Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-05-2006, 02:35 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي يا شراعَ شهقتي فوقَ قبَّةِ الكونِ ـ إلى روح العزيز الرَّاحل

يا شراعَ شهقتي فوقَ قبَّةِ الكونِ
أنشودة الحياة ـ الجزء التَّاسع

نصّ مفتوح

إهداء: إلى روح العزيز الرَّاحل جورج حكيم
... ... .... ...
يصرخُ الجِّرحُ
فوقَ ربوةِ الحرفِ
فوقَ مروجِ البوحِ
فوقَ اهتياجِِ الموجِ!


يصرخُ القلبُ من دنوِّ الأجلِ
من جراحِ الرَّحيلِ
من لوعةِ الفراقِ
من أنينِ السِّنينِ
من مراراتِ المذاقِ!

مذاقُ الموتِ حارقٌ
أكثرَ من لظى التّرياقِ
أكثرَ من لهيبِ الجمرِ
في سماءِ الشّرقِ!

تلملمَ الحزنُ فوقَ ظلالِ الوردِ
فوقَ أغصانِ المساءِ
فوقَ هضابِ العمرِ
فوقَ شراعِ اللَّيلِ
فوقَ غشاوةِ الشَّفقِ!

وجعٌ في حنايا البنينِ
تساؤلاتٌ متهاطلة
معَ انبلاجِ الفجرِ
كيفَ يستقبلُ المرءُ
رحيلَ الأبِّ
رحيلَ الأمِّ
رحيلَ العمرِ
رحيلَ بحارِ الأشواقِ؟!

وجعٌ في سماءِ الرُّوحِ
في بؤرةِ الحلقِ
وجعٌ على امتدادِ الجِّرحِ
على براعمِ القلبِ
على متاهاتِ الغربةِ!

وجعٌ يتنامى فوقَ روابي الشَّرقِ
فوق غضاريفِ العمرِ
وجعٌ لا يفارقُ مقلتي
لا يبارحُ ليلتي
وجعٌ يخلخلُ عذوبةَ الحلمِ
يعبرُ جوانحَ الأحبَّةِ
يرخي أوزارَهُ
فوقَ وميضِ البرقِ
فوقَ تلالِ العمرِ
فوق لهيبِ القلمِ!

وجعٌ على خدودِ الأملِ
على هلاهلِ الوداعِ
وداعُ جذورِ الرُّوحِ
وداعُ أُبُوَّةٍ من نكهةِ الصَّداقةِ
من بحورِ الحنانِ!

وداعٌ من ربوعِ الدُّنيا
من أحضانِ الحفيدة
من حبورِ الحفيدِ
وداعُ حنايا القصيدةِ!
وداعُ الأبناءِ
وداعُ البناتِ الحالماتِ بالغدِ الآتي
وداعُ الموسيقى
وداعُ رنينِ العودِ
على إيقاعِ الآهاتِ!

بقلبٍ منكسرٍ تئنُّ صباحٌ
وداعاً يا أبي
وداعاً يا صديقَ العمرِ
يا بئرَ أحزاني
وقيثارةَ أنغامي!

وداعاً يا صديقَ البرِّ والبحرِ
يا موجةَ دفئي
يا روعةَ الأبوَّةِ
وداعاً يا صوتاً
يزهرُ في خافقي
وداعاً يا بلسمَ الرُّوحِ
يا شراعَ شهقتي
فوقَ قبّةِ الكونِ!

وداعاً يا نسغَ القلبِ
يا لونَ الفرحِ
يا برعماً يتلألأُ
في خمائلِ الحلمِ!

كيف سأتحمَّلُ فراقَكَ يا أبي
يا صوتاً مسكوناً
في سماءِ مهجتي
في أمواجِ أنهاري!

آهٍ يا أبي
توارى فجأةً كيانكَ
عن ناظري
توارى بعيداً
عن أغصانِ القلبِ
عن ظلالِ أشجاري!

سأخبِّىءُ ذكراكَ دائماً
في ينابيعِ الرُّوحِ
في خميلةِ الذَّاكرة
في شهقةِ الشَّوقِ
في ربوعِ الحنينِ!

سأشعلُ لكَ شمعةً
عندَ انبهارِ النَّهارِ
عندَ حلولِ اللَّيلِ
عندَ اغفاءةِ النَّجومِ
عندَ اندلاعِ بسماتِ الهلالِ!

ستبقى متربِّعاً
فوقَ نورِ العينِ
فوقَ شراعِ الرّوحِ
فوقَ قلوبِ البنينِ
فوقَ دموعِ بنينِ البنينِ!

كم من اللَّيالي سهرْتَ
وعلى أحلامِ البناتِ غفيتَ
كم من الطُّموحِ للبنينِ
وبنينِ البنينِ بنيتَ!

كم من البحارِ عبرْتَ
كم من الأنغامِ عزفْتَ
كم من الودادِ
حتّى تلألأتْ دمعاً
عيونُ الأمَّهاتِ!

كم من الغناءِ حتّى تلوَّنَت
خدودُ هدى
بشهقاتِ الحنينِ!

كم من الشَّوقِ
حتَّى انسابت من مآقي صباحٍ
دموعٌ من لونِ النَّدى
دموعٌ منسابةٌ بآهاتِ السِّنينِ!

ها هو ذا فؤادٌ
جذرُكَ الأبقى
ينوحُ كما ينوحُ البحرُ
على أجراسِ الرَّحيلِ!

دمعةٌ على خدودِ الشَّمسِ
دمعةٌ على خدودِ البحرِ
دمعةٌ على خدودِ اللَّيلِ
دمعةٌ إثرَ دمعةٍ
تخرُّ من خدودِ البنينِ
فوقَ آهاتِ البناتِ
بناتٌ من لونِ الودادِ
من نكهةِ بسماتِ الزُّهورِ
بناتٌ يشعلْنَ الشُّموعَ
على روحِ الأبوّةِ
على فراقِ العناقِ
فراقُ أبٍّ تسامى
في خضابِ الرُّوحِ
فراقٌ حارقٌ
أكثرَ من لهيبِ الشَّمسِ
من اندلاعِ النَّارِ!

غربةٌ منذُ أن شبَبْتَ عن الطَّوقِ
منذُ أن عبرتَ أمواجَ الطُّموحِ
غربةٌ مفتوحة
على امتدادِ سماواتِ الرُّوحِ!

يا صديقَ الضُّحى
يا صديقَ البدرِ
تفرُّ من مرابع الطُّفولة
من عوالمِ الصِّبا
تنبعُ خشونةُ الأنسِ
من العيونِ الجاحظاتِ
من ظلمةِ الوغى!

تهرعُ خلسةً إلى ظلالِ الطَّبيعةِ
إلى أمواجِ البحرِ
إلى هبوبِ النَّسيمِ
بحثاً عن راحةِ القلبِ
عن وسادةٍ معشوشبة
بأغصانِ الزَّيتونِ
بعيداً عن خفافيشِ الأرضِ
خفافيشٌ محمَّلة بين أجنحتها
أعتى تلافيفِ الدَّهاءِ!

تعبرُ ضبابَ اللَّيلِ
تاركاً فؤادَ العمرِ
بعيداً عن دفءِ الصَّدرِ
عن قصصِ الشِّتاءاتِ
عن حكايا أقاصيصِ الجنِّ!
كيف بنيتَ خيوطَ الحلمِ
معالمَ القلمِ
موسيقى عذبة
متناغمة مع جلودِنا
مثلَ تناغماتِ الوشمِ!

تبعثرَ القلبُ
في رحلةِ الحياةِ
وجعٌ على مدى البصرِ
سفرٌ من غضبِ البحرِ
سفرٌ عبر القارَّاتِ
رحيلٌ كثيفُ الآهاتِ

ترحلُ على هفهفاتِ الدُّموعِ
تخرُّ بسخاءٍ
من عيونِ الأبناءِ والبناتِ
دموعٌ منسابة
من خفايا الرُّوحِ!

ترفع هدى يديها للسماء
لآلهةِ الرَّحمةِ
للبحرِ
لصحارى العمرِ
تخرُّ دمعتها
على أوجاعِ الغربةِ
على أهدابِ الطُّفولةِ
تشعلُ شمعةً إثرَ شمعةٍ
رحيلٌ مثل وميضِ الصَّاعقة
يخيمُ على مآقي الأحفادِ
ترحلُ على أنغامِ الحنينِ
على نداوةِ الورودِ
على حفيفِ الأنينِ!

اقشعرَّت أزقَّةُ المالكيةِ حزناً
تلألأتْ كرومُ ديريك
في تعاريجِ الذَاكرة
معلنةً أن تودِّعَ الحكيمَ
على ايقاعِ الاخضرارِ!

رفرفَ النَّرجسُ البرّي
ناثراً عبقه
فوقَ أغصانِ النَّعشِ
شوقاً إلى رنينِ النَّواقيسِ!

تبكي تغريدُ في سماء الغربةِ
فتخرُّ دمعةُ طارقٍ
من خلف البحارِ
يمسكُ عوده مرنّماً
ترتيلةً تختالُ
بأصداءِ الرَّحيلِ!

يهرعُ فؤادٌ
نحوَ أقاصي الجرحِ
يعزفُ لحناً
من وهجِ الأوجاعِ
حتى الأوجاعُ تتوهَّجُ
تزدادُ اندلاعاً
مثلَ شرارةِ البرقِ!

يئنُّ فهدٌ في غاباتِ الغربة
يدندنُ متسائلاً،
آهٍ يا جدّي
أهكذا ترحلُ
مثل نسمةٍ عاطرة
فلا نملكُ سوى مآقينا
نبلِّلُها بدموعِ الحنينِ
دمعةٌ تعانقُ أخرى

تنهضُ زهرة
من أعماقِ الحلمِ
تنادي
جدّي آهٍ يا جدّي!

وجعٌ على خدودِ الغربةِ
على ثغرِ صباحٍ
على جبينِ الأمّهاتِ
اختفت البسمةُ
عن وجهِ باسمٍ
ينظرُ إلى جنانٍ
فتغرقُ جنانٌ
في بحيراتِ الحزنِ
تتمعَّنُ في قبّةِ السَّماءِ
مردِّدةً بصوتٍ مبحوحٍ،
إلى جنانِ الخلدِ يا جدِّي
إلى جنانِ المجدِ يا جدِّي!

تتلملمُ سناءٌ
على دمعةٍ ساخنة
يبحُّ صوتها من لظى الغربةِ
غربةٌ في سماء مسقطِ الرَّأسِ
فوقَ تخومِ التِّلالِ
غربةٌ في أعماقِ الحياةِ
غربةٌ على مشارفِ البحرِ!

وجعٌ يتشظّى
من هديرِ الرِّيحِ
وجعٌ من لونِ الفراقِ
آهٍ تشظَّت الرّوحُ
مثلَ اندلاعِ النَّيازكِ!

تسمع سَندي أنغاماً
كأنّها منبعثة من شهقةِ الحلمِ
أنغاماً ترسّخت
في موجاتِ الذَّاكرة
تحومُ الأنغامُ حول قلبها
تريدُ أن تغفو
تحتَ ظلالِ الحنينِ!

فجأة ترتمي أماندة
في حضنِ أبيها
اِعزفْ لي يا بابا
ما كان يرنّمه لي جدّي
منذ أن كنتُ نسمةً
أناغي في المهدِ!

يشدُّ فؤادٌ أوتارَ الأبوَّةِ
ينشدُ أنشودةَ الرَّحيلِ
نغمةُ أسى تنهالُ
فوقَ مآقي يارا ..
"ديونا" يا رذاذات حبٍّ
منعبثة من أجنحةِ الماءِ
يا وجهَ الرَّوضِ
يا دفءَ الموجِ المتناثرِ
فوقَ أغصانِ الغاباتِ!

يبكي كابي
مرتمياً فوق صدرِ الغربة
فوقَ نحيبِ فيكتوريا
آهٍ .. مات "جدّو" يا راجي
ماتَ رحيقُ الرِّيحانِ!

تهفو كارول
إلى زنابق البيتِ العتيقِ
إلى مريانا
إلى زهورِ عبّادِ الشَّمسِ
يغفو روجيه تحتَ أفيائه
يسمعُ أنغامَ جدٍّ
تتهاطلُ فوقَ ربوعِ الطُّفولة
فوقَ ندى الرِّيحانِ!

تعودُ شجرةُ الحياةِ
شريكةُ الحزنِ والبوحِ
إلى بخورِ الأحزانِ
إلى أحلامِ مريانا
إلى دمعةِ هدى
إلى بؤرةِ الجرحِ
إلى أصولِ الإنسانِ!
وحده الموتُ
يضعُ حدَّاً
لبراري الأحلامِ
يضعُ حدَّاً
لأحزانِ الدُّنيا
لملوكِ الكونِ
وبريقِ التِّيجانِ!

وحده الموتُ
يعانقُ الكائناتِ
زارعاً في أعماقِ الرُّوحَ
نِعَمَ النِّسيان!

وجعٌ عندَ الولادةِ
وجعٌ عندَ الرَّحيلِ
وجعٌ على مدى انزلاقِ الطٌّوفانِ

وحدهُ الموتُ
يدركُ حنينَ المرءِ
إلى دنيا الأطيانِ
وجعٌ ينمو
يشعُّ في مرافئِ القلبِ
في صدرِ الأوطانِ!
.... .... ... ....!

ستوكهولم: نيسان (ابريل) 2006


صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم







*أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء هو بمثابة ديوان مستقل (مائة صفحة)، مرتبط مع الجزء الّذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء التَّاسع حمل عنواناً فرعياً:
يا شراعَ شهقتي فوقَ قبَّةِ الكونِ



التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 19-05-2006 الساعة 03:07 PM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:09 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke