![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() ✿✦ الشُّعُورُ بِالوَحْدَةِ ✦✿ ✧✧✧ بِقَلَمِ فُؤَادِ زَادِيكِي ✧✧✧ الوَحْدَةُ... ذَلِكَ الشُّعُورُ الثَّقِيلُ، الَّذِي يَتَسَلَّلُ إِلَى القَلْبِ بِصَمْتٍ، لَكِنَّهُ يُتْرِكُ أَثَرًا مُدَوِّيًا فِي النَّفْسِ، خَاصَّةً عِنْدَمَا يَتَقَدَّمُ بِنَا العُمُرُ. فَكَمْ هُوَ مُؤْلِمٌ أَنْ يَجِدَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ وَحِيدًا فِي لَحْظَةٍ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الأُنْسِ وَ الدِّفْءِ، حِينَ تُصْبِحُ الذِّكْرَيَاتُ رَفِيقَهُ الوَحِيدَ، وَ يَغْدُو صَدَى صَوْتِهِ هُوَ الصَّوْتُ الوَحِيدُ الَّذِي يَسْمَعُهُ فِي فَرَاغِ الأَيَّامِ. إِنَّ الوَحْدَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ غِيَابِ الآخَرِينَ، بَلْ هِيَ اِفْتِقَادُ الأَمَانِ، وَ غِيَابُ مَنْ يَسْأَلُ عَنْكَ، وَ مَنْ يُشَارِكُكَ أَفْرَاحَكَ وَ أَحْزَانَكَ، وَ مَنْ يُمْسِكُ بِيَدِكَ عِنْدَمَا تَضْعُفُ خُطُوَاتُكَ. وَ مَعَ تَقَدُّمِ العُمُرِ، يُصْبِحُ هَذَا الشُّعُورُ أَكْثَرَ إِيلَامًا، لِأَنَّ الإِنْسَانَ فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ يَكُونُ أَكْثَرَ اِحْتِيَاجًا إِلَى الدَّعْمِ النَّفْسِيِّ وَ المَعْنَوِيِّ. فَالشَّيْخُوخَةُ لَا تَعْنِي فَقَطْ تَغْيِيرَاتِ الجَسَدِ، بَلْ هِيَ أَيْضًا رِحْلَةٌ دَاخِلَ النَّفْسِ، يَتَخَلَّلُهَا الحَنِينُ إِلَى المَاضِي وَ الخَوْفُ مِنَ المَجْهُولِ. ❀ عِنْدَمَا تَغِيبُ العَائِلَةُ، وَ عِنْدَمَا يَرْحَلُ الأَصْدِقَاءُ، وَ عِنْدَمَا تُصْبِحُ الأَحَادِيثُ نَادِرَةً، عِنْدَهَا تُصْبِحُ الوَحْدَةُ رَفِيقًا ثَقِيلَ الظِّلِّ. إِنَّهَا تَسْلُبُ الإِنْسَانَ طَاقَتَهُ، وَ تَسْرِقُ مِنْهُ الرَّغْبَةَ فِي الحَيَاةِ، وَ تَجْعَلُهُ فَرِيسَةً لِلْأَفْكَارِ السَّوْدَاوِيَّةِ وَ الأَحْزَانِ الدَّفِينَةِ. فَقَدْ أَثْبَتَتِ الدِّرَاسَاتُ أَنَّ الشُّعُورَ بِالوَحْدَةِ فِي سِنٍّ مُتَقَدِّمٍ قَدْ يَزِيدُ مِنْ خَطَرِ الإِصَابَةِ بِالاِكْتِئَابِ، وَ أَمْرَاضِ القَلْبِ، بَلْ وَ حَتَّى الخَرَفِ، لِأَنَّ الإِنْسَانَ بِطَبِيعَتِهِ كَائِنٌ اِجْتِمَاعِيٌّ يَحْتَاجُ إِلَى التَّوَاصُلِ وَ الاِهْتِمَامِ. ✿ لَكِنْ، هَلْ هُنَاكَ مِنْ مَفَرٍّ مِنْ هَذَا المَصِيرِ؟ نَعَمْ، فَبِإِمْكَانِنَا أَنْ نُخَفِّفَ وَطْأَةَ الوَحْدَةِ عَلَى أَنْفُسِنَا وَ عَلَى مَنْ نُحِبُّهُمْ. إِنَّ تَكْوِينَ صَدَاقَاتٍ جَدِيدَةٍ، وَ الاِشْتِرَاكَ فِي أَنْشِطَةٍ اِجْتِمَاعِيَّةٍ، وَ التَّوَاصُلَ مَعَ الأَهْلِ وَ الأَصْدِقَاءِ، وَ حَتَّى التَّقَرُّبَ مِنَ اللهِ، كُلُّهَا عَوَامِلُ قَدْ تُسَاعِدُ فِي التَّغَلُّبِ عَلَى هَذَا الإِحْسَاسِ القَاتِلِ. وَ الأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، أَنْ نَكُونَ نَحْنُ السَّنَدَ لِمَنْ حَوْلَنَا، وَ أَنْ لَا نَتْرُكَ كِبَارَ السِّنِّ يَغْرَقُونَ فِي عُزْلَةٍ مُوحِشَةٍ، وَ أَنْ نَكُونَ الدِّفْءَ الَّذِي يَحْتَاجُونَهُ فِي بَرْدِ الأَيَّامِ. ❀ فَالحَيَاةُ لَيْسَتْ بِعَدَدِ السِّنِينَ، بَلْ بِمِقْدَارِ الحُبِّ الَّذِي نَمْنَحُهُ وَ نَسْتَقْبِلُهُ. فَالوَحْدَةُ قَدْ تَكُونُ قَدَرَ البَعْضِ، وَ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ حَتْمِيَّةً، فَمَا زَالَ هُنَاكَ دَائِمًا أَمَلٌ فِي قُلُوبِنَا، وَ شَمْسٌ يُمْكِنُهَا أَنْ تُشْرِقَ مِنْ جَدِيدٍ، وَ مَهْمَا طَالَتْ لَيَالِي العُزْلَةِ وَ الفَرَاغِ. ✿ التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 21-02-2025 الساعة 07:16 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|