![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]() حقا ان الله موجود
لقد قتلوا اباه لانه كان شاهدا امينا للمسيح ثم نفوا امه وأخته الى ارض مقفرة لعل الجوع والاعياء يقضيان عليهما اما هو فاخذوه طفلا في الثالثة من عمره ليلقنوه دروسا في الكفر والالحاد لينين وستالين. انقضى على ذلك عشرين عاما وها هواليوم قد اصبح شابا في الثالثة والعشرين من عمره متشبعا تماما بالفلسفات المادية ومرتويا حتى الثمالة من الالحاد لم يكتفي في السخرية من اصحاب الديانات التي تؤمن بوجود الله لكنه كان يمشي بهم الى السلطات التي زجتهم في السجون واكثرت في تنكيلهم وتعذيبهم فضلا عن ذلك فقد تفوق في الرياضة البدنية ونال عدة اوسمة وميدالايات في المسابقات الوطنية والدولية لكن كل ذلك انهار فجأة في لحظة لم يتوقعها ولاسباب لم يقدر على تفسيرها انه لا يدري ماذا حدث له فكلما حاول ان يستجلي غوامض هذا السر تزداد الامور تعقيدا في ذهنه وخياله كل ما يذكره انه منذ أسبوعين شاهد امراة عجوز تجوب شوارع المدينة وقد انهكها الجوع والاعياء فاستأثر منظرها بنفسه على غير عادته فمضى واشترى لها قطعة من الجبن. لماذا فعل ذلك ؟ لماذا رق قلبه لها ؟ لم يجد له تفسيرا لقد خُيل له وهو يتفرس في وجه تلك المرأة العجوز ان شيئا في ملامحها أثار في اعماقه ذكرى بعيدة مطلية بغبار الزمن ومكفنة بضباب النسيان اراد ان يهرب من هذه الحواجز فغادر البيت وانطلق نحو شاطيء البحر يتأمل في امواجه المتلاطمة ويسبح في افكاره المتلاطمة آه من هي هذه المرأة العجوز التي رماه بها القدر. لكن منذ متى وانا اؤمن بالقدر حدق الى مياه البحر المزبدة بنظرات جامدة فترة طويلة ثم رجع ادراجه الى الطريق العام. عندما اقترب من محطة البص تسمرت قدماه فوق ارض الرصيف وهو يحملق بالمراة العجوز التي كان قد التقى بها منذ اسبوعين حاول ان يختفي وراء اي شيء لكي لا تقع عيناه عليها لقد تسرب الى نفسه الخوف من ذلك الاحساس الدفين الذي رافقه طوال الاسبوعين الماضيين .. خوف لا يدري مصدره. بينما كان يهم بالعودة رفعت المراة عينيها ورأته على بعد خطوات منها مسمرا الى الارض فارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة وتقدمت نحوه بخطوات متثاقلة وعندما اقتربت منه امسكت يديه بيديها المتجعدتين وقالت له " شكرا جزيلا على احسانك الي " ثم سألته " ما اسمك يا ابني ؟ " قال سليمان " قالت "سليمان " ؟ منذ سنين بعيدة جدا كان لي ابن اسمه سليمان اخذوه مني ولم أعد اعرف عنه شيئا قال " أليس لك اهل سواه " ؟ قالت آه نعم كان لي ابنة تدعى جميلة لكنها لم تتحمل الحياة الشاقة التي نكبوها بها فماتت تحت وطأت المرض لشدة ما تعذبت في حياتها قال " اذن انت وحيدة الان " تطلعت اليه بعينين متعبتين و قالت " من ناحية انا وحيدة لكن من ناحية أخرى احس ان الله هو رفيقي " سرت في جسده رعشة غريبة عندما نطقت باسم " الله " هذا الاسم الذي اعتاد ان يسخر منه ولا يؤمن بوجوده شعر بموجة من الغضب والتمرد تضغط عليه واراد ان يلقي عليها محاضرة ضد الله والدين لكنه تطلع اليها فرأى في عينيها بريقا من الرجاء لا وجود له في عيون التعساء والمحرومين فهدأ نفسه ولجم لساته ثم قال لها " كيف تعرفين ان الله رفيقك ؟ بل كيف تعرفين انه موجود ؟ قالت اني أؤمن بذلك من كل قلبي اني اثق به بالرغم من كل شيء " قال ان كان حقا موجودا وهو كما تقولين رفيقك لماذا لم ينقذك مما حل بك ؟ لماذا لم ينقذ ابنتك ويحفظ لك ابنك ؟ قالت " لا استطيع ان اجيب عن اسئلتك يا ابني لكن دعني اقول لك شيئا ان ابنتي الان تتمتع بالحياة في مكان افضل وانا لي كل رجاء ان التقي بها عن قريب حرقة واحدة في قلبي تؤلمني وهي اني لا اعرف شيئا عن ابني لاخبره عن الله فمنذ ان اطلقوا سراحي وأنا ابحث عنه اذ قيل لي انه يقيم في هذه المدينه لذا تراني اجوب الشوارع واقف عند محطات الباصات لعلي التقي به لكن قد يكون ما قيل لي مجرد اشاعات .. لا ادري. ثم تفرست به وقالت " منذ اسبوعيىن وانا اصلي من اجلك " استبدت به الدهشة وقال " لماذا تصلين من اجلي ؟ " قالت لا ادري يا ابني ان عطفك علي عندما اشتريت لي قطعة الجبن جعلني افكر بك خلال هذين الاسبوعين واصلي لاجلك " شعور مبهم تحرك في اعماقه وفجأة سألها هل لديك صورة لابنك اي شيء يذكرك به ؟ مدت يدها الى صدرها واخذت ما يشبه الايقونة وفتحتها وهمهمت " هذه هي صورته عندما كان في الثالثة من عمره " تناول سليمان الايقونة وما انصبت نظراته عليها حتى تأوه آهة شديدة سألته المراة بعجب " ماذا حدث ؟ هل انت متألم ؟ " لم يستطع أن يجيب بكلمة لكنه مد يده الى صدره أيضا وتناول ما يشبه قلبا معلقا بسلسلة فضيّة فتح القلب وراح يقارن بين الصورتين ثم صاح انهما نفس الصورة " ارتمى كل منهما على الآخر والدموع الغزيرة تنهار من مقلتيهما ضم سليمان والدته الى صدره وهمس في اذنها بصوت مرتجف " حقا ان الله موجود "
__________________
لاني لست استحي بانجيل المسيح لانه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهودي اولا ثم لليوناني التعديل الأخير تم بواسطة الاخ زكا ; 23-06-2017 الساعة 02:36 PM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|