مشاركتي قبل قليل على البرنامج الأسبوعي الذي تقدّمه الصديقة الأستاذة إنصاف أبو ترابي في مجلة أسرة قلم حول موضوع ( الكرم و حسن الضيافة)
بقلم الشاعر السوري فؤاد زاديكى
بحكم كون الإنسان كائنًا إجتماعيًا يعيش في وسط إنساني تحكمه و تسوده عادات و تقاليد كثيرة منها ما هو محمود و إيجابيّ يعود بالفائدة على المجتمع و الأفراد و منها تقاليد قديمة صارت غير قابلة للتفاعل و الحياة مع ما حصل من تطوّرات وتقدّم في مختلف جوانب الحياة. و على سبيل المثال في ما يخصّ العادات و التقاليد الجيدة إكرام الضّيف و هو موضوع فقرة اليوم و كذلك الاعتراف بجميل الآخرين و إغاثة الملهوف و تقديم المعونة و يد المساعدة للمحتاجين وحماية المستضعفين الخ... و في مثل العادات و التقاليد السيئة نذكر عادة الأخذ بالثأر وهو من ابشع العادات السائدة في المجتمعات العشائرية و كذلك عادة أن يتزوج شخص من فتاة لقاء زواج أخته من أخ الفتاة أو عادة الديّة لقاء عملية قتل أو تزويج أخت القاتل من أحد أفراد أسرة القتيل لقاء الدّم أو عادة عدم السماح للمرأة بالعمل أو بالدراسة علمًا أنّ هذه الحالة خفّت بعض الشيء إلّا أنّ القول السائد و الشائع بأنّ الفتاة لبيت الزوجية فقط و ليست لأيّ أمر آخر ما يزال ساريًا و سائدًا الخ... من عادات كثيرة لم تعد صالحة في وقتنا الحاضر لأسباب كثيرة.
بخصوص موضوع اليوم فهو يعتبر حالة اجتماعية لها أهمّيّة كبيرة في حياة الناس كسلوك له مساس بالموقف المعنوي الذي يعنيه. إذ ليس من المحبّذ أن يأتيك ضيفٌ ما دون أن تقوم بواجب إكرامه لأنّ هذا الموقف يعتبر معيبًا يقلّل من مهابة شخصيتك و من قيمتك المعنوية بين الناس و في المجتمع.
إنّ عادة إكرام الضّيف عادة عربية قديمة كانت شائعة بين العرب قبل الإسلام وبقيت لغاية اليوم لكونها عادة لها قيمة معنوية كبيرة كما أسلفنا. عندما يقوم أحدنا بإكرام ضيفه و تأمين كلّ ما يلزم له من احتياجات كالمأكل و المشرب و المبيت فهذا يعتبر من الواجب الاجتماعي و الإنساني. لكن أحيانًا يكون هناك نوع خاصّ من الضيافة يختلف عن المفهوم المعروف للضيافة يتمثّل في قدوم ضيف لحاجة أو لهدف أو لطلب معيُن وهنا درجت العادة ألّا يُسأل عن سبب قدومه إلّا بعد مضي ثلاثة أيّام على حلوله ضيفًا و بعد شرب القهوة يمكن السؤال عن سبب الزيارة أو القدوم. و يكون أمرًا معيبًا أن يتمّ ردّ الضّيف خائبًا دون تلبية طلبه أو حاجته. لكنّ مثل هذه الحالة أيضًا خفّت و لم تعد قائمة بسبب تأثّر المجتمعات العربية بظاهرة التحضّر الفكري و الثقافي و العلمي المعرفي. في المجتمعات الغربية تكاد هذه العادة تنعدم نهائيًا و أذكر أنٌنا عندما قدمنا لألمانيا و بعد شرائنا لبيتنا هنا كان إخوتي و أسرهم يأتون إلينا في زيارة تدوم أحيانًا أسابيعًا في العطل المدرسيّة كنّا نلاحظ امتعاضًا من جيراننا الألمان بحجة السهر الطويل أو الضجيج الحاصل بسبب لعب الأولاد و مثل هذه الحالات نادرًا ما تحصل عندهم. و عندما كان ضيوفنا يغادرون أو ضيوف لهم يأتون إلى طرفهم ليوم أو أكثر يقولون لنا الحمد لله إنّ ضيوفنا غادروا لكأنّ إقامتهم كانت ثقلًا عليهم. تكاد الحياة الإجتماعية تنعدم هنا في أوروبا أحيانًا يموت الجار و لا يعلم جاره بذلك إلا بعد أيام.
نعود للقول بأنّ احترام الضّيف من احترام النّفس و يفخر المضيف بخدمته لضيفه و يعتبر ذلك شرفًا و رفعة له بين الناس.