Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟
ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 00:17 المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني والسؤال قد يبدو غريبا وعجيبا في حد ذاته، وربما يثير قدرا من السخرية أو الغضب والامتعاض. لأن القضية محسومة ولا جدال حولها منذ زمن طويل، وأصبحت من المسلمات اليومية لدي المتأسلمين جميعا مثل الماء والهواء وشروق الشمس وغـروبها!! ولكننا عندما نحاول أن نعرف، فسوف نجد الكثير والكثير جدا مما يجعله سؤالا مبررا ومشروعا لذاته، ومن ثم يدعو كل العقلاء في العالم إلى المزيد والمزيد جدا من البحث والفحص عن التاريخ المبكر لديانة الأسلمة المحمدية، سواء فوق الأرض أو في بطن الأرض. ولتقريب السؤال أكثر إلى الفهم، نبدأ أولا في طرح تصور معين. لا شك أن الكثيرين في العالم يسمعون عن تنظيم القاعدة المتحالف مع الطالبان في أفغانستان، ويعرفون أنه تنظيم سياسي يلتحف بغطاء إسلاموي إجرامي حقيقي بامتياز، وذلك بهدف إسقاط الحكومات الإسلاموية الكافرة في بلدان الشرق الأوسط والأمة المتأسلمة جميعها، وإحلالها بـ"دولة الخلافة المحمدية". وأن هذا التنظيم الإرهابي يقبع كما هو معروف في كهوف ومغارات جبال تورا بورا بعيدا عن أعين الأعداء. نفترض جدلا أن خلافا نشب، لسبب ما لا يهمنا في شيء ولكن من الممكن حدوثه، بين قادة التنظيم والقادة الطالبانيين الذين هم في حمايتهم، فماذا يحدث؟ إذا لم يخرج التنظيم سلميا من البلاد، ينقسم على نفسه إلى فريقين، فريق يحاول مهادنة الحماة والانسجام معهم وتنفيذ مطالبهم، وفي مقابل ذلك يعيش أفراده وأتباعه في وئام وسلام ويسمح لهم بالخروج إلى ضوء الشمس، وبناء منازلهم وأماكن عبادتهم ومعيشتهم الخاصة. أما الفريق الآخر الذي يصر على معاداتهم، فلا يبقى أمامه سوى البحث عن حماة جدد في مكان آمن آخر ومن ثم يشد الرحال إليه. بطبيعة الحال تجري قبل ذلك مباحثات ومشاورات حتى يتم الاتفاق على شروط وأهداف ترضى الطرفين، وقد تكون أهدافهما واحدة، فيصبح الأمر بينهما مجرد مواثيق ومعاهدات لما بعد تحقيقها. يشد الفريق المنفصل عن التنظيم رحاله إلى معقله الجديد، وليكن في جبال الهملايا في "الصين". ولا بد له أن يغير إسمه الحركي من تنظيم "القاعدة" إلى تنظيم "الظهواهريين" مثلا. وفي المعقل الجديد يكون من السهل على الظواهريين إقناع أهل البلد الأصليين بعدالة قضيتهم، لأن أهدافها واحدة. فيتمكنون بعد 100 عام أو أكثر أو أقل من تشكيل جيش جرار يسيرونه نحو الشرق الأوسط، وفي أيام معدودات يقهرون الجيوش ويسقطون العروش ويحلون محل الحكومات في السيطرة على البلاد وإخضاع العباد. لا بد أن يتخذ الظواهريون من القاهرة عاصمة لهم، لوجود أكثرية من الموالين لهم والمتعاطفين معهم والجهاهلين بمقاصدهم. وبعد التخلص من أعدائهم التقليديين من الحكام السابقين ومن يواليهم، يسرعون إلى توليف عقيدة معينة يعتمدون عليها في تحسين صورتهم من ناحية، ويركنون إليها من ناحية أخرى في إبادة خصومهم وسحق معاريضهم. وسوف يجد "الظواهريون" في البلاد الموطوءة عددا كافيا من المنافقين والدجَّالين وقطاع الطرق وتجار الحروب والصعاليك والآكلين على جميع الموائد ليوضعوا لهم دستورا مكتوبا مع كم هائل من الكتب التي تتضمن أسس وتعليمات وحيثيات عقيدتهم الدينية ـ السياسية التي أطلقوا عليها إسم "الخضوع"، بشرط: أن يتم كل هذا في سرية تامة، ومن يقع في يده غـير ما يتفق مع عـقيدتهم يجب عـليه حرقه على الفور. هنا لا بد أن يظهـر "بن لادن" على أنه كان النبي المنتظر الذي بعثه الله في جبال تورا بورا ليخرج الناس جميعا من الظلمات إلى النور، وأنه جاء ذكر له في كتب اليهود والنصارى أعداء الله ورسولة والمؤمنين. وإذا لم يجد أحد ذكر لإسمه، فلأن هذه الكتب حرفها أحفاد القردة والخنازير. وأنه كان آخر الرسل وأفضل الخلق أجمعين. وكانت له معجزات مثل موسى وعيسى، وأنه استنطق الصخر والشجر مثما استنطق سليمان النمل والهدهد .... الآن نصل إلى سؤال هام هو: هل عقيدة "الخضوع" المفترضة هذه، والتي ابتدعها الظواهريون ونسبوها إلى نبيهم "بن لادن" وعمموها بالمفخخات والدبابات وقاذفات الجحيم على كافة البلدان في الشرق والغرب تحت تعبير "دولة الخلافة الظواهرية"، جاءت من جبال "تورا بورا" في أفغانستان أم من جبال "الهملايا" في الصين؟!!. في المقال القادم سوف نترك هذا اللغز قائما وندلف مباشرة إلى صلب الموضوع، في محاولة شاقة لتبديد الإحساس بغرابة الأسئلة والتعجب منها. وفي أفضل الأحوال نأمل في التمكن من إزلة ما تحدثه من غضب وامتعاض. أما السخرية فلتبقى صفة مميزة للطباع البشرية إلى أبد الآبدين . ودمتم بخير وأمان. |
#2
|
||||
|
||||
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس ؟ -2 ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4365
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس ؟ -2
ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4365 - 2014 / 2 / 14 - 17:00 المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني لقد أصبح الباب مفتوحا على مصرعيه. وأصبح من الواضح حتى للعميان أنه لا يوجد شعب واحد من شعوب الأرض يثقل الماضي كاهله ويرزح تحت وطأة تاريخه وعنف تقاليده مثل الشعوب المتأسلة عامة والناطقة بلغة العربان خاصة. فكثير من شعوب العالم وقعت في يوم ما تحت طائلة الهمجية والعنف والدمار ولكنها لم تلطم خدودها ولم تنعي حظها ولم تنتحر، بل سارعت إلى استعادت عافيتها والعودة إلى المسار الإنساني الطبيعي. اليابانيون ـ مثلا ـ تخلصوا من الآثار المدمَّرة معنويا وماديا، التي سببتها لهم الحرب العالمية الثانية وتخللها ضربهم بقنبلتين ذرتين إمريكيتين، كما تخلص الألمان من النازية ومصائبها، وتخلصت أوروبا الشرقية من كابوس الشيوعية .....، وتعلم الجميع، فأصبحت تلك الأوقات المأساوية في حياة هذه الشعوب وغيرها مجرد تاريخ تأخذ منه العبر بحيث لا تعود مرة أخرى أو على الأقل تتأخر عودتها إلى أطول وقت ممكن. بينما المتأسلمون وفي مقدمتهم العربان والمستعربون مكبلون دائما وأبدا بـ"همجية" تاريخية حقيقية شكلت ماضيهم السحيق وحددت معالم تقاليده البائدة. لا يستطيعون الفكاك منها، بل تفرض تلك الهمجية التاريخية على الكثيرين منهم رؤية إعادة عقارب الزمن إلى ذلك الماضي السحيق بما يحتويه من تقاليد بالية يجب الالتزام بها والتسليم لها دون اعتراض. والسبب في ذلك هو أن حاضرهم دائما سيء وينتقل باستمرار إلى الأسوأ. لذلك يحاولون ليلا ونهارا إستدعاء همجية الماضي لغرسها عنوة في الحاضر. فلا يكف زعماؤهم عن طرحها في الخطاب الديني بصورة جميلة ومبهرة وتحايلية خادعة وفرضهما بالقوة على المواطنين. هذا الأمر يحتم على الباحث "المحايد" أن يتعامل بقدر كبير من الدقة والارتياب مع تلك التقاليد المسلم بها تحت الإصرار والعنف، خاصة عندما يتناول بدايات الإسلام. صحيح أن هذا الأمر لا ينطبق على الإسلام تحديدًا، بل يمتد بالمثل ليطال كل الأديان والعقائد وربما التيارات الفكرية، عالمية كانت أو محلية، حيث يؤدي بالضرورة الخلط بين ما هو « ديني ـ أسطوري ـ غيبي » وما هو « دنيوي ـ تاريخي ـ واقعي » إلى تشويش الصورة الفعلية للوقائع ذات السمات الدينية ومنها ـ بداية ـ وجود محمد نبي الأسلمة. ولكن ما العمل؟ وقد جُبِلنا، نحن البشر، على تصديق الخرافات أكثر وأسرع من تصديق الحقائق "المُـرَّة" تبعا للتوصيف الشائع بيننا. إنني على يقين، بالرغم من التشكيك الاستشراقي الحديث، بأن النبي المدعو "محمد" شخصية تاريخية مثله مثل الشخصيات الإسلاموية الأخرى إبتداء بابن قحافة وانتهاءً بابن لادن وغيره ممن يعلقون في منظومة تاريخية متواصلة، حتى وإن أحاط بها أو ببعض منها قدر كبير من الأساطير والخرافات. لقد وجد في وقت ما في بداية القرن السابع الميلادي (تاريخ وجوده غير متفق عليه حتى الآن خاصة بين المتآسلمين). فهو شخصية غير أسطورية ولكن تمت أسطرتها وفبركة ديانة خاصة به بعد وفاته بـ 100 عام، وبالتحديد في أواخر القرن الثامن وحتى بداية القرن العاشر على أيدي متأسلمين جميعهم وبلا استثناء من أصول فارسية، لا يوجد بينهم عربي واحد، وجميعهم أيضا وبلا استثناء ينتمون إلى جيل واحد، أو ظهروا في نصف قرن واحد خلال العصر العباسي الممتد من عام 750م/ 132ع حتى عام 947م/232ع. كانت البداية عندما التفت القليل من علماء التاريخ الإسلاموي إلى أن القرآن لم يقدم أية إشارة عن سيرة محمد المكي، وأن كل المعلومات عن سيرته جاءت في كتب السيرة التي كُتِبت جميعها في بداية القرن التاسع والقرن العاشر، أولها سيرة ابن هشام المتوفي عام 768م ـ 101ع، والتي إدَّعى أنها اعتمدت على سيرة مفقودة لابن إسحق المتوفى أيضا في نفس العام، ولا ندري إن كان ذلك حقيقة أم وهم. ثم كتاب المغازي للواقدي المتوفي عام 822م ـ 207ع. وكتاب طبقات ابن سعد المتوفي عام 845م ـ 221ع. وتاريخ الطبري المتوفي عام 922م ـ 310ع. ومجموعة كتب "الصحاح" الموضوعة جميعها في نفس الوقت: البخاري المتوفي عام 870م ـ 256ع. مسلم المتوفي عام 875م ـ 262ع. إبن ماجه المتوفي عام 886م ـ 273ع. إبن داوود المتوفي عام 888م ـ 275ع. التلمذي المتوفي عام 892م ـ 279ع. النسائي المتوفي عام 915م ـ 303ع. لا شك أن رجال الدين الإسلاموي يعرفون هذا وغيره، ولكنهم يخفونه عمدا ومع سبق الإصرار، ولم يلتفت إليه، كما سبق ذكره، إلا قلة قليلة من المؤرخين، وذلك لأسباب سوف يرد ذكرها في مقالات قادمة. أما نحن فلا يبقى لنا سوى "الصدمة" من فظاعة الأمر برمته تبعا لقول الشاعر اليمنى عبدالله البردُوني: فـظـيع جـهـل ما يجـري وأفـظع مـنه أن تدري هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يتفق جميع المؤرخين العربان والمستعربين على أن المنطقة التي تعرف بـ"الهلال الخصيب" وهي العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، مضافا إليها مصر أو على الأقل سيناء المصرية قد هاجر إليها واستوطنها العربان من وسط شبه الجزيرة عندما ضربها الجفاف والقحط أو من اليمن بعد انهيار سد مأرب وحدوث سيل العرم. وقد يكون هذا صحيحا إلى حد ما في مثل هذه الظروف الكارثية، ولكنهم يصَوِّرون الأمر وكأن تلك البلدان كانت خالية تماما من البشر، وأن البدو العربان كانوا هم النواة الأولى لسكانها الحاليين!!. إنه بلا شك ضرب من النفاق والرياء بهدف صبغ المنطقة برمتها بصبغة "العروبة" المزعومة، حتى وصل الأمر إلى وصف السكان الأصليين من السوماريين والأشوريين والبابليين والآراميين والسريان والكنعانيين والفراعنة وغيرهم بأنهم "عرب" أو ينحدرون من أصول عربية!! هذا التعتيم العرقي سوف نضطر للعودة إليه فيما بعد، لنستوضح الأسباب الكامنة وراءه، وما يلعبه من دور هام في تأكيد القصد من دراستنا هذه. مشكلة التاريخ الإسلاموي البدئي هي التدوين. فقد كان التناقل الشفهي عبر الأجيال المتاعقبة هو المسيطر على نقل الحدث أو النص في الحقبة الإسلاموية الأولى. حتى القرآن نفسه لا نملك دليلا مقبولا على وجوده بأي شكل قبل العقد الأخير من القرن السابع الذي من المفترض أن محمدا عاش في بدايته، حيث ظهرت قصاصات قرآنية متناثرة هنا وهناك، والكثير من نصوصها لا يتفق مع ما بين أيدينا الآن من نصوص. كما أنه لا يمكن الاعتماد على الادعاء بمرويات لأحداث تاريخية وقعت في نفس القرن، بيد أن الاستفادة منه لا تكمن إلا في دراسة الأفكار الدينية التي برزت في القرن الثامن مع بداية حكم البدو العباسيين. لكن القرن الثامن هذا ينبئنا بصريح العبارة أنه كان حقبة زمية ترسخ فيها تشظي "أمة الإسلام" إلى فرق وأحزاب متطاحنة متناحرة. يسعى كل طرف منها إلى دعم مزاعمه السياسية بترسانة لاهوتية من القوالب العقائدية والتاريخية المتناقضة والمتضاربة، تُنسب جميعها إلى النبي ذاته أو إلى المقربين له من الصحابة. لذلك إذا أخذنا التراث الإسلاموي ككل، خاصة ما يتعلق منه ببدايات الإسلام، سوف نجد الخبر ونقيضه؛ روايات متباينة ومتعارضة للحدث الواحد. وأيضا اختلافات صارخة حول قيمة هذه الشخصية أو تلك، واختلاق لشخوص وأحداث لم يكن لها وجود قط. ولكنها تهدف جميعهاإلى تدعيم التوجه العقائدي للتيار السياسي من قبل السادة المسيطرين الجدد، وهم العباسيون. الحقيقة أنني على إدراك تام لا يتطرق إليه أدنى التباس أن محاولة البحث في تلك الفترة الضبابية من بداية الإسلام والتي تقدر بـ 200 عام على الأقل، تثير في وجه أي باحث تاريخي "محايد" ما لا طاقة له على تحمله من المشاكل؛ مهما كانت قدراته وعلومه ومواهبه، لأنه يحاول السباحة ضد التيار، ويحاول أيضا الغوص في "همجية" تاريخية مظلمة لا أول لها ولا آخر. ولكن ما جدوى الاستسلام، وما فائدة الخضوع والخنوع لتاريخ مبتور وتقاليد عفا عليها الزمن؟؟. قبل الاستمرار في محاولة تبيان هذه "الهمجية" التاريخية ـ قدر الإمكان ـ، أود هنا أن أقدم باختصار شديد بعض المسميات التي كانت شائعة في بدايات الدعوة المحمدية ومدلولاتها في الوقت الحاضر، لأننا سوف نضطر دائما إلى ذكرها والحديث عنها لمشاركتها في أحداث ذلك الوقت: 1 - الساسانيون: ترجع هذه التسمية إلى الكاهن الزرادشتي "ساسان" الذي كان جدا لأول ملوك الساسانيين "أردشير الأول". وقد أسسوا الإمبراطورية الساسانية التي شملت كل إيران الحالية والعراق وأجزاء من أرمينيا وأفغانستان والأجزاء الشرقية من تركيا وأجزاء من باكستان. وأصبحت الإسم الرسمي للإمبراطورية الفارسية الثانية (226 ـ 651)، وانتهت عندما حاول ملك الدولة الساسانية الأخيرة يزدجر الثالث (632 ـ 651) التصدي لغزو العربان. 2 ـ السراسنة Saracens: الإسم الذي أطلقه اليونانيون والرومان على العربان المقيمين في شمال شبه الجزيرة، الذين اعتبرتهم توراة اليهود "أبناء إسماعيل"، وبالأحرى أبناء الأمة التي حرمت من "الوعد الإلهي "المشمول به إبراهيم وإبناؤه واستمر لمئات السنين. ويعني اللصوص أو السراقين. (أنظر مكسيم رودنسون، الصورة الغربية والدراسات العربية الإسلامية، هامش رقم 1ص 80 من كتاب جوزف شاخت "تراث الإسلام" ج 1 ترجمة محمد زهير السمهوري وآخرين، سلسلة "عالم المعرفة" الكويتية 1985. 3 ـ الإسماعيليون: هم البدو العربان الذين سكنوا المنطقة الشمالية من شبه الجزيرة التي تعرف بـ"صحراء النفود أو بادية الشام" جنوب الهلال الخصيب. وكانوا يدعون أنهم أحفاد إسماعيل إبن النبي العبراني أبراهيم أو إبرام عند أشقائهم العبرانيين، ولم يشملهم الوعد الإلهى لإبراهيم وإبنائه "اليهود" كما ورد في الفقرة السابقة. 4 ـ الهاجريون: سمي الإسماعيليون أيضا بهذا الإسم نسبة إلى الجارية المصرية "هاجر" أم جدهم إسماعيل. وكان الإسم يطلق عليهم لتحقيرهم بصفتهم أحفاد "جارية أو خادمة". وهو يعود إلى نص من العهد الجديد في "رسالة بولس إلى أهل غلاطية" يقول: « قولوا لي أنتم (البدو العربان) الذين تريدون أن تكونوا تحت الناموس (المقصود به السر الإلهي وهو التوراة) ألستم تسمعون الناموس، فإنه مكتوب أنه كان لإبراهيم إبنان واحد ولد من الجارية والآخر من الحرة » (أنظر الإصحاح الرابع: 21 ـ 31). 5 ـ الغساسنة: يقول المؤرخون الإسلامويون أنهم قوم هاجروا من اليمن عقب انهيار سد مأرب وحدوث سيل العرم وأقاموا فترة قرب عين ماء تسمى "غسان" في تهامة في مملكة آل سعود الحالية، حيث عرفوا بهذا الإسم، ثم واصلوا هجرتم نحو الشام، حيث استقروا في الأردن وفي "بصرى" جنوب سوريا، التي يقول المروث الإسلاموي أن الراهب "بحيرا النسطوري" كان يقيم فيها، وأنه استقبل النبي مرتين. 6 ـ الأبيونية: الإسم مشتق من كلمة أبيونيم العبرية ومعناها الفقراء، والأبيونية حركة دينية ظهرت في القرن الأول للمسيحية وانتشرت في فلسطين والمناطق المجاورة لها حتى المنطقة الوسطى من شبه الجزيرة. حيث اعتنقها فرع عبد العزي القرشي الذي ينتمي إليه القس ورقة بن نوفل خديجة بنت خويلد الزوجة الأولى للنبي. وكانت الأبيونية يهودية النزعة، إذ رأت أن المسيحية إمتدادا لليهودية، في محاولة منها للتوسيط بينهما. في المقال القادم سوف نتقدم قليلا نحو الحيثيات الإشكالية التي تشكل تلك الهمجية التاريخية، والتي دعت إلى مزيد من الشكوك في المرويات التراثية الإسلاموية. وبعد ذلك نتطرق إلى تاريخ الحركة العباسية ونتناول عملية "الأسلمة" القهرية التي اتبعتها لترسيخ أقدامها في السلطة، ولذلك تعد نموذجا تحتذي به كل الجماعات الإسلاموية التي ظهرت على مر العصور والأزمنة تحت مسميات عديدة، فليس آخرها ـ ولن يكون بلا شك ـ عملية "الأخونة" التي تشهدها العديد من دول المنطقة في الوقت الراهن. ولا يسعنا إلا أن نتذكر دائما قول أبي العلاء المعري: أيها الغُـرِّ قد خُصِصْتَ بعقلٍ فاسْألـنَّهُ، فكلُّ عـقـلٍ نبيُّ ودمتم جميعا بكل خير |
#3
|
||||
|
||||
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 3 ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4368 -
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 3
ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 19:24 المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني أشير سابقا إلى حقيقة أنه لا يوجد شعب واحد في العالم أجمع مثقل بتاريخه مثلما تعاني الشعوب العربية والمستعربة، بل والإسلاموية جميعها من وطأة تاريخها الثقيلة. والسبب في ذلك أنه تاريخ ملفق وموتور من أساسه، ومفروض عليها بالإرهاب والقتل. فمن الثابت تراثيا أن فيضا من الشكوك دارت حوله منذ بدايته. إذ نجد مثلا عن أبَيِّ بن كعب (أحد أصحاب المصاحف الأربعة) قوله: « أتى رجلان يقرآن القرآن بشكل مختلف فقال الرسول لكليهما "أحسنت"، فدخلني من الشك أشد مما كنت عليه في الجاهلية ». وتعرف هذه الشكوك التي لا حصر لها، وتحيط بكل أعمدة الديانة الإسلاموية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، في الفقه الإسلاموي بـ"الشبهات"، مما دفع رجالها وسدنتها وقطاع الطرق والمجرمين القتلة أن يعبِّئوا أنفسهم للدفاع عنها ليلا ونهارا، إما بإطلاق قرائحهم لمزيد من التلفيق والكذب وإما بإطلاق "كلاب جهنم" على خصومهم لمزيد من الإرهاب و القتل. وأنشأوا لذلك فقها خاصا أسموه "درء الشبهات"، أحسبه لا مثيل له في كافة ديانات العالم. ولا ندري إلى متى يفرغون من درء هذه الشبهات التي لا نهاية لها. نتاول باختصار بعضا منها: 1. شكوك حول "الإسلام المبكر" في نهاية القرن الـ 20 قدمت الدكتورة باتريشيا كرونه التي تعتبر من أشهر العلماء في مجال دراسة التاريخ الإسلاموي المبكر شكوكا قوية حول أصول الإسلام ومصادره وكتابة تاريخه في عملها مع الباحث مايكل كوك "الهاجريون Hagarrism صناعة الإسلام (1977)" الذي ترجمه الأستاذ نبيل فياض. حيث تقول: « إن القليل من البشر يقبلون بحقيقة أن التاريخ الإسلاموي يجب إعادة بنائه على أساس وحيد هو الدليل التوثيقي، بمعنى المعلومات التي لم يتم انتقالها من جيل لآخر، ولكن التي نقشت على الحجر أو المعدن آو تم استخراجها من باطن الأرض، ولهذا تم الاحتفاظ بها في شكلها الأصلي ». أما الدكتور سليمان بشير وهو حقيقة من أفضل المؤرخين المستعربين السبَّاقين في دراسة تاريخ الإسلمة بموضوعية ونزاهة منقطعة النظير، من خلال كتابه "مقدمة في تاريخ الآخر، نحو قراءة جديدة للرواية الإسلامية" الذي نشر عام 1984، الذي دفع حياته ثمنا له، إذ قذف به بعض من طلابه الذين ينتمون إلى "كلاب جنهم الإسلاموية" من الدور الرابع لمبنى جامعة النجاح في القدس. ويعد من الأعمال بالغة الأهمية في كشف همجية هذا التاريخ. لقد ألقى الضوء على إشكالية تاريخ الفترة الأولى لديانة "الإسلام". وقال إنه لا توجد أية أدلة على وجود دين بهذا الإسم قبل فترة عبد الملك بن مروان 685 ـ 705م أي بعد ما يزيد على 50 عام بعد وفاة النبي. فأقدم المساجد والنقوش والآثار النقدية والإشارات المتفرقة في أوراق البردي تعود جميعها إلى تلك الفترة دون غيرها. ومع غياب تلك الأدلة تظهر المرويات الإسلاموية كمصدر وحيد لتلك الفترة برغم ما تعانيه من إشكاليات متعددة، فتواريخها مضطربة إلى درجة كبيرة حتى أن المرء يعجز عن إيجاد تاريخ واحد تتفق عليه جميع الروايات. 2. شكوك حول "محمد" أشار د. بشير إلى أن هذا التضارب تعلق بالرسول نفسه، بين روايات تثبت أميته وأخرى تجعله يتقن السريانية التي علمه إياها الملاك العبراني جبريل. فضلا عن أننا لا نعرف بشكل دقيق عدد أبنائه ولا حتى سنة ميلاده. وتلك هي أيضا حال الروايات التي تتناول نسبه، فهي مضطربة بشكل كبير على العكس من الروايات السائدة والتي تجعله إبن عبد الله بن عبد المطلب، مما دفع البعض إلى اعتباره مجهول النسب. بل هناك رواية تنسب إلى عمر أنه سأله « يا رسول الله مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا ؟ قال : درست لغة إسماعيل فجاء جبريل فحفظتها» !!. ويعلق د. بشير على ذلك قائلا: « وحتى أن هذه الرواية الأخيرة تتضمن إشارة ملفتة للإنتباه إلى كون الرسول ذا نسب ولغة غير عربيين ». ونجد أبا عبدالله القطان يورد رواية مرفرعة إلى زيد بن ثابت قوله: «قال لي رسول الله (ص) تحسن السريانية؟ قلت: لا، قال: فتعلمها. فتعلمتها في سبعة عشر يوما» (أنظر مراجع الكتاب ص وبالنسبة لمحمد فتقول كرونه في مقال لها منشور على موقع "أوبن ديموكراسي بتاريخ 10 يونيو 2008 وقامت بترجمته الأستاذة راشدة رجب: « لم تبدأ مصادر الأدبيات الإسلامية عـن حياته في الظهور إلا بين عامي 750 ـ 800، أي بعد أربعة أو خمسة أجيال من رحيله. ويعتبر قليل من المتخصصين في التاريخ والدراسات الإسلامية الآن هذه الدراسات روايات تاريخية مباشرة. ومع ذلك ربما نعرف عن محمد أكثر مما نعرفه عن المسيح، فما بالك بموسى أو بوذا، ومن الممكن بالتأكيد أن نعرف أكثر. ولا شك في وجود محمد على الرغم من المحاولات من وقت لآخر لإنكار ذلك، فجـيرانه في سوريا البيزنطية سمعوا عـنه بعـد عامين من رحيله على الأكثر، ويذكر نص يوناني كتب أثناء الغزو العربي لسوريا بين عامي 632 و634 أنه "ظهر نبي زائف من العـرب"، ويرفضه النص ويستهجـن بعثته على أساس أن الأنبياء لا يأتون وهم يحملون السيوف، ويركبون فوق المركبات الحربية". وذلك يعطينا الانطباع أن الرسول كان يقـود الغـزو بنفسه ». 3. شكوك حول "القرآن" يقول د. بشير إن القرآن لا يشذ عن هذه القاعدة. فأول دليل ثابت على وجوده يعود إلى الربع الأخير من القرن الهجري الأول ـ أواخر القرن السابع الميلادي. كذلك لا يمكن التحقق من وجود الروايات الشفوية التي تنسب القرآن إلى إطاره التاريخي المعروف في التراث إلا مع نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية في منتصف القرن الثامن الميلادي (أنظر مقدمة الكتاب بعنوان: "ملاحظات تمهيدية، نشوء ونقد الرواية التاريخية لصدر الإسلام" ص 8). ويستطرد قائلا: « يبدو هذا جليا في قضية مثل عملية جمع القرآن التي تنسب إلى عثمان بن عفان، إلا أنه توجد روايات أخرى تنسبها إلى أبي بكر أو عمر بن الخطاب، في حين تتحدث روايات أخرى عن عمليات جمع تمت على عهد محمد نفسه. أما الرواية الشيعية فتعطي لعلي بن أبي طالب دورا مميزا في هذا الأمر، بل يصل الاضطراب إلى الحجَّاج الذي قام بتنقيط القرآن، وربما بجمعه وتحقيقه كما أشار إلى ذلك الإمبراطور البيزنطي ليو الثالث في مراسلاته مع عمر بن عبد العزيز، حيث بين له كيف أن الحجاج قام في عام 632م (العام المفترض لموت محمد)، بإتلاف "كتابات المهاجرين"، و « أنه جمع كل كتاباتكم القديمة وألف أخرى حسب ميوله ووزعها على أمتك في كل مكان .... ولم ينج من هذه الإبادة سوى القليل من أعمال أبي تراب (على بن أبي طالب) لأنه لم يستطع القضاء عليها كليا (نفس المصدر ص 48) ». إن النص القرآني لم يظهر إلا في فترة متأخرة جدا عما هو معتقد في التراث الإسلاموي. « إذ أنه لا يوجد أي دليل قاطع يثبت وجود القرآن بأي شكل من الأشكال قبل العقد الأخير من القرن السابع الميلادي ». 4. شكوك حول "مكة والكعبة" في مطلع القـرن الـ 19 أعـرب الباحث بتاريخ الأسلمة غوستاف فرايتاج (1788 ـ 1861) عـن عـدم ثقته بأخبار الموروث الإسلاموي ووصفها بالمكذوبة والملفقة، خاصة تلك التي تتناول الطقوس الوثنية حول كعبة ما قبل الأسلمة، فالروايات عـن الأصنام حول المعبد المكي حملت الكثير من التناقضات، خاصة وأن المكان تحول بكامله فيما بعد وبأوامر إلهية إلى شعيرة إسلاموية!!، ناهيك عن تعارضها مع روح القرن السابع الميلادي التي اتسمت باجتياح التصورات اليهودية والمسيحية للمنطقة، فأبطلت عبادة الأصنام منذ زمن طويل. وأيضا فيما يكشفه الموروث الإسلاموي من ارتباك وتخبط عند الحديث عن الأحناف والشعر الجاهلي وما تضمنه من أفكار تتفق مباشرة مع القرآن، حتى أنها تصل أحيانا إلى حد التطابق في العبارات والدلالات معا. مما أثار أيضا الشكوك حول صحته وأصالته لدي المستشرق الإنجليزي د. س. مرجوليوت والباحث المصري دكتور طه حسين، فقد توصلا إلى أن الشعر الجاهلي بمجمرعه هو نتاج أدبي متأخر. كذلك نجد أن الخطاب القرآني يعكس صورة عن جدل حاد بين أهل الكتاب، ممزوج بمرارة الشكوى، ولا يعكس جدلا ما مع عبدة الأصنام والتماثيل كما حدث مثلا مع النبي العبراني إبراهيم ووالده، الأمر الذي أراد أن يوهمنا به هـذا المـوروث الإسلاموي!!، واخـتتم فـرايتاج رؤيتـه بقوله: « لعل تحول الكعبة من طقس وثني إلى طقس إسلامي دليل قاطع على زيف تلك الادعاءات». ووتوصل الباحثان كرونه وكوك إلى أن « مكة لم تكن المقام الإسلامي الأول، فالأدلة تشير جميعها بوضوح إلى وجود حرم أكثر أهمية يقع في شمال غرب جزيرة العرب ». ومن الملاحظ أن القرآن لم يذكر مكة بالإسم إلا مرة واحدة في الآية 24 من سورة الفتح " {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة} وذلك في إطار الحديث عن بعض أعمال عسكرية تتعلق بمكان للعبادة، وفي الآية 96 من سورة آل عمران نجده يسمى ذلك المكان "بكة" {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين} دون تحديد لموقعه. وكان أبو حنيفة النعمان في النصف الأول من القرن الثاني العربي لا يكفِّر من يشك في موضع الكعبة متسائلا عما إذا كان « هذا البيت الذي يحج الناس إليه ويطوفون حوله أو بيت بخرسان (من حديث ابن الهيثم الأنباري م ظ مجموع 24 ص 5 ومجموع 94 ص 215». وروي عـن عمر بن الخـطاب أنه لم يحـدد مكان الـقـبلة وأنه اكتفى بقوله: «القبلة ما بين المشرق والمغرب» وهناك روايات أخرى تشير إلى أن قبلة جامع عمرو بن العاص في الفسطاط بمصر، والتي أشرف على إقامتها "ثمانون رجلا من الصحابة" (ذكر منهم إبن تغري بردي في "النجوم الزهراء" ط القاهرة عام 1936 ص 67: الزبير بن العوام والمقداد بن عمر وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء وأبو ذر الغفاري، كانت "مشرَّقة جدا" إي تتجه كثيرا ناحية الشرق باتجاه مدينة القدس. وأنها بقيت كذلك إلى أن هدم المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك عندما "تيامَن" عامله قورة ابن شارك بالقبلة الجديدة. كما أن الأدلة الأثرية تشير بالمثل إلى انحراف قبلة مسجدين أمويين آخرين بنيا في العراق باتجاه اليمين، ناحية القدس وليس إلى الجنوب باتجاه مكة. هما مسجد الحجاج بن يوسف في واسط ومسجد آخر يقع بالقرب من المكان الذي بنيت فيه مدينة بغداد فيما بعد. يقول وين: « إن الباحثة باتريشيا كارلير توصلت إلى أن جميع قبلات الجوامع والقصور الصيفية للحكام الأمويين قد واجهت مدينة القدس. بالإضافة إلى ذلك، ذكر الرحالة المسيحي يعقوب في إحدى خطاباته في عام 705م باللغة السريانية (محفوظة بالمتحف البريطاني) أن اليهود والعرب السوريين لم يصلوا في اتجاه الجنوب بل في إتجاه القدس. وبحسب كرونه وكوك وكارلير وهوتنج، الأدلة الأثرية من العراق والأدلة الكتابية من سوريا ومصر تشير بالتأكيد إلى أن اتجاه الصلاة (القبلة) كان للقدس وليس لمكة». المصدر: Craig Winn, Prophet of Doom, VA: Cricketsong books, 2004 بالطبع لا مجال هنا للرد على تلفيقات المتأسلمين لأننا نعرف حق المعرفة أن الذين بنوا هذه المساجد هم العراقيون والمصريون، وجميعهم كانوا يعرفون الاتجاهات بدقة لا مثيل لها في ذلك الوقت. هذه الشكوك والكثير غيرها منشورة بتفاصيلها في العديد من مواقع الإنترنت، لمن يريد معرفة الحقيقة. إن الخطأ الجسيم الذي يمارس بشكل متعمد عند دراسة التاريخ الإسلاموي بوجه عام والفترة المبكرة منه بوجه خاص هو التجاهل التام للأثر الجيو ـ سياسي (البيئي ـ السياسي)، الذي شكل صلب الفكرة الإسلاموية من أساسها ويتضح بشكل سافر في تكوينها وتطبيقها منذ نشأتها وحتى اليوم، ومن ثم أدى إلى تشويهها تاريخيا وعدم الثقة فيها. وقد أشار الدكتور بشير إلى ذلك بقوله: « لعل الدافع المباشر وراء عملية التشويه تلك كان سعي الخلفاء العباسيين الأوائل إلى الانتقاص من شرعية الحكم الأموي. غير أنه من الممكن أيضا أن يكون الفهم الذي ترسخ في الفترة العباسية الأولى للسيرة النبوية ولفترة صدر الإسلام ككل إنما جاء ليناسب قيام الشرعية العباسية على مفهوم آل بيت النبوة. ذلك المفهوم الذي استند إليه الحكم الثيوقراطي العباسي والذي شكل أحد أسس وعناصر الثورة الدينية والفكرية التي جاءت بالعباسيين إلى الحكم ». إذن ونحن أمام هذه "الهمجيَّة التاريخية" الواضحة في المرويات الإسلاموية، لا بد وأن تتبادر إلى أذهاننا تساؤلات كثيرة أهمها: ما هو السر الكامن وراءها؟ ومن هو محمد هذا، ومتى ظهر كنبي للعربان، وأين بدأت دعوته، ولماذا؟ ثم، وهذا هو الأهم فيما تختص به قراءتنا هذه، من الذي كتب حكاياته بعد أربعة أو خمسة أجيال من وفاته، وما هي دوافعها؟ ولماذا بقـت ثابتة كل هذا الزمن، مع "همجيتها التاريخية" هذه؟ وكأي دراسة موضوعية لا بد لنا أن نستدعى بعض العلوم الإنسانية ذات الصلة، عندم نحاول الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها، لتدلي بدلوها، مثل علم الاجتماع وعلم النفس الجماعي وغيرهما. ودمتم جميعا بخير |
#4
|
||||
|
||||
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 4 ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4379 -
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 4 ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4379 - 2014 / 2 / 28 - 18:49 المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني 1. الحقائق التاريخية الثابتة بالوثائق والأدلة الأثرية التي تشير بوضوح إلى أن الأمويين في سوريا لم تكن لهم أية صلة بأبي سفيان المزعوم في مكة، ولم يكونوا إسلامويين على الإطلاق. ولكنهم اعتنقوا ديانة وسط بين اليهودية والمسيحية، قام العباسيون من بعدهم بتحويلها لأسباب سياسية خالصة إلى ما يسمى بـ"الإسلام". 2. من المرجح جدا أن يكون النبي الذي سمي "محمد" فيما بعد قد ولد ونشأ في المنطقة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة (شرق البحر الميت)، وأنه كان يقود تمردا ضد الحكام في دمشق تحت غطاء ديني لم يكن "الإسلام" بأي حال من الأحوال. 3. أن تاريخ المنطقة يدلنا على أن الفرس كانوا ولا زالوا يميلون بشدة إلى بسط نفوذهم على الدول المجاورة لهم في الغرب كالعراق ومناطق الخليج الفارسي المقابلة لهم واليمن وحتى مصر التي احتلوها مرتين. وأن إيران لم تصبح إسلاموية إلا في عام 1003م ولكنها اتخذت تأسلما مخالفا لتأسلم الآخرين يُعرَف بـ"التشيُّع". 4. أن العربان "العباسيين" الذين قدموا من منفاهم في خراسان على أكتاف جيش جرار بقيادة بهزوان المعروف بأبي مسلم الخراساني، عمدوا لأسباب سياسية إلى "فبركة" ديانة مرتبكة ومربكة على أيدي عملاء لهم جاءوا بهم من بلاد الفرس، أطلقوا عليها إسم "الإسلام"، كما فبركوا لتلك الديانة تاريخا قوميا يعتمد على العنصرية، تماما مثلما فعل اليهود في منفاهم في بابل، مع الفرق في أن العباسيين أصبحوا أسيادا في يوم ما، فمكنهم ذلك من فرض ديانتهم وتاريخها على المنطقة برمتها. العربان الأمويون: كانت الإدارةُ الرومانية في منطقة الشام تشجِّع قبائلَ البدو العربية (السراسنة) في البادية الحدوديةَ على اعتناق المسيحية، وتعمل على "تحضيرهم"، فمنحتهم الأراضيَ بهدف توطينهـم أكـثر فـي الأرض للتقليل من هجماتهم المتكررة على القرى والمدن. وكـان قـد ازداد عـددهـم إلـى درجـة أنَّ الإمبراطور "تراجان" أطلقَ اسمَ "الإمارة العربية" على الأراضي الواقعة شرق الأردنّ . وفي عام 622م تمكن الإمبراطور الروماني هيراكليس من هزيمة الساسانيين (الفرس)، فتم الصلح بين الإمبراطوريتين التي أنهكتهما الحرب الطويلة الأمد، مما أوجد فراغا أمنيا وسياسيا في منطقة الشرق الأوسط برمتها. فاستفاد سكان الإمارة العربية من هذا الفراغ واستولوا على السلطة في سوريا والعراق وإيران، ومن هنا بدأوا التقويم العربي الذي أخذه الملفقون فيما بعد وأطلقوا عليه "التقويم الهجري" المزعوم. ونظرا إلى أن المسيحيين في سوريا بوجه عام ومنذ القرن الأول الميلادي كانوا يقولون إن "يسوع عبد الله ورسوله"، فكان أول ما فعله العربان المسيحيون عند وصولهم للسلطة هو إزالة مفهوم أن الحكام من نسل الآلهة الذي كان شائعا في الإمبراطورية الفارسية، وأطلقوا على الحاكم تعبير "عبد الله" (كتاب الأصول الخفية للإسلام The Hidden Orgins of Islam) للمستشرقين كارل هاينز أوهليق وجيرد بوين ص 25). وفي عام 641م مات الامبراطور هيراكليس، وبرز على رأس العربان المسيحيين رجل يدعى "معاوية" بصفته ملكا لهم، وتم تتـويجه عـلـى جـبـل الـجـلـجـلـة في مـوقـع كـنـيـسـة جـيـتـسـمـيـانـي، والإسم آرامي الأصل يعني البكَّاء، أي الذي يبكي ويعوي كثيرا، وهي صفة كانت تطلق عادة على رجال الدين الذين يخافون الله. ولم تذكر كتب التاريخ المسيحية المؤرِّخة لذلك العصر أنه ابن أبي سفيان أو أنه قدم من مكة كما يريد الموروث الإسلاموي أن يوهمنا به. كما أن العملات المعدنية المكتشفة والموجودة الآن في المتاحف تحمل إسمه وقد ضُرِبت في درابجيرد Darabjird بفارس عام 41 من التاريخ العربي. وتحمل مع إسمه صفة "أمير ولوشنيكن wlwyshnyk n" أي "أمير المصدقين أو المخلصين أو المؤمنين" بيسوع المسيح. وهو نفس اللقب الذي يحمله معاوية المنقوش على خزان بالقرب من الطائف ومؤرخ عام 58 بالتاريخ العربي. ونفس النقش موجود باللغة الإغريقية على مبنى حمامات جدارة في فلسطين (قام الدكتور كامل النجار بترجمته من النص الإنجليزي عن Walker, catalogue I, no. 35, p 25) ويحمل السطر الأول من النقش علامة الصليب. والسبب في ذلك هو أن معاوية كان أول حاكم من العربان المسيحيين المقيمين في بادية الشام، الذي تمكن من توحيدهم تحت إمرته ومد نفوذهم لتشمل بلاد الهلال الخصيب بكاملها وأجزاء كبيرة من بلاد الفرس، فاحتفل به المسيحيون في فارس وفي الطائف وغيرها من المناطق التي تدين له بالولاء ونقشوا إسمه ولقبه على المباني وعلى العملات. يقول الدكتور كامل النجار: « وهناك الآن بالمتاحف عملات نحاسية كثيرة تحمل إسم معاوية وعبد الملك بن مروان وسالم بن زياد وعبيد الله بن زياد. وكلها تحمل علامة الصليب أو الحجر اليهودي (بيت الإله)، وبعض العملات تحمل كلمة "محمد" مع الشمعدان اليهودي ذي السبع أذرع، وتغيرت أخيرا إلى الشمعدان ذي الخمسة أذرع. ولا تحمل أي من العملات التي أكتشفت حتى الآن الهلال الإسلامي. ولم يعثر المنقبون على أي عملة تحمل إسم أبي بكر أو عمر أو عثمان. ولم يذكر في أي من النقوش أو العملات من زمن معاوية كلمة الإسلام. فليس هناك ما يدل على أن الحكام الأمويين كانوا مسلمين ». أما عبد الملك بن مروان (685 ـ 705م) الذي جاء في الوثائق التاريخية أنه أعلن أن الإسلام دينا لدولته، وأن محمدا نبيها، وربها واحد لا شريك له، فقد أصدر عملات نقش عليها "عبد الملك خليفة الله" وعملات أخرى تحمل إسم محمد ولكن مرسوم عليها بيت الإله إل El الذي يُرمز له بالعمود الحجري اليهودي في وسط العملة. وقد أسس عبد الملك في عام 72ع "قبة الصخرة" التي يسميها المتأسلمون الآن "المسجد الأقصى"، وكتب على الجانب الخارجي: « بسم الله الرحمن الرحيم. لا إله إلا الله. لا شريك له. قل هو الله احد الله الصمد. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفو احد. محمد رسول الله صلى الله عليه. إن الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. وملئكته ورسله والسلم عليه ورحمت الله. بنى هذه القبة عبد الله عب ...... تقبل الله منه ورضي عنه. امين رب العالمين. لله الحمد ». وعلى الجدار الداخلى كُتِب: « يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق. إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القيها إلى مريم وروح منه. فامنوا بالله وحده سبحنه ان يكون له ولد. له ما في السوات وما في الارض وكفى بالله وكيلا. لن يستنكف المسيح ان يكون عبد الله ولا الملئكة المقربين. ومن يستنكف عن عبدته ويستكبر فسيحشرهم الله اليه جميعا. اللهم ما صلي على رسولك وعبدك عيسى ابن مريم والسلم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا. ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون. ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحنه اذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون. إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم. شهد الله انه لا اله الا هو والملئكة واولوا العلم قيما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم ان الدين عند الله الاسلم وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايت الله فان الله سريع الحساب ». من الواضح أن النص لا صلة له بديانة الأسلمة ولم يوجه للمتأسلمين وأنه مسيحي بامتياز. ولكنه أدخل بصورة أو بأخرى في وقت لاحق إلى قرآن المتأسلمين. وأن المسجد المزعوم لم يكن به محراب يتجه نحو الكعبة، التي جعلها محمد قبلة لأتباعه بدلا من القدس، وأن المبنى به إثنا عشر عمودا تمثل أسباط إسرائيل الإثنى عشر. ولم يذكر في النص كلمة "مسلم"، وأن كلمة "الإسلام" التي كتبت "الاسلم" يمكن قراءتها على أنها أفعل تفضيل من الصفة "سليم" وليست إسم فاعل من "أسلم"، حتى وإن كانت تعني "الإسلام" فهي يقيننا لا تعني هذه الديانة التي نعرفها الآن . وأن كلمة "محمَّد" المذكورة في النص والتي أخذها النبي إسما له أو أطلقها عليه المتآسلمون فيما بعد، ماهي إلا صفة للمسيح، مثلما يقال "ممجَّد أو مقدَّس أو محمَّد" أي له المجد والتقديس والحمد لأنه رسول الله وعبده كما جاء في النص. إذن السؤال الأهم هنا هو: ماذا كانت ديانة الأمويين المنحدرين من قبائل العربان القاطنة في بادية الشام. في القرنين الخامس والسادس الميلاديين كانت الحياة الروحية في منطقة الشام موضع خلاف شديد واضطراب كبير بين اليهود والمسيحيين. وكانت الصراعات الدينية كما هو الحال الآن تستعمل كغطاء لـلمعارضة السياسية، فراح الجميع يتعرضون للأذى والاضطهاد من قبل الساسانيين والبيزنطيين على حد سواء في حالة فوز أي منهما على الآخر. كذلك كان الادعاء الديني لـلحاكم يجعل منه مـشرِّعا دينيًا يحثُّه عـلى فـرض بنود الإيمان على رعاياه بالقوة. إذ لم يكن مقبولاً وجودُ طريقتين للعبادة داخل الدولة الواحدة. فالذي كان يـرفض العبادةَ الرسمية ليـس مصيره جهنمَ فحـسـب، بل يُعتبر أيضا متمردًا على الحاكم. وأي مطالبةُ للمرء بـحقه فـي تـفـسير أو ممارسة حتى بند واحد من العقيدة على هواه كانت تعد شكلاً من أشكال المعارضة للحاكم. من هنا جاءت أهمية النزاعات الـدينية التي كانوا يدافعون عنها، والمرتبطة مباشرة بالحياة السياسية. نتيجة لذلك انبثقت هرطقات دينية كثيرة أورد منها منصور بن سرجون التغلبي المعروف بإسم يوحنا الدمشقي (676 ـ 748م / 54 ـ 127ع) مئة هرطقة ومذهب كافر ومنحرف في كتاب بعنوان "On the Heresies" عام 735م / 113ع)، خـص الأخيرة منها بعنوان "حول مذهب الإسماعيليين" على أساس أنها آخر هرطقة تواجه المسيحية. لقد كانت له معرفة جيدة بتلك الديانة حيث عمل لمدة خمس سنوات موظفا في الإدارة المالية في عهد عبد الملك بن مروان، ثم ترك مهنته وغادر دمشق في عام 725م ليعتكف في دير مارساباس في فلسطين وصار راهبا. والسبب في ذلك كما تقول كتب التاريخ المسيحي إنه شعر بالضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتزايدة لاعتناق هرطقة السراسنة (العربان) الإسماعيليين. وفي خضم فوضى الهرطقات، كان نفوذ العربان المسيحيين يتزايد ويتسع وكـان رؤسـاؤهـم الأكـثـر جـرأة ووحشية يـوطدون سـيطرتَهـم على الـمدن القريبة من الصحراء القاطنين فيها. وتمكنوا من حكم حمصُ ودمـشـقُ عـندما فقدت الأمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية نفوذهما على المنطقة برمتها، ومن ثم فقدَ السلوقيون الأواخر قدرتَهم على فرض احترام السكان لهم. نشأت الهرطقة الإسماعيلية بين البدو العربان الذين اعتنقوا المسيحية على أساس أنهم أبناء إسماعيل إبن النبي العبراني أبرهم أو إبراهيم كما يسمونه، وأن إسماعيل هذا ابن الجارية هاجر، ولذلك سموا أيضا بـ"الهاجريين" تحقيرا لهم. وقد حرم من العهد الإلهى على عكس أخيه إسحاق بن السيدة سارة تبعا للخرافات العبرانية. وعندما نشب خلاف حاد بين اليهودية والمسيحية حول طبيعة المسيح والثالوث المقدس وصلبه، نهج أولئك البدو منهجا وسطا بين الديانتين اليهودية والمسيحية على أساس أن المسيح لم يصلب بل شبه لهم وأنه عبد الله ورسوله، وليس له صفة إلهية. أثار هذا الادعاء حفيظة المسيحيين المتعصبين لديانتهم، فبدأ يظهر العداء بينهم وبين الإسماعيليين في عهد عبد الملك وبخاصة في مصر التي كانت تحت إمرة أخيه الأصغر عبد العزيز بن مروان. فأمر عبد العزير في عام 69ع بتحطيم كل الصلبان في مصر وكتابة تعبير "محمد الرسول الكبير" على جميع الكنائس. وعندما اعتلى الوليد بن عبد الملك السلطة (705 ـ 715م) في دمشق أمر بهدم جزء من كنيسة يوحنا وبنى فيه المسجد الأموي المقام حاليا. وقد علق ماكسيموس (Maximus the confessor) أحد قادة الكنيسة بين عامي 634 و 640م على ما يحدثة البدو العربان وكأنه يعيش بيننا الآن بقوله: « ماذا يمكن أن يكون أكثر سوءا من الشرور التي حاقت بنا وبكل هذا العالم المتحضر؟ فها نحن نشاهد أمة بربرية تدمر البلدان وتحكمها وكأنها ملك لها، وحضارتنا تمسح بالأرض على يد وحوش في شكل بشر». أيضا من الأشياء العجيبة والتي تثير قدرا كبيرا من الشكوك، أن الأموي عـمـر بـن عـبـد الـعـزيـز (717 ـ 720م) الذي يتباهى به الموروث الإسلاموي ويلحقه البعض بالخلفاء المنعوتين بـ"الرشد المزعوم"، قد لـقـب في عصره بالراهب واختار قـبل موته دير سمعان ليدفـن فـيه. في المقال القادم سوف نتناول العقيدة الدينية لأولئك البدو العربان ومتى نشأت؟ وأين؟ وما صلتها بنبي الأسلمة محمد؟ |
#5
|
||||
|
||||
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 5 ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4383 -
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 5 ياسين المصري الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 18:50 المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني النبي والفكرة الإسلاموية في البداية نتذكر قول الشاعر اليمنى عبدالله البردُوني: فـظـيع جـهـل ما يجـري وأفـظع مـنه أن تدري ❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;- من الواضح في هذه المنطقة من العالم أن الصراعات الدينية كانت ولازالت حتى الآن تستخدَم في أغلب الأحيان ـ إن لم يكن دائما ـ كغطاء لـلمعارضة السياسية. فليس بالإمكان مناهضة الحكام باسم المصالح المادية، كما هو الحال عادة في العمل السياسي العادي بين البشر جميعا، بل مقاومتهم باسم المصالح الروحية للوصول إلى السلطة، وبسط النفوذ وتحقيق المآرب المادية والمعنوية بشتى صنوفها. فالمقاومة لا تحدث من أجل المطالبة بـالحريات السياسية أو العدالة الاجتماعية أو الكرامة الإنسانية، أو غير ذلك، بل لـلدفاع عـن العقيدة والإيمان. وكلما كانت العقيدة غامضة والإيمان هو الهوس بعينه، كلما تمكنت المصالح المادية من الإلتحاف بهما. ❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;- كانت الحياة الروحية في منطقة الشام في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، موضع خلاف شديد. الأمر الذي كان يثيرَ حماسَ الـناس ويدفعَ البعـض منهم حتى الاستـشهاد؛ كما كانت أيـضا سلاحـا سياسيا مثاليا يتيح مقاومةَ أي حاكم يرغب في فـرض عـقيدته على المواطنين. فكان الـتصدي لتأكيد المصالح الشخصية تحت غطاء الصراع الديني قد ميز تاريخَ بلاد الشام في تلك الحقبة من الزمن. كذلك عندما يدعي الحاكم أنه رجل دين، فإن ذلك يتحتم عليه أن يكون مشرعا دينيا وأن يفرض بنود الإيمان الذي يعتنقه على رعاياه بالقوة. فلم يكن مقبولاً في ذلـك العصر وجودُ طريقتين للعبادة داخل الدولة الواحدة. فالذي كان يـرفض العبادةَ الرسمية ليـس مصيره جهنمَ فحـسـب، بل يُعتبر أيضا متمردًا على الحاكم. وأي مطالبةُ للمرء بـحقه فـي تـفـسير أو ممارسة حتى بند واحد من العقيدة على هواه كانت تعد شكلاً من أشكال المعارضة السياسية. من هنا جاءت أهمية النزاعات الـدينية التي كانت تثير الـسكانَ العاجزين عن فهم الأمور الـعقائدية الدقيقة كالهرطقات التي كانوا يدافعون عنها، والمرتبطة مباشرة بالحياة السياسية. ❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;- ومع تورم طبقة العملاء ـ رجال الدين ـ تحول ذلك إلى وباء يميز منطقة الشرق الأوسط بكاملها. ومازال سائدا في دولها حتى اليوم. مع اختلاف واحد هو أن الحاكم يدعي حماية الدين ويترك للعملاء مهمة التشريع الديني بهدف تخدير المواطنين سياسيا وتحويل أنظارهم عن مشاكلهم الحقيقية، بشرط ألا يعترضون على ممارساته الشخصية تحت القاعدة النبوية الحمقاء "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الأمر منكم " . وإذا يشذت منهم عن هذه القاعدة تهوي عليه يد الحاكم الغليظة. وأصبح على العاقل منا أن يسأل نفسه عن أهداف المئات من الجماعات الإرهابية الإسلاموية بشتى مسمياتها منذ الخوارج وحتى الإخوان المتأسلمين أو غيرهما، وماذا تريده هذه الجماعات بالضبط!!. أما الذين سحرهم الغرور وأعماهم الهوس الديني نذكرهم بقول أبي العلاء المعري: أيها الغُـرِّ قد خُصِصْتَ بعقلٍ فاسْألـنَّهُ، فكلُّ عـقـلٍ نبيُّ ❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;- ذكرنا فيما سبق أنه عندما ازداد عـدد السراسنة Saracens في بادية الشام أطلق الإمبراطور "تراجان" على الأراضي القاطنين فيها شرق الأردنّ اسمَ "الإمارة العربية". وكانت الإدارةُ الرومانية تشجِّعهم على اعتناق المسيحية، وتعمل على "تحضيرهم"، فمنحتهم الأراضيَ بهدف توطينهـم أكـثر فـي الأرض للتقليل من هجماتهم المتكررة على القرى والمدن. يقول الأستاذ عرفان الشهيد « نحن نعرف من الكتابات المنقوشة بأن Abochorabus الذي ذكره المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس هو أبو كارب إبن جبلة ملك الشام الغساني وقد توفى عام 529م وكان له إبنان هما الحارث الذي خلفه في السلطة على بلاد الشام، والثاني أبو كارب الذي رأس المنطقة الجنوبية باتجاه خليج العقبة. وأن أبا كارب الغساني كان زعيم السراسنة في منطقة خليج العقبة وقد أعطى الإمبراطور البيزنطي لوستنيان Lustinian واحة من النخيل [Phoinikon} كهدية. تلك الواحة كانت على تخوم تبوك أو دومة الجندل. » Irfan Shahid, Byzantium and the Arabs in the sixth century, volume 2, Part 1, Dumbarton Oaks, 1995, page 126. ويتحدث المؤرخ Nonnosus في القرن السادس الميلادي عن: "معبد قريب من مدينة البتراء في منطقة خليج العقبة كان السراسنة والفينيقيون يعتبرونه كمكان مقدس مكرَّس لإله لا أدري من هو ويجتمعون هناك مرتين في السنة". Nonnosus cited by Photius, Bibliotheco, 1.5 وذكر الواقدي في المغازي الجزء الثاني صفحة 355 هذا المعبد وقال إن محمدا في غزوته إلى تبوك صلى في "مسجد" في تبوك، وكان ذلك المعبد معروفا للقوافل التي كانت تأتي من الجنوب ذاهبة إلى سوريا وفلسطين. ووضع حجرا قبالة ذلك المعبد، إذ يقول الواقدي : " ولما انتهى رسول الله إلى تبوك وضع حجرا قبلة مسجد تبوك بيده وما يلي الحجر، ثم صلى الظهر بالناس، ثم أقبل عليهم، فقال: ما هاهنا شام، وما هاهنا يمن". من الملاحظ أن أوائل المؤرخين المتأسلمين كانوا يسمون كل معبد مسجدا، للإيحاء بأن التأسلم سبق الرسول إلى أماكن الغزو، الأمر الذي لا يبرر غزوه لها. فإذا كانت قد تأسلمت وفيها مسجد فلماذا يغزوها؟؟!!، ولكنها الفبركة، والاستهانة بعقول البشر. وقال بلينيوس Plinius في كتابه التاريخ الطبيعي Natural History : « إن الشعب المعروف بالسراسنة كشعب يعيش في خليج العقبة، ليس بعيدا عن مدينة البتراء وهم القبائل التي تقيم في الصحراء المتصلة بأدوم جنوب الأردن بالقرب من مدينة البتراء. » Forster, The Historical Geography of Arabia, 1, page 20. ويقول الباحث البيزنطي إبيفانوس Epiphanius في كتابه تاريخ الكنيسة الذي كتبه في منتصف القرن السادس الميلادي: « إن السراسنة في شرق خليج العقبة كانوا على اتصال بالإمارة العربية التي كانت تابعة لروما. » وهو يعني تلك الإمارة التي التي أطلقها الإمبراطور "تراجان" على مناطقهم. Cited by Jan Retso, The Arabs in Antiquity: Their History from the Assyrians to the Umayyads, Routledge 2003, page 505 and 506. ❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;- نعود ثانية إلى الموضوع فنجد أنه في خضم فوضى الهرطقات، كان نفوذ العربان المسيحيين "السراسنة" في بادية الشام يتزايد ويتسع وكـان رؤسـاؤهـم الأكـثـر جـرأة ووحشية يـوطدون سـيطرتَهـم على الـمدن القريبة من الصحراء القاطنين فيها. فتمكنوا من حكم حمصُ ودمـشـقُ عـندما فقدت الأمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية نفوذهما على المنطقة برمتها، ومن ثم فقدَ السلوقيون الأواخر قدرتَهم على فرض احترام السكان لهم. نشأت الهرطقة الإسماعيلية بين البدو العربان الذين اعتنقوا المسيحية على أساس الزعم بأنهم أبناء إسماعيل بن النبي العبراني إبرهم أو إبراهيم كما يسمونه، وأن إسماعيل هذا ابن الجارية هاجر وقد حرم من العهد الإلهى على عكس أخيه إسحاق إبن السيدة سارة. وعندما نشب خلاف حاد بين اليهودية والمسيحية حول طبيعة المسيح والثلوث المقدس وصلبه، نهج أولئك البدو منهجا وسطا بين الديانتين معتمدا على هرطقات أخرى تقول إن المسيح لم يصلب ولكنه شبه لهم وأنه مجرد رسول من عند الله. تبنى هذا النهج الأسطوري شخص من أولئك العربان المسيحيين يدعى "قثم" كغطاء ديني لمعارضته السياسية ضد الحكام الساسانيين والبيزنطيين. وتشير كثير من الدلائل على أنه لم يولد أو ينشأ في مكة، وإنما ولد ونشأ في منطقة ما تقع شرق البحر الميت أو شرق خليج العقبة، وقد تكون قريبة من مدينة البتراء الأردنية، مالم تكن المدينة نفسها. فالأماكن التي وصلتنا منها العديد من الكتابات المنقوشة أو المحفورة على الآثار، تقع جميعها في شمال أو جنوب شبه الجزيرة، أما منطقة الوسط فكانت ولا زالت مجهولة حتى الآن. وهي بالتحديد المنطقة التي من المفترض أنها شهدت حياة النبي وفقا للموروث الإسلاموي، إذ لا نعرف ماذا كان يحدث هناك إلا من خلال ما تخبرنا به كتب التراث الإسلاموية. هذا ولم يذكر مصدر واحد من خارج هذه الكتب مكة قبل الغزوات الإسلاموية، وعندما ظهرت في مصادر متأخرة لم تخبرنا تلك المصادر بماذا كان يجري في "مكة" وبماذا كانت تشتهر به. من المرجح أيضا وبشكل كبير أن الفترة المكية لهذا النبي ليس لها وجود وأنها أضيفت فيما بعد. وأن الفترة الأولى من حياته قضاها في مكان ولادته، وأن هجرته لم تكن من مكة إلى المدينة ولكنها كانت لجوء أو هروب سياسي إلى الجنوب حيث استقر في يثرب، التي بلا شك سبقه إليها نفر غير قليل من أتباعه المتمردين وغيرهم من أتباع الهرطقات الأخرى من اليهود والمسيحيين؟؟ وأنهم ـ لأهداف مادية ـ اسسوا في مكان غير ذي زرع على الطريق التجاري استراحة للقوافل أطلقوا عليها إسم "مكة" ومعبدا سموه "الكعبة" مثله مثل عشرات الكعبات الأخرى المنتشرة على طول الطريق وفي أماكن أخرى من شبه الجزيرة. وظل النبي وأتباعه يصلون نحو القدس، حتى بعد هروبهم إلى يثرب، ولكن عندما دب الخلاف بينه وبين اليهود والنصارى القاطنين في يثرب لعدم اعترافهم بنبوته، غير القبلة إلى مكة. إذن وجود مكان يطلق عليه مكة معلومة صحيحة، ولكنها أنشئت على الأرجح في نهاية القرن الخامس الميلادي، وأن بها "كعبة" لعبادة الأوثان أمر ممكن جدا، فشبه الجزيرة كانت مليئة في ذلك الوقت بالكعبات المماثلة، بيد أننا لا نعرف بشكل مؤكد أي شيء عنها. ومما يؤكد الشك أكثر في المكان، الذي نزل الوحي فيه برسالة الأسلمة، حقيقة أن القرآن يصف خصومه المشركين بالمزارعين، الذين يزرعون القمح والعنب والزيتون ونخيل البلح، إذ نجد أن المحاصيل الثلاث الأولى تعد من محاصيل البحر الأبيض المتوسط، بينما نخيل البلح يأخذنا جنوبا، حيث منطقة خليج العقبة التي حصل فيها الإمبراطور البيزنطي لوستنيان على واحة من النخيل كهدية من أبي راكب الغساني زعيم السراسنة. فمنطقة مكة كما جاء في القرآن ليست مناسبة لأي نوع من الزراعة، ومكة بلد بغير ذي زرع. بالإضافة إلى ذلك، يصف القرآن مرتين خصومه أنهم يعيشون مكان أمة أبادها الله بسبب خطاياهم. وقد وجدت أماكن مهدمة بشمال غرب الجزيرة العربية (مدينة البتراء ومدائن صالح). وأن النبي كان يطالب خصومه بإدراك أهمية تلك الأماكن والاتعاظ بما حدث للأمم السابقة التي عاشت فيها. وفي إشارة إلى قوم لوط يقول القرآن: {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل} (الصافات 137 ، 138). وهذا يأخذنا إلى مكان ما في منطقة البحر الميت. ويقول المفسرون إن قريش كانت تمر بأطلال قوم لوط في رحلاتهم السنوية إلى سوريا، ولكن المرء لا يمر بمكان ما في الصباح والمساء، كما جاء في الآية، إلا إذا كان يعيش بجواره. ❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;- من ناحية أخرى يذكر القرآن الإسلاموي رحلتين للقرشيين إلى سوريا، رحلة الشتاء ورحلة الصيف. بينما كتب التراث تقول أنه كان هناك أكثر من رحلتين في العام. فنجد مثلا أن محمدا أرسل سرية بقيادة عمه حمزة بن عبد المطلب في الشهر السابع من الهجرة في 30 رجلا من المهاجرين والأنصار لاعتراض عير قريش القادمة من الشام وفيها أبو جهل بن هشام في 300 رجل. وفي الشهر الثامن ـ أي بعد شهر واحد ـ سرية أخرى بقيادة عبيد بن الحارث بن عبد المطلب في 60 رجلا من المهاجرين فلقي سفيان بن حرب على رأس قافلة عائدة من سورياوهو في مئتين من أصحابه على عشرة أميال من الجُحفة. ثم سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرَّار ـ بين الجُحفة ومكة ـ في الشهر التاسع من الهجرة ـ أي بعد شهر من الثانية ـ يعترض عير قريش التي فاتتهم. ثم غزوة الأبواء حيث خرج صلعم في شهر 12 من الهجرة ـ أي بعد ثلاثة أشهر من الغزوة السابقة ـ إلى الإيواء يعترض لعير قريش الذاهبة إلى سوريا. ثم غزوة بُواط بعد 13 شهرا من الهجرة. ثم غزوة ذي العشيرة في شهر 16 بعد الهجرة. وبعدها بشهر أرسل سرية عبد الله بن جحش الأسدي لاعتراض قوافل قريش الآتية من اليمن، فمرت بهم قافلة لقريش تحمل تجارة لمكة فهاجموها وقتلوا عمرو بن الحضرمي، وأسروا اثنين آخرين، وعادوا بالبضائع والأسيرين إلى المدينة. فكيف إذن يوهمنا قرآن المتأسلمين برحلتين في العام لقريش إلى الشام؟؟!! الشيء الذي لا يمكن أن يصدقه عقل سليم هو الزعم بأن النبي العبراني إبراهيم وزوجته الجارية هاجر وإبنهما إسماعيل قطعوا مئات الأميال في طرق وعرة وخالية من الزرع والماء وربما البشر أيضا ليصلوا إلى مكة ليبنوا الكعبة، فراح الناس يأتون إليها من كل فج عميق للحج ـ الرواية المذكورة في القرآن ـ، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يسمع عنها أحد، ولم يرد لها ذكر في كتب المؤرخين البيزنطيين والساسانيين، ولم يتطرق لها الكتاب المقدس، رغم أنه ذكر عدة مرات مدن عربية أخرى كثيرة منها قيدار وتيما وديدان وغيرها؟ وتكلم بوضوح عن أورشليم القدس بوصفها مدينة معروفة عالميا في ذلك الوقت. ❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;-❊-;- وفي كتاب منصور بن سرجون التغلبي المعروف بإسم يوحنا الدمشقي (676 ـ 748م / 54 ـ 127ع)، حول الهرطقات المسيحية بعنوان "On the Heresies"، والذي ألفه بعد 100عام على موت محمد وضمنه مـئة هـرطـقة خـصص الأخيرة منها لمذهب الإسماعيليين، يقول: « نحن نعارضهم (الإسماعيليين) قائلين: من الذي يشهد بأن الله أنزل إنجيل Biblos محمد (يقصد القرآن) عليه؟ وإذ يشعرون بالإحراج فإننا نواصل قائلين: لقد تلقى موسى الشريعة فوق جبل سيناء أمام عيون الشعب، وتجلى الله في الغمام والنار والدخان والعاصفة ... فلماذا لم ينزل الله عليه إنجيله بحضوركم كما نزل الشريعة على موسى بحضور جميع الشعب ... وذلك حتى تكونوا متيقننين تماما؟ فيجيبون: الله يفعل ما يشاء. فنجيبهم: نحن نعرف هذا ولكن كيف نزلت مجموعة النصوص"Suggraphe" على نبيكم؟ فيجيبون: نزل عليه أثناء نومه وبالتالي لم يكن واعيا بالفعل الإلهي. نقول لهم من جديد: لقد شرع لكم (محمد) في إنجيلكم ألا تفعلوا شيئا دون شهود وألا تعقدوا صفقات دون حضور شهود، فكيف لم تقوا له: إئتنا بشهود أنت أولا تثبت بهم أنك نبي وأنك رسول من الله؟ إن الذي أعطاكم الإنجيل (أي محمد) ليس له مطلقا أي حجة (على نبوته) وقد تلقى الإنجيل في المنام (ص 32). إذن يوحنا الدمشقي تناول "ديانة الإسماعيلين" على أساس أنها "هرطقة" ولم يطلق عليها لفظ "الإسلام" بالرغم على مرور أكثر من 100 عام على ظهورها، كما أنه يشكك في الوحي الذي لم يصفه بـ"القرآن"، بل أطلق عليه تعبير "إنجيل محمد"، لأنه حدث دون شهود، أي أثناء النوم، وأنه مجرد أضغاث أحلام لا دليل عليها. ويعلق الأستاذ محمد النجار على ذلك يقوله: « ومن العجيب أن المسلمين الذين يحاورهم لم يشيروا ولو عرضا إلى الحالات الأخرى التي نزل بها الوحي حيث يمكنهم القول: بلى لقد كنا شاهدين على الوحي وكان القرآن ينزل والنبي بيننا ونحن نشاهده، ولكن نراهم يصرون على موقفهم قائلين: الله يفعل ما يشاء ». المصدر: الحوار المتمدن، قراءة في بعض السيرة النبوية 3/1 بتاريخ 11/6/2010. مما سبق يتضح بأن الجميع لم يكن لهم علم إلا بأن الوحي نزل على النبي في المنام فقط لا غير. وهذا يؤكد قول عائشة: « أوَّل ما بدأ به رسول الله (ص) من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ...». كما تؤكده أيضا كتب التراث من أن المدعو جبريل جاءه وهو نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال إقرأ (الرواية المعروفة) وهي رواية مقتبسة بالكامل من سفر إشعيا 40 ، 6 ). ويعلق الأستاذ النجار على هذا بقوله إن هذه المعلومة تمت إضافة "بهارات" أخرى إليها من طرف الرواة في مرحلة التدوين (في العصر العباسي الأول) التي تلت ذلك الوقت وامتدت عشرات السنين وشهدت انفجارا عجيبا في الاهتمام بالتأليف والكتابة في كل الفروع الدينية من السيرة حتى الفقه والحديث » .... إلخ. وبخصوص الملاك العبراني المدعو جبريل، فهو عند العبرانيين "جبرائيل" أي الإله "إيل الجبار"، وصورته مقتبسة من مذهب"المغتسلة Elcésaites" الذين يغتسلون بالماء الجاري، وقد ظهر في القرن الثاني الميلادي وتحدث عنه عبد الله النديم في الفهرس. وهو مذهب يهودي ـ مسيحي، إعتنقه الصابئة المندائيين في الأقاليم الواقعة بين دجلة والفرات في العراق، أثناء احتلال الساسانيين الفرس لها، وقد ذكرهم القرآن في قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يجزنون}.. ملحوظة: يجب ألا ننسى أن النبي وأتباعه لم يأخذوا بقول ربهم هذا فيما بعد وأطلقوا عمليات الإرهاب والقتل والتشتيت على أولئك اليهود والنصارى، ومازالت هذه العمليات جارية على قدم وساق حتى الآن. وقد إدعى مؤسس هذا المذهب أنه أوحي إليه بكتاب مقدس من طرف جبريل الذي كان يغطي الأفق وطوله ستة وتسعين ألف ميل، وعرضه ستة عشر ألف ميل، ... إلخ. وقد تعلم النبي الفارسي "ماني" هذا المذهب في صغره، إذ كان يتبعه أبوه. ومع تقدمه في العمر تخلى عن مذهب المغتسلة وزعم أنه (الفارقليط) الذي بشر به المسيح. فدخل "المانوية" إلى المرويات الإسلاموية من جانب يهودي ـ مسيحي ـ فارسي، إذ أن أغلبية جامعي الأحاديث من أصول فارسية..... كما أن المانوية كانت موجودة في مكة....، وأنها تحتوي على خمسة أركان هي : الوصايا الموجودة حاليا عند الشيعة والصلاة والزكاة والصوم والاعتراف بالخطايا التي يقابلها الحج بوصفه أيضا يمحو الذنوب. وفي خضم فوضى الأحاديث، خاصة في العصر العباسي الأول، وُضعت لصورة جبريل ستمائة جناح وأحيانا يأتي لابسا عمامة من استبرق، راكبا على بغلة وقد يكون رأسه مليئا بالغبار بعد اشتراكه في المعارك النبوية وكثيرا ما كان يشبه دحية الكلبي، أو يأتي أحيانا في صورة شيخ .. هكذا. أما الخلفاء "الراشدون"، في يثرب، فهم بلا شك كانوا حكاما محليين لا قيمة لهم. لذلك لم يرد أي ذكر لهم في كتب التاريخ الغير إسلاموية أو أي من العملات الأثرية المكتشفة والتي صكت في وقت مبكر من ظهور الديانة المحمدية، ويذهب الدكتور سليمان بشير إلى أن عثمان كان واليا في يثرب من قبل معاوية في دمشق. وكان لا بد للعباسيين أن يركزوا على هذه الفترة ضمن فبركتهم للتاريخ، بهدف التقليل من قيمة الأمويين الذين اغتصبوا الحكم ممن يستحقونه، كما جاء به الموروث الإسلاموي. إذ من المعروف في هذه المنطقة من العالم أن كل حاكم يبني مجده المزيف على أنقاض أو جثث من قَـبْلهِ من الحكام. كذلك فإن المراجع التاريخية الغير إسلاموية التي كتبت في ذلك الوقت تؤكد بأن الغزوت العربانية المسماة بـ "الفتوحات الإسلاموية" ما هي إلا غزوات قام بها معاوية وخلفاؤه من الأمويين لتوسيع مملكتهم والسعي وراء الغنائم والجزية وغيرها مما كان شائعا في تلك الأزمنة، ولم يكن له صلة على الإطلاق بالديانة الإسلاموية. وأن هذا الزعم جاء لاحقا من قبل العباسيين كفصل آخر للإمعان في التقليل من أهمية الأمويين. لا شك أن " قثم " الذي لقب بـ "محمد" فيما بعد، مثله مثل أي متمرد سياسي، قام بالكثير من العمليات الإرهابية المذكورة في التراث الإسلاموي، ولكنها لم تكن فتوحات بل كانت بهدف الغنائم والسلب والنهب وقتل الرجال وسبي البنين والبنات والنساء، تحت غطاء ديني كثيف من إله خاص. وأنه ترك أثرا كبيرا في الذاكرة الجمعية لأتباعه، وعندما رأي الأمويون ضرورة البحث عن هوية خاصة بهم لتأكيد سلطتهم على العربان، راحوا يبحثون عن أقواله المتناثرة في أذهان الناس هنا وهناك ، فأتى معاوية ـ تبعا لما تقوله المرويات التراثية ـ بشخص مجهول الهوية ولم يعيش بجانب النبي سوى عام واحد فقط، يُعرَف في التراث الإسلاموي بـ"أبي هريرة" ليقيم في قصره، ويفبرك له الأحاديث النبوية التي ترفع من مكانة الأمويين. وفي العقد الأخير لحكمهم تم جمع البعض منها. ثم تلقفها من بعدهم عملاء العباسيين، من الفارسيين، ليحزفوا منها ويضيفوا إليها ما شاء لهم، حتى أصبحت هزيانات و هلوسات لا نظير لها في أي ديانة من ديانات العالم التي لاحصر لها. وتم فرضها على رعاياهم بالإرهاب والقتل. فكان لا بد للعملاء المتأسلمين أن يتفرغوا دائما وأبدا للدفاع عن هراء أبي هريرة وغيره ممن رضي الله عنهم وأرضاهم، مرة لإثبات نبوة محمد ومرة أخرى لدرء الشبهات الإسلاموية العديدة والتليدة، ولكن دائما وأبدا بقدر لا يستهان به من التلفيقات التي لا يصدقها أقل الناس ذكاء في العالم. ملحوظة: المقالات الخمس السابقة كانت مجرد شذرات وتحفيزات بسيطة وخالية من التفاصيل والخرائط وبها القليل من الأدلة المادية والمراجع العلمية التاريخية، لذلك سوف يتوقف نشرها عند هذا الحد لإفساح الوقت كي يتم إعداد كتاب بعنوان "الإسلام جاء من بلاد الفرس"، يتضمن الكثير من الأدلة المادية والمراجع العلمية والتاريخية المدعمة بالخرائط الموثقة، وإجابة علمية مفصلة لسؤال "هل الإسلام فارسي أم عربي؟" وهو عنوان مقال رائع ومفيد للأستاذ جاسم الزيرجاوي، فقد لفت نظري إليه مشكورا في موقع الحوار المتمدن، العدد 3720 بتاريخ 7.5.2012. هذا وسوف يتم نشر الكتاب على مواقع الإنترنت حال الانتهاء من إعداده. مع التذكير بكتابي "الخديعة الكبرى ـ العرب بين الوهم والحقيقة" والذي يقدم طرحا شاملا لهراء وهزيان الديانة الإسلاموية. ويجده القارئ على العنوان التالي: http://www.4shared.com/office/EnYKYto6ba/____.htm ودمتم جميعا بكل خير |
#6
|
||||
|
||||
إن الإسلام برمته كدين لا أساس له، و لا يمكن أن يحترمه الشخص العاقل أو يتعامل معه من منطق عقلاني، إنه مجموعة أقوال و أفكار متناقضة و متضاربة فيما بينها و هي لا تخاطب عقل الإنسان بل غرائزه لهذا رأيناها سهلة الانتشار في كل زمن مضى أما اليوم فإن أكثر المسلمين بدؤوا يشعرون بهذه النكتة التي اسمها الاسلام فصاروا يناقشون بالعقل و يدحضون أفكار هذا الدين من باب المنطق العقلاني و الحجة الدامغة التي لم تعد تنطلي حيلتها على إنسان عصر النت و الفضائيات و سرعة انتقال المعلومة. إن الدين الذي جاء به محمد مشكوك به من أول لحظة بدايته، إذ كيف يأتي (جبريل) برسالة إلى (محمد) دون أن يفهمها محمد أو يعي أنها رسالة؟ إن خديجة هي التي أخبرته بأنها رسالة ممن يدعى إله محمد، أليس هذا الأمر مضحكاً؟ إذا لم يعرف محمد بما أتاه به جبريل فما فائدته؟ إن محمداً حلم بجبريل و حين أفاق علم بأمر النبوة من زوجته. كل الأنبياء الذين سبقوا محمد كانوا يقومون بصنع العجائب على مرأى و مسمع من الناس أصحاب الشأن، إلاّ محمد فإن النبوة جاءته و هو نائم في غار حراء دون أن يرى أحد لا جبريل و لا محمداً، حتى أن إسراءه إلى الأقصى، الذي لم يكن موجوداً بعد، جاء في الليل و الناس نائمة. ضحك على عقول البسطاء من الناس بإظهار خوارق لم تقع أصلا و لم يكن لها وجود، ناهيك عن أن كل الأحاديث و التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام تعتمد على النقل و العنعات التي لا تنتهي فعن فلان عن فلان عن فلان.... الخ. العقل البشري لا يقبل بغير الحقيقة الدامغة و بشهود الإثبات و كل تاريخ الإسلام و المسلمين لا دليل إثبات به، إنه روايات منقولة و قصص مؤلفة و أساطير الأولين بما يخدم هذا الدين وكلها نفاق و تضليل و أباطيل ليس لها من الواقع الفعلي و الحقيقي أي شئ. ألم يحن الوقت ليدرك السلمون المغفلون أنهم يعيشون أكبر كذبة في حياتهم هي الإسلام؟ لقد بدأ البعض يستيقظ و يستهجن و يسأل و ينتقد و هذا لم يكن ليسمح به الاسلام و لايسمح به اليوم أيضا عندما يكون له قرار الحكم الفصل. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|