قراءة الأفكار

[athro]

قراءة الأفكار حلم قديم للبشر، وضرورة للديكتاتور، وأكل عيش لضاربي الودع. ودخل مضاعف للدجالين. سبق أن اخترع العلماء أجهزة يمكنها أن تقرأ الأفكار جزئيا، مثل جهاز كشف الكذب الذي يشيع في مسلسلات الجاسوسية، ويعرض عليه العملاء قبل تجنيدهم للتأكد من مدى الصدق أو الكذب في أقوالهم. وطور علماء التحاليل جهازا يمكنه معرفة بعض التفاصيل الخاصة بالانسان من تحليل قطرات دمه. وما اذا كان يلعب بذيله، من وراء زوجته، لهذا كان الأكثر اقبالا على هذا الجهاز هي أجهزة الاستخبارات، والزوجات، اللاتي يسعين لإراحة عقولهن من تعب المطاردة والغيرة واستئجار مخبر، ويظن العلماء أن الجهاز لديه امكانية قراءة مبدئية لمسودة الدماغ، والانفعالات بينما الشخص ينظر الى شيء ثابت، كرسي أو حذاء.
الجهاز طبعا معقد يجعل من الصعب على الزوجات أو رؤساء العمل معرفة مشاعر الزوج أو الموظف. لكن تكنولوجيا الاتصالات تقدم اختراعات عفوية تقوم مقام أجهزة كشف الكذب، منها أجهزة الهاتف من الجيل الثالث التي تحدد مكان المتحدث وحالته، وبقليل من التطوير سوف يكون المرء حاملا معه جهازاً يكشف كل تحركاته، ولهذا فإن الجيل الأحدث من الهواتف المحمولة، جاسوس كامل، يحمله المرء باختياره، ليقدم لزوجته وللعالم كل ما يمكن من تفاصيل. لا يمكن للمرء أن يدعي انه في العمل بينما هو في موعد خارجي.
ومنذ سنوات طرحت بعض شركات الخدمات العائلية جهازا صغيرا قدمته هدية للزوجات، يمكنه تحليل روائح ملابس الزوج عند عودته للمنزل لمعرفة ما اذا كان ارتكب أي سلوك معيب، لكن شركة منافسة قدمت للأزواج هدية منافسة عبارة عن جهاز يمكنه ازالة أي تفاصيل غير شخصية من ملابس الزوج، تماما مثلما قدمت بعض شركات تكنولوجيا الاتصالات أجهزة يمكنها تقديم تسجيلات من مكان العمل أو المكتب يمكن تركيبها باستخدام برامج بحيث تضلل المتحدث وتبعد أي شكوك عن تغيير مكان تحركه.
لكن ما كل هذه التكنولوجيا الا جزء من بيزنس الحروب العائلية الباردة هدفها أن تحقق أرباحا على حساب الصراعات اليومية للأزواج والزوجات. والهدف تحقيق أكبر قدر من الأرباح، على حساب صراع توم وجيري. واذا نجح البشر في اقتناء أجهزة كشف الأفكار، تصبح الحياة مستحيلة. لأن كل رئيس سيكتشف احتقار مرؤوسيه له، بينما يمكن للحروب الزوجية الباردة أن تصل الى نوع من الفوضى غير الخلاقة. تهدد استقرار العالم، وربما جعلت الحياة من ذوات القطب الواحد.
وعلى مستوى السياسة ربما استفادت الحكومات من جهاز كشف الأفكار في اكتشاف أفكار الرفض، لكن السياسيين .........عموما سوف يخسرون لأن المواطنين سوف يحملون أجهزة كشف الأفكار. وهذا أمر غير محسوم لأن المواطن عموما لا يحتاج جهاز كشف الكذب ليعرف أن السياسيين يكذبون. ولا أحد يمكنه تحمل أجهزة كشف الأفكار..