مَمَّن يعشقون كتابة الرَّسائل الطَّويلة ذات النَّفس السَّردي الشِّعري الاسترسالي، وعندما كنتُ أنتهي من رسائلي، كنتُ أكتب حتّى على الهوامش وعندما كنتُ أملأ الهوامش، أرسمُ سهماً، يتبع! وأرفق ورقة جديدة مكثَّفة بخطٍّ دقيق، شراهة مفتوحة على كتابة الرَّسائل، على كتابة الشِّعر! شراهة مفتوحة على الحوار، على احتضان الفرح والحزن على حدِّ سواء، يتجلّى فرحي بظهور أفراح الأحبّة ويتوارى حالما تظهر أحزان الأحبّة، وهكذا فإنَّ طقوس فرحي وحزني تنبعان من الحياة، من الصّداقة، من الإنسان من جغرافية الكون الّذي أتواصل معه بكلِّ مشاعري وكينونتي!
هذا الدّيوان ترجمته إلى اللُّغة السُّويدية ونشرته بالعربية والسّويدية معاً.
ومن أجواء الدِّيوان أقتطف المقاطع التَّالية من قصيدة طقوس فرحي:

"روحي تحملُكِ بعيداً
عنِ الموجاتِ الصَّاخبة
أريدُ أنْ أبني جسرَ فرحٍ
بيني وبينَ عينيكِ

أريدُ أن أمسحَ دموعَ قلبِكِ
بأهدابِ روحي ..
أنتِ شاعرة دائمة الاشتعال ..
صوتُكِ مسموعٌ من هناك
حتّى قطبِ الشِّمال!

أنتِ وأنا قطراتُ ندى
فوقَ الزُّهورِ البرّية ..

(قلمي يرتشفُ ضجيجَ الرُّوح)
هل قرأتِ ضجيجَ روحي؟!

أنا وأنتِ جئنا
في زمنٍ مشروخ! ..

.... ... ... ...
فيما كنتُ أمارُسُ طقسي
شعرتُ وكأنّي
أسمعُ تنهيدةً طويلة
من تنهُّداتِكِ!
تتواصلينَ معي تنهُّدياً!

البارحة لمحتُ خدَّكِ مدبَّقاً
بالنَّرجسِ البرّي!
هل استضافَتْكِ الزُّهورُ البرّية؟!
... .. ... ... .... ...."

هل ما يزال الإنسان ـ الأرض، جنون الصَّولجان في دفاترِ بوحِكَ؟

نعم، وسيظلُّ إلى آخر رمق في حياتي!
هذا الدِّيوان الذي يتألَّف من قصيدة طويلة واحدة، الصَّادر في ستوكهولم عام 2000، أيضاً ضمّيته إلى أنشودة الحياة الجزء السّادس، بعد أن اشتغلت عليه إلى أن أصبح مائة صفحة، لأنَّ كلّ جزء من أجزاء أنشودة الحياة يتألَّف من مائة صفحة وسأدخل في بعض تفاصيل هذه الأنشودة عبر سؤالك الأخير حول جديدي الإبداعي.
يدور محور هذا الدّيوان حول كلمتين، الإنسان ـ الأرض وما بينهما، وهذا الذي بينهما هو جنون الصَّولجان، الَّذي لا يعجبني إطلاقاً، فأفرش فضاءات الدّيوان على أركانِ الإنسانِ والأرضِ، وقد جسَّدتُ في سياق بناء النصّ الشِّعري أنَّ الإنسان قزم جدّاً وضحل جدّاً مقارنة بالأرض، هذه الأرض الحبلى بالخير والعطاء، بينما يبدو لي الإنسان أكثر افتراساً حتَّى من الوحوش الضَّارية، لأنني أراه يتوغّل يوماً بعد يوم في متاهات شرِّيرة وكأنَّه ينافس أنياب الضَّواري شرّاً وافتراساً!
ومن أجواء الدِّيوان أقتطف المقاطع التَّالية:

حزنٌ مكعَّبُ الأطْرَافِ
يَشْطَحُ صَوْبَ خُصُوْبَةِ الرُّوحِ
حُزْنٌ كَطَعْمِ التّرياقِ
أكْثَرَ مرارةً مِنَ الْعَلْقَم
عيونٌ تتورَّمُ بؤساً
جحوظاً
غيظاً

الإنسانُ ومضةُ حزنٍ
وخزةُ عارٍ في صنعِ المعارك

الأرضُ سهولٌ ممتدّة
تستقبلُ أوجاعَ الضَّمير
تلملمُ شيخوخةَ هذا الزَّمان
صامدة
غير قلقة من جموحِ البشرِ
من غليانِ الكائنِ الحيِّ
من جراحِ المحبّةِ
من قدومِ الطُّوفان!

الإنسان مشروعٌ فاشلٌ
في محرابِ الحياةِ
تائهٌ خلفَ لذائذٍ من سراب
غير مبالٍ بأرخبيلِ المحبّة
يرمي قنابلَهُ
على شفاهِ الكونِ

الأرضُ عروسُ البحارِ
عروسُ اللَّيلِ والنَّهار
الأرضُ مرصَّعةٌ برداءِ الرَّبيعِ
باخضرارِ الصَّباحِ
بخصوبةِ السَّلامِ كلّ مساء

الإنسانُ كتلةٌ نافرة
مؤرّقة بالضَّجرِ
متعطِّشة لرشرشةِ وجهِ الدُّنيا
بالسَّوادِ

دموعي تلتقي
معَ رذاذِ اللَّيلِ
حزني يضاهي تخومَ المراراتِ
يقارعُ سماءَ الحلقِ
يصبُّ في تقعُّراتِ الحلمِ

الأرضُ تلملمُ جراحي
تسقي غليلَ الشَّوقِ
تهدِّئُ اصطراعَ القلبِ
من وجعِ الأيّامِ

وحدُهَا الأرضُ
تداعبُ لُجّةَ الأحلامِ
تفرشُ بساطَ الأمانِ
لأعشابِ الرُّوحِ
***
... .. ... ......
حضارةُ الإنسان تجنحُ
رويداً .. رويداً نحوَ الظّلام
آهٍ .. ظلمةٌ ظالمة
تغمرُ جبينَ الصَّباحِ
حروبٌ منشطرة من قبَّةِ الأبراجِ
تهرسُ أغصانَ الحياة
... .... .....
حروبٌ على مشارفِ الكهولةِ
متاخمة لحافّاتِ القبورِ
حروبٌ مدمِّرة لأبجدياتِ العمرِ

تنبتُ مع الإنسانِ
وتمتدُّ حتّى ما بعدَ الموتِ
تفرشُ شراراتها المسمومة
فوقَ قبورِ الموتى

تتسرَّبُ إلى عظامِهِم
تفتِّتُ مفاصلهم
تثير الرُّعبَ في عتمةِ القبورِ
تخيفُ دبيبَ اللَّيلِ الزَّاحفِ
على غيرِ هدى

الإنسان رحلةُ بكاءٍ
على أكتافِ الجنِّ!
****

حدِّثنا عن جديدكَ الإبداعي؟
جديدي الإبداعي هو اشتغالي منذ أكثر من ثلاث سنوات، على، أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء (مائة صفحة)، بمثابة ديوان مستقل ومرتبط مع الجزء الّذي يليه، أنجزتُ حتّى الآن الجزء الثَّامن، وأشتغل على الجزئين التَّاسع والعاشر معاً وأخطِّط لإصدار الأجزاء العشرة دفعةً واحدة. تتضمّن الأنشودة مواضيع حياتية عديدة، الحرب، السّلام، المحبة، الصَّداقة، التَّواصل، المرأة، العشق، الغربة، التَّشرّد، الإنسان، الحياة، الموت، الرّثاء، الطُّفولة، الطّبيعة، تفاصيل حياتية عديدة، صراع الإنسان مع أخيه الإنسان، الشَّرق، الغرب، الموسيقى، الشِّعر، الكتابة، الحنين، الشَّوق، الفرح، الحزن، الأمل، الطُّموح، الحلم والقائمة مفتوحة …
أكتب النصّ من خاصرة الحياة، من لبِّ النّهار ودكنةِ اللّيل، وأنسج النُّصوص بكلِّ مذاقاتِ تلاوينها وأبوِّبها ضمن سياقٍ يتلائم مع فضاءات كلِّ جزءٍ من الأجزاء ثم أربط الأجزاء مع بعضها بعضاً وكأنَّها صرخة عشقٍ منبعثة من بواطن الحلم!
نشرتُ الأجزاء السِّتة الأولى عبر بعض المواقع الالكترونيّة وفي بعض الصُّحف والمجلات كأجزاء ومقاطع وقصائد.

