Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > خواطر و مشاعر

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-10-2006, 04:53 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,292
افتراضي رسائل غسّان كنفاني إلى غادة السمّان

رسائل غسّان كنفاني إلى غادة السمّان


الرسالة الأولى :

" رسالة غير مؤرخة – لا أذكر التاريخ !
لعلها أول رسالة سطرها لي "


غادة..
اعرف أن الكثيرين كتبوا لك، وأعرف أن الكلمات المكتوبة تخفي عادة حقيقة الأشياء، خصوصا إذا كانت تعاش وتحس وتنزف على الصورة الكثيفة النادرة التي عشناها في الأسبوعين الماضيين.. ورغم ذلك، فحين أمسكت هذه الورقة لأكتب كنت أعرف أن شيئا واحدا فقط أستطيع أن أقوله وأنا أثق من صدقه وعمق كثافته وربما ملاصقته التي يخيل إلي الآن أنها كانت شيئا محتوما، وستظل، كالأقدار التي صنعتنا: إنني أحبك.

الآن أحسها عميقة أكثر من أي وقت مضى ، وقبل لحظة واحدة فقط مررت بأقسى ما يمكن لرجل مثلي أن يمر فيه ، وبدت لي تعاستي كلها مجرد معبر مزيف لهذه التعاسة التي ذقتها في لحظة كبريق النصل في اللحم الكفيف .. الآن أحسها ، هذه الكلمة التي وسخوها كما قلت لي والتي شعرت بأن علي أن أبذل كل ما في طاقة الرجل أن يبذل كي لا أوسخها بدوري .
إنني أحبك: أحسها الآن والألم الذي تكرهينه – ليس أقل ولا أكثر مما أمقته أنا – ينخر كل عظامي ويزحف في مفاصلي مثل دبيب الموت. أحسها الآن والشمس تشرق وراء التلة الجرداء مقابل الستارة التي تقطع أفق شرفتك الى شرائح متطاولة .. أحسها وأنا أتذكر أنني أيضا لم أنم ليلة أمس وأنني فوجئت وأنا أنتظر الشروق على شرفة بيتي أنني – أنا الذي قاومت الدموع ذات يوم وزجرتها حين كنت أجلد – أبكي بمرارة لم أعرفها حتى أيام الجوع الحقيقي ، بملوحة البحار كلها وبغربة كل الموتى الذين لا يستطيعون فعل أيما شيء .. وتساءلت: أكان نشيجا هذا الذي أسمعه أم سلخ السياط وهي تهوي من الداخل.؟
لا أنت تعرفين أنني رجل لا أنسى، وأنا أعرف منك بالجحيم الذي يطوق حياتي من كل الجوانب، وبالجنة التي لا أستطيع أن أكرهها .. وبالحريق الذي يشتعل في عروقي ، وبالصخرة التي كتب علي أن أجرّها وتجرني إلى حيث لا يدري أحد .. وأنا أعرف منك أيضا بأنها حياتي انا ، وأنها تنسرب من بين أصابعي أنا ، وبأن حبك يستحق أن يعيش الانسان له .. ورغم ذلك فأنا أعرف منك أيضا بأنني أحبك الى حد أستطيع أن أغيب فيه ، بالصورة التي تشائين ، إذا كنت تعتقدين أن هذا الغياب سيجعلك أكثر سعادة ، وبأنه سيغير شيئا من حقيقة الأشياء .

أهذا ما أردت أن أقوله لك حين أمسكت الورقة ؟ لست أدري .. ولكن صدقيني يا غادة أنني تعذبت خلال الأيام الماضية عذابا أشك في أن احدا يستطيع احتماله ، كنت أجلد من الخارج ومن الداخل دونما رحمة ، وبدت لي حياتي كلها تافهة واستعجالا لا مبرر له ، وأن الله إنما وضعني بالمصادفة في المكان الخطأ لأنه فشل في أن يجعل عذابه الطويل الممض وغير العادل لهذا الجسد ، الذي أحتقر فيه قدرته غير البشريه على الصلابة ، ينحني ويموت ..

إن قصتنا لا تكتب ، وسأحتقر نفسي لو حاولت ذات يوم أن أفعل ، لقد كان شهرا كالإعصار الذي لا يفهم ، كالمطر كالنار ، كالأرض المحروثة التي اعبدها إلى حد الجنون وكنت فخورا بك إلى حد لمت نفسي ذات ليلة حين قلت بيني وبين ذاتي أنك درعي في وجه الناس والأشياء وضعفي وكنت أعرف في أعماقي أنني لا أستحقك ليس لأنني لا أستطيع أن اعطيك حبات عينيّ ولكن لنني لن أستطيع الاحتفاظ بك الى الابد .
وكان هذا فقط ما يعذبني .. إنني اعرفك إنسانة رائعة ، وذات عقل لا يصدق وبوسعك أن تعرفي ما أقصد : لا ياغادة لم تكن الغيرة من الآخرين .. كنت أحسك أكبر منهم بما لا يقاس ، ولم أكن أخشى منهم أن ذلك الشيء الوحيد الذي لا أستطيع أبدا إتقانه ولو أتقنته لما كنت الآن في قاع العالم .. لا ياغادة .. لم يكن ذلك الشعور الكئيب الذي لم يكن ليغادرني ، مثل ذبابة أطبق عليها صدري ، بأنك لا محالة ستقولين ذات يوم ما قلتِه الليلة .

إن الشروق يذهلني ، رغم الستارة التي تحوله الى شرائح وتذكرني بألوف الحواجز التي تجعل من المستقبل – أمامي – مجرد شرائح .. وأشعر بصفاء لا مثيل له مثل صفاء النهاية ورغم ذلك فأنا أريد أن أظل معك، لا أريد أن تغيب عني عيناك اللتان أعطتاني ما عجز ك شيء انتزعته في هذا العالم من إعطائي ، ببساطة لأني أحبك ، وأحبك كثيرا يا غادة ، وسيدمر الكثير مني أن أفقدك ، وانا أعرف أن غبار الأيام سيترسب على الجرح ولكنني أعرف بنفس المقدار أنه سيكون مثل جروح جسدي : تلتهب كلما هب عليها الريح .
انا لا أريد منك شيئا وحين تتحدثين عن توزيع الانتصارات يتبادر الى ذهني أن كل انتصارات العالم إنما وَزعت من فوق جثث رجال ماتوا في سبيلها .
انا لا أريد منك شيئا ولا أريد – بنفس المقدار – أبداً أبدا أن أفقدك .
إن المسافة التي ستسافرينها لن تحجبك عني ، لقد بنينا أشياء كثيرة معا لا يمكن ، بعد ، ان تغيبها المسافات ولا أن تهدمها القطيعة لأنها بنيت على أساس من الصدق لا يتطرق اليه التزعزع .
ولا أريد أن أفقد " الناس " الذين لا يستحقون أن يكونوا وقود هذا الصدام المرّوع مع الحقائق التي نعيشها .
ولكن إذا كان هذا ما تريدينه فقولي لي أن أغيب أنا .. ظلي هنا أنت فانا الذي تعودت ان أحمل حقيبتي الصغيرة وأمضي .
ولكنني هذه المرة سأمضي وانا أعرف أنني أحبك وسأظل أنزف كلما هبت الريح على الاشياء العزيزة التي بنيناها معا .

غسان

يتبع الرسالة -2-
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-10-2006, 04:00 PM
الصورة الرمزية georgette
georgette georgette غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: swizerland
المشاركات: 12,479
افتراضي

ولكنني هذه المرة سأمضي وانا أعرف أنني أحبك وسأظل أنزف كلما هبت الريح على الاشياء العزيزة التي بنيناها معا
رسالة حزينة ومؤلمة ننتظر الباقي من الرسائل
تشكر يا ابو نبيل
__________________
بشيم آبو و آبرو روحو حايو قاديشو حا دالوهو شاريرو آمين
im Namen des Vaters
und des Sohnes
und des Heiligengeistes amen
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21-10-2006, 01:14 AM
عيسى حنا عيسى حنا غير متواجد حالياً
Bronze Member
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: kamishli
المشاركات: 394
افتراضي رد

شكرا لك استاذ فؤاد هل هنالك مقياس للحزن ؟
عيسى الأرامي
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21-10-2006, 01:19 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,292
افتراضي

شكرا لمروركما جورجيت وعيسى أسعدني ذلك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21-10-2006, 01:26 AM
SamiraZadieke SamiraZadieke غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 8,828
افتراضي

شكرا لك يافؤاد على نقل هكذا رسالة فهي مؤثرة ومحزنة
ومن الواقع فكم من حبيب وحبيبة سطرا بدمائهما
رسائل الحب وهي ملأى بالأحزان والآلام !!
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21-10-2006, 06:35 PM
Malki Morad Herdan Malki Morad Herdan غير متواجد حالياً
VIP
 
تاريخ التسجيل: Aug 2005
المشاركات: 1,334
افتراضي

شكراً أستاذ فؤاد لنشرك هذه الرسالة
و هذه نبذة عن الأديب غسان كنفاني
ولد غسان في عكا سنة 1936 . وفي عام 1948 أجبر وعائلته على النزوح فعاش في سوريا لاجىء فلسطيني ثم في لبنان حيث حصل على الجنسية اللبنانية. أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا السورية عام 1952. في ذات العام سجّل في كلية الأدب العربي في جامعة دمشق ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، انضم إلى حركة القوميين العرب التي ضمه اليها جورج حبش لدى لقائهما عام 1953. ذهب إلى الكويت حيث عمل في التدريس الابتدائي، ثم انتقل إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية (1961) التي كانت تنطق باسم الحركة مسؤولا عن القسم الثقافي فيها، ثم أصبح رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية، وأصدر فيها(ملحق فلسطين) ثم انتقل للعمل في جريدة الأنوار اللبنانية وحين تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أصدرت الجبهة جريدة ناطقة باسمها حملت اسم "الهدف" وترأس غسان تحريرها، كما أصبح ناطقا رسميا باسم الجبهة. تزوج من سيدة دانماركية (آن) ورزق منها ولدان هما فايز وليلى.
اغتيل على يد جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في 8 يوليو 1972 وعمره 36 عاما بتفجير سيارته في منطقة الحازمية قرب بيروت. كتب بشكل أساسي بمواضيع التحرر الفلسطيني.
من كتاباته :
- أرض البرتقال الحزين
- أدب المقاومة في فلسطين المحتلة
- من قتل ليلى الحايك
- عائد إلى حيفا

.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21-10-2006, 10:12 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,292
افتراضي

سميرة وملكي كل الشكر لكما لهذا المرور الجميل وكل الامتنان لآحونو ملكي الذي قدّم لنا نبذة قصيرة عن حياة شهيد القلم غسان كنفاني.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:02 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke