Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الأزخيني > ازخ تركيا > من تاريخ البلدة

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-02-2006, 09:49 PM
دكتور سهيل دكتور سهيل غير متواجد حالياً
Super-User
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
المشاركات: 7
افتراضي الحلقة الثامنة - الوصية والسبي الآكبر لآزخ

قبل البدء بكتابة هذه الحلقة

سنعرض لكم كما ورد بالكتاب للمؤلف أفرام مراد عن القصيدة باللهجة الآزخية

عن قصة عمنو و أختو حانا بقلم الشاعر الآزخي فريد مراد



كتب الشاعر الآزخي فريد مراد قصيدة عمنو وأخته حانا باللهجة الأزخينية ’ وهي لهجة الأجداد ’ وهذه اللهجة هي إحدى اللهجات العربية التي لا يتقنها إلا الشعب الآزخي السرياني ’ أو من له ا تصال مباشر معهم . ولهذا سيجد القارئ العربي صعوبة في فهم نص هذه القصيدة . ولكن ظروف الشاعر لم تسمح له بذلك في الوقت الراهن ’ فنأمل أن يتم صياغتها بالفصحى من قبل الشاعر إلى جانب الأصلي في الطبعات القادمة .






قصة عمنو وأختو حانا




مسح عمنو دمعاية حرة

من على عينو الندية

وقال : تحرم علي آزخ دوستا كرتلخ

وأختي مزبية "

قالولوا

ورك هاية الله كو أخزا منك

أختك خلص انساها

احسبا ماتت

قتلوا الراوندوزية

قوم وحط إيدك في إيدنا

آزخ كيمحروقة

كيموقعة

تنبنيا وتنزرعا

وتنسقيا محبة حقيقية

أختو قالت

أخوي أصير قربانك ازبحني

كما نعجة

كما غزالة برية

ولا لا أنست خزني معك

تعيش معك

وتموت معك

وتكون أخوي خدامتك وأخدمك فالغربيتية



خلفك أخوي لا عيش أنا

وخلفك أخوي لاري الهنا ولانيس كرتلخ يرى ويقول كيوها حانا العمنوكية



كو عندي خيط وابرة

تخيطلك تومانك

وفنومتك تصير اخوي

ظلة جيمدية فالظهرية

وكو عندي مرحمة بيظة

تنقشلك على وجه

أحلى وج فالزيا لدنيه

وج عزرتنا الأزخينية



وعلى ميلة تخليلك صورة وجي

هاكا متو

شتراني

وتفتكرني

وتج لمبالك الأخويتية

عمنو حظن أختو وبكي

وقال عيني حانا

حبيبتي

أشطوف تزبحكِ أنا

وأنت وردة ربيعية

قومي أختي وصلي معي

قومي أختي وقولي معي

أبانا الذي فالسما

وهاي إراده ربانية

عمنو وحانا وكل الأهل

ما راح غفوة لعينين

هاك الليلة بقوا قعاد إلى وج السحرية

نيس شالت ونيس حطت

ونيس بنت وهدت

ونيس حكتلا حكوية عالشر والطالانية

ومن هونك كلن قاموا

وتمشو ا إلى البيعة

صلوا وطلبوا فقلب مكسور وصافي النية



وفحوش ما رإشعيا

ادلت إخر دمعاية

وعمنو وحانا

أخذو خاطر

وغابو كما شلقة بحرية

منن قالو ا

راحو خلاص

وعينا كرتلخ ما أرتن

ومن قالوا

العزرا معن

تتحرسن فالظيقتية

ورأحت إييم

وجت إييم

وكلش انقطع عل آزخ

لا كروان

ولا ميهفان

بين هاك البيظية

منن قالوا مالجوع ماتوا

ومنن قالوا إزييب أكلن

ومن قالوا

بلعتن شكفتات الجودي الحشرية "



__________________________________________________ _______________



وقفة حائرة للبطل الآزخي السرياني

نعود لتكملة أحداث الرواية والحلقة الثامنة



17

أوباش . . . أنذال . . . وحوش بشرية جائعة متعطشة إلى الدماء الذكية . . خلقوا عالة على المجتمعات السليمة ’ وعلّة بين الشعوب المتمدنة ’ المحبة والعاملة للسلام على الأرض والتعاون المثمر بين الإنسان ’ وأخيه الإنسان الآخر .

لقد وصلت بهم ممارساتهم الدنيئة إلى أسر النساء والأطفال ’ والطاعنين في السن . . . إن ضمائرهم السوداء أعمت بصائرهم . . أما أحقادهم وضغائنهم الدفينة والمعلنة ’ فقد دفعتهم بقوة وحشية وطيش أرعن ’ إلى مهاجمة المسالمين الأبرياء ’ والعزل من السلاح والعتاد .

يالها من صدمة أليمة في نفوسنا الكئيبة . . . إن نحن لم نبادر وبالسرعة القصوى إلى نجدة أسرانا الأحباء ’ وإنقاذهم من هذا الشرك الخياني الذي وقعوا فيه بغته ودون سابق إنذار . . .

إن الذنب الوحيد الذي أقترفه أسرانا ’ هو إنهم وقفوا إلى جانبنا في ساحة الكرامة والعزة والإباء ’ ودافعوا معنا دفاع الأبطال الصناد يد ’ والفرسان البواسل عن أرضهم وممتلكاتهم , ودينهم ’ وعقيدتهم المسيحية السمحاء ’ التي آمنوا بها طواعية ’ واعتنقوها بقناعة تامة .

بهذه العبارات اللا هبة المنبعثة من قلب مشبوب بالنيران ’ ونفس مخضبة بالحيرة والقلق ’ كان إبراهيم عمنو يناجي نفسه ويحاور وجدانه بصمت وهدوء .



18

حين سمع فجأة ’ أخته حانا تناديه بصوتها الدافئ الحنون :
إبراهيم . . إبراهيم . . ما بك يا أخي وأنت بهذه الوقفة الحائرة . . تنظر إلى بلدتك آزخ ’ بأطراف عينيك ’ وكأنك لم تشاهدها من قبل ’ ولم تشاهد ما أصابها من خراب وتهديم وتدمير . . ترى هل أصابك سوء أو مكروه لا سمح الله .
آخ ثم آخ يا أختاه " . . وهل هناك سوء ومكروه ’ أقوى ضراوة . . وأكثر مرارة من الذي أصابنا اليوم بأسر شبابنا وبناتنا و ( الداد ا أوسي ) التي ما كان يخطر ببالها يوما ’ إنها ستمشي على طريق الأسر أمام الذين أحبتهم كأبنائها وبناتها .
ألا يكفي سوءا يا حانا الهجوم الهمجي الذي أصابنا بمقتل ’ والحريق الهائل الذي شب في بلدتنا المباركة ’ والتهم الحريق بعضا من كنيسة ( عزرت آزخ ) المقدسة ألا يكفي يا أختي قتل الأطفال والشيوخ ’ وخطف النساء العجزة .
ألم تسمع ما حل بجبال طور عبدين من مصائب وشدائد فلم تسلم ماردين ومديات وقلث وعين ورد والرها معقل الآراميين السريان ؟ إن معظم المدن والقصبات والقرى التي يسكنها إخواتنا وأهالينا وأبناء كنيستنا قد تعرضت لأحقاد المهاجمين ’ من قتل وبطش وتهجير وتهديم وإتلاف المزروعات ’ حتى الكنائس السريانية لم تسلم من النهب والحريق والتدمير .
أخي إبراهيم . . وماذا في اليد من حيلة ’ أننا لا نملك سلاحا قاتلا يعيد إلينا كرامتنا و . .
لا . . لا تكملي حديثك يا حانا . . لا تقاطعيني . . لأنني أعرف حق المعرفة ’ إنه عار علينا كل العار . . إن لم نبادر إلى فك قيود أسرانا ’ وإعادتهم مكرمين إلى بلدتهم التي نفتقدهم الآن .
اللعنة علينا يا حانا ’ أن نحن ما كلنا إلى الغزاة الجبناء ’ الكيل كيلين . . فنعيد اللحمة البشرية ’ لهذه العائلة المؤمنة بالرب يسوع المسيح وكنيسته السريانية المقدسة .
ترقرقت الدموع في بؤبؤي عيني حانا ’ وانسابت على خديها الورديين حيث راحت تحفر فيهما خيوطا من الوجع والألم واليأس . . تراءت هذه الدموع لإبراهيم الحزين ’ كأنها لآلئ تزين وجنتيها ’
فتزيدها جمالا وجمال . . الأمر الذي أنار ظلمة نفسه المضطربة . . وبعث فيها أملا ملونا ’ إن هذه اللحظات التي عاشها إبراهيم ’ كانت كغمامة سوداوية اللون ’ سرعان ما أنقشعت عن ناظريه .

أنتفض إبراهيم انتفاضة بطولية ’ وصاح بأعلى صوته .
كفى يا حانا . . لاتبكي . . لقد أشعلت في جسدي نارا وقادة ’ لن تخمد ’ إلا حين عودتي من الطريق المجهول منتصرا . . . غانما . . مالكا مبتغاي ’ إن دموعك يا أختاه عزيزة جدا على قلبي . . . لذا أرجوك لا تبكي ’ كفاني ما رايته خلال هذه الأيام السوداء ’ من دموع غزيرة طفرت من عيون نساء وفتيات آزخ الفاضلات .
مسحت حانا دموعها بكفيها واحتضنت أخيها بقوة . . وحنان . . وطبعت على جبينه قبلة أخوية ’’ ترجمت فيها كل ما تملكه من أسمى المشاعر الأخوية ’ وأحر الأحاسيس .


يتبع في الحلقة القادمة ..........

التعديل الأخير تم بواسطة دكتور سهيل ; 10-02-2006 الساعة 10:03 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-02-2006, 10:29 PM
SamiraZadieke SamiraZadieke غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 8,828
افتراضي

أقرأ وقلبي يعصر من الألم وكأن الحادثة كانت البارحة كم تعذب أهل آزخ ليبارك الله أحفادهم ولكنهم تفرقوا في مشارق الأرض ومغاربها أيتحقق لنا الحلم لتجمع أهل آزخ في بلد واحد ؟؟؟ لا هذا مستحيل !!ولكننا نستطيع أن نتعاون ونتكاتف لتعيش آزخ مشرقة على أفواهنا بأقلامنا الحرة ..
سميرة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-02-2006, 11:46 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,216
افتراضي

ترجمة القصيدة الأزخيني بما فيها من عبارات مبهمة:

قصة عمنو وأختو حانا


مسح عمنو دمعاية حرة مسح عن خدّ ه دمعة حارّة

من على عينو الندية من فوق عينه الطريّة التي تبلّلت بالدمع

وقال : تحرم علي آزخ دوستا كرتلخ وحرّم على نفسه في أن تطأ قدمه آزخ مرّة أخرى.

وأختي مزبية " واختي تمّ سبيها وأخذها بعيداً.

قالولوا

ورك هاية الله كو أخزا منك لامه الناس وقالوا له :هل جُننتْ؟

أختك خلص انساها لا تعود تفكّر بإختك واعتبرها من الموتى

احسبا ماتت

قتلوا الراوندوزية لقد تمّ قتلها على يد أهل الراوندوز الذين قاموا بسبيها.

قوم وحط إيدك في إيدنا تعالوا نتعاون ونصبح يداً واحدة

آزخ كيمحروقة آزخ تمّ تدمبرها وحرقها

كيموقعة لقد أصبحت مهيضة الجناح ذليلة وكسيرة القلب والخاطر

تنبنيا وتنزرعا سوف نقوم بإعادة إعمارها وبزراعتها وبعث الحياة فيها من جديد

وتنسقيا محبة حقيقية سيكون ريّنا لها محبّة وتعاوناً وفداء لتخصب وتنمو فيها العطاءات

أختو قالت

أخوي أصير قربانك ازبحني رجته أخته أن ينفّذ بها حكم الموت ذبحاً

كما نعجة مثلما تذبح النعاج.

كما غزالة برية وكما يذبح الغزال البرّي

ولا لا أنست خزني معك وأرجوك أن تأخذني معك لأقف إلى جانبك

تعيش معك

وتموت معك

وتكون أخوي خدامتك وأخدمك فالغربيتية وسوف أقوم على خدمتك وأنت في هذا المشوار الذي ستغدو فيه غريباً عن أهلك ووطنك



خلفك أخوي لا عيش أنا متى حصل لك مكروه فإني سأموت ولن تكون لي حياة من بعدك يا أخي

وخلفك أخوي لاري الهنا ولانيس كرتلخ يرى ويقول كيوها حانا العمنوكية ومتى لحق بك أذى أو ضرر لا سمح الله فإنه لا حياة لي من بعدد ولا أهنأ ولا أريد أن تشير الناس إليّ بإصبعها لتقول هذه هي حانة أخت ابراعميم العمنوكيّة



كو عندي خيط وابرة يوجد بحوزتي إبرة خياطة وخيطان

تخيطلك تومانك سوف أقوم بخياطة ثيابك التي ترتديها متى أصابها تلف والتومان لباس رجّالي عريض من عند الردلين وواسع

وفنومتك تصير اخوي ومتى نمت نومة هانئة

ظلة جيمدية فالظهرية فإني سأقف في طريق الشمس لأمنعها من أن تصيبك وسأكون لك ظلاّ بارداً في يوم قائظ شديد الحرارة

وكو عندي مرحمة بيظة ويوجد لدي منديل يد أبيض اللون

تنقشلك على وجه سوف أقوم بتطريز أحلا الأشكال على صفحة هذا المنديل عربون محبتي لك

أحلى وج فالزيا لدنيه أبهى الوجوه وأجملها في هذه الحياة

وج عزرتنا الأزخينية ألا وهي وجه عذرتنا الفادية والمحبوبة عذرت آزخ



وعلى ميلة تخليلك صورة وجي وعلى الطرف الآخر سأترك لك صورة وجهي لتذكرني متى حصل لي مكروه وأنتهى أمري فكان قضائي وقدري

هاكا متو متى متّ

شتراني لكي تشاهدني

وتفتكرني وتتذكّرني

وتج لمبالك الأخويتية وتتذكّر أننا أخوة وأن المحبة بين الأخوة ليس لها مثيل

عمنو حظن أختو وبكي ابراهيم أخذ شقيقته في حضنه وبكى

وقال عيني حانا وهو يقول لها: يا نور عيوني يا حانا

حبيبتي

أشطوف تزبحكِ أنا كيف سوف أقوم بذبحك والتخلّص منك؟

وأنت وردة ربيعية وأنت من أجمل وردات الربيع في هذه الحياة

قومي أختي وصلي معي هيا يا أختاه هبّي ولنصلّي سويّةً

قومي أختي وقولي معي انهضي يا أختي وردّدي معي:

أبانا الذي فالسما الصلاة الربانية

وهاي إراده ربانية وهذه هي إرادة أبينا السماوي الذي لا اعتراض على إرادته

عمنو وحانا وكل الأهل عمنو وأخته وجميع الأهل والأقارب

ما راح غفوة لعينين لم تغف لهم عين فأصابهم الأرق والقلق

هاك الليلة بقوا قعاد إلى وج السحرية في تلك الليلة ظلّوا سهرانين لغاية الشروق

نيس شالت ونيس حطت هناك من قال شىء وهناك من قال شيء آخر

ونيس بنت وهدت وهناك من وضع تخمينات وهناك من فكّر بحلول

ونيس حكتلا حكوية عالشر والطالانية وللتسلية تمّ تبادل الحديث فمنهم من قصّ قصصاً عن المعارك والحروب والسبي والغزو

ومن هونك كلن قاموا ومن تلك اللحظة ومن ذلك المكان نهض الجميع

وتمشو ا إلى البيعة وغادروا متوجّهين إلى الكنيسة

صلوا وطلبوا فقلب مكسور وصافي النية تضرّعوا إلى الرب بقلب حزين موجع وبنيّة سليمة صافية على رجاء أن يعينهم الله على ما هم فيه وعلى ما عزموا القيام به



وفحوش ما رإشعيا وفي فناء الكنيسة الداخلي وحوشها

ادلت إخر دمعاية هطلت آخر دمعة حزن وهي دمعة الوداع

وعمنو وحانا

أخذو خاطر استودع عمنو وحانا الناس وغادروا متوجهين إلى الراوندوز

وغابو كما شلقة بحرية وفارقوا كما تفارق موجة البحر وتنحدر بعيدا

منن قالو ا منهم من خمّن وقال

راحو خلاص أنّهم انتهوا وسوف لن تكون لهما عودة مرة أخرى

وعينا كرتلخ ما أرتن

ومن قالوا ومنهم من قال إنّهم بحماية العذراء وسوف لن يصابوا بمكروه

العزرا معن السيدة العذراء حاميتهم ومعينتهم

تتحرسن فالظيقتية سوف تقوم بحراستهم في ساعات الضيق والشّدة وتفرّج عنهم كربهم

ورأحت إييم ومضت الأيام

وجت إييم وعادت الأيام

وكلش انقطع عل آزخ ولم تعد لهما أية صلة مع آزخ لا مرسال ولا تاجر ولا مسافر ولا ضيف

لا كروان

ولا ميهفان

بين هاك البيظية في تلك الأيام الخريفية

منن قالوا مالجوع ماتوا اعتقد البعض بأنهم ماتوا جوعاً فيما اعتقد آخرون أن حيوانات البريّة قد افترستهم

ومنن قالوا إزييب أكلن

ومن قالوا

بلعتن شكفتات الجودي الحشرية " ومنهم من ظنّ بأنهم ضاعوا في إحدى المغر أو الكهوف خوفاً على حياتهم من مخاطر الحياة.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-02-2006, 04:10 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,216
افتراضي الوصيّة والسّبي الأكبر" تحت المبضع وعين المجهر 8

"الوصيّة والسّبي الأكبر" تحت المبضع وعين المجهر بقلم فؤاد زاديكه القسم الثامن


إنّ آزخ وهي ولاّدة الأبطال كما كان ومنذ تاريخها الموغل في القدم، فهي قدّمت فيما قبل عصر الشماس اسطيفان رجالات دين وأبطال دافعوا عن وجودها وكتبوا سطوراً في سجل التاريخ بشرف وعزّة. وكما كان الشماس ومن بعد ابراهيم عمنو بطل هذه الرواية. فإنه كان منها الأبطال أمثال إيشوع حنّا ?بره وأندراوس ايليا والأسقف كوركيس والبطل صلو كته والقس كورية وغيرهم وغيرهم.

إنّ الأحداث الخطيرة التي مرّت بها آزخ وما أعقب ذلك من نتائج من خلال غزوة المير كور الراوندوزي لها تركت بصمات على حياة الشعب في هذه البلدة إذ صار كل شيء إلى خراب وصارت الهجرة وكان السبي والتعدي الذي لم تندمل جراحه إلاّ بعد سنوات طويلة مع أن الشعب ورغبته في استمراره في الحياة بعزّة وكرامة وشرف كانت إرادة صلبة استطاعت أن تتجاوز المحنة بكلّ أبعادها وصار من أولويات المتطلبات الحاليّة هو إعادة البناء وفعلا تمّ العمل بهذا الاتجاه وكان الكلّ يداً واحدة كما أسلفنا في تعليقنا السابق.