وإليكم مقاطع من بعض أجزاء هذه الأنشودة:

مقاطع من الجزء الأوّل
فقدَ الزَّمنُ بياضَهُ
فقدَ الجَّبلُ شموخَهُ
فقدَ الرَّجلُ ارتفاعَهُ ..
كلامَهُ
فقدَ الزَّهرُ عبقَهُ..
فقدَ اللَّيلُ ظلامَهُ
فقدَ البلبلُ تغريدَهُ
فقدَ الماءُ زلالَهُ
فقدَ الهواءُ تموُّجات نسيمه
فقدَ الجمالُ بهاءَهُ
فقدَ العلمُ بهجةَ الارتقاء
فقدَ الإنسانُ خصالَهُ!

اعوجاجٌ لا يخطرُ على بال!
... ... ... ...

مقاطع من الجزء الثاني:
... ... ....
زهرةٌ بيضاء
كقلوبِ العذارى
وشاحٌ بنّي ضاربٌ إلى السّمرةِ
يعانقُ ضفائرُهَا
المتدلّية على خدودِهَا
في وسطِهَا دائرة صفراء
منقطّة بزهورٍ ناعمة
ملوِّنة بالمرجانِ والنِّعناعِ البرِّي

تضحكُ الزَّهرة
في وجهِ ناظرها
تنطقُ براءةً ..
عذوبةً

زرقةٌ شفّافة فاتحة
بضعةُ بتلِّات غامقة الزُّرقة
في وسطِ زهرة
مكثَّفة بالنَّقاءِ والهدوءِ
... .... .... ...

مقاطع من الجزء الثالث:
... ... ...
جان دمّو
روحُكَ مرفرفة
فوقَ جبهةِ الشِّعرِ

أيّها المتمرِّدُ في وجهِ الرِّيحِ
أيّها المفهرس
فوق أوجاعِ الوطنِ المذبوحِ
أيها الجامح فوقَ عذاباتِ الرُّوحِ

كم من مرّةٍ حلمْتَ
أن ترخي جسدكَ المثقل بالجراحاتِ
فوقَ الشَّواطئِ النَّاعمة

آهٍ .. لماذا تهربُ منّا شواطئُنا
نخافُ أن نرخي أجسادَنا
المعفرّة بالأنينِ فوقَ رمالِنَا

.. أينَ فرَّتْ رمالُنا
مَنْ أحرقَ خاصراتِ النَّخيلِ
ومَنْ رمى جان دمّو
فوقَ رصيفِ المنافي؟!
... ... ... .....

مقاطع من الجزء الرابع:
… … … …
الإنسانُ أنانيّةٌ بغيضةٌ
بحيرةُ المتاهاتِ
طاؤوسٌ أهوجٌ
جوعٌ يجنحُ
نحوَ جوعِ الضِّباعِ

الأرضُ أمٌّ مباركةٌ
صامدةٌ في وجهِ الأعاصيرِ
في وجهِ شرورِ الإنسان

سفينةٌ شامخةٌ
تقودُكَ إلى برِّ الأمانِ
متسامحةٌ
غزيرةُ العطاءِ
جليلةٌ
فوقَ وجهِهَا
تركنُ خصوبةُ الوجودِ
الإنسانُ طاقةٌ مهدورة
مُسخَّرة لبناءِ هيكلِ الشَّيطانِ
طريقٌ مكلَّلة بشوكِ الصّبّارِ
وجعٌ يؤذي بهجةَ المحبّين
ورمٌ ينمو ليلَ نهار

الأرضُ بحيرةٌ مكلَّلةٌ بالورودِ
مشبَّعةٌ بنكهةِ الحشيشِ
برحيقِ البيلسان!

