Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-04-2006, 10:29 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي ماغوط، يا جرحاً من لهيبِ الجمرِ ـ إلى روح المبدع محمد الماغوط

ماغوط، يا جرحاً من لهيبِ الجمرِ
أنشودة الحياة ـ الجزء الحادي عشر
نصّ مفتوح

إهداء: إلى روحِ الأديبِ المبدع محمَّد الماغوط


... .... .....
ماغوط
أيّها الممغنط بتلألؤاتِ النُّجومِ
أيّها الغارق في بحيراتِ الأنينِ
أيّها المحلّق في تواشيحِ الغمام

ترسمُ شهقةَ القمرِ
بعيداً
عن اشتعالِ المدائن
تحفرُ الحزنَ
فوقَ جبهةِ الشَّمسِ
فوقَ مروجِ القصيدة!

تغفو فوقَ شواطئِ الطُّفولة
آهاتٌ منقوشة
على رحابِ الذَّاكرة
جوعٌ على مساحاتِ المدى
حرفٌ من لونِ الغمامِ
من نكهةِ المطر

لو كانَ في دنياناً مواغيطاً
على اِيقاعِ خطاكَ
هل كانتِ البلادُ تسبحُ
في هذا الخراب؟!
خرابٌ
ما بعدهُ خراب!

وجعٌ ينبعُ
مع بزوغِ الصَّباحِ
مع هبوطِ اللَّيلِ
مع ضجيجِ النّهار!

ضيعةُ تشرين
ولا كلَّ الضَّيعات
لولاكَ كيف كان سيرسمُ
مشوارهُ غوّار؟!

"كأسك يا وطن"
كأسٌ من النَّبيذِ المسكَّر
كأسٌ معتّقٌ
مخمّرٌ في دنانِ الأنينِ
في وادي الجُّنونِ
في قلبِ القصائد!

آهٍ ..
لماذا تشتعلُ قامات مبدعينا
في وضحِ النّهارِ
لماذا يبكي القلبُ
من شدَّةِ القهرِ
من وهجِ الانكسار؟!

تشمخُ قامَتُكَ
كأشجارِ السّنديانِ
كجبالِ جودي
كقممِ سنجار!

تشمخُ مثلَ أزاهيرِ البيلسان
مثلَ اغفاءةِ الحنانِ
يندلعُ الحزنُ من دكنةِ اللَّيلِ
من دوائرِ سيجارَتِكَ
من شهقتِكَ المسترخية
بينَ القفارِ ..
قفارُ العمرِ لا يعادلُها قفار!

هل كنتَ تنوي
أن تكتبَ شعراً عنِ البكاءِ ..
شعراً عن الوفاءِ
شعراً عن الشَّقاء!

هل كنتَ تنوي
أن تفضحَ أسرارَ الدّهاء
خفايا الوباء
أم أنَّكَ اكتفيتَ
أن تشتعلَ في سماءِ الحرفِ
ردّاً على دهاليزِ الرِّياء!

وطنٌ يئنُّ تحتَ سقفِ الشَّقاء
وطنٌ معشعشٌ بالزَّنازينِ
مرهونٌ بينِ أيدي الأنينِ
بين انشراخاتِ الشَّقاء!

وطنٌ ينهمرُ بكاءً
أسىً
وطنٌ من لونِ الجنّةِ
يتحوَّلُ إلى اشتعالٍ مفتوح
فوقَ خدودِ الصَّحراء!

تصحّرَ حتّى الاخضرار
وطنٌ من لونِ الاصفرار
من مذاقاتِ الحنظلِ
من لونِ الأسى
من لونِ الكآبات!

آهٍ هربَتْ أمطارُ الرُّوحِ بعيداً
تصبُّ في قيعانِ المنافي
في صحارى التلظّي ..

لماذا لا نزرعُ وجنةَ الطُّفولةِ
حبوراً
زهوراً
لماذا لا نبني في تلالِ العمرِ
قصوراً
لماذا تزدادُ شظايا النَّارِ
عبوراً
إلى متى سيموتُ المرءُ
في قاعِ اللَّيلِ
ذليلاً؟!

تولدُ الحضاراتُ
من كنفِ العذابِ
تنهضُ الحضاراتُ
من رحيقِ الترُّابِ
تستعرُ الرُّوحُ
من وطأةِ الغياب!

وحدُها حضارةُ الشَّرقِ
تستكينُ بينَ أنيابِ الجَّفاء!

كنّا يوماً أمُّ الحضارات
وها نحنُ نغورُ
في ربوعِ المتاهات!

وجهٌ مشروخُ الرُّؤى
طفولةٌ خاوية
أمومةٌ معفَّرة بالرَّماد
كهولةٌ تقبعُ
تحتَ لهيبِ السِّياط!

وطنٌ يتأرجحُ
على كُفوفِ العفاريتِ
على شخيرِ الهواء!

ماغوط
لغةٌ من تبرِ النَّيازكِ
من تبرِ البراري
من أنينِ الغيومِ
لغةٌ مفهرسة بالأملِ
بحفيفِِ التُّوتِ
لغةٌ من خريرِ الوفاء!

تنسابُ مثلَ نسائمِ الرَّبيعِ
مثلَ غمائمِ الدُّفءِ
لغةٌ من رذاذِ الموجِ
تغفو بين جفونِ المساء!

ماغوط
يا فارسَ الكلمات
يا صديقَ الأزقّة القديمة
يا نبيذاً هائماً
بينَ خيوطِ الضّياء!

كم من اللَّيالي نمتَ جائعاً
تائهاً بين بحورِ الحرفِ
بينَ أركانِ الحرائق!
كم من البردِ
كم من الأحلامِ
حتّى اكفهَرَّتْ
خدودَ السَّماء!

عبرتَ عوالمَ الحرفِ
حاملاً مشعلاً من ذهب
تحرقُ شوائبَ مزدانة بالشَّوكِ

كم مرّةً غفيتَ
على أرصفةِ بيروتَ
كم مرّةً احتسيتَ
خمرةَ الانعتاقِ!

أيّها الوعل الجامح
في بحارِ الكلمات ..
تنهالُ مثلَ الجمرِ
على بيادرِ الغدرِ
على طيشِ الأصدقاء!

تنقشُ حسرةَ العمرِ
فوقَ أشجارِ الانكسار
تزدهي الرُّوحُ
تسمو فوقَ بخورِ الشُّموعِ
فوقَ أجنحةِ الكبرياء!

عبرتَ ربوعَ القصائد
ترسمُ حنينَ الغجرِ
إلى ظلالِ الدَّاليات!

أيّها البدويّ المبسلم
بجراحِ الحرفِ
بضياءِ الحرفِ
بشموخِ الصَّفاء!

تشبهُ عصافيرَ الكرومِ
موجةَ حزنٍ
متدفِّقة فوقَ تلالِ الحنين!
تكبرُ قامةُ القصيدة
كلَّما تشهقُ شهيقاً
متطايراً من ظلالِ المدائن ..
مدنٌ غارقة في السَّراب
مدنٌ موغلة في الضَّباب
مدنٌ تائهة
بينَ أعاصيرِ الرَّماد!

ماغوط ..
أيّها البدويّ المعطَّر
بأزاهيرِ الصَّباح
يا نجمةَ الحلمِ الغافي
بينَ أفراحِ المروجِ
مَن قادكَ إلى قلاعِ الحرفِ
إلى بشائرِ الخلدِ
إلى رقصةِ النُّجومِ!

تشتعلُ آهاتُ الرُّوحِ
على حفيفِ القلمِ
تتهاطلُ فوقَ دخانِ العمرِ
مثلَ صفاءِ الرُّوحِ
مثلَ نسيمِ الواحات!
... .... ... ... يتبع!


ستوكهولم: 9 . 4 . 2006


كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com

أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء هو بمثابة ديوان مستقل (مائة صفحة)، مرتبط مع الجزء الّذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء الحادي عشر حمل عنواناً فرعياً:

ماغوط، يا جرحاً من لهيبِ الجمرِ

نقلا عن موقع كيكا

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 24-04-2006 الساعة 10:32 PM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke