Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
الإبداع الفنّي للعلم اللبناني
الإبداع الفنّي للعلم اللبناني وتاريخه التّشكيليّ المجيد بقلم: حسين أحمد سليم قبل إبتكار وإعتماد العلم الحالي كراية وشعار لدولة لبنان, عرف لبنان، قبل العلم الحاليأعلاماً عديدة، وصفتها المراجع التّاريخية, وحدّدت زمن إستخداماتها وإعتمادها, وبيّنت معالم مقاييسها وتشكيلاتها وألوانها ومعانيها ورؤى أبعادها الأخرى... ماضيا, كان للفينيقيين اللبنانيين علمهم، وكان لكلّ شعبمرّ على أرض لبنان علمه, وقد ورد بكتاب "تاريخ النّصرانيّة" المطبوع في فلورنسا، عام 1685 للميلاد, التّشكيل الفنّي لرسم أوّل علم لبناني, عليه الأرزة اللبنانيّة, وقد كان اللون الأبيض يُزيّن أعلىالعلم, وعليه رسم غصن أرزة لبنان, أمّا اللون الأحمر, فكان يُزيّن آخر العلم, وعليه رسمسنديانة لبنانيّة... وقد تمّ الإعتراف رسميّاً بهذا العلم وبشرعيته... دارت الأيّام وتعاقبت الحقب التّاريخيّة, وسادت فوق الأرض اللبنانيّة حضارات ثمّ بادت, وتوالى مع كلّ حضارة, إرتفاعالرّايات والأعلام المختلفة... حتى جاء العام 1848 للميلاد, حيث إعتزم مارون النّقّاش إفتتاح أوّلمسرح للتّمثيل في البلاد العربيّة, وذلك في شهر تشرين الأوّل من العام المذكور, وقد نصح يومهاالكاتب الإنكليزي اريكون هارد, مؤلّف كتاب "لبنان تاريخ ويوميّات" مارون النّقّاش, بأنيتّخذ شعاراً لفرقته, شارة تشير إلى لبنان... فتقرّر إتّخاذ الأرزة شعاراً للفرقة, ومنهاأخذت شعاراً يُرسم على علم لبنان... دخل الحلفاء إلى لبنان, بعد الحربالعالميّة الأولى, فإرتفعت رايتان, كان للأرزة نصيب في إحداها... ألوان القيسي واليميني في جبللبنان... فيرى البعض إنّ اللونين الإبيض والأحمر في العلم اللبناني الحالي, يُذكّران البعض بألوان الحزبين, القيسيواليمني, اللذين تنازعا الحكم في جبل لبنان, في القرن السّادس عشر... بينما يرى البعضالآخر فيهما لون الدّم ولون الحرّيّة... وهناك صوراًمتسلسلة تاريخيّة للرّايات والأعلام اللبنانيّة, تبرز خلفيّة الأبيض والأحمر الطّاغية،ويظهراللون الأزرق عند الفينيقيين, ثمّ عند الشّهابيين, ثمّ أثناء الإنتداب الفرنسي... وأوّل منإستعمل عنصراً نباتيّاً في العلم, هو الأمير إبراهيم, الذي تُنسب إليه تسمية نهرإبراهيم... والأصفر هو للحقبة المملوكيّة, وإستعملها الحزب اليميني في جبل لبنان أيضاً,عبر رسم الشّمس الصّفراء, أو زهرة دوّار الشّمس... ويتطوّر العنصر النّباتي إلى إكليل غارعند المعنيين... أمّا الهلال والنّجمة, فظلاّ شعار العلم العثماني الرّسمي على خلفيّة حمراءقانية, وهو نفس اللون الطّاغي عند الجنبلاطيين, الذين إستبدلوا السّيف في القرن الّسادسعشر بالرّيشة, في علم الحزب التّقدمي الإشتراكي الحالي... أمّا العروبيّون والحركاتالوحدويّة في السّاحل اللبناني, فقد تبنّوا جميعهم علم الثّورة العربيّة في مواجهة العلماللبناني, الفرنسي. أمّا ألوان علم الثّورة العربيّة فهي الأسود والأبيض والأخضروالأحمر, نسبة إلى قول شاعر القرن السّادس عشر, صفيّ الدّين الحلّي في قصيدته الشّهيرة: سل الرّماح, ومنها البيت الشّعري الذي يقول فيه: بيض صنائعنا، سود وقائعنا،خضرمرابعنا، حمر مواضينا... وثمّة من رأى في ألوان العلم العربي, نسبتها إلى ألوانالدّول العربيّة عبر التّاريخ: الأسود للعبّاسيين, والأبيض للأمويين, والأخضر للفاطميين,والأحمر إمّا بسبب الثّورة على العثمانيين, وإمّا لأنهّ كان لون العلم العثماني نفسه... أمّا في لبنان فإنّ الألوان الثّلاثة الأساسيّة جرى الحفاظ عليها: الأبيض والأحمروالأخضر... أمّا اللون البنّي المائل إلى السّواد, لون جذع الأرزة, فقد اختفى من النّصّالرّسمي, لتحديد ألوان العلم, وبقي واضحاً في النّسخة الأصليّة, لرسم العلم في جلسةالمجلس النّيابي الشّهيرة والتي وقّع عليها النّوّاب... فنعّوم مكرزلصاحب صحيفة "الهدى" النّيويوركيّة, إقترح للبنان, علم فرنسا تتوسّطه الأرزة, كرمز للبنان المنتدب,وقد عرض هذا الإقتراح على رئيس الجمهوريّة الفرنسيّة ريمون بوانكاريه, فإستحسن الفكرة,وإتّخذ العلم المثلّث الألوان، متوسّطاً بالأرزة, راية للبنان في عهد الإنتداب... ويُروى أنّنخلة التّويني, كان أوّل من طاف بهذا العلم في أنحاء بيروت يومها... هذا, وأكّد هنري فرعون الذي إغتيل في 6/8/1993 للميلاد, بحديث الى مجلّة الجيش اللبناني العدد رقم 92 الصّادر في كانون الأوّل من العام 1992 للميلاد, أنّ علم الإستقلال, هو من رسمه قائلاً: إخترت الأرزة في قلبه, لأنّهاخالدة, وقد وقّع سبعة نوّاب على العلم في منزل سليم سلام... وجاء رسم العلم اللبناني في ذلك الوقت عفويّا يومها... ولدى تعديل الدّستور اللبناني، سنة 1943 للميلاد، قُدّم إقتراح نيابي, يقضي بتغيير شكل العلم, بموجب المذكّرةالآتي نصّها: عطوفة رئيس مجلس النّواب الأفخم... عملاً بالمادّة السّابعة والسّبعينمن الدّستور, يتشرّف النّواب الموقّعون, بأن يقترحوا على المجلس تعديل المادّة الخامسة منالدّستور على الوجه التّالي: مادّة وحيدة... العلم اللبناني, أحمر فأبيض فأحمر,أقساماً أفقيّة, تتوسّط الأرزة القسم الأبيض بلون أخضر، أمّا حجم القسم الأبيض, فيساويحجم القسمين الأحمرين معاً، وأمّا الأرزة, ففي الوسط, يُلامس رأسها القسم الأحمر العلوي,وتلامس قاعدتها القسم الأحمر السّفلي, ويكون حجم الأرزة, موازياً لثلث حجم القسمالأبيض... ويرجو النّواب الموقّعون عرض هذا الإقتراح, ليصير التّصديق عليه بالأكثريّةالدّستوريّة المطلوبة, في أوّل جلسة... وتفضلّوا يا فخامة الرّئيس بقبول فائق الإحترام... بيروت في 11 تشرين الثّاني سنة 1943 للميلاد. وحمل الإقتراح النّيابي تواقيعنائب الشّمال سعدي المنلاّ، نائب البقاع هنري فرعون، نائب بيروت صائب سلام، نائبالجنوب رشيد بيضون ونائب الجنوب مارون كنعان... لكنّ رئيس الجمهوريّة وبعض أعضاءالحكومة اللبنانيّة إعتقلوا في تلك الأثناء وألّف البعض الآخر حكومة شرعيّة فيبلدة بشامون, جنوب شرق بيروت... وفي 12 تشرين الثّاني 1943 للميلاد, دعا الرّئيس صبري حمادة إلى جلسة للمجلسالنّيابي, لكنّ الجنود السّنغاليين, ضربوا طوقاً للحؤول دون ذلك, ولم يتمكّن من إختراقالطّوق, سوى سبعة نوّاب هم: صبري حمادة، والنّوّاب هنري فرعون، صائب سلام، رشيد بيضون، مارونكنعان، محمد الفضل وسعدي المنلاّ, الذي حُمل هذا الأخير على مناكب الجماهير الثّائرة, وأُدخل منشبّاك أطلق عليه، منذ تلك السّاعة، إسم "شّباك سعدي المنلاّ"... وخوفاً من دخولالسّنغاليين عليهم سارع الحاضرون، بناء على إقتراح تقدّم به أحدهم, لتغيير العلماللبناني, وتحريره من الألوان الفرنسيّة، قُوبل بالهتاف والتّصفيق، إلى إقرار تعديلالمادّة الخامسة من الدّستور اللبناني، وجيء بقلم رصاص أحمر, فأخذ النّائب سعدي المنلاّ, مهمّة رسمالعلم الجديد. ولم يجد النّواب قلماً أخضر، فرسموا الأرزة بالقلم الرّصاصي العادي, ثموقّعوا بإمضائهم على الرّسوم وعلى الإقتراح... ووقف الرّئيس ووقفوا، وأقسم الجميع على أن تكون هذه الألوان علماً للبنان المستقل... كانت السّاعة الحادية عشرة من صباح يومالأحد الواقع في 21 من تشرين الثّاني سنة 1943 للميلاد, حين وصل إلى بشامون أربعة شبّان, ينتمي منهمإثنان إلى منظّمة الكتائب وإثنان إلى منظّمة النّجّادة، يحملون العلم الجديد, وقد صنعتهأيدي نساء لبنان،ودخلوا به على الحكومة، وقد غمرهم، جميعاً، جوّ من الحماسةوالغبطة... كانت السّاعة الحادية عشرة، حينذاك، يوم إرتفع علم لبنان في بشامون... وقد أذاع رئيس الحكومة الشّرعيّة حبيب أبو شهلا أثر ذلك, البلاغ التّالي: فيالسّاعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد في 21 تشرين الثاني سنة 1943 إستلمت الحكومةالشّرعيّة في مقرّها الموقّت في بشامون, من يديّ شباب الكتائب والنّجّادة العلم اللبنانيالجديد, الذي أقرّه مجلس النّواب بتاريخ 12 تشرين الثّاني سنة 1943 للميلاد, وقد تولّى أصحابالفخامة والمعالي, نائب رئيس مجلس الوزراء القائم بأعمال رئيس الجمهوريّة، ورئيس مجلسالنّواب ووزير الدّاخليّة والدّفاع الوطني والقائد العام لقوات الحرس الوطني, رفع العلمعلى سارية, نُصبت فوق مقرّ الحكومة المؤقّت, ثم مرّ من أمامه الحرس الوطني, وهم ينشدونالنّشيد الوطني اللبناني... صدر عن مقرّ الحكومة في 21 تشرين الثاني سنة 1943للميلاد... وقد واكب رفع العلم اللبناني، للمرّة الأولى، فوقسارية دار الحكومة, السّرايا الصّغيرة, بعد إنزال العلم القديم عنها, حماسة قفزت لهاالقلوب من الصّدور في حين كانت ساحة السّرايا, تغصّ بألوف الجماهير والهتافات تشقّ كبدالفضاء والتّصفيق يتعالى كالعاصفة الزّائرة... وقد رفعت علم لبنان, أيدي عصبة منالفتيان الميامين الملتهبين حماسة ووطنيّة... يتكوّن علم لبنان من قطعة قماش, طولها ضعف عرضها، ويُقسم عرضيا إلى ثلاثة أجزاء، بحيث يكون عرض الجزء الأوسط, عرض مجموع ألجزئين الآخرين معا... أما لون الجزء الأوسط فهو الأبيض، ولون ألجزئين الآخرين الأحمر. ويتوسط الجزء الأبيض أرزة خضراء... إذن فالعلم اللبناني, أحمر فأبيض فأحمر, أقساماً أفقية, تتوسّط الأرزة القسم الأبيض بلون أخضر. أمّا حجم القسم الأبيض, فيساوي حجم القسمين الأحمرين معاً. وأمّا الأرزة فهي في الوسط, يلامس رأسها القسم الأحمر العلوي, وتلامس قاعدتها القسم الأحمر السّفلي, ويكون حجم الأرزة موازياً لثلث حجم القسم الأبيض.يرمز اللون الأحمر إلى دماء الشّهداء, التي أريقت في ثورة تشرين الثّاني 1943للميلاد, ويرمز اللون الأبيض إلى بياض الثّلج, الذي يتراكم على جبال لبنان, وهو رمز الصّفاء والسّلام، أمّا شجرة الأرز التي استمدّت من جبل لبنان، فهي ترمز إلى القداسة والخلود والصّمود والعراقة... وقد ترك لنا التّاريخ حكايات كثيرة عن الأعلام التي تمّ رفعها فوق الأراضي اللبنانيّة, ومنها: العلم الفينيقي بلونيه: الأحمر والأزرق, وعلم آل نكد بلونيه: الأصفر والأزرق, وعلم الإدارة العربيّة بألوانه الأفقيّة: الأسود والأخضر والأبيض والمثلّث الأحمر إلى اليسار, وعلم الحنبلاطيين بلونه الأحمر ضمن إطار رفيع أخضر وفي وسطه السّيف, وعلم القيسيين الأحمر وفي أسفله وردة بيضاء وخضراء, وعلم المملكة السّوريّة بألوانه: الأسود والأخضر والأبيض والمثلّث الأيسر الأحمر تتوسّطه النّجمة السّباعيّة, وعلم الثّوّار المردة باللون الأحمر والسّيف وعلامة الجمع, وعلم ثوّار الأمير إبراهيم بلونه الأبيض وفيه وردة خضراء وحمراء, وعلم التّنّوخيين بألوانه: الأخضر والأحمر والأصفر والأزرق... وأمّا مسارات العلم اللبناني عبر التّاريخ فتتلخّص بحقب متوالية سالفة: ففي العام 1516للميلاد, إعتمد المعنيّون علماً مقسّماً جانبيّاً باللونين الأحمر والأبيض يتوسّطه إكليل أخضر... وفي العام الميلادي 1698 إعتمد الشّهابيّون على علم أزرق يتوسّطه هلال أبيض... وفي العام 1842للميلاد, أيّام المتصرفيّة، إستعملت راية حمراء يتوسّطها الهلال والنّجمة, الشّعار الذي يدلّ على الدّولة العثمانيّة... وفي العام 1918للميلاد, وبعد إنتهاء الحرب العالميّة الأولى وإنسحاب العثمانيين، إستعمل اللبنانيّون راية بيضاء تتوسّطها أرزة خضراء... وفي العام 1920للميلاد, عند إعلان دولة لبنان الكبير، إستعمل الفرنسيّون علمهم الأحمر, الأبيض, الأزرق, ووضعوا أرزة وسطه... وفي العام 1943للميلاد, أعلن ثوّار بشامون إستقلال لبنان, وتحّول العلم إلى الشّكل الحالي وأقرّه المجلس النّيابي اللبناني في كانون الأول 1943 للميلاد كعلم رسمي... ورفع لأوّل مرّة على سراي الحكومة الشّرعيّة في قرية بشامون، وأقرّه البرلمان اللبناني في كانون الأول 1943 للميلاد... ومع كثرة الجمعيات السّياسيّة وغير السّياسيّة والأحزاب والتّنظيمات والتّجمّعات الفكريّة والإجتماعيةّ والأدبيّة والفنّيّة والتّجاريّة والصّناعيّة والزّراعيةّ والعلميّة والثّقافيّة وغيرها, فوق الأراضي اللبنانيّة, إضافة للوزارات والإدارات والجامعات والمؤسّسات... كثرت الأعلام والرّايات والشّعارات التي يتمّ إستخدامها من قبل هذه الجمعيّات والأحزاب والفئات والتي تجاوزت الآلاف...
__________________
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس hasaleem
|
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|