![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]()
13
و هكذا صار زحف الراوندوزيون والجزراويون على آزخ فأحرقوا بساتينها وكرومها المحيطة بالبلدة ثم دخلوها بوحشية وهمجية تقشعر لها الأبدان . . فما كان من الآزخيين إلا التصدي لهذا الجيش الجرار بسيوفهم وسكاكينهم وخناجرهم وعصاهم . . وحيث شعر الآزخيون باستحالة النصر على هذا الشكل , لعدم توازن القوة بين الطرفين . . تركوا الساحة وتسللوا إلى نوافذ البيوت والمغارات والأسطح ووراء الأشجار , حيث حاصروا الاعداء من جميع الجهات , وحاصروهم ضمن دائرة ضيقة مفتوحة أمام نيران بنادقهم , وتسللهم الانفرادي السريع لضرب الدائرة بضراوة والعودة سالمين . . وماهي إلا ساعات عديدة دار فيها القتال دورة شرسة أظهر فيها الآزخيون براعة فائقة القتال وشجاعة وبسالة في النزال , حتى أسفرت عن وقوع ضحايا كثيرة بين الجانبين وبعد تدخل الوسطاء بين القرى المجاورة . .أوقف الجميع القال وأخذوا في تجميع جثث الأموات الجرحى , وخلال هذه الفوضى تمكن رجال الأمير الأعمى من أسر بعض النساء والعجائز وأقتيادهم معهم إلى جزيرة بن عمر ومن ثم إلى خيام الأمير الأعمى في الراوندوز , هذه المعركة التي نشبت بسبب تصرفات إسحاق بازو الرعناء , تثبت لنا صحة نبوءة الشماس اسطيفو , 14 بعد رحيل الغزاة , وفي ركابهم الأسرى الآزخيين هدات الضجة في بلدة آزخ المتشبعة بإيمانها الصادق , بعد مصائبها وأوجاعها الأليمة , وخمدت نيران الحرائق في بساتينها وبيوتها فجلس إسحاق بازو القرفصاء تحت شجرة محروقة باكية , تشتكي إلى السماء ظلم الأعداء . . وراح يرمق الفضاء بعيون وجلة متحجرة , ويتحدث إلى نفسه , حديث المجرم الآثم الذي يتلو فعل الندامة , ويلتمس الغفران من أية قدرةإلهية خطرت آنئذ على باله . أنا المجرم المتسبب لهذه النكبة التي أصابت البلدةوسكانها الذين وثقوا بي , ووضعوا مصائرهم بين يدي . . فلولا كبريائي وغروري وطيشي , لما ذاق الآزخيون طعم القتل والتنكيل والحرق والسلب والأسر . . أنا الذي ساعدت أهل بلدتي في حركة البناء والإصلاح والترميم بعزيمة ونشاط , حملت الحجارة على كتفي . . ونقلت المياه بيدي . . ورفعت الأحمال على السلالم . . ومزجت التبن بالتراب , لأرفع مع الآزخيين مداميك البناء والترميم كل هذه الفضائل أطيح بها في لحظة طيش وتهور ما كنت أحسب أبعادها إلا بعد هذه الواقعة المريرة , التي أحالتني من مسؤول شهم إلى رجل خائن . . حتى أن الصغير في قومي , بدأ يبادلني نظارت الأشمئزاز والاحتقار , متهماً إياي بالتخريب والتدمير . . إن ضميري يعذبني دون هوادة , ويؤنبني تأنيباً عنيفاً ’ ويصيح بي إنه كان علّي ألا أحمل أثقالاً فوق طاقتي . . وألا أنظر إلى الأعالي في مجال يلزمني بالنظر إلى حولي على سطح الأرض . . لقد حملني أهلي أمانة غالية . . وهي حياتهم وحريتهم وكرامتهم وأرزاقهم , ففرطت بها ’ وجعلتها هباء في غمضة عين . يا إلهي ’ ماذا أفعل ؟ كيف أواجه المنكوبين بسببي هل أنتحر ؟ هل أقدم نفسي قرباناً لأخطائي الفادحة ؟ لا . . لا . . أن الانتحار يعني الجبن بحد ذاته . . والتهرب من المسؤولية الإنسانية والأخلاقية . . عليّ إذن الصمود لمواجهة الواقع المرير , وإيجاد المخرج السليم الذي يمكنه أن يمزّق خيوط الطوق العنكبوتية التي تضّيق الخناق حول عنقي ز أيتها السماء الرؤوم أمطري علي نار غضبك . وأنت أيتها الأرض الحنونة انشقي وابلعيني , فأنا خائف . . أعيش أحللك ساعات عمري في دّوامة اليأس والقلق . . لست أدري ماذا أفعل ’ وقد سُدت في وجهي جميع نوافذ الأمل وأبواب التفاؤل . . وفيما إذا أستمر بي الحال على هذا المنوال , قد أقترف إُماً جديداً بحق نفسي ’ و حق الآخرين . . لطفاً يارب . . عفوك . . يارب . . رجاءً خذ بيدي إلى الدرب الصحيح . . رجاءً لاتتخل عني ’ فأنا خاطئ ’ أتيتك اليوم بقلب مفعم بالإيمان’ عللّك تصفح عني . وفيما كان إسحاق بازو في حيرة من أمره ’ تلاطمه أمواج الندامة والضياع ’ برقت في وجدانه فكرة خاطفة ’ كما يبرق الشعاع في كبد الظلمة ’ فصاح بحرارة لقد وجدتها . . وجدتها . . . . وجدت القدرة التي يمكنها أن تصنع لي الحلول المناسبة لإخراجي راضياً من هذا المأزق العصيب . . إنه دون شك العم أوسي . . فهو الإنسان الوحيد الذي بوسعه أن يخنقني بقبضة يده . . أو يطلقني من وراء القضبان الحديدية التي سجنت فيها قلبي وضميري وروحي . فهيا أسرع . . أسرع يا إسحاق إلى العم أوسي قبل فوات الأوان . فأنا قد حطمت أسرة سريانية آزخية كبيرة ’ متشعبة البطون ومتعددة الأسماء . . . وعليّ الكفير عن ذنوبي مهما بلغت التضحيات ...... يتبع في الحلقة القادمة ........... التعديل الأخير تم بواسطة دكتور سهيل ; 25-01-2006 الساعة 08:21 PM |
#2
|
||||
|
||||
![]()
الوصيّة والسّبي الأكبر تحت المِبْضع وعين المجهر " تعليق وتحقيق فؤاد زاديكه. القسم السادس
سأعرض في شرحي و تعليقي على الحلقة السادسة بتناول الموضوعات التالية: 1 - نبذة عن إمارة السوران. 2 - نبذة عن شخصية محمد باشا الراوندوزي (المير كور). 3 - طبيعة الاتفاق بين بدرخان بك والمير كور. 4 - جرائم المير كور وهو في طريقه إلى آزخ. 5 - الهجوم على آزخ و سير المعارك. 1 - نبذة عن إمارة السوران عن كتاب "شرفنامة" لمؤلفه الأمير والمؤرخ الكردي شرفخان البدليسي (1543 - 1606) بأن نسب هذه الإمارة يعود إلى راعي يدعى (كولوس). أما كلمة (سوران) فتعني الحمر وقد جاءت بعد محاصرة (عيسى) أحد أولاد (كولوس) وأتباعه في قلعة (آوان). حكم الإمارة طيلة هذه السنوات 24 أميراً, وأميرة واحدة تدعى (خانزرد). كانت تلك المنطقة مستقلة في إدارة شؤونها تمام الاستقلال. وقد تحوّلت عاصمة الإمارة إلى عدة بلدات منها: هاوديان. دوين, أربيل, شقلاوة, حرير, خليفان, وراوندوز. وكانت حدود الإمارة تتّسع وتتقلّص بحسب الظروف التي كانت تسود من حيث القوة أو الضعف. ذكرهم ينسب إلى (آل بابان) ويقول الدكتور جليلي جليل: "استطاع الأمير محمد في حدود سنة 1833 أن يبسط سيطرته ونفوذه على جميع المناطق التي كانت تحيط بسوران, حتى وصلت إلى حدود منطقة الجزيرة ومن الأسفل إلى نهر الزاب وهو الحدّ الفاصل بينه وبين إمارة (بابان) ويقول أحد السوّاح (راولنسكوي): أن الإمارة وصلت إلى ضفاف دجلة (العراق) وإلى نهر الزّاب الأعلى. وقد تأسست هذه الإمارة في أوائل القرن الخامس عشر وظلّت قائمة حتى منتصف القرن التاسع عشر. 2 - نبذة عن محمد باشا الراوندوزي: الأمير محمد باشا الراوندوزي (محمد كور أي محمد الأعمى) والذي نال لقب باشا من العثمانييّن الذين قدّم لهم خدمات جليلة في القضاء على المسيحيين من جميع الطوائف لإرضاء العثمانييّن وكذلك قضى على الكثير من اليزيدييّن. ولد عام 1198 ه في راوندوز, أبوه مصطفى بك وأمه بوك شاه زمان. يقال أنه كان على جانب كبير من الدهاء والحنكة والقوة والبطش. وكان شديد التمسّك بالدين الإسلامي لهذا عامل اليزيدييّن الأكراد بقسوة وفظاعة والمسيحييّن كذلك. أراد محمد باشا الراوندوزي أن يفرض الدين الإسلامي على الإيزيديين بالقوّة فلم يفلح في مسعاه لذا ارتكب بحقّهم المذابح في مشارف الموصل وكانت وصمة عار في جبينه, كما غيرها من الجرائم البشعة التي اقترفها بحق الناس الذين حمل عداوات لهم وأحقاداً دينيّة عليهم. وكان يطيب له أن يسمّيهم (كفّاراً). لقد تعاون الأمير محمد باشا الراوندوزي مع الأمير القوي بدرخان أمير إمارة بوتان وبعث بدرخان أخاه سيف الدين من الجزيرة طالباً مساعدته في تأديب أهالي آزخ وبقيّة القرى المسيحية التابعة لإمارة الجزيرة. كما أنه اتصل بالأمير محمد الوالي محمد علي باشا في مصر ومدّه بجيوش لمحاربة العثمانيّين عام 1832 م . كانت الإمارة أيام والده مقسّمة بينه وبين أخوته, وكانت الخلافات والصراعات القائمة بينهم تؤدي إلى إضعاف الإمارة لذا كان من أولويات الأمور لدى الأمير الكور في بداية عهده بالحكم أن يقضي على الفتن الداخلية, ويسعى إلى تقوية الجبهة الداخلية. وأنشأ كذلك معامل لإنتاج الأسلحة, ويقال أن من أبرز مستشاريه كان الملا محمد الخطي. من جراء الهزائم التي لحقت بالعثمانيّين على يدي محمد علي باشا والي مصر قرر العثمانيون