كوكبٌ منبعثٌ
من وهجِ الآلهة
مرتكزٌ على شهيقِ السَّماءِ

الإنسانُ بؤرةُ فسادٍ
ثورٌ فاسقٌ
يُشْبِعُ بوهيميته الشَّرهة
تحتَ قميصِ اللَّيلِ
غير مبالٍ بنقاوةِ الصَّباحِ
ولا بجنوحِ الأجيالِ!
… … … … …

مقاطع من الجزء الخامس:
... ... ... ....
السَّلامُ شهيقُ الحياةِ ..
رحلةُ فَرَحٍ يعيشُها الإنسان
في حالات التجلّي ..

مَنهَجٌ إنسانيّ
كَزُرقةِ السَّماءِ
يَهْدفُ إلى تغييرِ
رُقَعٍ مَهمومة من الكونِ
من حالاتِ الخصومِ
إلى حالاتِ الوئام!

السَّلامُ محرقةٌ متوهِّجةٌ كالجمرِ
منخلٌ كبيرٌ
يُصفِّي شوائبَ هذا الزَّمان
يستأصلُ أحقادَ ملايين البشر
يحوِّلُهَا إلى عناقٍ حميم
إلى تغريدةِ بُلْبُلٍ
في وجهِ الطُّفولة!
... ... ... ....

مقاطع من الجزء السَّادس:
... ... ....
تشمخُ قامَتُكِ
في بساتينِ الحلمِ
فوقَ نوافيرِ الهدى
تمنحني لذائذَ الوفاءِ
تغدقُ فوقَ لجينِ العمرِ
رغدَ النَّومِ
سُطُوعَ البهاءِ!

هطلَ الدُّفءُ علينا
مثلَ غيماتِ المساءِ
حبورُ القلبِ يتماهى
معَ ينابيعِ الصفَّاءِ
أديمُ الشِّعرِ يتمايلُ
حولَ أجراسِ السَّماءِ

قيثارةُ الرُّوحِ تهفو
إلى حناجرٍ منبعثة
من خيوطِ الضِّياءِ!

يا أنشودةَ اللَّيلِ
يا صديقةَ البحارِ الهائجة
تعالي بين جوانحي
كي أزرعَ قبلةً
على تواشيحِ الرُّوحِ
وأخرى على عذوبةِ الشَّوقِ
صديقةٌ مندلقة
من حفيفِ الجنّةِ
من سماواتِ البهاءِ!
... .. .... .... ...

مقاطع من الجزء السَّابع:

أيّتها المبرعمة
من رحمِ الغابات
أيّتها القدر المفهرس
على قميصِ اللَّيلِ
على مساحاتِ المناهل!

أيّتها الوشم الباذخ
فوقَ روحِ آدم
أيّتها القمر الرَّاعش
فوقَ خدودِ النَّسيمِ
فوقَ أرتالِ القوافل!

تشبهينَ ومضةً هائجة
مندلعة من بوّاباتِ الجنّة
نجمةً حُبلى بالشُّموعِ
ساطعةً مثلَ ضياءِ الرُّوحِ
مثلَ خيوطِ الهلاهل!

أيّتها الجنّة الدافئة
بوشاحِ التمرُّدِ
بوشاحِ الدُّفءِ والبهاءِ
أيّتها المعطّرة بأريجِ السموِّ
بتغريدِ البلابل!

تشمخينَ مثلَ نداواتِ المروجِ
مثل ابتساماتِ الطُّفولة
تلوِّنينَ وجهَ الدُّنيا عطاءً
كأنَّكِ مبرعمة
من اخضرارِ السَّنابل!

ليليت يا شهقةَ الأرضِ
يا أنوثةَ الأزلِ
يا قدراً مفروشَ الجناحينِ
يا أنيسةَ القلبِ
يا روحَ البواسل!

لا يفلتُ باشقٌ
من خصوبةِ نهديكِ
من بريقِ عينيكِ
يا عسلاً منثوراً
فوقَ أغصانِ الخمائل!
.... .... .... .....

مقاطع من الجزء الثامن:
... .. .... ... .....
تشتعلُ الذَّاكرة شوقاً
إلى معابرِ الصِّبا
إلى بيادرِ الرُّوحِ
إلى فيروز وهي تغنّي
لنجيماتِ الصَّباحِ!

فيروز يا موجةَ فرحي
يا غصناً دائمَ الاخضرارِ
يا صديقةَ المحبّةِ والسَّلامِ
يا صديقةَ الشَّجرِ والعصافيرِ
يا وجعَ الإنسانِ المضرّجِ
بغبارِ الحروبِ!

فيروز
شمعةٌ متلألئة
من زخّاتِ المطرِ
من نداءِ الذَّاكرة
من خيوطِ الصَّباحِ!
بستانٌ مكتنزٌ
بأزاهيرِ الكرزِ
بكنوزِ البحرِ
بحبّاتِ اللَّوزِ
بزخّاتِ المطرِ!

ترتيلةٌ منبعثةٌ
من ظلالِ الجنّةِ
من الحلمِ الآفلِ
غفوةُ طفلٍ
فوقَ أعشابِ المروجِ!
... ... .... ... ...

... كما أشتغل على مجموعة قصصيّة، تحمل روح السُّخرية والفكاهة والكوميديا، ونصوص مسرحية وسيناريوهات لمسلسلات وأفلام قصيرة.، إضافةً إلى اشتغالي بعوالم اللَّون، فقد ظهر منذ أكثر من عامين جموح غريب نحو رحابِ الألوان فأمكستُ فرشاتي وفرشتُ ألواني على بياض الرُّوح وبدأتُ أرسمُ من وحي عشقي وفرحي في الحياة فولد العديد من اللّوحات أغلبها تعكس حالات عشقية اشعالية شوقية إلى عوالم المرأة والشِّعر وبهجة الحياة!

أرفق عبر الإيميل موقعي غير الجاهز حتّى الآن، لكن قسم الفن التَّشكيلي جاهز إلى حدٍّ ما، وفيه نشرتُ الكثير من اللَّوحات التي رسمتها خلال العامين الفائتين، آملاً أن تستمتعوا بمشاهدة هذه اللَّوحات، وأرسم لوحاتي وكأنّني أكتب قصيدة شعرية وبعفوية مفتوحة دون التقيّد بأيّ تيار فنّي، وإنما بعشق مفتوح نحو عوالمِ مُراقصةِ اللَّونِ واحتضانِ خصوبةِ التَّلاوين بحميمية متوهّجة، مرشرشاً تدفُّقات الألوان على خدِّ زهرة، على خدودِ السَّماءِ، على خدودِ القصيدة وعلى خدود صديقة من لونِ شفقِ الصّباح!

تنويه: وقع الصحافي في خطأ طريف وهو انه أشار في تقديمه بالخط العريض أن صبري يوسف مقيم في هولندة، مع انني لم أرَ الأراضي المنخفضة الهولندية في حياتي! هاهاهاهاهاها لذا أحببت التنويه!
وقد إتصل معي الصحافي عادل محمود وزودني بالرابط المرفق، صباح هذا اليوم، ضحكت عندما قرأت العنوان، وخبرته: كيف وردكَ الخبر انني مقيم في هولندة؟ فقال أين تقيم، فقلت له يا عزيزي أكثر من ألف فعالية أدبية نشرتها عبر الشبكة العنكبوتية والصحافة العربية داخل وخارج العالم العربي وفي نهاية كل فعالياتي أوقع أنني مقيم في ستوكهولم! .. لا فرق، الكرة الأرضية مكان اقامتي، حصل خير !!!!

http://www.alarabalyawm.net/pdf/2473587120060517202856.pdf

sabriyousef1@hotmail.com

www.sabriyousef.com
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:02 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke