Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-10-2005, 11:33 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي الإنسان ـ الأرض ، جنون الصولجان! ـ ج 4 ـ 19

الإنسان ـ الأرض ، جنون الصولجان!

أنشودة الحياة*
الجزء الرابع
[نصّ مفتوح]
9

... .... ... .....


الإنسانُ كابوسٌ سقيمٌ

يدلقُ غباراً فوقَ قطراتِ النَّدى

يعفّرُ وجنةَ البحرِ

بأزيزِ الحربِ

بأنيابِ الذِّئابِ

عجباً أرى

أنيابُ البشرِ أكثرَ تعطّشاً للدمِ

من أنيابِ النُّمورِ

هل لمعشرِ البشرِ صلاتُ قربى

مع عوالمِ الإفتراسِ

أم أنّ الإنسانَ شلالُ دمٍ

فوقَ أبراجِ المدائن؟!



الأرضُ بحيراتُ وفاءٍ

متصالبةٌ عشقاً

مع ابتساماتِ النَّيازك!

الأرضُ مساحاتُ حبٍّ

على امتدادِ اللَّيلِ والنَّهارِ

تنمو فوقَ روحِها أعبقَ الأزاهيرِ

تمنحُ فضاءاتِ الشُّعراءِ

عشقاً موشّحاً برعشةِ النَّسيمِ



الإنسانُ تلالُ حزنٍ

جاثمةٌ فوقَ أجنحةِ الهداهدِ

تاريخٌ كالحٌ

من لونِ الغبارِ

عفّرَ الرُّوحَ من تلظّي

شلالاتِ القنابلِ



لماذا تنحو أيّها الإنسان

منحىً يصبُّ

في قاعِ المهازلِ؟

يعبرُ الإنسانُ وهادَ الحياةِ

متخيّلاً أنّهُ سيملكُ شموخَ الجبالِ

وخاصراتِ المدائنِ!

نسى أنَّ رحلةَ الجنونِ

جنونُ الصّولجانِ

أقصرَ من خصوبةِ الينابيعِ

أقصرَ من تغاريدِ البلابلِ

أقصرَ من همهماتِ السَّواقي



أيّها الإنسان

تُدمي ذاتَكَ

تُدمي أخاكَ الإنسان! ..

كيفَ فاتَكَ أنَّ مساحةً

لا تربو عن مترينِ تنتظرُكَ

تعبرُ من خلالِهَا ظلمةً حارقة

حيثُ نسائمُ العشقِ

وموجاتُ البحارِ تشمخُ

على جبهةِ الزَّمنِ

وأنتَ ترخي أطرافَكَ

لدبيبِ الأرضِ

كي تنخرَ خشونةَ المفاصلِ

أين المفرّ من دكنةِ دهاليزِ الرَّحيلِ؟



الأرضُ شامخةٌ منذُ أبدِ الدُّهورِ

صديقةُ البساتينِ

أمُّ الكائناتِ .. كلَّ الكائناتِ!



الأرضُ برجُ المحبّةِ

مزنّرةٌ خاصرتها ببخورِ معطّرةٍ

بأريجِ الزُّهورِ

تحملُ بينَ جوانِحِها

عجينُ الخلاصِ

تنامُ بينَ أحضانِ السَّماءِ

ملتحفةً بوهجِ الشَّمسِ

بشهقاتِ النُّجومِ وخدودِ القمرِ!



الإنسانُ مسحةُ حزنٍ نافرٍ

يتدلّى فوقَ أرخبيبلاتِ رعشةِ البحرِ

خبيرٌ في تفاصيلِ الجفاءِ

يعتلي صهوةَ الكونِ

بعينينِ جاحظتينِ

مليئتينِ بأشواكٍ مريرةٍ

إلى حدِّ الانفلاقِ

أكثرَ من مراراتِ الحنظلِ

الإنسانُ حفنةُ ترابٍ متجذّرٍ بالآثامِ

لماذا لا تخفِّفُ

من مضاعفاتِ سماكةِ الآثامِ؟



ثمّةَ غباءٌ سحيقُ الأغوارِ

يعشعشُ في الخشخشاتِ المعتمةِ

من تخومِ دهاليزِ الإنسان



الأرضُ منارةُ حرفٍ

تسطعُ فوقَ خمائلِ الحنان!

تهطلُ بذورَ الوداعة

زخّاتٍ

فوقَ غلاصمِ البحارِ



يزمجرُ الإنسانُ

منافساً أنيابَ الحيتانِ

غائصاً في اسودادِ الرُّؤى

غير مبالٍ في أبجدياتِ الدَّمِ

حتّى إذا قادته شهوةُ الرُّعونةِ

إلى تقعّراتِ كهوفِ الشَّيطان!



آهٍ وألفُ آه ..

ما هذا العبورُ الأهوجُ

في تلافيفِ مغائرِ الصَّولجان؟

متى سيدركُ الإنسانُ

أنّ الحياةَ رحلةُ عشقٍ

فوق أزاهيرِ نيسان!



كم من السَّنين ولّتْ

ولم تتوقّفْ هديرُ الحروبِ

ولا رجرجاتِ القطارِ !

تنمو براعمُ الرَّبيعِ حالما

تهطلُ خصوبةُ السَّماءِ

مخفِّفةً من وقائعِ الانشطار!



لماذا لا يتعلّمُ الإنسانُ بهجةَ التَّجلّي

من انبعاثِ خمرةِ العشقِ

من قيعانِ الجرارِ؟



نأتي إلى الحياةِ

في ليلةٍ معشوشبةٍ بالنَّداواتِ

فجأةً يتوارى وهجُ الإخضرارِ؟!



غصّتانِ تجتاحُ شواطئَ الرُّوحِ

تستكينُ فوقَ تعاريجِ العمرِ

فوقَ هفهفاتِ البحارِ!



الأرضُ نبيذٌ معتّقٌ

مصفّى من رحيقِ الضّياءِ

صديقةُ الشِّعرِ

صديقةٌ من لونِ البهاءِ



الإنسانُ براكينٌ هائجة

مخضّبة بأردانِ الشَّقاءِ!

سيوفٌ قابعةٌ

فوقَ جسدِ العمرِ

فوقَ شهيقِ اللَّيلِ

فوقَ ترانيمِ الوفاءِ!



أين تاهَتْ ليالي المحبّة

لِمَ لا نزرعُ أجنحةَ العشقِ

فوقَ زنابقِ الرُّوحِ

في ليلةٍ قمراءَ؟



أيّها الإنسان!

كفاكَ طيشاً

في عبورِ كهوفِ الوباءِ!



كفاكَ رعونةً في وهادِ العمرِ

كأنّكَ منبعثٌ من مغائرِ الجنِّ

من مخابئِ حيّةٍ رقطاءٍ!



مسافاتٌ تبلعني المسافاتُ!

آهٍ يا قلبي الموجوع

على امتدادِ بحيراتِ غربتي

تلملمتُ فوقَ شهقتي

حاملاً فوقَ روحي

وميضَ الانكسارِ

متأمِّلاً دكنةَ اللَّيلِ

دمعةُ عشقٍ تناهت

فوقَ أنقاضِ الدِّيارِ



بسمةُ وقارٍ ارتسمَتْ

فوقَ شهقاتِ الحنينِ

فوقَ أوجاعِ الجدارِ !



مسترخياً فوقَ خيوطِ الصَّباحِ

عابراً أعماقَ المدارِ

متسائلاً

أينَ ستنتهي بي

محطّاتُ القطارِ؟



تنمو تلاويين أوجاعَ السِّنينِ

تشمخُ فوقَ ليلِهِ الطَّويلِ

شهقةُ أسىً

ولا كلَّ الشَّهقاتِ!



تغفو الأحلامُ

فوقَ جسدِهِ الطَّريّ

مسافاتُ الأنينِ لا تنتهي

تمتدُّ من جبينِ الأرضِ

حتّى أقاصي السَّماءِ!



آهٍ .. مَن يستطيعُ أن يبدِّدَ ضجرَ الأيّامِ

يزرعُ في دكنةِ اللَّيلِ

آمالاً من لونِ الضّياءِ؟!



يمتشقُ حروفَهُ المعشوشبة

بندى الخصوبةِ

راغباً أن يخففَ أنينَ السنينِ

باندلاعِ وهجِ الكلمات



آهٍ يا غربةَ الرُّوحِ!

تخثّرَ الحزنُ فوقَ خدودِ الأرضِ

من تفاقماتِ ضبابِ الحروبِ ..

حروبٌ في بداياتِ القرنِ

في منتصفِ القرنِ

عند منحدراتِ القرنِ

في نهاياتِ القرنِ

حروبٌ على امتدادِ زرقةِ الأحلام

آهٍ .. تخشّبتْ طراوةُ الرُّوحِ!



السَّاعة تدور ُ وتدورُ

وحزني أيضاً يدورُ

حولَ أزيزِ الأنينِ!

تعبرُ أحزاني وهجَ النَّهارِ

تنقشُ على حمرةِ الشَّفقِ

عذاباتِ وميضِ الغاباتِ



أينَ ستركنُ غصّاتي ..آهاتي

مَنْ يستطيعُ أن يمسحَ

عن جبهةِ الصَّباحِ

كآباتِ الزُّهورِ!
... ... ... .... يتبع!



صبري يوسف

كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم




*أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء هو بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الّذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء الرابع، حمل عنواناً فرعياً:
الإنسان ـ الأرض ، جنون الصَّولجان




التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 17-10-2005 الساعة 11:40 AM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:53 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke