![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الإنسانُ ابنُ بيئتِه تفاعُلٌ و تأثُّرٌ مُتبادَل بقلم: فُؤاد زادِيكِي ما مِن إنسانٍ يقدِرُ أنْ ينعزِلَ عنِ المُحيطِ، الّذي يَعيشُ فيهِ، أو يُجرِّدَ ذاتَهُ منِ التَّفاعُلِ معَ ما يحدُثُ من حَولِه مِن أَحداثٍ و تَحوُّلاتٍ. فالحَياةُ سلسلةٌ منَ التَّفاعُلاتِ المُتبادَلَةِ بينَ الإنسانِ و مُجتمَعِه، بينَ الفردِ و البيئَةِ، الّتي تحتَضِنُه و تُؤثِّرُ في تكوينِ أفكارِه و مَبادِئِه. إنَّ الإنسانَ لا يُولَدُ مكتَفِيًا بذاتِه، بل يَكتسِبُ معارِفَه و أخلاقَه و سُلوكَه منِ الّذينَ يُحيطونَ بهِ، و منَ الظُّروفِ، الّتي تَحفِرُ في وجدانِه. فَما يَشهَدُهُ العالمُ من صِراعاتٍ سياسيَّةٍ، و أزماتٍ اقتصاديَّةٍ، و تَقدُّمٍ تكنولوجِيٍّ، كُلُّها أمورٌ تَترُكُ آثارَها الواضِحةَ في حياةِ الإنسانِ اليوميَّةِ. لا يُمكِنُ لعَقلٍ إنسانيٍّ واعٍ أنْ يُنكرَ هذا الأَثرَ البَيِّنَ، الّذي تَزرَعُهُ البيئةُ في داخِلِ كيانِ الإنسانِ، سَواءٌ في أَسلوبِ تَفكيرِه أو في طَريقةِ تَفاعُلِه معَ الآخرينَ. يَنشَأُ الطِّفلُ في أُسرَةٍ تُعلِّمُه القِيَمَ، و تَغرِسُ فيهِ ما تَراهُ من خَيرٍ أو شَرٍّ، و مِن ثَمَّ يَحمِلُ تِلكَ التَّعاليمَ إلى العالَمِ الواسِعِ في كِبَرِه. فالإنسانُ ليسَ مُجرَّدَ فردٍ يعيشُ في فَضاءٍ مُنفَصِلٍ، بل هو جُزءٌ لا يَتجزَّأُ من مُجتمَعِه و مُحيطِه الثَّقافِيِّ و الاجتِماعِيِّ. في العُصورِ المُعاصِرَةِ، أصبحَ التَّأثُّرُ بالبيئةِ أَكثرَ عُمقًا و سُرعةً، بفعلِ الانتِشارِ الرَّهيبِ لوسائلِ الإعلامِ و التَّواصُلِ الاجتِماعِيِّ. أصبَحَ الخَبرُ ينتقِلُ في لَحظاتٍ، و تَتشكَّلُ الآراءُ و التَّوجُّهاتُ بفِعلِ ما يُروَّجُ لهُ مِن أَفكارٍ و صُوَرٍ و مَواقفَ. فالإنسانُ باتَ يُواكِبُ ما يَحدُثُ في أَقصى نُقطةٍ منَ العالَمِ كما لو كانَ يَعيشُهُ في بَيتِه. و لأنَّ الإنسانَ كائِنٌ اجتماعيٌّ بطَبعِه، فإنَّهُ يَميلُ إلى التَّفاعُلِ معَ الآخرينَ، و يَتأثَّرُ بما يَراهُ أو يَسمَعُهُ. فالفرَحُ يَنتقِلُ بالمُشارَكةِ، كما يَنتقِلُ الحُزنُ و القلَقُ و العَجزُ. و ما يَحدُثُ في البيئَةِ السِّياسيَّةِ أو الثَّقافِيَّةِ أو البيئِيَّةِ يُشكِّلُ دافِعًا أو رادِعًا لسُلوكِ الإنسانِ و تَفاعُلاتِه. فَالحُروبُ تُغيِّرُ النُّفوسَ، و الفَقرُ يُبدِّلُ الطِّباعَ، كما أنَّ العَدلَ يُزكِّي الأرواحَ، و العِلمَ يُنيرُ العُقولَ. و هنا يَكمنُ دَورُ الإنسانِ الواعي في ألّا يَستسلِمَ للعَواملِ الخارجيَّةِ بل أنْ يَكونَ عُنصُرًا فاعِلًا في تَغييرِ ما حَولَه. فَإنْ كانَ يَتأثَّرُ بما يَجري، فهو أيضًا قادِرٌ على أنْ يُؤثِّرَ، و يَصنَعَ فرقًا، و يَتركَ بَصمتَه في المُجتمَعِ. فَالعَلاقَةُ بينَ الإنسانِ و بِيئتِه هي عَلاقَةُ تَبادُلٍ و تَفاعُلٍ دائمَينِ لا تنقَطِعانِ ما دامَتِ الحَياةُ نَابِضَةً. علَينا أنْ نُدرِكَ هذهِ الحَقيقَةَ، و ألّا نُهمِلَ أَثرَ المُجتمَعِ فينا، و لا دَورَنا نحنُ فيهِ. فَكُلُّ إنسانٍ يُساهِمُ في رَسمِ مَلامِحِ الحَياةِ، الّتي نَعيشُها، وَ كُلُّ خُطوَةٍ نَخطُوها تُضيفُ إلى مَسيرَةِ البَشَرِيَّةِ. و بِذلكَ، فإنَّ الإنسانَ لا يَنبَغِي لَهُ أنْ يَكونَ مُجرَّدَ ضَحيَّةٍ لِلظُّروفِ، بَلْ فاعِلًا مُغيِّرًا، يَنهَضُ بِنَفسِه وَ بمُجتمَعِه. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 13-05-2025 الساعة 07:40 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|