Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > خواطر و مشاعر

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-08-2005, 09:26 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,996
افتراضي وجوب التضحية من أجل التغيير

وجوب التضحية من أجل التغيير


في أغلب الأوقات تصطدمُ لدينا إرادة الرغبة في التغيير بتراكمات معقدة من مراكز قوى اجتماعية مهيمنة على جميع مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة بحيث لا تجعل هذه التراكمات من فرص إمكانية التغيير أمراً متاحاً أو ليّناً مطواعاً أو يكون الاقدام عليه دون محاذير ومعوّقات أوممنوعات ومخاوف من قبل هذه القوى الغاشمة والمتسلّطة على إرادة القرار لدينا، وهي تستميتُ في محاولات الإبقاء على الوضع على ما هو عليه لئلا تتعرّض هيبتها وجبروتها إلى انتكاسة ومن ثمّ زوال، وأيّة عملية تغيير لا بدّ من أن تشمل القديم بما فيه من مخلّفات ومساوئ وتعقيدات أكل الدهر عليها وشرب وهي لم تعد تلائم العصر أو تتماشى مع معطيات التطور الهائلة التي حصلتْ

أين تكمنُ مراكزُ القوى هذه؟ و بمنْ تتمثّل؟ إنّ هذه المراكز ليست متمثّلة في أشخاص أو هيئات أو مؤسسات اجتماعية بعينها، بل هي تتجاوز كلّ هذه إلى عموميّة شاملة وهي تنخرُ في بنية واقعنا الفكري والتفكيري الاجتماعي فتجعله فريسة خيبة وطعم فشل أبدي!

إنّ أبواقنا المرتفعة وأصواتنا التي بحّتْ لا تزال تطالب بالحرية والعدل والمساواة الاجتماعية في الحقوق والواجبات وجميع هذه حقوقٌ عامّة من حق الانسان - كلّ إنسان - أنْ يمارسها في كلّ زمان ومكان. أما القيود التي تقف في طريق تحقيق هذا و تترك الانسان - كقيمة اجتماعية هي محور هذه العملية المعقدة - هو الذي يدفع الثمن أولا وأخيراً. لكنْ أليستْ هذه القوى الغاشمة والمستبدّة متمثّلة في إرادة الانسان ذاته؟ أجيب أجل! لكنّه انسان من نوع آخر لا يريد للحياة أن تقوم بدورها كما يجب ولا للإنسان أنْ يمارس دوره في هذه العملية بعيداً عن رهبة التسلّط الفكري والقمع المعنوي والقهر الاجتماعي والسياسي والديني.

متى أردنا لمجتمعاتنا أنْ تنهض من كبوة سقوطها المريع هذا علينا أن نعمل معاً من أجل الخروج من دوّامة هذه الأوضاع بتغيير يبدأ من الذات الضيّقة أولا ومن ثمّ يتعمم المشروع ليشمل الأسرة فالمجتمع والوطن.

ليس بالضرورة أنْ يكون القهرُ سياسيّاً فهناك أشكالٌ أخرى من القهر أعظم وأشدّ فتكاً من هذا النوع من القهر، إنه القهر الاجتماعي المغلّف بقوالب مزعومة من التخويف والترهيب وغيره، إنّه التمييز بين الرجل - كقوة تدعم هذه السلطة الرجعية وتشدّ من أزرها- وبين المرأة المستضعفة والمتلقية على الدوام للأوامر والتعليمات والتحذيرات و... و... وألخ إن المرأة تعاني أشدّ حالات البؤس والتمييز والتفرقة والقهر على الرغم من تشدّقنا بنداءات المساواة والعدالة والحقوق والتوازن، إننا نكذب على أنفسنا أولا ومن ثم على الآخرين. لاشئ من هذا التغيير قد حصل وهو بالأصل لم يبدأ! إنه في داخل ذكورتنا المهيمنة ولا نريد له أن يخرج إلى الواقع تحوّلا وتجديداً وسلوكاً. لن يفلح التطور المفروض علينا من خارجنا فقط.

علينا أن نسعى وبكلّ صدق متنازلين عن عرش سلطاننا البطريركي متجاوزين مرحلة الاحباط الفكري والتسلّط الفاسد المطلق وإلغاء جميع أشكال الهيمنة القابعة في زوايا نفوسنا كرجال عاملين على اكتساب معارف ومهارات أكثر انفتاحاً وقبولا وتفهماً ومن ثمّ نمارس هذا التفكير تطبيقاً فنحن لن نخسر رجولتنا ولن تنتكس هذه الرجولة بأية حال من الأحوال - متى فعلنا ذلك - بل هي ستشعر بالراحة والتوافق والمصداقية بعيداً عن أزمة المصالح الشخصية ومستنقعات المنافع الذاتية وحيث هذه البقايا من النظام المتسلّط فينا يريد الإبقاء على الأوضاع على ما هي عليه لأنه يخشى من رياح التغييرفهي تمسّ وبشكل مباشر لديه هذه الهيمنة أو على الأقل الشعور بها.

علينا ألا نظنّ أنّ كلّ هذه العقود من القهر والتسلّط والممارسة غير العادلة التي ارتكبناها في حقّ المرأة قد تذهب دون أن تترك رواسبها، لكننا متى عملنا مع شريكنا المرأة في خلق نوع من التوازن المعتدل بيننا تنعدل الأمور وتسير نحو الأفضل وبالتدريج يمكن الوصول إلى ما وصله غيرنا من الشعوب. إذ لا يعقل أن تتحرر المرأة على صفحات الورق، بل أن تتحرّر في أفكارنا وعقولنا وممارساتنا!

إنّ العدل والمساواة بين الرجل والمرأة ليست هي المشكلة الوحيدة التي تعاني منها مجتمعاتنا لكنّها الأخطر برأيي ومتى لم تعالج بروح التضحية التي يلزم على الرجل أن يقدم عليها لن تعتدل الأمور وتستوي المقاصد، ومتى كانت لدينا الرغبة الأكيدة في تحقيق مثل هذا المسعى وسعينا إلى التغيير الجادّ منطلقين من ذواتنا كان الحلّ وكان بالتالي القضاء على كلّ ما يمكن أن يعرقل طريق تقدّمنا ويمنعنا من اللحاق بركب الشعوب الواعية والمقتدرة والجريئة في اتخاذ قراراتها المصيرية الحاسمة ومستعدّة لتقديم الضحايا المستوجب تقديمها لتكون أمة تليق بها ولها الحياة!

ألمانيا في 15/1/2005 م
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:08 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke