![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]() القطَّةُ والعجوز
كان هناك عجوزٌ ثريةٌ ، ومعَ ثرائها إلاّ أنها بخيلةٌ جداً على نفسها ، طعامُها الخبزُ الجافُ ، وقليلٌ من الزيتِ تستعينُ بهِ على ازدرادِ لقمتها ، وبعضُ الأحيانِ تبلِّلهُ بالماءِ . ابتعدَ عنها الناسُ لبخلها الشديدِ ، أما قطَّتُها الجميلة ، ذاتِ الفراءِ الناعمِ الأشقرِ ، والعينينِ الخضراوينِ ، فقد حبستها ، ومنعت عنها الأكلَ والطعامَ ، وأغلقت عليها بابَ سردابٍ مظلمٍ القطةُ تمضي ليلها وهي تستنجدُ وتموءُ وتموءُ ، ولكنَّ قلبَ العجوزِ القاسي لم يكن يهتمُّ لهذه النداءاتِ المستغيثةِ ، عاشت القطَّةُ في هذا القبوِ مدَّةً طويلةً ، ومما ساعدها على العيشِ ابن الجيرانِ الذي كانَ يتألَّمُ كلما مرَّ من الشارعِ وسمعَ صوتَ موائها ، فيطلُّ عليها من طاقةٍ صغيرةٍ وينادي عليها من بين القضبانِ ، ثمَّ يلقي لها ببعضِ الطعامِ . استمرّ الغلامُ في زيارةِ القطةِ ، ومتابعةِ إطعامها ، وفي يومٍ من الأيامِ سمعَ أنيناً خافتاً ، ألقى بسمعهِ ، نادى على القطَّةِ ، فلم تجبهُ ، حاولَ أنْ يُدخِلَ رأسهُ من بين القضبانِ فلم يستطعْ ، لكنَّهُ استطاعَ رؤيةَ القطةِ وهي تزحفُ نحوَ الصوتِ ، وتقتربُ منَ النافذةِ الصغيرةِ ، ثمَّ تركزُ عينيها الذابلتين في عيني أشرف الذي راحَ يستحثُها على النهوضِ ، ومحاولةِ تسلق الجدارِ علَّهُ يستطيعُ إخراجها من بين القضبان ،كان تصورهُ أنَّ نحولَ جسمها قد يمكنها من الخروج على الرغم من ضيقِ المسافة بينَ كلِّ قضيبٍ وقضيبٍ ، كانت محاولاتُ القطةِ متعثِّرةً حاولت المرة َ تلوَ المرةِ ، ولكنَّ جسدَها النحيلَ ، وارتفاعَ الجدارِ ، وقواها الضعيفةُ لم تمكنها من الصعود . صوتُ أشرفَ المشجِّعُ ، ومواءُ القطةِ لفتا انتباهَ العجوزِ ، فقامت تستطلعُ الأمرَ ، شاهدت منظرَ الغلامِ الذي يحاول إخراج القطةِ ، صرخت بأعلى صوتها عليه : ماذا تصنعُ أيها الولدُ ، ابتعد من هنا وإلاَّ ضربتكَ بعصايَ هذهِ ، هزّت عصاها في وجههِ حتى يولّي هارباً ، لكنَّ أشرفَ تشبَّثَ بموقفهِ ، وقالَ لها : أما تخافينَ اللهَ في هذه القطةِ ؟ ماذا صنعت لكِ حتى تعاقبَ بالجوعِ والسجنِ ، أما تعلمينَ أنَّ امرأةً دخلت النارَ في هرَّةٍ حبستها ، لا هيَ أطعمتها ، ولا تركتها تأكلُ من خشاشِ الأرضِ . ألا تخشينَ أن تعاقبي مثلَ تلك المرأةِ ؟ اشتدَّ غضبُ العجوزِ على الغلامِ ، وارتفعَ صوتُها مهدِّداً : انصرف من وجهي ، أنتَ تعلمني ماذا أفعلُ بقطتي ، وكيفَ أعاملها ؟ هذهِ القطةُ سيئةٌ مثلكَ تماماً ، ها أنتَ تقتحمُ بيوتَ الناسِ دونَ إذنهم وكانت هيَ تسرقُ طعامي ، ألا يعاقبُ السارقُ أيها اللصُّ الذي لا يعرفُ للبيوتِ حرمة؟ إنْ لم تغادرْ فوراً فسأستدعي لكَ الشرطةَ . أحسَّ أشرفُ أنَّ العجوزَ جادةٌ في كلامها ، فأخذَ يرجوها ، ويستعطفها من أجلِ أن تعفوَ عن القطةِ ، وتخرجها من سجنها، ويتعهَّدُ لها بأن لا تراها بعدَ ذلك . لكنَّ العجوزَ أصرَّتْ على موقفها من استمرارِ معاقبةِ القطةِ ,لأنها في رأيها تستحقُّ العقاب . يأسَ أشرفُ من أن يلينَ قلبُ العجوزِ فغادرَ حزيناً ، لكنّهُ صمَّمَ على معاودةِ المحاولةِ . استمرَّ في غفلةٍ من العجوزِ بإلقاءِ بعضِ المأكولاتِ للقطةِ ، وفي يومٍ من الأيامِ ، لم يرَ العجوزَ فظنَّ أنها خرجت من البيتِ ، وظنها فرصةً سانحةً لإنقاذ ِ القطةِ المسكينةِ ، أدخلَ انفهُ من بينِ القضبانِِ جالَ بعينيهِ في زوايا القبوِ ، لم يرَ القطةَ ، نادى عليها ، كررَّ الصوتَ : مو..مو..مو لم يسمعْ صوتاً أو حركةً ، أخذ يفكِّرُ يبدو أنها ماتت ، أو أنَّ العجوزَ سمعتْ قولي وأخرجتها ،لا بدَّ أنْ أعرفَ مصيرها ، صعدَ الدرجَ المؤدي إلى بيتِ العجوزِ ، وقفَ ، تردَّدَ ، ثمَّ نقرَ البابَ بإصبعهِ نقراً خفيفاً ، سمعَ جلبةً وضوضاءَ ، ماذا يحدثُ داخلَ البيتِ ، اسمعُ حركةً تشبهُ المشاجرةَ والعراكَ ، صوتُ العجوزِ الباكي ، يصلُ إلى أذنيهِ ،لا بدَّ أنَّ في الأمرِ شيئاً . زادَ طرقهُ على الباب ، ما أن فتحت العجوزُ البابَ حتى انطلقت القطةُ كالسهمِ ، وأقبلت العجوزُ مهرولةً وهي تبكي ،وتصرخُ ، وتندبُ حظها ، وتقول : ذهبت أموالي ، ضاعت تحويشةُ العمرِ ، يا ناس ، يا عالمُ الحقوني ، الفئرانُ أكلت نقودي ، لقد احتفظتُ بها في هذا الصندوقِ الخشبي . كان سجن العجوزِ للقطةِ سبباً في تكاثرِ الفئرانِ التي استطاعت الدخولَ إلى داخلِ الصندوقِ ، وفرمت كلَّ الأوراقِ النقدية ، حاولت الانتقامَ من الفئرانِ ، فذهبت وأحضرت القطة َ من سجنها ، وطلبت منها أن تنتقم لها ، وأن تشبعَ جوعَ السجنِ بأكلِ الفئران ، إلاّ أنَّ القطةَ الجائعةَ فضلت عندما رأت البابَ مفتوحاً أن تخرج من هذا السجن ، ولكن أينَ تذهب ؟ عادَ أشرفُ إلى البيتِ حزيناً على هروبِ القطة ، وما أن دخلَ البيت حتى رأى ما سرَّهُ ، فالقطة تجلس في المكان الذي يحب أن يجلس فيه ، لم يصدِّق عينيه ، تقدَّمَ مسرعاً ، وإذا بها تقفزُ هي الأخرى وتتعلقُ به ، وتمسحُ فروها الناعمَ بساقيهِ ، وكأنها تعبر عن سعادتها أخذها بين ذراعيه ، مسح على فروها ، بدأ ينشدُ على مسامعها أنشودةً ً يقولُ فيها : قطتنا أليفه سريعةٌ خفيفه أعضاؤها رشيقه جميلةٌ أنيقه تحارب الفئرانا وكلَّ ما يؤذينا تنالُ منهُ القوتا وتحرسُ البيوتا حركت القطةُ ذيلها ، وأغمضت عينيها . منقول
__________________
www.kissastyle.de |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|