![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]() الإنسان ـ الأرض ، جنون الصولجان! أنشودة الحياة* الجزء الرابع [نصّ مفتوح] 5 ... .. . .... قحطٌ إنسانيّ يلازمُ أصحابَ القرارِ دماءٌ سميكة تجري في أزقَّةِ هذا الزَّمان رؤى متورِّمة بغيضة تنتشرُ في لبِّ المخيخِ تجنحُ نحوَ نقاوةِ الدَّمِ تلوِّثه بجراثيمٍ غير قابلة للعلاجِ وجعٌ ينمو في سماءِ الرُّوحِ تفشّى جوعٌ كافرٌ وقفَ البغاءُ بمرارةٍ في نهايةِ الطَّابورِ هربَتِ العصافيرُ بعيداً خوفاً من هراطقةِ هذا الزَّمان إلى أينَ ينتهي بكَ هذا يا زمان؟! مَنْ يصدِّقُ أنَّنا عبرنا القرن الحادي والعشرين إنّه زمنُ الإنهزامِ .. إنهزامٌ ما بعده إنهزام أطفالٌ في عمرِ الورودِ يُقْتَلون تحتَ شعارِ السَّلامِ سلامٌ مخضَّبٌ بالدَّمِ معفَّرٌ بالسَّمّ من لونِ الاسفلتِ سلامُكُم يا أنتم مجرثمٌ بالملاريا مستنقعٌ بغيضٌ تعشعشُ فيه كلّ أنواعِ البعوضِ سلامُكُم يا أنتم حشراتٌ ضارّة تدبُّ على صدورِ الأطفالِ تمتصُّ أطرافهم الغضّة تَبَّاً لكم أيُّها الحمقى تفو على غوغائيّاتكم وعلى رؤاكم السَّقيمة يا ملاعينَ هذا الزَّمان أيُّ طيشٍ هذا الّذي أراه؟ اقشعرَّ جسدُ العالم عندما شاهدَ شظايا السَّلام تخترقُ قلوبَ الأطفالِ يا مهابيلَ هذا الزَّمان كيف تتجرّؤونَ أن تطرحوا أنفسكم قيادة أركان السَّلام وأنتم على ما أراهُ لا تستطيعون قيادةَ قطيعٍ مِنَ الغنمِ؟ بأيَّةِ شريعةٍ تسلِّطونَ عيونكم المحمرّة على شهيقِ الأطفالِ؟ تخنقون الأطفالَ من شدّةِ جحوظِ عيونِكُم تهطلُ عيونُكم شرراً كطعمِ الحنظلِ أراهنكم يا هراطقةَ العصرِ أنَّ دماءَكم لا تختلفُ عن سمومِ الإفاعي لا تختلفُ عن غدرِ الأبالسة مَنْ أنتم كي تطرحوا أنفسكم دعاةَ سلامٍ وتاريخُكم كتلةٌ من الدِّماءِ كتلةٌ مِنَ الوباءِ كتلةٌ مِنَ الخطايا بركانٌ مِنَ الشَّظايا خياناتٌ مِنْ حجمِ البحار؟ ها هو سلامكم يسطعُ بالوخمِ تفوحُ منه اعوجاجات هذا العالم آهٍ .. ....... ....... ؟ عندما كنتُ صغيراً تناهى إلى مسامعي مراراً أنَّ الدُّنيا ستخربُ في بدايةِ الألفيّة الثالثة؟ قمَّطني قلقٌ وخوفٌ من لونِ المساءِ آنذاك راودتني تساؤلات غامضة يا لتعاسةِ حظِّي لو خَرِبَتِ الدُّنيا وأنا في عزِّ الشَّبابِ لماذا لا تخربُ الدُّنيا إلا على دوري؟ متى سأكتبُ قصائدى الهائجة كبركان؟ هل فعلاً ستخربُ الدُّنيا في بدايةِ الألفيّة الثَّالثة؟ أتمنّى لو كانت هذه الأقاويل خرافات! تساؤلاتٌ لا حصرَ لها راودتني عندما كنتُ صغيراً يبدو أنَّ الخرافات تتحوّل عبرَ هذا الزَّمن الأجوف إلى حقائقٍ واضحة وضوحَ الشَّظايا الإنسانُ خرافة حياته .. ممارساته داسَت في جوفِ الخرافةِ .. ربّما الإنسانُ ليسَ خرافة لكنَّه في طريقِهِ إلى عالمِ التَّخريفِ .. تخريفٌ ما بعدَه تخريف! أَيعقلُ أن يقتلَ الإنسانُ طفلاً في حضنِ أبيهِ أَليسَتْ هذه بدايات ظهور التَّخريفِ بل أنَّها هلوسات ما بعدَ التَّخريفِ؟ مَنْ يستطيعُ أن يبلسمَ تقعُّرات القلبِ من السُّمومِ العالقة في قبّةِ الرُّوحِ؟ آهٍ .. إلى متى سيسيُر الإنسانُ في غيِّهِ وأصحابُ الصَّولجانات لا يرمشُ لهم جفن كأنَّهم كائنات محنَّطة؟! حضارةُ الإنسان تجنحُ رويداً .. رويداً نحوَ الظَّلامِ آهٍ .. ظلمةٌ ظالمة تغمرُ جبينَ الصَّباحِ حروبٌ منشطرة من قبّةِ الأبراجِ تهرسُ أغصانَ الحياة في مقتبلِ العمرِ في ميعةِ الصِّبا في ريعانِ الشَّبابِ حروبٌ على مشارفِ الكهولةِ متاخمة للشيخوخةِ لحافّاتِ القبورِ حروبٌ مدمِّرة لأبجدياتِ العمرِ تنبتُ معَ الإنسانِ وتمتدُّ حتّى ما بعدَ الموتِ تفرشُ شراراتَها المسمومة فوقَ قبورِ الموتى تتسرّبُ إلى عظامِهم تفتِّتُ مفاصلهم تثيرُ الرُّعبَ في عتمةِ القبورِ تخيفُ دبيبَ اللَّيلِ الزَّاحفِ على غيرِ هدى حروبٌ من لونِ المراراتِ مركِّزةٌ بوارجها المختلّة عقليّاً على عقلاءِ هذا العالم هلْ انقرضَ الحكماءُ من هذا العالم؟ ايُّها العقلاء الحكماء لماذا تختبئون في شقوقِ اللَّيل؟ اخرجوا من شقوقِكم ها قد آنَ الأوان! نفوذٌ عقيمٌ يتفشَّى في وادي الغرائزِ تاريخٌ كالحٌ بالدمِ خروجٌ تامّ عن شهقاتِ الخيِر عن نسغِ الحياةِ الإنسانُ تاريخٌ مؤكسدٌ بالاسفلتِ تاريخٌ مبرقعٌ بالسَّوادِ سوادٌ لا يضاهيه سواد تآمرٌ على جمالِ النَّباتِ على روعةِ البحارِ على هدوءِ اللَّيلِ على شفافيّةِ الرُّوحِ يحبو الإنسانُ على أمِّهِ الأرض يقفُ وقدماهُ مثبّتتان على الأرضِ تلاحمٌ فريد من نوعِهِ عرشُ الإنسانِ متمركزٌ على جفونِ الأرضِ كينونةُ الإنسان مستقبلُ كلّ الكائنات بينَ أحضانِ الأرضِ الأرضُ أمُّ الحياةِ أمُّ الكائناتِ تمتصُّ الأرضُ فتنَ الإنسان تخبئها في أعماقِها لا تفشي سرّاً أمينةٌ نقيّةٌ سخيّةٌ غارقةٌ في العطاءِ جشعٌ أسودٌ يتقاطرُ من خدودِ الإنسان أنانيّةٌ مميتةٌ مبيّتةٌ في جذوعِ الإنسانِ خياناتٌ من لونِ الجنونِ مفهرسةٌ في ضلوعِ الإنسانِ شرورٌ مدمّرة تنمو يوميّاً في شهيقِ الإنسان ترياقٌ مسموم يتقاطرُ من زفيرِهِ هل ندمَتِ الآلهة بتورُّطِ الأرضِ بقباحاتِ الإنسانِ؟ ... .. ... ... ... يتبع! صبري يوسف كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم *أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء هو بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الّذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء الرابع، حمل عنواناً فرعياً: الإنسان ـ الأرض ، جنون الصَّولجان التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 26-09-2005 الساعة 10:30 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|