![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
قُرْبٌ يُبْكِي البُعْدَ
بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي كَيْفَ لِي أَنْ أُعَبِّرَ عَنْ مَدَى ٱشْتِيَاقِي إِلَيْكَ، وَ أَنْتَ مِنِّي قَرِيبٌ، وَ عَنِّي بَعِيدٌ؟ أَيُّ مَعْنًى لِهٰذَا ٱلْجِدَارِ ٱلْغَامِضِ، ٱلَّذِي يَفْصِلُنَا، وَ نَحْنُ فِي نَفْسِ ٱلْمَكَانِ؟ تُحَاوِرُنِي ٱلْعُيُونُ، وَ لٰكِنَّ ٱلْأَرْوَاحَ تَبْكِي، وَ تَشْتَكِي مِنْ بُعْدٍ أَلِيمٍ، يَسْكُنُ قُرْبَكَ. أَنْتَ مَصْدَرُ ٱلرَّاحَةِ، وَ مَنْبَعُ ٱلْفَرَحِ، وَ رَوْحُ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْخَفِيَّةِ، ٱلَّتِي تَنْبُضُ فِي أَعْمَاقِي. كُلَّمَا لَاحَ طَيْفُكَ، ٱنْفَتَحَتْ نَوَافِذُ ٱلنُّورِ فِي صَدْرِي، وَ عَادَ ٱلنَّبْضُ يُغَنِّي أَغَانِيَ ٱلْوَصْلِ. وَ إِذَا غِبْتَ، سَكَنَ ٱلصَّمْتُ فِي مَفَاصِلِ ٱلْوُجُودِ، وَ تَحَوَّلَ ٱلْوَقْتُ إِلَى جَمِيدٍ قَاسٍ، يَصْهَرُ ٱلْقَلْبَ. لِلْحَدِيثِ عَنْكَ شُجُونٌ لَا تَنْتَهِي، وَ آمَالٌ مُعَطَّرَةٌ بِرَغْبَةِ ٱللِّقَاءِ، وَ آهَاتٌ تُخْفِي نَدَاءَ ٱلْفِرَاقِ. كَمْ مَرَّةٍ كَتَبْتُكَ فِي دُفْتَرِ ٱلذِّكْرَيَاتِ، وَ رَسَمْتُ ٱبْتِسَامَتَكَ فِي زَوَايَا ٱلْخَيَالِ؟ كَمْ قُلْتُ لِلْقَلْبِ ٱهْدَأْ، وَ كَمْ أَجْبَرْتُ ٱلدَّمْعَ عَلَى ٱلرُّجُوعِ، وَ هُوَ يَسِيلُ عَلَى وَجَنَاتِ ٱلْحَنِينِ؟ كُنْتَ دَائِمًا ٱلْحَاضِرَ، ٱلْغَائِبَ؛ تَجْلِسُ أَمَامِي، وَ لٰكِنَّنِي لَا أَمْلِكُكَ. صَوْتُكَ قَرِيبٌ، وَ لَفْظُكَ يُحْيِينِي، وَ لٰكِنَّ نَفْسَكَ فِي عَالَمٍ لَا يَصِلُهُ شَوْقِي. وَ أَنَا هُنَا، أُطَالِعُكَ كَمَنْ يَنْظُرُ إِلَى قَمَرٍ لَا يُمْكِنُهُ مَسُّهُ، وَ لَا يُمْكِنُهُ نِسْيَانُهُ. أَخْبِرْنِي، كَيْفَ لِي، وَ مَعَ كُلِّ هٰذَا ٱلْكَمِّ مِنَ ٱلشَّوْقِ، أَسْتَطِيعُ ٱلصَّبْرَ؟ كَيْفَ لِي أَنْ أَتَحَمَّلَ ٱلتَّصَبُّرَ، وَ قَلْبِي يَئِنُّ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ؟ ٱلشَّوْقُ يَلْتَهِمُنِي كَنَارٍ خَفِيَّةٍ، وَ أَنَا أَبْتَسِمُ كَذِبًا، وَ أُخْفِي ٱلْوَجَعَ فِي ثِيَابِ ٱلْكِبْرِيَاءِ. ٱلْفُرْصَةُ لِلِّقَاءِ قَدْ تَكُونُ وَاهِيَةً، وَ لٰكِنَّ ٱلْأَمَلَ لَا يَمُوتُ فِي مَنْ أَحَبَّ. أَكْتُبُكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فِي رِيحٍ تَمُرُّ، فِي نُجْمَةٍ تَظْهَرُ، فِي صَمْتِ ٱللَّيْلِ، وَ فِي ٱبْتِسَامَةِ ٱلْفَجْرِ. وَ أَعْرِفُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَقْتَرِبُ، مَا دُمْنَا نُؤْمِنُ، وَ نَنْتَظِرُ بِلَا يَأْسٍ. فَلَا تَكُنْ بَعِيدًا، وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِيبًا كَمَا أُرِيد، فَكُنْ فِي ٱلْقَلْبِ. كَفَى بِقُرْبِ ٱلرُّوحِ، إِنْ خَذَلَتْنَا ٱلْمَسَافَاتُ. وَ إِنْ عُدْتَ، فَٱعْلَمْ أَنَّ ٱلشَّوْقَ لَكَ لَمْ يَغِبْ، بَلْ كَانَ يَكْبُرُ كُلَّ يَوْمٍ فِي صَمْتِ ٱلِانْتِظَارِ. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|