
01-05-2025, 11:52 PM
|
 |
Administrator
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,823
|
|
مشاركتي الآن في الأكاديمية الدولية للأدباء و الشعراء العرب على برنامج السجال الحرّ و
مشاركتي الآن في الأكاديمية الدولية للأدباء و الشعراء العرب على برنامج السجال الحرّ و موضوع الفقرة (شبّهتُ الجمالَ بكِ، فبكى خجلًا) إعداد و تقديم الدكتورة منى أحمد حسين تحت إشراف لجنة النّقد و المراجعة
شَبَّهتُ الجَمالَ بِكِ، فَبَكَى خَجَلًا
بقلم: فؤاد زاديكى
شَبَّهتُ الجَمالَ بِكِ، فَبَكَى خَجَلًا، فَلَم تَكُنِ الكَلِمَاتُ مُجَرَّدَ تَعَابِيرٍ تُقَال، بَل كَانَت نَغمَاتٍ تَنبِضُ بِالصِّدقِ وَ الإِعجَاب. مَا أَجمَلَ الحُبَّ حِينَ يَتَلَبَّسُ ثَوبَ الشِّعرِ، وَ يَتَجَسَّدُ فِي صُورَةٍ نَقِيَّةٍ كَالطُّهرِ، حِينَ يَكُونُ الحَدِيثُ عَنِ الجَمَالِ، وَ الأَجمَلُ فِيهِ أنَّ المَوصُوفَ بِهِ هِيَ أَنتِ.
مَا الجَمَالُ إِلَّا خَيَالٌ عَابِرٌ، حَتَّى حَضَرتِ أَنتِ، فَصَارَ الحُلُمُ حَقِيقَةً، وَ صَارَ الوَصفُ قَاصِرًا. كَيفَ لِلقَمَرِ أَن يُضَاهِي نُورَ عَينَيكِ؟ وَ كَيفَ لِلدُّرِّ أَن يُجَارِيَ بَريقَ بَسمَتِكِ؟ فَأَنتِ الجَمَالُ، وَ مَا سِوَاكِ زَيفٌ يُحاوِلُ أَن يُقنِعَ العُيُونَ بِخِدَاعِه.
إِنَّ الجَمَالَ، وَ إِن عَظُمَ، يَبقَى عَاجِزًا أَمَامَ كِيَانِكِ. فَالسُّحْرُ فِي نَبرَةِ صَوتِكِ، وَ الأَنسُ فِي لَمسَةِ يَدِكِ، وَ السَّمَاحَةُ تَسكُنُ وَجهَكِ. أَنتِ لَستِ جَمِيلَةً فَقط، بَل أَنتِ جَامِعَةُ المَعَانِي كُلِّهَا، تَسكُنِينَ مَا بَينَ الحُرفِ وَ النَّغم، تَحيِينَ فِي فُؤَادِ الشَّاعِرِ وَ تُلهمِينه.
فَإِذَا كَانَ الجَمَالُ مَعرُوفًا فِي وُرُودِ الرَّبِيعِ، فَأَنتِ زَهرَتُهُ الخَالِدَةُ. وَ إِذَا كَانَ الجَمَالُ يَقطُنُ فِي اللَّونِ وَ الضَّوءِ، فَأَنتِ مَصدرُهُ وَ سِرُّ بَهَائِه. شَبَّهتُ الجَمالَ بِكِ، لا لِأُجَامِلَ، بَل لِأُقِيمَ المِيزَانَ بَينَ الحَقَائِقِ.
وَ كُلَّمَا تَأَمَّلتُ وَجهَكِ، شَعَرتُ أَنَّ الجَمالَ عَارٍ بِلَا طِيفِكِ، خَجِلٌ بِلَا طُهرِكِ، تَائِهٌ بِلَا وَجهَتِكِ. لِذَا بَكَى الجَمَالُ خَجَلًا، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُضَاهِيكِ، وَ لَا يَبلُغُ رُبعَ مَا فِيكِ.
فِي حُضُورِكِ، تَخرُسُ الأَلحَانُ، وَ تَخجَلُ الصُّوَرُ، وَ تَنكَسِرُ المَرَايَا. فَكُنتِ أَنتِ الوَصفَ وَ المَوصُوفَ، القَصِيدَةَ وَ المَعنَى، وَ فَوقَ ذَلِكَ كُنتِ النُّورَ، الَّذِي يُبدِّدُ ظُلُمَاتِ الأَيَّامِ.
لَو كَانَ لِلكَلِمَاتِ لِسَانٌ، لَنَطَقَت بِاسْمِكِ. وَ لَو كَانَ لِلجَمَالِ قَلبٌ، لَخَفَقَ لَكِ. شَبَّهتُكِ بِالجَمالِ، فَظَلَمْتُكِ، فَأَنتِ مَرجِعُهُ وَ مَبدَؤُه، وَ كُلُّ مَا سِوَاكِ يُقَاسُ عَلَيكِ.
__________________
fouad.hanna@online.de
|