الهجوم على المناطق الكردية وخاصة إماراتها التي كانت قوية. مثل إمارة محمد باشا الراوندوزي, وإمارة بدرخان الآزيزي في البوتان وإمارة هكّاري وبدليس. أسند السلطان محمود قيادة الجيش إلى رشيد باشا والي سيواس, وقد كان ناقماً على المير كور لتقديمه العون لمحمد علي باشا, فأراد الانتقام منه وتأديبه, فاجتاح المناطق التي كانت في طريقه لملاقاة أمير الراوندوز في سنة 1833م. 3 - طبيعة الاتفاق بين بدرخان بك والمير كور قام العثمانيون بالاستعانة بالميركور زعيم السوران (1826 - 1836) بحملات تطهير عرقية ضد العشائر الأشورية والسريانيّة في طول بلاد الآشوريين والمناطق التي يسكنون فيها. في سهول نينوى ومناطق طور عبدين الآهلة بالسكان النصارى في تلك الأيام. وشملت حملات العنف والقتل هذه مناطق جنوب شرق تركيا بما فيها آزخ وإسفس وغيرها من البلدات السريانيّة. وحيث كانوا منتشرين في 360 مدينة وقرية كما ذكرت التقارير البريطانيّة في سنة 1844 م. بعد أن تمكن الأتراك من القضاء على مراكز القوى في هذه المناطق بدعم من المير كور ومن بدرخان الذي أطلقت يدهما في أعناق النصارى لتكسب ودّهما في باديء الأمر حينما كانت في حاجة إليهما. لم يبق إذاً كعائق أمام نفوذ السلطة العثمانيّة الغاشمة سوى مركزي قوى هما العشائر الآشورية المستقلة وإمارة البوطان الكرديّة بقيادة بدرخان بك. ولكي تكسب ودّه ودعمه فإنها كما قلنا أطلقت يده حرّة تفعل ما تشاء مع خصومها الدينيّين من المسيحيين كرشوة لبدرخان بك. وقد أرسل بدرخان قوة قوامها 26 ألف مقاتل ظلّت لمدة سبعة أشهر تسفك بدماء المسيحيين وتفتك بهم. فيكون مجموع الضحايا من أبناء تياري العليا والسفلى فقط 52 ألف ضحية. واليوم يعتبر الأكراد أن بدرخان بطل قومي, فيما يلزم أن يعامل كمجرم حرب. أما بخصوص مذابح المير كور الراوندوزي خلال الفترة ما بين 1826 - 1836 م فقد عاث فساداً في كل المناطق المحصورة ما بين ماردين وأورميا وارتكب الفظائع والمذابح بشكل لا يمكن تصوّره. إذ دمّر المدن والقرى وقتل الرجال والشيوخ وأسر الفتيات والنسوة وأخذهن سبايا وأسيرات إلى بلاده. وكان علي رضا باشا والي بغداد قد منحه في عام 1831 - 1832 م لقب الباشويّة, لقاء الخدمات الجليلة التي قدّمها للأتراك في مجازره بحق السريان والآشوريين و اليزيديين الأكراد. وقد نشر الأب ألبير آبونا مجلداً خاصاً بمذابح بدرخان بك 1843 - 1846 م. كانت طبيعة الاتفاق بين الأميرين في أن يتمّ تأديب الجميع وخاصة المسيحيين، واليزيديين وكسر شوكتهم وإخضاعهم بالقوة إلى سيطرتهما. وكان من الطبيعي أن يتجنّب بدرخان قوة نفوذ الأمير السوراني خوفاً من فقدانه لنفوذه فشاء التحالف معه لينال رضاه ويتجنّب أذاه. وكما عانى المسيحيون من الفتاوى الدينية التي كان يصدرها شيوخ الأكراد والداعية إلى وجوب القضاء على المسيحيّين, فإن الأكراد عانوا أيضاً من نفس المشكلة وقد انقلب سحر الساحر عليهم. ففي معركة جالديران تمّ خدع الكرد باسم الدين. فاستطاع العثمانيون الذين حاربوا الأمير كور أن يجعلوا الملا الكردي (خاطي) يصدر فتوى: (مَنْ يقاتل قوات السلطان فهو كافر, وزوجته بلا شرف) وقد نجحت الفتوة ولم يقاتل رجال الأمير كور وتخلّى رجاله عنه, فضعف نفوذه وانتهى أمره كما سنرى في الموضع المناسب. 4 - جرائم المير كور وهو في طريقه إلى آزخ. لقد استطعتُ من خلال ما توفّر لدي من معلومات ومطالعات ومراجع, ومن الأخذ بالنقل عمّن كانت لهم دراية بواقع الأحداث وسير التاريخ في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ آزخ (علماً أن كثيرين من أبناء آزخ الغيارى قاموا بتدوين هذه الأحداث وغيرها, وقد ظلّ معظمها مخطوطاً أو نالته يد الضياع والتشتّت لأن الظروف التي كان يعيشها الشعب في آزخ لم تكن سهلة, فهو كان عرضة وعلى الدوام للغزو والسبي والنهب والتعديات من قبل العشائر الكردية والسلطات التركية أيضاً) أن أتوصّل إلى قناعة من أنه بمقدور المرء القول أن الظروف الإقليميّة (فيما يخصّ القرى والعشائر المحيطة بآزخ, والتي كان معظمها يخضع للسلطة الإداريّة لجزيرة البوتان التي كانت تحكمها أسرة عزيزان "آزيزان" البختيّة) التي سبقت عصر الشماس اسطيفو, وفي عصره وما تلا ذلك من عصر, بعد تسلّم ابن أخيه (اسحق لحدو بازو) إدارة شؤون آزخ, أن الرؤية باتت واضحة لا غبار عليها بخصوص آزخ وما باتت تشكّله من خطر على كيان بدرخان بك بن عبدال, الأمير البختي على جزيرة بوطان والمعروف بظلمه وجوره وبطشه وفتكه بمسيحيّي طور عبدين, وكل المناطق التابعة إلى الجزيرة إداريّاً. لقد رأى الأمير بدرخان الفرصة مؤاتية له على خلفية رفض اسحق بازو زعيم آزخ الجديد أن يدفع العشر المقرّر والضرائب التي كانت آزخ تدفعها لجباية جزيرة البوطان منذ تولّي الأسرة البختية الحكم في الجزيرة وإعلان استقلاله عن السلطة العثمانيّة. قرّر أن يوجّه ضربة قوية إلى آزخ, ليكسر عنفوانها. ولكني أرى أنه توجد عوامل أخرى غير هذا السبب المعلن والمتمثّل في رفض زعيم آزخ دفع التزاماته, واعتبار ذلك خروجاً عن طاعة الإمارة. والأسباب التي كانت وراء هجوم المير كور الراوندوزي بتحريض من بدرخان تتمثّل في الأمور التالية: 1 - كان من الواضح أن آزخ بلغت شأواً كبيراً في جميع منطقة البوطان, وتمكّن الشمّاس اسطيفان, بما كان عليه من حكمة ودراية وحنكة سياسيّة وإداريّة, ومن قبول ودعم من معظم زعماء العشائر المشهورة في تلك الأيام, أن ينال ثقة الكثيرين من زعماء تلك العشائر, حيث فرض محبّته على جميع هؤلاء الآغوات والزعماء, وكانوا جميعاً من الأكراد. عقدت آزخ تحالفات, ومعاهدات دفاع مشترك بينها وبين الكثير من تلك القرى والبلدات والعشائر, وهذا ما أقلق أمير البوطان لما كان يرده من تقارير وشكاوى, وإعلان الخوف من ازدياد قوة آزخ مع الأيام, وكبر حجم الأحلاف واتّساع رقعتها, وكان من الطبيعيّ أن يرى الأمير بدرخان خطورة في هذا المدّ الأزخيني, وخشي من فقدانه لهيبته ونفوذه, متى تجاوزت آزخ الخطوط الحمراء المقرّرة, وقامت بهجمات على الجزيرة, وسبّبت لها متاعب تكون فيها خطورة حقيقيّة على سلطته, إذ قد تفعل مثل آزخ بلدات أخرى وبهذا تتفتّت وحدة الإمارة وينتهي أمرها! وأعتقد أن الأمير قرّر رفع قيمة العشر المفروض على آزخ وأجبرها على تسديد ذلك بالذهب الذي لم يكن متوفّراً على الفور, بحسب الفترة التي حدّدها الجباة لآزخ. ورأى في سلوكه هذا سبباً للقيام بتعدّ على آزخ ولكنّه لم يكن يعرف كيف سيقوم بتنفيذ ذلك! وبناء على نصائح قدّمها له زعماء بعض العشائر مثل يوسف آغا زناوري, قرّر التوجّه إلى إمارة السوران لطلب العون العسكري. كان أرسل الأمير أخاه سيف الدين (كما يقال) إلى محمد باشا الراوندوزي, لطلب المساعدة وأعلم الأمير السوراني بأن أهل آزخ يرفضون إعلان الطاعة لإمارة الجزيرة الكردية, وأنها قرية مسيحيّة عاصية تتعدّى على القرى الكرديّة, وتهاجم المسلمين في تلك المناطق, كما أنها رفضت دفع العشر المقرّر, معلنة التمرّد والعصيان والامتناع عن تقديم رجال السخرة المقرّرة. وكان كلّ هذا الكلام عارياً عن الصّحة, وبعيداً كلّ البعد عن الحقيقة. 2 - أما السبب الثاني الذي كان وراء عملية الغزو هذه, هوأن الشماس اسطيفان كان قد ساعد عمرى فرج الأسير لدى يوسف آغا زناوري زعيم زناور (تقع في برية نصيبين وكان الأمير بدرخان قد اقتطع تلك الدشتة "الناحية" ليوسف آغا وأخيه عيسى آغا الزعماء على عشيرة الآشيتيّة, وكان هذا التعييّن من قبل السلطة العثمانية وبمباركة ودعم الأمير بدرخان). وكان لحادثة إطلاق سراح هذا الأسير المحتجز لدى يوسف آغا حتى الموت, أثراً كبيراً في عموم المنطقة, إذ استطاع الشماس إطلاق سراح عمرى فرج بطريقة ذكية وبحنكة لم تكلّف رجال آزخ أية ضحيّة (سنعرض لجميع هذه القصص لدى نشرنا لتاريخ الشماس اسطيفو على صفحات الموقع بعد الانتهاء من عرض رواية الحصار والسّبي الأكبر) وكان عادياً أن يشكو يوسف آغا زناوري آزخ ورجالها للأمير بدرخان ويتفق معه على محاربتها وتدميرها وكسر شوكتها! استطاعت آزخ بهذا النصر القوي على يوسف آغا زناوري الذي كان صيته قد طبّق الآفاق وانتشر في كل تلك المناطق, أن تكسر هيبته وتمرّغ أنفه في التراب, وأبى أن يبقى راضياً بتلك الإهانة, وتحمّلها كل هذه المدّة على مضض. أراد الأمير بدرخان الانتقام ليوسف آغا , رجله في منطقة زناور والتابع له كحليف قوي, بالتعدّي على آزخ والهجوم عليها. خشي أمير الجزيرة أن يمنى بهزيمة ساحقة أمام رجال آزخ البواسل, وأمام التحالفات التي كانت بين آزخ وبعض العشائر كما ذكرنا سابقاً. 3 - أما السّبب الثالث فكان يتمثّل في أن قوة أمير الراوندوز(محمد باشا) بدأت تزداد يوماً بعد يوم, وخشي من أن تطاله يد الميره كور بالأذى, لذا أراد أن يضرب عصفورين في حجر واحد, في أن يتودّد إلى المير كور ويكسب ودّه, بحجة طلب دعمه. ومن جهة أخرى ليشفي غليله من آزخ التي خاف أن يهجم عليها بجيشه دون دعم ومساندة من جيش قويّ كجيش ميره كور الراوندوزي. عندما خشي الأمير بدرخان من الهجوم على آزخ قرّر التوجّه إلى محمد باشا الراوندوزي (أمير راوندوز) الذي حارب القوش في طريقه ونهبها ثم قصد آزخ وأعلن عليها حرباً شعواء(جاء هذا في كتاب تاريخ الموصل للمطران سليمان الصّائغ) ويضيف المطران نقلا عن كتيّب صغير وجد في دير (الربّان هرمزد) مكتوب بالكلدانيّة أن محمّد باشا الراوندوزي فشل أمام أسوار آزخ. وكما يقول الأب يوسف سعيد الأزخيني: "فإننا نشكّ في صحّة هذا الاحتمال لأن آزخ تمّ تدميرها من قبله "محمد باشا" الميركور هذا, وسبي أهلها وحيث ظلّت مدّة طويلة بعد هذا السّبي خراباً لم تسكن, إلى أن قدم إليها بعض أهلها, وجاءتها بيوتات من مختلف المناطق من (عَرَبان, كنّك, ومن الطور, إسفس, باسحاق, قلّث, باسا وغيرها كثير). ويروي صديق الدملوجي في كتابه (تاريخ بهدينان): أنّ محمد باشا اتّخذ له ستّين ألفاً من عشائر الصّوران الأشدّاء, وسار بهم إلى يزيدية الشيخان وحتى على مناطق اليزيديّة فأبادهم فهربوا حتى بلغوا قوينجق على مسافة ميلين من الموصل, فأبادهم جميعاً, وكانوا 15 ألفا. وبلغ عدد القتلى من اليزيديّة فقط مائة ألف. عدا النساء والغلمان. كان ذلك في حدود سنة 1831 م واستمرّ في فتوحاته (ص 45). وكان السبب في ذلك أنه أراد إجبارهم على اعتناق الأسلام بالقوة, بفرضه إيّاه عليهم. عرف عنه شدّة تعصّبه للدين الإسلامي وحقده على كل من ليس مسلماً, لذا كان فتكه باليزيدية والآشوريين والسريان في مناطق طورعبدين نابعاً من هذا الحقد. كان محمد باشا حليفاً لمحمد علي باشا يقدّم له الدعم والجنود في محاربته للدولة العثمانيّة, لذا كان قرار تأديبه والقضاء عليه ضروريا بالنسبة لتركيا, التي منيت بالهزيمة تلو الأخرى أمام محمد علي باشا والي مصر. يقول ألبير أبونا: قام العثمانيون بالاستعانة ب "ميره كور" في حملتهم ضد المراكز الوطنيّة المستهدفة في بلاد آشور (العراق) المختلفين معهم دينيّاً ومذهبيّاً, فقام هذا الآغا الكردي التابع للعثمانيّين خلال فترة هيمنته بإادة الآلف المؤلفة ممّن رأى فيهم خصوماً دينيّين. ويقول صاحب كتاب (كرد وكردستان) ص 247. أن فتوحاته وصلت إلى حدود نصيبين وسنجار. وأخيراً شعرت الحكومة بمظالمه, فكوّنت جيشاً بقيادة محمد رشيد باشا الصدر الأعظم السابق, والي سيواس وجهّزته بقوة كبيرة فسار بها عن طريق سنجار - تلعفر بعد أن أدّب أهلها. ووصل إلى (كلي علي بك) في شمال العراق حيث كان محمد باشا قد تحصّن هناك واستسلم لمحمد رشيد باشا على ألاّ يميته فوعده بذلك, وأرسله إلى استانبول فصدر الفرمان بإعدامه، فأعدم بطرابزون, وفي رواية أخرى أنّه أعدم في قاعة والي سيواس وقضي على إمارته سنة 1836 أي بعد غزوه لآزخ بعامين. ويقول ألبير أبونا: قام العثمانيون بالاستعانة ب"ميره كور" في حملتهم ضد المراكز الوطنيّة المستهدفة في بلاد آشور (العراق) المختلفين معه دينيّاً ومذهبيّاً, فقام هذا الآغا الكردي التابع للعثمانيّين خلال فترة هيمنته بحملات تدمير شاملة في طول بلاد آشور وأعالي ما بين النهرين, حيث عمل السيف في رقاب العديد من سكّان قرى سهول نينوى وطورعبدين, وأسر الأعداد الكبيرة منهم, كما سلب ونهب ما لا يحصى. وقد ألحق الدمار الشامل باليزيدية ومناطقهم سواء في سنجار أو في منطقة الشيخان. ولم يسلم من بطشه حتى أكراد بابان (عشيرته) وبهدينان وبوتان. وبذلك تمكّن العثمانيّون من بسط سيطرتهم على أغلبية المراكز التي كانت تعتبر مستقلّة في شمال الرافدين وبضمنها مناطق السريان الأرثوذكس في طور عبدين (جنوب شرق تركيا). بالعودة إلى مذابح محمد بك الروندوزي الشهير محلياً باسم (مير كور) خلال الفترة من 1826 - 1836 م . (منحه لقب الباشويّة علي رضا باشا والي بغداد بسبب خدماته الجليلة التي قام بتقديمها للأتراك ولمجازره بحق المسيحيّين السريان والآشوريّين واليزيدية الأكراد كرشوة وهدية على ما صنع من مجازر وقام به من بطش. ولألبير أبونا مجلد خاص عن مذابح بدرخان بك 1843 - 1836 5 - الهجوم على آزخ و سير المعارك. نعود إلى غزوة الميركور لآزخ لنقول: أنّ محمّد باشا الأمير الأعمى (كان بعين واحدة) هبّ لنجدة بدرخان بك وأخيه كما أسلفنا من قبل, وذلك في مطلع شهر تشرين الأوّل من سنة 1834 م ( في عهد السلطان العثماني محمود الثاني ابن السلطان عبد الحميد الأوّل 1808 - 1839م) وقد لبس السواد حتى ينتقم من آزخ, هذه القرية العاصية على حدّ زعمه, ومفاد لبسه السواد هذا أن تدبير يوسف آغا زناوري هو الذي أصاب آزخ بهذه الفاجعة, والسبب كما قلنا هو عملية التأديب التي لقيها من الشماس اسطيفو من خلال إطلاقه لسراح أسير الآغا يوسف الزناوري. حيث اتّصل بأمير الراوندوز (الميره كور). وبحسب رواية أهل آزخ فإن الذي ذهب إلى أمير الراوندوز لم يكن أخوه سيف الدين, بل أنه شخصيّاً ذهب إلى إمارة الصّوران, حيث مركز الأمير محمد باشا وعرض عليه الأمر, معلناً أن آزخ هذه القرية المسيحيّة رفضت دفع المستحق عليها من العُشْر, وأن زعيمها (اسحق بازو) تهدّده وخرج عن طوعه لإمارة الجزيرة, وهو يسعى إلى تأليب العشائر والبلدات الأخرى لكي تحذو حذوه, وبهذا سيضعف موقف المسلمين والأكراد, ثمّ أن آزخ قامت بتعدّيات كثيرة عبر سنوات طويلة حرقت الكثير من القرى الكردية وألحقت بها الدمار, ومتى استمرّ الوضع على ما هو عليه, فلا يستبعد أن يترك كثير من أبناء هذه القرى والبلدات ديانة أبائهم وأجدادهم ويدخلون عنوة في دين المسيحيّة الكافر! وممّا يقوله أهل آزخ أيضاً: بأن الأمير بدرخان كان وضع جسده بداخل جلد وآلى على نفسه ألاّ يخرج منه, ويقلعه عنه فبل أن ينتقم من آزخ, هذه القرية التي شقّت عليه عصا الطاعة, واستخفّت بهيبته وسلطانه, وهو يقول للأمير كور أن زعيم آزخ قد شتمه شخصيّاً. هدّأ محمد باشا الراوندوزي من روع أمير البوطان بوعده له بأنه سيصير ما يتمنّى ويشتهي ولن ينجو أهل آزخ وزعيمها من عقابه, وهو لن يسمح لأحد بأن يهدّد نفوذ وسلطان إمارة البوطان طالما كان حيّاً! وأكّد له أنّ انتقامه من أهل آزخ سيكون عسيراً, لا بل شرّ انتقام وهو ما كان. زحف الأميران إلى منطقة الجزيرة وقتل عساكرهما في آزخ وحدها مائتي رجل وقسّيساً وشمامسة كثيرين. ولدى وصول الأمير محمد باشا الراوندوزي حدود آزخ ودخل مشارتها (قطعة أرض سهلة ومريحة, لكنّها ضيّقة بعض الشيء. يبلغ طولها حوالي 10 كم, وهي تقع إلى الشرق من البلدة بعد نهاية ?َمسه كلا) شعر بنشوة النصر, وأصابه غرور مجرمي الحرب عندما يغمرهم شعور العظمة! فقال بلغته الكرديّة ما ترجمته: "يا أرض المشير(جمع مشارة) إنك طيّبة ومريحة جدّاً, لكنّك ضيّقة, لا تتّسعين لكثرة عدد عساكري. وممّا عرف عنه أنّه كلّما كان يمرّ بقرية أو ببلدة يأخذ رجالها معه عنوة, ليحاربوا إلى جانب عساكره, حتى سبى آزخ واسفس وصدقت نبوءة الشماس اسطيفو ومن قبله الحكيم والرجل المعمّر (إيشوعاية) من العشيرة البشّكيّة. وقد سقط من إسفس ثمانون رجلا ووجيهاً وقسّيساً وسبيت النساء والأطفال, ثمّ أخذ النساء الأزخينيّات وكل فتاة جميلة, معه إلى راوندوز لتكن محظيات لرجاله, وهدايا الكسب والمغانم! حتى أنّ كثيرين من رجال راوندوز لا يزالون يذكرون هذا, ويقولون أننا أزخينيّون (أمّهاتهم آزخيّات). يروي الشيخ بهنان حردو في مخطوطه: "أن أمير الجزيرة استنجد بالميركور, ولما جاء العسكر إلى الجزيرة, ارتاحوا أربعة أيام, ثمّ قام الأمير الأعور مع العسكر فغزا أولا قرى العمّاريّة (?ريكا) وما يتبعها, لأنهم كانوا في حلف مع اسحق بازو, ولأجل هذا الاتفاق الذي كان قائماً بينهما, فإن الميره كور خرّب قراهم وقتل منْ قتل من أهلها, وتشرّد من نجا من سيف الموت, ثمّ زحف بعد ذلك على (آزخ) ولدى سماع أهل (آزخ) بالخبر اجتمعوا للمشورة ثمّ اتّفقوا على ملاقاة العساكر خارج البلدة تفادياً لخسائر وتدمير في البلدة, قد يحصل من جرّاء المعارك. خرج رجال آزخ المسلّحون من القرية لكي يلتقوا بعسكر الغازي ميره كور ويحاربوهم. وكما قلنا فقد قرّر أهل آزخ أن يكون مسرح العمليات العسكريّة خارج البلدة لأن عساكر الأمير الصوراني, كانوا خيّالة (يركبون الأحصنة) وظنّ أهل آزخ أنّه قد يتمكنون من مباغتة العساكر المهاجمة, وغنم بعض خيولها وعتادها وأسلحتها. وكانت الساحة التي جرت فيها المعارك تبعد عن (آزخ) مسافة نصف ساعة, في الطريق المؤدّي إلى قرية (عميرين) وهذه الطريق في ذلك الموضع واسعة بمقدار السبعين متراً, ومن على جانبي الطريق يوجد جبل, فذهب عسكر هلازخ (أهل آزخ) وقعدوا لهم في كمين. لدى قدوم جيش الأمير وعبورهم الممرّ الجبلي بدأ هلازخ في إطلاق الرّصاص, لكنّ هذه المفاجأة لم تزعزع جيش العدو المتمرّس في القتال, والخبير في أساليبه, والكثير العدد والعدّة, بل زحف على أهل آزخ من الجانبين وطاردهم, فتشتّت أهل آزخ في جهتين: الأولى: اتّجهت صوب القرية, للالتجاء ومن ثم محاولة الدفاع, من داخل تحصينات كانت معدّة منذ زمن تحسّباً لأوقات عصيبة أو لغدر تتعرّض له القرية في يوم من الأيام. الثانية: توجّهت صوب القرى الأخرى, للاستنجاد بها وللهروب من الموت. التقى في النهاية فكّا الكمّاشة الكرديّة للجيش المهاجم وأطبق على آزخ ودخلها عنوة, ممّا دفع الرجال والنساء والشيوخ والأطفال إلى اللجوء, إلى القصور ظنّاً منهم بأنهم سيجدون فيها حماية من أنياب هذا الوحش الكاسر, إلاّ أنّ الأمير محمّد باشا الراوندوزي أعطى أوامره بالبدء في حرق هذه القصور بمن فيها, فمات جميع من كانوا فيها, وهرب الآخرون وتشرّدوا هائمين على وجوههم. تابع الخيّالة زحفهم على الفلول الأزخينيّة الهاربة باتجاه وادي إسفس وفيل وكفشنّي وخرابه ر?ّن وريزوك, ثمّ اجتمعوا بعد ذلك في القرية فاستباحوها ونهبوها ثم اختاروا من رأوا من الفتيات والنساء, وكنّ من خيرة بنات آزخ وأجملهنّ, فقام المير كور بأخذهن معه مع ما أخذ من غنائم وأسلاب البلدة. أما رواياتنا الأزخينيّة, وهي تمّت بالتناقل عن الشيوخ والمعمّرين فهي تفيد بأنّ الأمير كور والأمير بدرخان كانا يطلاّن عن قرب, على سير المعارك, وحين شاهد المير كور منظراً مرعباً, أدخل الرّعب في قلبه, حين رأى رجلا أزخينيّاً شهر سيفه من غمده، وتوجّه بسرعة كبيرة إلى أحد العساكر الأكراد فكانت يد الكردي أسرع, حيث ضربه بسيفه فقطع عنقه, تدحرج الرأس المقطوع للرجل الأزخيني لعدّة أمتار بعيداً عن جثّة صاحبه, وعلى نفس القياس من السرعة التي كان الأزخيني قد بدأ بها قبل قطع رأسه, استمرّ جسده واقفاً, مقطوع الرأس وهو يسير إلى الكردي فوصله وضرب عنقه فقطعها! فتدحرج المقاتل الكردي بدمائه وسقط أرضاً, فيما سقط بعده الأزخيني! كان هذا الموقف الرهيب إنذاراً إلهيّاً, وإشارة إلى أمير الراوندوز الصوراني لتقول له: إن بطشك وغرورك وسفكك للدماء لن يمرّ بدون عقاب من ربّ العدالة الجالس على عرش سمواته. وكان أن صرخ الأمير لهول ما رأى وهو يقول بفزع شديد:"جِلْف رابُو. شُور بطّال بُو" ومعناه (لطالما الموتى قاموا من موتهم, فيلزم أن يتم الكفّ عن سفك الدماء, وضرب السيف). صارت سنة الراوندوز عند أهل آزخ تأريخاً يؤرخ بها لبعض أحداثهم, فيقال أن حصل كذا بعد سنة من الراوندوز, أو مات فلان في سنة الراوندوز أو وقع الحث الفلاني قبل سنة الراوندوز بكذا. كما يؤرّخ أهل آزخ بتواريخ أخرى يعيدونها إلى أحداث جرت كانت لها أهمية من نوع ما على آزخ وشعبها ومن هذه السنوات (سنة الثلجة الحمراء - سنة الجراد - سنة الإيش "الطاعون" - سنة التقّة - سنة قزا رجب - سنة طوفان حوقو - سنة القفلة الأولى والثانية - سنة الفرمان وغيرها). إني أكاد أعتقد جازماً بأن هذا الموقف كان دليلا صريحاً على أن الظلم ستكون له نهاية, وأنّ البطش وسفك الدماء لن يكتب لهما النجاح, وأن التاريخ سيلعن أمثال هؤلاء القتلة الذين أحرقوا الأخضر واليابس, وفتكوا بالحجر والبشر. وقد رأينا كيف أن الرب لم يمهله طويلا حيث قضي أمره بعد سنتين. ويقول المثل: "بشّر القاتل بالقصاص السريع". فيما نجا بدرخان (1812 - 1848م) من العقاب عقب إنهاء عهده الظالم والمملوء بالجرائم والملوّث بكل أذية للشعب المسيحي في منطقة طورعبدين. مع بداية 1847 فقدت القيادة العامة التركيّة الأمل في إحراز النصر على قوّات الأمير (بدرخان الأزيزي) فلجأت إلى أسلوب المخادعة وبذر الشقاق بين أمراء الأكراد وشراء ضمائرهم (كما يقول الأكراد أنفسهم ويعترفون بذلك) وهكذا تمّ استغلال الخصومات القديمة بين يزدين شير ابن عم الأمير بدرخان, لأن بدرخان كان قد انتزع السلطة من عمه والد يزدين شير, الذي كان بموجب المتعارف عليه أن يصير هو الزعيم على جزيرة البوطان بعد موت عبدال والد الأمير بدرخان, وفي سنة 1847 م استطاع القائد التركي (عثمان باشا) من فتح ثغرة في جبهة الجيش الكوردي, بمعاونة يزدان شير ومعه /15/ ألف مقاتل كردي, وفي تموز /1847/ م استسلم الأمير بدرخان في قلعة (آروخ) بعد أن قاوم مدة ثمانية أشهر, وتمّ نفيه مع أخويه (الأمير سعد والأمير صالح) وهيأة أركانه إلى استانبول. وبذلك ينتهي عهد طويل من الإبادات الجماعية والدمار التي ألحقها هذا الأمير الكردي بالمسيحيّين في بلادهم طور عبدين. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 28-01-2006 الساعة 06:47 PM |
#3
|
|||
|
|||
![]()
تسلم ايديك دكتور سهيل على تعبك في كتابتك للكتاب ..كم تعذب أهل آزخ في هذه الحرب وكم باسل رجالنا في الدفاع عن أرضهم قبل ثلاث سنوات ذهبنا أنا وفؤاد إلى آزخ والتقينا أمي المرحومة وأخي وامرأته وعائلته كم تأثرنا ترى آزخ بدون أهلها بقي أربع عائلات فقط في آزخ فرحت أمي لرؤية آزخ وقالت لم أكن أتوقع أن أرى آزخ مرة أخرى وزرنا الكنيسة وذهبنا للعين وقالت أمي *الله يرحمها* من هذه العين كنا ننقل الماء..لك الشكر الجزيل أخ سهيل وبالتأكيد سيضيف فؤاد الكثير الكثير ونتمنى أن يستمتع القراء دائما
سميرة |
#4
|
|||
|
|||
![]()
الأخت سميرة والأخ فؤاد
أنه لشرف كبير لي أن أكون ناشر هذه الرواية على موقعنا الكريم هذا .. هكذا اختارني القدر لأكون ناشرها على صفحات المنتدى الغالي علينا بأصحابه وكم تكتمل سعادتي عندما أرى الأخ فؤاد وهو يدرسها دراسة كاملة متكاملة شارحاً الكثير من أحداثها بجميع التفاصيل التي نحن فعلا بحاجة لها أشكركم من الأعماق يا أل زاديكي وانشاء الله يساعدنا الجميع في الحلقات القادمة .. لأن القادم أحلى وعنصر التشويق دائما موجود ... أن المصيبة التي أصابت أهلنا في هذه الحلقة لهي كبيرة وكبيرة جداً .. على أيدي هؤلاء الوحوش والتي أرادها أهلنا ان لايكونو لقمة سائغة بيد الأعداء مع عدم أتزان الكفة القتالية . لقد ناضل شعبنا بقوة وبصم في ساحة القتال ........ نعم لقد خسروالكثير في الأرواح والممتلكات ولكنهم ربح أحترام الجميع ببسالة منقطعة النظير . والأخطاء الجسيمة التي ألت اليها المذبحة والتي كان بها السبب الرئيسي إسحاق بازو كا دت ان تكون التهلكة الأولى لسكان البلدة الذين تأذو بفعل طائش من قائدهم الذي أختاروه .. ترى ماذا سيكون ردة فعل الجميع وماذا ستحمل الايام القادمة لأبطال وشخصيات الرواية دعونا نتابعها الاسبوع القادم في الحلقة السابعة شكر لكم مرة أخرى وهنئيا لنا بك يا أستاذ فؤاد على هذه الدراسة المنطقية والتحليل الايجابي البناء والذي يخدم أحداث القصة والمتتبعين لها . التعديل الأخير تم بواسطة دكتور سهيل ; 27-01-2006 الساعة 12:18 AM |
#5
|
|||
|
|||
![]()
مشكور الاخ العزيز د سهيل على نشر الرواية و شكر للاستاذ فؤاد على المعلومات الاضافية
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|