طفت فوق السطح مشكلة عويصة وهي مشكلة الأسرى الذين تمّ سبيهم ومعظمهم من النسوة والفتيات ففكّر الشعب في طريقة تضمن لهم تحقيق أي نجاح في هذا المجال لكنّ إمكانية إختراق هذا المدّ الجغرافي الكبير إلى حدود الراوندوز والوضع غير المستقرّ للبلدة حيث لا تزال تعاني من آثار الغزوة, فإن القضية التي خصّت موضوع الأسرى بدت وكأنها قضية فردية وعلى كل عائلة أن تسعى بطريقتها إلى استعادة سباياها متى أرادت ورغبت في ذلك.

لم يكن هذا الموضوع سهلا فهو يتطلّب العزيمة والغيرة والرغبة ومن ثم أن يتوّج كلّ ذلك بخطة عملية محكمة تقود إلى نجاح وكان الكلّ متّفقاً على أن أي مسعى بهذا الخصوص لن يكتب له النجاح ومحكوم عليه بالفشل بل هو خطر على حياة الأشخاص الذين يريدون القيام به. نسجّل للتاريخ مقولة صحيحة وهي أنه لم يكن لكل المسبيات أهل يقومون بذلك, فمنهم من لم يبق من ذريتهم أحد وبما نسمّيه في لهجة آزخ أنّ بيتهم راح الميرات أي لم يعد لهم ولد يخلّف ذكرهم ولا من تلد لهم ولداً بعد ذلك.

وحين تمّ عرض هذه الفكرة على الشعب الأزخيني كان الجميع موافقاً عليها من حيث المبدأ أما من حيث التنفيذ والقيام بذلك فكانت هناك مصاعب شتّى وموانع كثيرة. وسنعرض بالتفصيل في الطريقة التي تمّ فيها إطلاق بعض الأسرى من الراوندوز حيث لم تلعب جهة واحدة فقط الدور في هذا المجال بل هناك جهاتٌ عدّة وقد تمكّنا من الحصول على معلومات تاريخيّة أكيدة بهذا الخصوص وسيطّلع القاريء الكريم عليها في عرضنا لطريقة تخليص أسرانا من براثن عناصر المير كور.

كانت غيرة البطل العمنوكي ابراهيم عمنو قويّة وعزّة نفسه عالية فرأى في بقاء أخته في الأسر عاراً كبيراً بين العشائر وكذلك بين سكان البلدة وحتى بينه وبين نفسه. لذا قرّر وبمجهود فرديّ استعان بأخته حانة التي أخذها معه إلى عزمه على خوض هذه المغامرة علماً أنه وضع أمام عينه الموت المحتّم. ولكن إيمانه بربّه لم يتزعزع في أنّ ما كتب له سيلقاه وعليه أن يبدأ في محاولته ويتّكل على القديسين الذين كانت تملأ أديرتهم بلدة آزخ الحبيبة وعلى رأسهم فادية الشعب الأزخيني وحاميتهم في كل العصور عذرت آزخ.

أعدّ إبراهيم عمنو عدّة السفر وأخذ معه ما يلزم من حاجيات الحياة وأخذ معه أخته وقال يا ربّ: متى كانت لك الرغبة في مساعدتي فلا تبخل على ضعف عبدك وإني لا أرى في هذا العمل الذي عزمت على القيام به إغضاباً لك أو خروجاً عن طاعتك وطوعك بل أن عدم قيامي بهذا قد يغضبك يا ربّ. أعرف إنك ربّ عادل ولا تقبل الظلم ولا ترضى به لشعبك الذي دمّرالغزاة بلدته وأحرقوا المقدّسات والأديرة فيها وكتموا أنفاس الأطفال والشيوخ والأرامل دون رحمة أو شفقة وهم يتلذذون بسفك الدماء.

أيها القدوس كنت مع شعبك ولم تتخلّ عنه, فكن معي ومع أختي حانة في مشوار المحنة هذا ومتى شملتني بعنايتك ولطفك فإن التوفيق سيكون حليفي.

بهذه العبارات حاول البطل الأزخيني ابراهيم عمنو أن يجعل لنفسه مزيداً من الحصانة ولإرادته مزيداً من التصميم والإصرار. وكان خوف أهل آزخ عليهما شديداً, إذ كفى ما لقيه من ويلات وهو لا يريد المزيد من الخسائر في صفوف أبنائه وخاصة في شخص بطل مشهود له بالقوة والعزيمة والرجولة مثل ابراهيم عمنو.

زار ابراهيم عمنو كلّ الأديرة في آزخ وطلب من جميعها أن تساعده في محنته هذه وفي سفرته التي لا يعرف إلى أين ستقوده, وكان من الطبيعيّ أن تكون خاتمة زياراته لكنيسة العذراء فصلى فيها بحرارة وركع في هيكلها وهو يبكي ويقول: يا أمّنا الحنون أنت أدرى بمصير شعبك من إدراكه هو به, كوني معي يا أم الرب كما كنت مع شعبنا في كل محنه وويلاته والمصائب التي ألمّت به, إنّي فكّرتُ في الإقدام على هذه الخطوة وأعرف أن فيها خطورة كبيرة لكن الخطورة الأكبر والحزن الأعظم هو أن أفتقد أختي ولا أعود أراها وأفكر في كل يوم أن هؤلاء الوحوش يفعلون بها الأمر الشنيع هذا يقتلني كل يوم فليكن عذابي لمرّة واحد فإمّا أن أنقذ الأسرى من أسرهم وأمسح العار عني وعن البلدة وإما أنال ما كتب عليّ وأنا مرتاح البال والضميرفأموت شهيد قضيّة شريفة وعادلة, إني أعيش يا أمنا الحبيبة ساعات من المرارة تهدّ الجبال ولستُ ممّن يستطيع النوم على ضيم أو القبول بالذلّ. فأرجوك مدّي لي يد المساعدة ولا تبخلي علي وعلى أختي بأن تشملينا برعايتك وحمايتك طولة سفرتنا هذه. ثمّ تقدّم إلى الإنجيل المقدّس الذي كان على ال?ود فحمله بين يديه وضمّه إلى صدره وهو يغمره بقبلات ساخنة تنحدر معها دموع الفرح المشترك مع الحزن. فرح أنه مرتاح الضمير وقد طلب معونة القديسين والأم الحنونة وحزن في أن لا يطول به الأمر في مهمة تخليص الأسرى من أسرهم.

نادى ابراهيم على أخته حانة وقال لها يا أختي لقد قمنا بما يمليه علينا الواجب من الصلاة وطلب المعونة ولم يبق أمامنا الآن غير أن نتوكّل على الرب ونبدأ مشوارنا ونحن لا نعرف ما الذي سيحصل لنا. وحتى لو حصل لنا مكروه لا سمح الله فإن أرواحنا ستصعد إلى أبينا السماوي راضية على ما قمنا به. وسارا متوجّهين إلى بلاد الراوندوز وهما يأخذان الحذر الشديد والحيطة التي تلزم في مثل هذه الأوقات إذ لا يعرف المرء عدوه من صديقه وخاصة في بلاد الغربة وفي الطرقات المقطوعة التي يجب عليهما أن يسلكاها لكي لا يشكّ أحد بأمرهما وتعرف قصّتهما فيصار إلى الإجهاز عليهما. وكانت تلك الطرقات تظهر عليها أحياناً كثيرة حيوانات مفترسة أو قطاع طرق ولصوص لا همّ لهم سوى السرقة والاعتداء على الآخرين ويكون الموقف أكثر صعوبة عندما يكون معه إمرأة فالطمع فيها يكون كبيراً وقد تكون السبب في حصول مكروه لهما. لذا قرّر أن ترتدي أخته حانة لباساً رجّاليّاً وتقلّد كلّ منهما بخنجر مشدود إلى الإبط تحت الثياب وبسكين حادة يتمّ استخدامهم عند الضرورة.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:01 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke